الناصرة ـ القدس العربي ـ من زهير اندراوس:
القادة الاسرائيليون ليسوا ابطالا، ولكن الاخطاء التي ارتكبها الفلسطينيون علي مدار السنين هي التي جعلتهم ابطالا، هذا ما صرحت به المناضلة الفلسطينية تريز هلسة (52 عاما)، التي قامت في العام 1972 باختطاف طائرة بلجيكية تابعة لشركة الطيران سابينا، بهدف اطلاق سراح اسري فلسطينيين يقبعون في سجون الاحتلال الاسرائيلي.
هلسة، من مدينة عكا في الداخل الفلسطيني، تعيش اليوم في العاصمة الاردنية عمان، مع زوجها واولادها الثلاثة، وعلي الرغم من مرور سنوات عديدة علي العملية التي نفذتها فان السلطات الاسرائيلية ما زالت تصر علي منعها من زيارة وطنها وملاقاة عائلتها. هلسة التي ادلت بتصريحات لصحيفة معاريف الاسرائيلية قالت في معرض ردها علي سؤال انها غير نادمة بالمرة علي ما قامت به. وكانت المناضلة قد انخرطت في صفوف حركة فتح، وقامت برفقة ثلاثة فدائيين باختطاف الطائرة البلجيكية، حيث كان علي متنها 99 راكبا، اغلبيتهم الساحقة من الاسرائيليين.
وبعد تنفيذ عملية الاختطاف طالب افراد المجموعة الفدائية الفلسطينية من الحكومة الاسرائيلية بالتجاوب مع مطالبهم واطلاق سراح 200 اسير سياسي فلسطيني من السجون، لكن الحكومة الاسرائيلية رفضت الطلب وقررت ان تعمل علي السيطرة علي الطائرة بالقوة، وفعلا قررت هيئة الاركان العامة في جيش الاحتلال تفعيل الوحدة المختارة المسماة اسرائيليا وحدة ماطكال . وشارك في العملية رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ايهود باراك، ووزير المالية المستقيل بنيامين نتنياهو، والجنرال المتقاعد عوزري ديان، ورئيس الموساد السابق داني ياتوم. وخلال عملية الاقتحام تمكنت الوحدة الاسرائيلية من قتل الفدائيين الثلاثة، كما قتلت شابة اسرائيلية، اما هلسة قائدة المجموعة فقد اصيبت بعيارين ناريين وتم اعتقالها بعد ذلك واقتيادها للتحقيق. وقد حكمت عليها محكمة اسرائيلية بالسجن الفعلي لمدة 220 عاما، ولكنها حررت من السجن في اطار صفقة تبادل اسري بعد 12 عاما في السجن.
وقالت هلسة للصحيفة الاسرائيلية: لست نادمة علي ما فعلته بالمرة وقضية خطف الطائرة ماتت لكن الواقع ما زال يحييها، وعندما تنتهي الحرب، ماذا ستفعلون بجنودكم الاسرائيليين؟ انهم مرضي نفسانيون. ابناؤكم واحفادكم لن يغفروا لكم. الجندي الذي يطلق الرصاص علي الاطفال في الشارع ويجرحهم لا يستطيع النوم في الليل، انا متأكده من ان الكوابيس تلاحقه.
يشار الي ان تريز هلسة، ولدت في مدينة عكا لعائلة مسيحية، ووالدها اسحاق هلسة، من مدينة الكرك الاردنية وصل إلي فلسطين في العام 1946، وتزوج من نادية حنا من مدينة الناصرة. بعد ان انهت تعليمها الثانوي بدأت بدراسة التمريض في الناصرة، وعندما زارت مدينة جنين المحتلة ورأت عن كثب كيف يعامل جنود الاحتلال ابناء شعبها، قررت ان تنضم الي صفوف الثورة الفلسطينية، فاجتازت الحدود الاسرائيلية ـ اللبنانية والتقت مع ضابط من حركة فتح حقق معها لخشيته بانها ارسلت من قبل الاسرائيليين، وبعد ان تأكد انها وطنية مائة بالمائة طلب منها التريث لانها ما زالت صغيرة السن (18 عاما)، فردت عليه بالقول لو اردت الانتظار لانتظرت في اسرائيل. جدير بالذكر انها وصلت الي لبنان برفقة الشاب باسم حماد من قرية المقيبلة، الذي القي القبض عليه وتم سجنه لمدة 11 عاما.
القيادة العسكرية في فتح قررت ان تقوم تريز الشابة باختطاف طائرة برفقة ثلاثة هم: علي طه ابو سنينة، (45 عاما)، مقدسي الاصل وكان خطف الطائرة سابينا هو الاختطاف الثالث الذي يقوم به. وعبد العزيز اطرش (33 عاما)،وريما طنوس (25 عاما).
سافر الاربعة بجوازات سفر لبنانية مزورة إلي روما، ومن هناك الي العاصمة البلجيكية، بروكسل، ومن هناك الي اسرائيل بجوازات سفر اسرائيلية مزورة. ومنحت هلسة اسم مريم حسون ابنة لتاجر مجوهرات غني في الدولة العبرية. وطالب الاربعة بتحرير 200 اسير فلسطيني من السجون الاسرائيلية، ولكن العملية كما ذكر فشلت بعد عملية الاقتحام الاسرائيلية.
وفي سياق ردها علي سؤال المراسل جاكي حوغي، الذي اجري معها اللقاء في بيتها قالت المناضلة الفلسطينية: كنت متاكدة من ان الحكومة الاسرائيلية لن ترضخ لشروطنا وتطلق سراح الاسري، ولكن الهدف الرئيس من العملية كان مغايرا: ففي العالم ساد الاعتقاد بان منظمة التحرير الفلسطينية هي منظمة ارهابية، وبواسطة اختطاف الطائرات اردنا ان نعرف العالم بقضيتنا، قضية الشعب الفلسطيني الذي شرد من ارضه ووطنه في النكبة. نحن لسنا ارهابيين، كما تدعي اسرائيل، الاحتلال هو الذي من انتج الارهاب.
نقلاً عن صحيفة القدس العربي
15-10-05