الهروب الي الماضي في العراق
2005/05/01
الظاهرة الملفتة للنظر ان معظم المؤيدين للاحتلال الامريكي في العراق، والمنخرطين في العملية السياسية التي ترتبت عليه، يركزون في معظم احاديثهم وتصريحاتهم التلفزيونية علي الماضي، وبالتحديد علي النظام السابق في العراق ومجازره وجرائمه، ويتجنبون الحديث كليا عن مجازر الحاضر، والحال المزرية التي تعيشها بلادهم تحت الاحتلال الامريكي.
فالذين رفعوا شعار الثورة الاسلامية وظفوا الاسلام في خدمة الاحتلال ولتبرير قتله للعراقيين، والذين رفعوا شعار الاممية وثورة العمال، والامبريالية الامريكية الام باتوا خدماً في بلاط هذه الامبريالية يبررون جرائمها، ويزينون احتلالها.
كل هذا يحدث بحجة العداء للنظام القديم والانتقام من مظالمه. ولا يريد احد ان يتحدث عن الحاضر، او يتطرق الي المستقبل، لأن الحاضر يدينهم، والمستقبل مرعب بالنسبة اليهم لأن الشعب العراقي سيفيق حتماً من غيبوبته، ويتعرف علي الحقائق المؤلمة التي يفرزها واقعه الذي صاغه هؤلاء بتحالفهم مع المحتل.
حتي المقاومة المشروعة للاحتلال هناك من يشكك فيها، ويحاول تشويهها من خلال الصاقها بالنظام السابق ورغبته في العودة الي الحكم. وكأن انصار النظام السابق ومؤيديه ليسوا عراقيين، وليسوا عرباً ومسلمين.
المقاومة الحالية، ونحن نتحدث عن المقاومة الوطنية التي تستهدف الاحتلال وقواته هي مقاومة العراقيين الشرفاء، سنة وشيعة، الذين يرفضون الاحتلال، ويتطلعون الي الاستقلال الذي يحقق السيادة الوطنية المطلقة. والذين يحاولون تشويه هذه المقاومة هم المتواطئون مع الاحتلال، والذين وصلوا الي الحكم علي ظهر دباباته.
الاحزاب العراقية المشاركة في العملية السياسية الامريكية قاوم معظمها النظام السابق ورفع السلاح ضده، وارسل من يزرع المتفجرات في بغداد، ونسف السفارة العراقية في بيروت، وسحل اعضاء حزب البعث في الجنوب في زمن الانتفاضة التي انفجرت اثناء القصف الامريكي الهمجي لعاصمة بلادهم، والسؤال هو عن اسباب تواطئهم مع الاحتلال، ومقاومة المقاومة التي تريد تخليص البلاد منه. كيف يبررون مقاومة نظام ديكتاتوري بالسلاح ويوظفون هذا السلاح في خدمة الاحتلال ومشاريعه وقتله مئات الآلاف من اشقائهم، وتدمير مدن عراقية بالكامل مثلما حدث في الفلوجة؟
الحديث باصرار عن النظام السابق وديكتاتوريته ومقابره الجماعية بات ممجوجاً ومملاً، ولا يقنع احداً، بل يكشف عن انعدام الحجة، والغرق في التواطؤ مع قوات الاحتلال ضد الوطن وابنائه. كل المجازر والقبور الجماعية مدانة بأقوي الكلمات ولكن لماذا الصمت عن قبور الاحتلال الجماعية، وقصف مرقد الإمام علي (كرم الله وجهه) في النجف. لماذا الصمت علي حال الفوضي الدموية ونقص الخدمات وارتفاع معدلات البطالة وانعدام الأمن في العراق؟
نعرف الاجابة مسبقاً، مثلما نعرف ان هناك من يحاول اغراق البلاد في الحرب الطائفية حتي يغطي علي فشل مشروعه في العراق، ومسؤوليته عن تدهور الاوضاع ووصولها الي ما وصلت اليه من تفتت الهوية العراقيــة الي شظايا طائفية وعرقية وتقسيمات جغرافية ومناطقية.
الشعب العراقي لا يجب ان يحاكم الرئيس بوش وتوني بلير بسبب شنهما حرباً غير قانونية وغير اخلاقية فقط، وانما بعض رموز عراقه الجديد الذين سهلوا هذه الحرب وشاركوا فيها. فهؤلاء جميعاً يتحملون مسؤولية استشهاد مئة الف عراقي واصابة اربعة اضعاف هذا الرقم، تماماً مثلما يتحمل النظام السابق مسؤولية القبور الجماعية.
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=20...0في%20العراقfff