يا رب ، أيها الهيكل المنور بالعذاب والدمع – بالشعر والدمع ، يا فحل الشمس والأرض ، افتح ولو مرة ، جفونك .
هي ذي مرآة ثاكلة ، تمسك ذيل الشارع وتحمل صناديق الفقر – هي ذي في جهنم البغي ، تلدغها أفاعي الطغيان ، ويخبطها فهد المشنقة .
هو ذا شعب بلا وجه يقفز تحت المهاميز ، وتثقب عيونه مسامير الجريمة .
هي ذي بلاد أجبن من ريشة ، وأذل من عتبة ، تدخل ملكوت الصمت وتمد جبينها للسنابك .
يا رب ، يا فحل الشمس والأرض ، علمنا أبجدية الهواء ، أرنا عصفوراً ما ، شجرة ما ،.. دلنا على النور والفضاء .
من يعشق دربنا الطويلة حيث الجوع ينعشنا ، وحيث تغذينا الحسرة .
من يعشق فراشنا الممزق حيث البطولة زوجة وديعة ، وحيث الموت فريسة وخبز ؟ وها نحن يا رب …
في ممرات تحزمها الصاعقة ، في مضايق بلا ظلال ولا ملك ، نمضي إليك عراة ، فاتحين .
نغسل عفونة الأرض ، نتزوج الماء ، ونملأ الليالي بصراخ الأشياء الجديدة .
أيتها الساعات التي تلبس وجه قايين ، أيتها الأيام الآتية افتحي كتابك لنا .
وحدنا في مفارق الموت والحياة – وحدنا ننتظر ، نلمح التعب يمحو سماءنا . ونلمح الشمس تنفسخ في تجاعيد أيدينا .
تحت أسناننا الصغيرة تتفتت عروقنا ، لا شيء يمنعنا من المحبة ، لا شيء ينقذنا من القتل ، ووحدهما – القبر والمحبة يفتحان صدريهما لنا .
يقتلوننا ؟ يمنعوننا من السير ؟ عبثاً يفعلون .
إننا زاحفون عنيدون مقدرون للسير أبداً ، لهذا نحن صارمون ، لهذا نحن معذبون .
وفي سيرنا الملتهب تكبر آثارنا ، وتنتفض ،..أجمل من قلعة رهيبة ،.. وأكثر اخضرارا من البحر .
لا شيء يجرف أقدامنا ، لا شيء يلجم طريقنا ، لنا بطولة أبطأ من حجرة . ولنا بطولة أسرع من طرفة العين .
لسنا كثيرين ، لكن الهواء معنا ، ومعنا الشمس والتراب ،.. نحضن الحرية ونحيا بين الجدران الأربعة لكتاب البطولة .
وحين يسلبوننا بيوتنا الألفية ، نبدلها بصخرة جامحة ، يرشح منها الأفق . ونرقد في أيدينا . وإذ نموت نفترش الأرض ، وفي وجوهنا المحبة .
لبلادي الأسيرة ألتصق بالموت وأكتب هذه الأغنية . لشعبي الرافع يديه في وجهي أصلي وأكتب هذه الأغنية .
أعياد الشجر بعيدة وفي أرض أخرى ، لكن بلادي زهرة لوتس ولؤلؤة .
لا رعد ، واليباس يرصد الجذور ، وأنا وأخوتي على المائدة ، نتقاسم بيضة صغيرة – لكن زيفاً يورق في زنودنا اليابسة ، لكن خيطاً من الجوع يربط قلوبنا بسنابل القمح .
آه يا رب … من أين أعطيتنا هذه القلوب ؟ وأنت أيها الوطن ، أيها الخيط المشتعل من الحديد والموت ، أية ألوهة ساحرة في وجهك ؟
الرصاص يحصد أيامنا ، وأيامنا طويلة تخطف النفس وتجلس فوق الأشلاء ،.. لكن الخطر نورنا ، وفي الهواء نلتجئ ، وفي الشمس المنارة .
أيها العبيد المتوّجون برؤوس الناس ، أيها الأحياء المتعفنون ، لكم نعبر الصاعقة ونمحو بأجفاننا الشوك والوسخ ، لكم ننقذ سفينة الشرف ، نحملها على دمائنا ونمخر بها لجة العمر .
وأنت أيها الحب ، أيها التائه المحطم ، يا كعبة نادرة لحجاج نادرين ، أنت هواؤنا وشمسنا ، أنت خبزنا وماؤنا ، في السجن والمقصلة ، في العذاب والتشرد ، في الحياة والموت .
تحت صنوبر الحزن وقفت جياد أيامنا ، الفضاء ريشة تحترق ، والطريق خيط راقص من الرعب والفرح .
إنها جباهنا العريقة تسقط في حفرة الشمس ، إنها السماء تقطع صحاري وجوهنا .
أيها اليأس ، أيها الفاتك البربري ، لن نفترق بعد الآن ، ولن نمشي معاً بعد الآن . فوق صدورنا يرتمي تاريخ القلب ، فوق طريقنا تشمخ كنيسة الروح . نركض ، نتلاقى ، وننادي : الحب والله ، وننادي مسيح الثورة .
ويا مسافر بين صخرة الموت ومضيق الحيرة ، كن معنا فراشة عاشقة ، تتآخى مع الفجر ، وتوقظ الوردة الذابلة . واحفظ معنا في جليد أغصانك نسغ الربيع والضوء .
للعرب … آه اتركي سريرك الضيق يا أرواحنا اللجوجة ، مجدك يلتفت ، وقارتان من الله والعبودية في فجيعة وانتظار .
وأنت أيها الشعر الذي تكتبه سياط الشرق ويقوده الجليد الأحمر ، أيها الشعر الملطخ بالكذب ، المحمول في نقالة من المال ، والركوع . أيها العلق ابتعد عن العرب ،.. ابتعد عنا .
أنت لا تعرف جموعنا المتمردة ، تجهل سر موتها ، تجهل بعثها المنتظر ، أنت أظافر الجرب ، أنت أفيون الضياع .
نحمل فقرنا المحب ونسير في جحفل من الجوع ، لكن الروح لؤلؤنا ومنارنا القلب ، وللحرية نولد ونحيا .
وأنت انطرح فوق الأنقاض العالية وعطرها وأهنأ بالجيف والبثور ، وغن القشور والسطح .
لن تبلغ أعمالنا الخالقة ، لن تكون في فصولنا غير اليباس والصفرة ، ولن تتمشى بقامة الشعر !
04-28-2005, 03:04 PM
{myadvertisements[zone_3]}
bassel
عضو رائد
المشاركات: 2,109
الانضمام: Jan 2005
يضربني لكي اكتب ، ويصرخ : أسرع ! أنت وراء الحياة .
أين روحك في أرض الصاعقة ؟ أين هديرك في موكب الينابيع ؟
وأهمس لقلبي الطفل : حول عنقي شفرة الموت ، وربما ضعفت ، لكنني سأغني أبداً ، ولن أخضع ، وسيمضي معي سلاحي إلى القبر . إنني من سلالة لحظة ليست في عقارب الساعة ،.. وليست في أيام الناس .
أيتها الرياح المحملة بأغصان العطر ، يا رياحاً بلون لبنان والبحر ، احملي جراحنا المثمرة إلى أشجار المستقبل ، غنيها فوق أسرة الطفولة ، واكتبها على الشرفات والنوافذ .
أيتها الرياح الآتية من وراء الجدران ، المحملة بالحرية ، بكلمات يتيمة في زوايا السجون ، أنت إلهنا في معابد الوحدة ، أنت غطاؤنا في جبال التشرد .
للحرية نقطع سلاسل التخوم ، يصبغ دمنا وجه سوريا ، وفي ملكوت العقارب المدهون بالسم ، نمسح جباهنا بالحنين والصبر ، ونحيا .
باكية بعمر الخليقة تجرح ثدييها في جبال لبنان ، تسأل عن طريق ونجمة وتخبط الأرض .
لا رفيق لها غير الأرز والبحر ، لكنها أطول عمراً من الموت ، لكنها أكثر جاذبية من خبز الله ، وأكثر فتنة من جلد العالم .