الكويت تنفي وقطر ألغت سلفاً والبقية بين .. بين
البحرين تجرأت ومقاطعة إسرائيل تتفاعل خليجياً


نصر المجالي من لندن: فجر قرار مملكة البحرين بإلغاء المقاطعة على إسرائيل ورفع الحظر عن البضائع الاسرائيلية ردات فعل شعبية واسعة داخل المملكة الخليجية الصغيرة وكذلك في الجوار الخليجي، لكن ردود الفعل هذه جوبهت بمواقف مضادة من عميد الدبلوماسية البحرينية الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة وزير الخارجية الذي سيتخلى عن هذه الحقيبة نهاية الأسبوع المقبل في إطار تعديل حكومي. ففي تصريحين خلال اليومين الماضيين لكل من "الوسط" البحرينية القريبة من المعارضة، و"الرأي العام" الكويتية دافع الشيخ محمد عن القرار وعن غلق مكتب مقاطعة إسرائيل في المنامة، مؤكدا أن الإلغاء هو أحد شروط اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة التي تمنع مقاطعة بضائع الشركات التي تتعامل مع إسرائيل.

وفي الوقت الذي أكدت فيه دولة قطر انه ليس هناك مقاطعة مع إسرائيل مادامت تستضيف مكتبا تجاريا إسرائيليا، فإن دولة الكويت نفت على لسان مصدر دبلوماسي لصحيفة (القبس) ما جاء مصادر دبلوماسية في المنامة ان تكون الكويت بين دول خليجية ستنهي مقاطعتها للبضائع الاسرائيلية، وستبدأ تطبيعا دبلوماسيا مع الدولة العبرية. وقال المصدر "البحرين وقعت اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، وبالتالي ستسمح للبضائع الاسرائيلية بالدخول الى اسواقها وفق شروط الاتفاقية، لكن الكويت لم توقع بعد مثل هذه الاتفاقية". وكان نائب رئيس الوزراء البحريني وزير الخارجية أكد "اننا ملتزمون بالقرارات العربية"، مشددا على ان اية علاقات دبلوماسية ستكون ضمن الاجماع العربي وحسب تطور عملية السلام ، في رد للوزير الذي يقوم بمهمة وزير الخارجية منذ عام 1971 على ما كانت مصادر دبلوماسية عربية في نيويورك قد تكهنت به لـصحيفة "الوسط" أمس، ومفاده أن "البحرين ستقيم علاقات مع إسرائيل بعد أن وقع المسؤولون البحرينيون على قرار بإغلاق مكتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية الأسبوع الماضي".

غير ان الشيخ محمد اعتبر ان هذا الحديث تطلقه بعض الأوساط كـ "بالون اختبار"، مؤكدا ان موقف البحرين "يسير حسب خطة واضحة وعلنية تلتزم بقرارات الجامعة العربية".، ونقلت "الوسط" عن بعض المصادر الدبلوماسية قولها أن إعلان رفع الحظر جاء بعد مطالبة مباشرة من المفاوضين ومجموعات الضغط الأميركية بأن تعلن البحرين رسميا وعلنيا رفع الحظر كشرط أساسي للتصديق على اتفاق التجارة الحرة بين البلدين المتوقع بدء الكونغرس البحث فيه خلال الأيام المقبلة.

وكانت مصادر في الخارجية البحرينية نفت في وقت سابق ادعاء صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن وفدا إسرائيليا زار المنامة في إطار السعي لتوقيع اتفاقات تجارية.

وإلى ذلك توقعت مصادر دبلوماسية أن تكون كل من "الكويت وقطر على الطريق، وأن المسؤولين في البلدين الخليجيين ينظرون إلى الخطوة البحرينية بصورة متأنية، ومن ثم سيختارون أسلوبهم وتوقيتهم للإفصاح عن السياسة ذاتها". ويحتمل أن تليهما سلطنة عمان ثم دولة الإمارات العربية المتحدة.

وعن دواعي الأسلوب الجديد في التعاطي مع هذا الموضوع، نقلت "الوسط" عن مصادر لم تحددها بالاسم قولها "إن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين الذين يجتمعون بالمسؤولين العرب والخليجيين ما عادوا يقبلون بالأسلوب الحالي المتبع مع الدوحة ودبي ومسقط، إذ تفتتح مكاتب أو تمثيل تجاري على الهامش، ومن ثم يتم إنكار ذلك رسميا خشية الوقع النفسي على الرأي العام الخليجي والعربي الذي تعود سماع خطاب قومي تأصل في وعيه منذ الخمسينات من القرن الماضي".

يشار إلى إن الولايات المتحدة أكملت المفاوضات مع البحرين بشأن التجارة الحرة، وهي تبدأها مع باقي الدول الخليجية، ماعدا المملكة العربية السعودية، وأن جميع هذه الدول تتجه نحو إغلاق مكاتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية وإعلان إقامة العلاقات بصورة رسمية وليس كما هو الحال الآن مع عدد من الدول الخليجية.

من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي الأميركي انطوني كوردسمان في تقرير نشره في 21 أيلول/ سبتمبر الجاري تحت عنوان "الواقعية الاستراتيجية في الشرق الأوسط، ومستقبل العلاقات الأميركية - العربية" انه "حان الأوان كي نعترف بأن جميع المفاوضات المعتمدة على قرارات الأمم المتحدة وما يتعلق بحدود 1948 و1967 أو اتفاقات كامب ديفيد أو طابا أو غيرها لن تحقق السلام المنشود بين إسرائيل والعرب (...) وأن السبيل الأفضل هو وضع خريطة طريق مختلفة عن التي طرحت في الفترة الأخيرة". وأضاف "أن العالم العربي تعود إغفال الأوضاع المتغيرة على الأرض، وأن تكلفة الخطابات الجوفاء ترتفع على حساب العرب والفلسطينيين". وتعليقا على ذلك، قال مصدر بحريني مصرفي: "حان الأوان للحكومات أن تعلن لشعوبها وصراحة ما تقوم به في الغرف المغلقة، وإذا كانت العلاقات مع إسرائيل تتطور سرا، وربما لأسباب تفرضها المتغيرات الجارية، فإن من الشجاعة أن يخرج الرسميون إلى العلن ويخبروا شعوبهم ما يتحدثون به للمسؤولين الأميركيين في السر".

انتقادات المعارضة وعلى صعيد متصل، انتقد رئيس "جمعية مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني" في البحرين محمد العرادي "رفع البحرين الحظر عن البضائع الإسرائيلية" ، وقال في تصريح لـ "الوسط"،: "اتفاق التجارة الحرة مع أميركا لم نجن منه أي جانب إيجابي حتى الآن، فلماذا نبدأ بجني الجوانب السلبية؟ إن الاتفاق على مقاطعة "إسرائيل أقر في مؤتمرات القمة العربية، وهذا اتفاق مقدم على أي اتفاق ثنائي، إن موقفا من هذا القبيل كان يجب ألا تستفرد فيه الحكومة، بل كان يجب أن تتشاور بشأنه مع المجلس التشريعي ومع مؤسسات المجتمع المدني، لأنه قرار استراتيجي".

من جانبها دعت جمعية الوسط العربي الإسلامي في بيان أمس جميع "مؤسسات المجتمع المدني وكل الوطنيين الاحرار إلى أن يقفوا صفا واحدا في مواجهة سياسات التطبيع مع العدو الصهيوني"، وجاء في البيان "أن الخيار الوحيد امام الامة لن يمر عبر سياسات التنازل عن الثوابت القومية والاسلامية، والتفريط بحقوقنا الشرعية والتاريخية الثابتة في فلسطين والعراق وكل ارجاء وطننا المبتلى في ارضه وانسانه، فالخيار الذي لا خيار غيره لن يكون الا عن طريق المقاومة بجميع الوسائل والامكانات المتاحة، وازاحة كل الضغوط وإجراءات التسلط والقمع عن المواطن ليقول كلمته وليصنع حاضره ومستقبله".

وعبر النائب نائب رئيس جمعية المنبر الوطني الإسلامي علي أحمد عبدالله عن استغراب واستنكار جمعية المنبر الوطني الإسلامي للقرار إن كان صدر فعلا. وتساءل "إذا كان الخبر صحيحا عن الهدف من وراء مخالفة جموع الشعب البحريني الرافض لأي شكل من التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهل الهدف هو إرضاء الولايات المتحدة الأميركية لتوقيع اتفاق التجارة الحرة بين البلدين والذي لن يكون إلا بهذا الرضوخ وهذه الاستكانة لأعداء أمتنا الصهاينة الذين كانوا ومازالوا يهلكون الحرث والنسل في فلسطين العروبة والإسلام".

والبرلمان يحتج
وإلى ذلك، نقلت صحيفة "الخليج" الإماراتية عن النائب الأول لرئيس مجلس النواب ورئيس الكتلة الديمقراطية في البرلمان البحريني عبد الهادي مرهون قوله "ليس من المقبول أو الصحيح أن تنفرد البحرين بهذا القرار، موضحا أن رفع المقاطعة يأتي ليكون أبعد من قرار تتخذه البحرين، إذ هو يقع في نطاق القرارات التي يفترض أن تتخذ بإجماع عربي من منطلق الثوابت القومية والتمسك بالمواقف التي لا يتوجب المهادنة فيها.".

وأعرب مرهون عن استيائه من التصريحات التي أشارت إلى توجه البحرين نحو رفع الحظر الاقتصادي على البضائع الإسرائيلية، مشيرا إلى أن من حق النواب كممثلين عن الشعب ومنتخبين من قبله أن يسودهم الاستياء حين يتم اتخاذ قرارات متفردة من قبل الحكومة، مؤكدا أنه يجب الوقوف على رأي السلطة التشريعية في البلاد المتمثلة بالبرلمان، وأن لا تتخذ تحركات إلا بعد أن تحظى بموافقة نيابية.


وكان الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري قال بعد محادثاته مع كوندوليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة ان دولة قطر لا تقاطع إسرائيل "حيث تستضيف مكتبا تجاريا"، وقال بن جبر إن مباحثاته مع رايس تناولت كيفية التقدم في عملية السلام في الشرق الاوسط والوضع الفلسطينى الاسرائيلى والانسحاب الاسرائيلى من قطاع غزة والوضع في العراق والعلاقات الثنائية بين البلدين.

وعن موضوع تطبيع العلاقات مع إسرائيل قال " لم تكن دعوة بقدر ماهى دعوة إلى الحديث وجها لوجه من اجل عمل الخطوات القادمة بخصوص العملية السلمية وانهاء الاحتلال الاسرائيلي لمناطق الضفة الغربية.. وهي ليست بدعوة لفتح علاقات بقدر ما هي فتح حوار بيننا وبين الجانب الاسرائيلي لأن الدول العربية كلها متفقة انه متى انتهت هذه المشكلة ستكون هناك علاقات طبيعية وهذا اقر في القمة العربية في بيروت".

وأوضح ان موضوع العلاقات مع إسرائيل يعود إلى كل دولة.. وقال " ادعو إلى ان يكون هناك حوار جاد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي من الضفة الغربية والجولان".

وأخيرا، أجاب الوزير القطري على سؤال ما إذا كانت الدعوة للحوار مع إسرائيل تعنى بنظر دولة قطر ان الاستحقاق الاسرائيلي لدى الفلسطينيين وصل عند حدوده.. فقال "لا اقصد هذا .فيه ناس يقولون الاعتراف بإسرائيل.. إسرائيل معترف بها من قبل الامم المتحدة ونحن معترفون بها كدول عربية.. لانه احنا نطالب بحدود 67 ولا نطالب بكل إسرائيل.. وكلنا مؤمنون واتفقنا ان يكون هناك دولتان دولة فلسطينية واسرائيلية.. هناك استحقاقات ولكن بعد اكتمال السلام.. ولكن يجب ان يكون فيه نية صادقة لدى الطرفين لإنهاء هذه العملية وبالذات إسرائيل يجب ان يكون لديها نية صادقة ورؤية واضحة للتخلي عن الاراضي المحتلة " .
إيلاف >> سياسة