جماعات مضطهدة في العالم العربي..!!
بقلم:حسن خضر
رغم أن العالم العربي يشهد طفرة في مراكز، وأبحاث، حقوق الإنسان، وذلك بفضل ازداد الوعي من ناحية، وذعر الأنظمة الحاكمة من حملات الضغط الأميركية، إلا أن ما يطفو على السطح لا يمثل أكثر من رأس جبل الجليد العائم.
وما يظهر على السطح، عادة، يتمثل في الاعتقال السياسي، والتعذيب، وتزييف الانتخابات، ونهب المال العام، وكبت الحريات الديمقراطية في البلدان العربية. ومع ذلك، ثمة قضايا تبدو مثل السر المفضوح، أي يعرفها الجميع لا يتكلم عنها أحد، إلا ما ندر.
في طليعة هذه القضايا، وبقدر ما يعنينا الأمر، افتقار الفلسطينيين في جميع البلدان العربية إلى ضمانات قانونية، وممانعة منظمة التحرير الفلسطينية، وفي وقت لاحق السلطة الفلسطينية في طرح الأمر في الجامعة العربية، وفي الأمم المتحدة، وفي حالات بعينها طرح الأمر على المحاكم الدولية.
وربما جاء الوقت لتأسيس منظمات حقوقية فلسطينية، ودولية، لتوثيق مختلف أشكال الاضطهاد التي يعاني منها الفلسطينيون في البلدان العربية، والتي تصل إلى حد الممارسات العنصرية في حالات بعينها. ففي المطارات العربية، وعلى الحدود، يعامل الفلسطينيون بطريقة تحط من الكرامة. كما أن المقيم منهم في البلدان العربية، وأغلبهم بحكم المولد، أو الوظيفة، لا يتمتع بالحقوق المنصوص عليها في القوانين الخاصة بمعاملة اللاجئين في العالم. والواقع أن هذه القوانين تضمن للاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية حقوقهم أكثر مما تضمنها البيانات الأخوية الكاذبة.
ومن المؤسف أننا لا نملك حالات موّثقة لحالات تستدعي طرح الأمر على المحاكم الدولية. ومع ذلك يمكن التذكير بحقيقة اقتلاع ما يزيد على نصف مليون من الفلسطينيين في الكويت، بعد حرب الخليج الأولى، وطردهم من البلاد، بعد استقرار زاد على أربعة عقود.
هناك، أيضا، حالة الفلسطينيين الذين طردهم القذافي من ليبيا، وأنفقوا الأيام، والأسابيع، والأشهر، في مخيم على الحدود المصرية ـ الليبية. في الحالتين ما يستحق النظر، وما يستحق الذهاب إلى المحاكم الدولية.
وإذا تذرعت البلدان المعنية بالمساعدات التي قدمتها للفلسطينيين فإن علينا إعادة تلك الأموال، إذا كانت تفوق حجم التعويضات التي قد يحصل عليها المتضررون في الحالتين.
وفي الوقت الحاضر هناك مشكلة اللاجئين في مخيمات لبنان، وهم الأسوأ حظا بين جميع الفلسطينيين، ومأساتهم لا تتمثل في غياب ضمانات قانونية وحسب، بل وفي وقوعهم في قبضة ميليشيات تسيطر عليهم، نيابة عن أطراف مختلفة فلسطينية، وسورية، ولبنانية، وإسلامية يصعب حصرها.
الفئة الثانية من البشر التي تعاني من عدم وجود ضمانات قانونية تكفل حقوقها هي فئة العمالة المهاجرة في بلدان الخليج والسعودية. لا توجد أرقام دقيقة حول عدد السّكان في تلك البلاد، لكن بعض الأرقام تشير إلى ثلاثة وثلاثين مليون نسمة، من بين هؤلاء يوجد ما يزيد على أحد عشر مليون من العمّال الأجانب، وبينهم الكثير من الفلسطينيين، والسوريين، والمصريين، والسودانيين، واللبنانيين.. وغيرهم من القادمين من بلدان عربية فقيرة، ناهيك، طبعا، عن القادمين من باكستان، وسيريلانكا، والهند، وإندونيسيا.
لا توجد في بلدان الخليج، والسعودية، قوانين عمل بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولا نقابات بالمعنى نصف الحقيقي للكلمة، ولا محاكم خاصة للبت في قضايا العمل والعمّال، بالمعنى الحرفي للكلمة، ولا يحق للعمّال الأجانب تنظيم صفوفهم، وشن الإضرابات، أو المطالبة برفع الأجور، أو الحصول على ضمانات صحية.
والأسوأ من ذلك، أن اشتراط دخول سوق العمل في البلدان المعنية عن طريق كفيل من السكان المحليين، يحوّل سوق العمل إلى سوق للنخاسة في كثير من جوانبه، كما أن الوضع القانوني للعمّال، أي افتقارهم لأس غطاء، أو ضمانة قانونية، يحوّلهم في حقيقة الأمر إلى رهائن.
يضم العمّال الأجانب فئة هي الأكثر تعرّضها للاضطهاد، وانتهاك حقوق الإنسان، وهي فئة الخادمات، القادمات في أغلب الأحيان من بلدان إسلامية فقيرة. تفيد بعض التقارير أن عدد الخادمات في بلدان الخليج والسعودية يصل إلى ثلاثة ملايين. من بينهن توجد حسب النسب المئوية خادمة واحدة لكل اثنين من رعايا الكويت والإمارات، وهناك خادمة واحدة لكل عائلة متوسطة الحجم في السعودية، وعمان، والبحرين.
علاوة على غياب الضمانات القانونية تعاني الكثير من الخادمات من الاغتصاب، والتحرّش الجنسي، والتعذيب. وغالبا ما تغض البلدان التي جاءت منها الخادمات النظر عن قضايا من هذا النوع لأنها تحتاج إلى التحويلات المالية للعمال، ويحتاج بعضها إلى مساعدات مالية.
أخيرا، نصل إلى جماعة قومية لا تقل تعاسة عن الفلسطينيين، وهي الأكراد، وهي تعاني من الاضطهاد القومي، إلى جانب غياب الضمانات القانونية في بلدانها. وإذا كانت قصة الأكراد في العراق معروفة في الوقت الحاضر، فإن وضع الأكراد السوريين يحتاج إلى بعض التذكير.
يوجد في سوريا نحو ثلاثمائة ألف كردي من مكتومي القيد، ومحرومي الجنسية، أي أن هؤلاء مثل البدون في الكويت، والبدون في قطر، لا تعترف الدولة بجنسيتهم السورية، بدعوى أنهم انتقلوا من تركيا إلى سوريا في مطلع القرن الماضي، أي منذ مائة عام. والأسوأ أن هؤلاء لم يحرموا من الجنسية وحسب، بل حرموا من الوظيفة العمومية، أيضا.
وكما يستحق وضع اللاجئين الفلسطينيين في العالم العربي إنشاء مراكز متخصصة، فإن وضع العمالة الأجنبية، والأقليات القومية، يستحقان إنشاء مراكز، ووحدات متابعة، لتوعية المواطن العربي، وفضح حقيقة الكارثة التي تعشيها جماعات مختلفة في العالم العربي في العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين.
http://www.al-ayyam.com/znews/site/templat...&Date=4/19/2005