نسيب
عضو مشارك
المشاركات: 18
الانضمام: Dec 2005
|
هكذا هو الدهر : يسرك زمنا ويسيـئك أزمانا , وما علينا الا الصبر والسلوان .
في حديقة منزلنا شجرة لوز كبيرة أعرفها منذ زمن بعيد بشكلها الحاضر , وحجمها الذي لا يتغير ولا يتبدل , لأن والدي يشذب أغصانها كل سنة , ولا يدعها تكبر وتتسع .
تبدو للناظر في فصل الشتاء كأنها كومة من الحطب . :rose: ولكن ما ان أطل فصل الربيع حتى عادت اليها الحياة بعد سبات عميق (f) وبدأت أغصانها تكتسي بأزهار بيضاء موشحة بلون زهري لطيف , يبعث الاْمل في ألناس , ويبشرهم بقدوم فصل الربيع , فصل الحياة للطبيعة .
ويوما بعد يوم تزداد بهجتها , حتى غدت زهرية تزين الحديقة كما تزين الزهرة رأس العروس . :saint:
ومما يزيد من جمال هذه الشجرة ألأوراق الخضر التي تلمع تحت أشعة الشمس الذهبية , فتضفي على المشهد مسحة من الحسن والجمال .
غير أن هذه الفرحة لم تدم , لأن الطبيعة قد وجهت سهامها نحو هذه الشجرة , ورمتها بعاصفة هوجاء محملة بالبرد والثلج , نغصت حياتها وأفقدتها جمالها وحسنها , ولم تكف عنها الا بعد أن تركتها جثة هامدة مطروحة على الأرض .
وبعد أن هدأت العاصفة الغضوب , تفقدت الشجرة , فكان منظرها يدعو الى الحزن والأسى . لقد خسرناها , وخسرنا ثمرها الذي كنا نعلل النفس به .
ما أظلم الدهر ! وما أتعس هذه الشجرة !
انها اشبه بفتاة تزيت بفستان العيد , وما ان خرجت حتى فاجأتها الأمطار , فلطخت ثوبها وبللته , فعادت الى منزلها حزينة , لم فرحتها الا وقتا قصيرا .
فهكذا هو الدهر :
يسرك زمنا ويسيـئك أزمانا , وما علينا الا الصبر والسلوان .
" نسيب خوري "
---------------------------------
ليس اليتيم الذي قد مات والده - أن اليتيم يتيم العلم والأدب
|
|
12-29-2005, 12:24 AM |
|