شانت أفيديسيان : العاشق والمعشوق
بقلم: روز عيسى
تعكس أعمال شانت أفيديسيان الملهمة بالصور المعروفة نوعا آخراّ من الحب.
هذا الحب هو حبه لعصر مضى – مصر فى الخمسينيات – عندما كان نجومها ِملكاّ للعالم العربي بأكمله. نجد في أعمال أفيديسيان مطربات مثل "كوكب الشرق" المطربة الأسطورية أم كلثوم التي كتب لها أغانيها الغرامية بعض من أفضل شعراء هذا الوقت والتي لا تزال تتصدر سباقات الأغاني بعد أكثر من خمسة و عشرون عاماً علي وفاتها.
هناك أيضاً الأميرة الدرزية أسمهان التي لم تدم زيجاتها طويلاً والتي توفيت في ظروف مأساوية. نجد أن المنافس الوحيد لأم كلثوم من حيث الشعبية هو الرئيس جمال عبد الناصر، أبو القومية العربية ، والملك فاروق آخر ملوك مصر الذى تنازل عن عرشه عام 1952 وهو فى الثانية و الثلاثين من عمره ، أيضاً أخته الجميلة فوزية التى كانت إبنة و أخت و زوجة لملوك. نرى أيضاً نجمة الغناء داليدا قبل أن تصبح شقراء فى باريس .
هناك أيضاً ممثلون و ممثلات مثل زكى رستم "الفتى الشرير" وفاتن حمامة " الفتاة الشريفة" و رمز الإغراء هند رستم والراقصة المثيرة تحية كاريوكا و آخرون من نجوم الترفيه فى العصر الذهبى للسينما المصرية.
أيضاً يسكن عالم أفيديسيان معجبو هؤلاء الفنانين الذين هم عامة الشعب فى ذلك الوقت. عالمه هذا عالم متفائل فى عهد الإشتراكية المثالية عندما أعطت جمهورية ناصر العربية لحظة أمل فى مستقبل أفضل حينما كانت فرص العمل متوفرة وعندما حصلت النساء على حق التصويت فى الإنتخابات.
يدمج أفيديسيان الأيقونوجرافية المصرية فى القرن العشرين مع الرموز الفرعونية و النماذج الإسلامية الهندسية و التجريدية مع موتيفات الباروك المزينة بالزهور فى العمارة الداخلية العثمانية .
فى أعماله الكبيرة المطبوعة بالتفريغ نجد أن صور الشخصيات التاريخية و الأسماء و المناظر الطبيعية و الأشياء و الرموز تتشابك و تتداخل مع بعضها البعض. تلك الأعمال المرسومة بالصبغات المحلية و المحاطة بالأقمشة الملونة يدوياً هى بمثابة إحتفالية لحنينه للذكريات.
التعامل مع مواضيع قد ماتت ليس إختياراً بريئاً ، فمعظم شخصيات أفيديسيان نابعة من طفولته. تسترجع أعمال أفيديسيان كل ما أهملته الدولة المصرية لعشرات من السنين ، قد يكون ذلك صرحاً مهدداً بيئياً ( الأقصر ، أسوان ، وادى الملوك ) أو شوارع شهيرة أو أشياء يومية أو حيوانات محببة إلى قلبه أو شخصيات معروفة. يذكرنا أفيديسيان بأوقات أفضل وبتراث ثقافي يجب ألا ينسى وذلك بشيئ من الفكاهة وبلمسة حانية. هذا التراث الذي هو ملك لمصر وللعالم العربي أجمع.
تأثر أسلوب أفيديسيان بأفكار المعماري المصري حسن فتحي الذي عمل معه لمدة عشر سنوات، تلك الأفكار المشابهة لمبادئ غاندي. كذلك أدى ولع أفيديسيان بالفن الشعبي والشعر الصوفي وبمعتقدات وجماليات الزِن الصينية واليابانية إلي أسلوب حياة " وابي سابي "، أسلوب يعيد خلقه أينما يذهب في ترحاله البحثي.
المصدر