قبل عشرين سنة أُسقطت طائرة نقل مدنية بفعل قنبلة موقوتة على مدينة صغير شمال القارة الاوربية اسمها لوكربي. دمرة الطائرة عدداً من منازل لوكربي وقتلت (258) شخصاً بما فيهم ركاب الطائرة.
أقامت هذه الحادثة الدنيا ولم تقعدها فشكلت عليها لجان تحقيق دولية ثم وجه الاتهام الرسمي المباشر الى ليبيا.
أتخذت قرارات دولية حازمة ضد ليبيا اضطرتها في النهاية الى الرضوخ لمطالب المجتمع الدولي وأعلان مسؤوليتها عن الحادث وسلمت المشتبه بهم الى المحاكم الدولية ودفعت عشرة ملايين دولار تعويضات لكل عائلة ضحية لفك طوق الحصار عنها.
قبل اربعين يوماً إختار شاب اردني إسمه (رائد البنا أغلبهم من الشباب الفقراء والكسبة البسطاء الراكضين وراء لقمة عيشٍ حلال.
أعلن أحد التنظيمات الارهابية الخارجية مسؤولية رائد البنا عن الحادث وأقام البنا والد رائد مراسيم عزاء كبيرة يستقبل فيها المهنئين بنيل ابنه الشهادة، كما وقف فرحاً وهو يستقبل اثنين من مسؤولي الدولة الاردنية.
ولتبرير هذا الفعل الخسيس والجبان ذكرت وسائل الاعلام الاردنية ان الانفجار قتل (45) جندياً اميركيا، وبعدها صرح الاب ان لا علاقة لأبنه بتفجير الحلة وان ابنه ابلغه بانه مسافر الى السعودية.
كما كذبت وزارة الخارجية الاردنية تقديم تعازي رسمية واعتبرت ان مراسيم اقامة الفاتحة شيء معتاد.. وكأن شيء لم يكن.
شاب اردني لم يحصل على الشهادة الجامعية بعد وليس له راتب محدد، يأتي الى العراق ليقتل ابناء العراق دون علم ابيه او عشيرته او دولته، ثم يُفتخر به على انه نال الشهادة.
هل يمكن لحادثة كهذه ان تمر دون أن يتحمل مسؤوليتها احد!!!
هل تبرأ الاب من المؤولية تجاه ابنه الشاب! وهل تبرئت عشيرة البنا عن مسؤولية تصرف احد ابنائها! وهل يمكن لدولة جارة صغيرة كالاردن ان تكون مصدراً لأرهاب شعب مسلم شقيق!! ومن لايعترف بان العراق صاحب الفضل الاكبر على ازدهار تجارة واقتصاد شعب ودولة الاردن.
نقول هنا.. في الاعراف الاخلاقية والعشائرية لايمكتن إعفاء الاب او العشيرة من تصرف ابنائهم، وفي العرف الرسمي والدولي تتحمل الحكومة الاردنية مسؤولية كل فعل اجرامكي يقدم عليه احد ابنائها.
واذا علمنا بان الاردن لم تقم باي اجراء لردع مواطنيها المتسللين الى العراق ولم تمنع إقامة (عرس الاستشهاد كما وصفته صحافتهم) ولم تستنكر فعلته حتى قيام المظاهرات في بغداد.
ونتسائل لماذا دماء أهل لوكربي أغلى من دماء اهل الحلة. بلغت تعويضات ضحايا لوكربي مليارين وثمانمائة وخمسون مليون دولار، فهل تكون تعويضات ضحايا الحلة بضعة كلمات فارغة.
نشد على يد كل المؤسسات الانسانية والجهات القانونية ان تتبنى القضية رسمياً.
لماذا نسكت على مصائبنا وعلى من يسبب الاذى.. كيف نردع مثل هذه الاعمال لمنع تكرارها.. كيف نثبت ان دماء شهدائنا لن تذهب سدى.. تساؤلات نضعها امام الجميع ونُذَكِّر عسى أن تنفع الذكرى.