{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كتابنا اللامخمليون الذين يموتون قبل الوقت
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
كتابنا اللامخمليون الذين يموتون قبل الوقت
كتابنا اللامخمليون الذين يموتون قبل الوقت
GMT 5:00:00 2005 السبت 2 يوليو
مبارك حسني



--------------------------------------------------------------------------------


الدار البيضاء: هذا ما يحدث مرارا هذه السنوات ولسان الحال يقول: مرير أن تكون و تنشأ فقيرا وأن تكون المعاناة خبزك اليومي، وأمر منه أن تكون كاتبا أيضا. في المغرب وفي العشرية الأخيرة تلاحق موت كتاب مبدعين وازنين بشكل غريب و مأساوي. ماتوا في الأغلب الأعم بالمرض الخبيث بعد أن جرفهم قبلا تيار الحياة المادي و القاسي التي لم يستطيعوا معه الصمود بعد أن أحرقوا كل الطاقات المختزنة في ذواتهم الذائبة في دبج الكلام الجميل و إثراء المخيال المغربي حتى لا يقال أن البلد عقيم.
الغريب الأكثر أنهم كانوا غير مخمليين.
كتابنا الذين قدموا من البوادي الجافة و من الأحياء الكالحة، و الذين كتبوا لنا ولأجلنا رحلوا في العمر الناضج، يطويهم الردى في ريعان العمر ولا يمهلهم كي يقضموا بعض ثمر التكريم و شيء من العرفان الجميل.
محمد خير الدين الشاعر الفذ مات في سن الرابعة و الخمسين، هو الذي قدم ذات يوم من بادية تفراوت الأمازيغية الصلدة بالجنوب. إخترق الأدب المغربي وكان أحد مؤسسيه الأوائل من خلال مساهمته في مجلة أنفاس في الستينات و من خلال روايته الجميلة "أكادير" التي جعلت جان يول سارتر بقده و قامته يفرضه في الشلة الأدبية الباريسية. ويقال أن شاعرنا كان الوحيد الذي يجرؤ على إبقاض الكاتب الفيلسوف في أنصاف الليل. قفد كانت له حضوة و كانت كتابته ذات ألق راقي يعرف هو وحده سرها. لكنه ذات يوم قرر أن يترك مرتع النخبة و الألق الأروبي ليعيش في غرفة بفندق باليما بالعاصمة الرباط. وفيها أكل و شرب و عانى من المريدين و المحبين المزيفين و الحقيقيين. حقيقة العيش بالبلد جرته نحو الحتف الإجباري و ما تزال ضحكته و شعرها السبط تنبضان بقوة الشباب.
محمد زفزاف الروائي و القاص الذي توفي في سن هو الذي أسس جنس القصة القصيرة المغربية ضدا على كل تحاليل و تصانيف الأكادميين الغارقين في نظرياتهم الجوفاء التي لا تخلق حوارا و لا تنسج حبكة. كتب عشرات الروايات و عشرات المجاميع القصصية. الجميل أن الطلبة لما كانوا يودون إنجاز رسائلهم الجامعية في الرواية لم يكونوا يجدون سوى رواياته. كان مجرد أستاذ في الإعدادي ثم قيم مكتبة تلاميذ لاغير. كان قدم من مدينة القنبطرة و استقر بالدار البيضاء ومنها كان يبعث قصصه و مقالاته و مترجماته من عيون الأدب مرسيا بذلك تقلبدا صحفيا عالميا. عاش بوهيميا لا يعرف غير الكتابة ما بين شقته و مقاهيه المفضلة مثل مقهى ماجستيك بحي المعاريف بالدارالبيضاء. كان الكاتب بلا منازع في كل نأمة و كل سلوك كان يأتيه، الشيء الدي لا تستسيغه مدينة الإسمنت و البريق الخادع لأصحاب البدلات الشيك و الجهل الثقافي المطبق هؤلاء الذين هدموا مسرح المدينة الوحيد في الثمانينات.
عبدالله راجع الشاعر السبعيني المتألق توفي عن عمر الثامنة و الأربعين (1990)، هو الذي أهدانا أحد أجمل دوواين الشعر المغربي " سلاما و ليشربوا البحار". الأستاذ بإحدى ثانويات الدار البيضاء في أكبر حي شعبي وحيث تعرض ذات ظهيرة للإعتداء من طرف تلاميذ نزقين كما سطر ذلك في قصيدة لا تنسى. هذا "الشكدالي" كما كان يقول نسبة لبني شكدال في قرية مغربية درس بها قبلا، تجرع مرارة العيش الشعري و مرارة التحديث كأحد محرري مشروع و مجلة " الثقافة الجديدة" في الثمانينات ( من يقول هذا الآن). كتب في الحي الشعبي و منه جعلنا نقترب من الشعر فقد كان من القلائل الذين كان يتهافت القراء على تذوق جديدهم في الملاحق الثقافية. راجع كان صوتا متميزا و كان إل جانب ذاك باحثا حقيقيا في الشعر و كان قد انتهى من رسالته الجامعية التي ستفتح له أبوابا للحضور الآخر المساهم في الحركية الأدبية من داخل الصرح الأكاديمي كمبدع أولا و ثانيا. لكنه مات صار الشعر يتيما إلا من بعض الشعراء القلائل.

محمد شكري الذي رحل في سن الستة و الستين( سنة 2003). والذي يعرف العالم كله قصة حياته التي هي روايته المشهورة " الخبز الحافي" والتي هي سمة إبداعه و جواز مروره للعالمية. هو أيضا كان مجرد أستاذ أطفال لا غير. ومن نشأ نشأته معجزة أن يعيش كل تلك السنوات بعد قهر طفولة شارعية في مدينة طنجة التي كانت مشرعة أمام كل الآفات و الأخطار. هو الرجل ذي الندبة على الجبهة و الذي أراد ان يكون كاتبا بالعناد و بالإصرار و هو بعد مجرد " شمكار" و " ميخالي" لا يعرف سوى الحياة السفلى. هو الذي حرر كتباتنا من جاذبية الكذب الذي أرساه الكتاب المخمليون في الشرق العربي( هل نعرف حقا دواخل كتابنا الكبار ؟). نعم يبدو أن له فيما بعض المال حصله وحده و بمفرده من النشر العالمي و لكنه ظل الفقير فمثله لا يغتني...فكل الوقت في المقهى و الليل والكتابة..
أ حمد بركات شاعر الشباب الذي مات سنة 1994 و قد تخطى التلاثين بثلاث سنوات. شاب يكتب الشعر فقط كان. كان الوحيد من شعراء الثمانينات الذي رسخ وجودا شعريا حقيقيا أمام سابقيه وإن لم يريدوا. كان منطقيا وبلا تردد طبيعيا أن يحصل على جائزة إتحاد كتاب المغرب للشباب في نسختها الأولى عن ديوانه الرائع " أبدا لن اساعد الزالزال". بشعره الفاحم و شاربه الكث كان يخترق باحة الشعر مغربيا و عربيا منطلقا من دروب المدينة الشعبية بالدار البيضاء، هو الذي كانت له جرأة الأبداع ليدخل مثلا اسم شارع مثل شارع الفداء في قصيدة كأنما ليولج الشعر في الفضاء القريب من الناس البسطاء كأنما ليقول لهم أن ليس الشعر هو المتنبي فقط أو شعر المدرسة الذي مثل الحجر الأصم. ودع باكرا لأنه كان شاعرا كبيرا قبل السن " القانونية" ولم يجد من يسدد فاتورة عشق الكتابة.
والشاعر محمد الطوبي الذي رحل أخيرا عن سن التاسعة و الأربعين( سنة 2004). ابن مدينة القنيطرة الذي كان كلما توفر لديه المال القليل أسرع لإخراج ديوان جديد في الشرق العربي و في المغرب، لا فرق. لا يعرف سوى الشعر في فضاء جغرافي هو الغرب المغربي لا يعرف سوى زرع الأرز و حقول الليمون و فقط. منذ السبعينات من القرن الماضي و هو يكتب وكان من أوائل من نشروا في الشرق العربي في منابره المختلفة و عواصمه الشهيرة. وكان ملتزما على غير إتباع. أذكر أنه نشر قصيدة في مجلة سعودية متخصصة عن حرب الخلبج الأولى فجلب عليه نقمة الكتاب المؤدلجون الذين ليست الكتابة عنهم سوى مطية و ألة وصول !
ومحمد القاسمي الشاعر الفنان الذي من مدينة مكناس الذي عرفت لوحاته نور أرقى المتاحف رحل و بالكاد شارف الستين(سنة 2003)، هو الذي وصفه نقاد الفن ب"الخيميائي الجوال". و محمد باطما الزجال الذي كتب أطول قصيدة زجل و صاحب أجمل صوت غنائي رجالي في فرقة " ناس الغيوان " الأسطورية، رحل في عقده الخامس ( 1997) .و الشاعر المؤسس أحمد المجاطي ذي الديوان الوحيد " الفروسية" الذي قال أجمل بيت في القصيدة المغربية " تسعفني الكأس/ و لا تسعفني العبارة"، رحل في عقده السادس. و مبارك الدريبي القاص البارع الموظف البسيط بمدبنة القنيطرة ( هذه المدينة مرة أخرى) والذي جعل من القصة القصيرة مغامرة فردية ملآى بالألق الوجودي الممتع في مجموعته " عجلات الليل" الصادرة قبل أكثر من عشرين سنة بدمشق !!..وووو..
ماأكثرهم..وما أقسى أن يرحلوا في عز العمر تاركين الإبداع المغربي متألما و مليئا بالأنين....
كلهم كانوا فقراء ولم يكونوا من رواد " الصالونات " و ماتوا بالمرض و الألم و صعوبة العيش وإن أدرك بعضهم شيئا من ما قد يحسب على الغنى..
يا كتابنا الأحياء أمد الله في أعماركم و أمد في قوة إبداعكم وأنتم ترتادون المحافل و تنعمون التفتوا قليلا لإخوانكم الكتاب الآخرين ( ساعدوهم في النشر و التعريف و الحضور لكي لا يضطروا لإستجداء أو إنفاق مال العيال في طبع الكتب ونشر الإبداع)...فلن يفهم الكاتب سوى الكاتب.. و لن تتنتصر إلا الكتابة..

07-02-2005, 10:06 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الوقت لا يكفي محمد البغدادي 6 1,480 03-29-2007, 06:30 PM
آخر رد: محمد البغدادي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS