استطاعت الشبكة المعلوماتية "الإنترنت" أن تقدم خلال السنوات الفارطة في الشرق الأوسط ودول الخليج الحرية الدائمة للكتابة والتعارف و تقاطع الأفكار و الأقلام العربية فخرجت علينا ظاهرة المنتديات بكل توجهاتها الفكرية و الأيدولوجية
وشهدنا تواجد "نسوي" كبير في هذه المنتديات و تلاقحت الأقلام فيما بينها حتى أصبح يُشكك بجنس صاحب القلم الذي غالباً ما يحمل اسم وهمي يجوب به دروب المنتديات ولكن بقت الحقيقة تسيطر معلنة نهاية اللبس أو الحبكة التي دارت حولها التساؤلات عن جنس الكاتب! .. ونحن لسنا هنا بصدد تقسيم الفكر أو القلم لقطب نسائي و آخر ذكوري فالفكر يبقى قيمة و كنز العقل البشري ولا يخضع لجنسه مطلقاً .. لكن بقى سؤال معلق من باب النقد أو على سبيل "الفكاهة المتسربلة بالنقد" عن جنس الكاتب الوهمي في المنتديات إن كان رجل أو امرأة .
وباستطاعتي أن أقول بأن المنتديات العربية لم تقدم "للآن" لنا أقلام نسوية استطاعت الصمود وتقديم منهج فكري أو أدبي يشاد به!
فكل ما مر بنا في المنتديات العربية هي عبارة عن مجموعة خواطر و أشعار نسوية نشيد ببعضها و نلقي بالآخر في قمامة النسيان لأنها لا تعدو أن تكون سواى خواطر مرتجلة من صاحبة القلم ، فصادفنا الكثير من هشاشة التعبير و ضعف اللغة و انعدام الفكرة ، فلم تعلو تلك الخواطر لمرتبة الأدب لفقرها! ولا ننس هنا أن نشيد بمحاولة تلك الأقلام الكتابة بالدخول في مضمار الأدب وإن لم تقدم ما يثري قارئها ! .
أما إذا ما عرجنا على فكر تلك الأقلام النسوية فهي لا تعدو أن تكون صرخات تطالب بالحرية وإثبات الذات و تواجد المرأة وخصوصاً في المجتمعات الخليجية .. فقدمت لنا المنتديات الليبرالية أقلام نسوية لا بأس بها ما لبثت أن تناثرت كحطام الزجاج بسبب مهاجمة تلك المنتديات أو تغيب صاحبات الأقلام لأسباب عديدة قد يكون من ضمنها الملل أو إفلاس صاحبته!
فقد كانت معظم تلك الحوارات النسائية قائمة على فكرة "وضع المرأة في الشرق" ، فكانت تعلو نبرة الأقلام أحياناً مطالبة بالتمرد و الثورة وأحياناً أخرى بالموازنة بين التمدن و عادات المجتمع والدين .
ولم تقدم تلك الأقلام فكر بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى في مجالات الآداب و العلوم برمتها والفنون والسياسة ، وجنحت أغلبيتها إن لم يكن كلها للفلك الأنثوي فركزت فقط على المرأة مما خلق نوعاً من الخصخصة في الفكر و الطرح ..
وإذا ما أردنا الخروج بنتيجة موجزة عن سبب ضعف الأقلام النسوية في المنتديات فباستطاعتنا أن نعدد الكثير من الأسباب ومنها :
1ـ وضع المرأة في وطنها العربي و خصوصاً الخليجي وهدفها الأول بإطلاق صرخة تمرد لإثبات تواجدها المغيب عن قصد أو بدون قصد!

2ـ قصر العمر الزمني للأقلام النتية النسائية فهي بالكاد لم تصل لعشرة أعوام ، أي إنها لا تزال في مدارج الطفولة بعد أن تعدت مرحلة المهد و الطريق لا يزال طويل وشائك نوعاً ما فستسقط الكثير من الأقلام كما سقطت غيرها ولن يصل سواى تلك الأقلام المعروف عن صاحباتها سطوة الثقافة و قوة الإرادة وثبات الشخصية
3ـ انهيار العديد من المنتديات الليبرالية التي هيئت أرض خصبة لتلك الأقلام النسائية للكتابة و تبادل الفكر وتقوية اللغة وتعميق الطرح
4 ـ تذبذب شخصية صاحبة القلم فهي تضرب بقلمها كعصا الأعمى يميناً يساراً فأحياناً هي علمانية وأحايين أخرى متأسلمة متعصبة تخضع للظروف و الأحداث الراهنة و العواطف الشخصية أو كما قال الشاعر : ما أنا إلا من غُزية
5 ـ "انعدام" التحاور الفكري بين الأقلام النسائية فكل قلم نسوي نجد حوله حشد من الأقلام الذكورية أو العكس بينما لحظنا قلة الحوار و التفاعل بين تلك الأقلام .
6 ـ تعجل صاحبة القلم بالوصول لمصاف الكُتاب مما أصاب بعضهن بالغرور و العمى "الحبري" فتقوقعن على فكرهن و رفضنا أي نقد أو تحاور ورضين بما ينهال عليهن من مدح ذكوري ، فأصاب أقلامهن مرض "الخرفنة و الوهم " بجودة ما يطرحن !
7 ـ تغيب الاتحادات القلمية التي ترصد و تأرشف كل ما يكتبن و تتبنى تلك الأقلام حتى تجد طريقها في عالم الكتابة النتية .
8ـ عقدة الخوف والتراكم الثقافي في وعي تلك الأقلام كون الرجل أقدر و أقوى على تحريك وإدارة الحوار أو لنقل عقدة " الرجال قوامون على النساء " !

هذه بعض من الأسباب التي أدت لتغيب أو سقوط تلك الأقلام النسائية وما زال هناك الكثير و الأهم .
ويبقى السؤال المطروح معلقاً عبر الأثير هل ستقوى تلك الأقلام ؟ هل سيلمع في سماء المنتديات أقلام نسائية تستطيع أن تثبت تواجدها و تسجل في تاريخ المنتديات وجود أقلام نسائية ذات كفاءة ؟
الإجابة تكمن لدى تلك الأقلام فيبدها القفل و المفتاح و ما تزال المنتديات تتكاثر كالخلايا ولا تزال الحرب حامية الوطيس ولا تزال تلك الأقلام النسوية تحاول أن تجد لها مكاناً في تلك المنتديات حتى وقتنا هذا !


لولو

أعتقد يا لولو أن ما يعتري المرأة النسوية من هبوط في العزيمة ما هو إلا أمر موازي لما يحدث بين كبار المثقفين عامة. أين كبار الأقلام التي كانت تكتب هنا عامة بشكل منتظم؟ بدأوا بدايات حامية أجبرت الكثيرين منا على السهر في قراءة مقالاتهم و ما هي إلا شهور و تفتر العزيمة و يفتر الوحي الذي أوقد تلك العزيمة و كأن المنتديات كانت مجرد حدث عابر. ما كنت أتمناه هو أن يحدث تشكيل نسوي بين المهتمات و المهتمين بهذه القضايا و يبقوا على اتصال يدعموا بعضهم بعض. لكن هل الرجل المثقف المتحرر و لو وافقنا حروفه و كتاباته .. هل هذا الرجل فعلا يدعم المرأة النسوية و يناصرها أم يتخذ منها ألعوبة يتلهى بها؟ و الجواب هو من خلال ملاحظاتي أن المرأة النسوية تخوض حربا ضروس و بمفردها و من كان صديق الأمس ليس إلا إبليس الحاضر يريد ما يريد منها ثم يشنع بها قائلا عليها ما جادت به قريحته المريضة مما يؤدي إلى هبوط العزيمة قطعا.

من جانبي شخصيا مستعد لتبني أي قضايا تصب في خدمة قضية المرأة النسوية و همومها و دعم ذلك بكافة الطرق المتيسرة و لكن هل يثابر الشعب إلى أن يتم الخروج من أرض العبودية أم تفتر العزيمة و يفتقدون عدس و بصل أرض العبودية؟:what:

عندما يسعفني الوقت - قريباً- يهمني جداً العودة والحديث بهذا الموضوع.. مع ان رأيي متواضع على كل حال..

لولو..
منورة ياقلب