العمال السوريون في لبنان يدفعون ثمن الجريمة
"مجلة جسور"
يستمر الجدل حول من المسؤول عن اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني السابق، وعن أهداف هذه الجريمة ونتائجها على صعيد العلاقات بين لبنان وسوريا.
في هذا الوقت يشهد الشارع اللبناني، منذ الساعات الأولى لوقوع هذه الجريمة، حالة من الاحتقان لم يعهدها منذ نهاية الحرب الأهلية باتفاق الطائف في العام 1982.
والعمال السوريون في لبنان كانوا أول ضحايا هذا الاحتقان.
طالعتنا جريدة "السفير" البروتية صباح هذا اليوم بالخبر التالي. (*)
الحدود اللبنانية السورية تشهد حركة خائفة
حالة الاحتقان تنتقل إلى الشارع السوري
شهدت الحدود السورية اللبنانية في اليومين الماضيين حركة باتجاه واحد. <<هرب>> آلاف العمال السوريين باتجاه حدود بلادهم خوفا من المشاعر القوية الموجهة ضدهم من لبنانيين على خلفية مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، والشحن النفسي والإعلامي الموجه ضد سوريا والسوريين معا. لم تكن العنصرية والدونية تجاه العمال السوريين في لبنان غائبة أبدا، إلا أنها لم تكن المشهد كله كما هي الآن. يقول أحد العمال السوريين الذين التقتهم <<السفير>> أمس الأول لحظة وصوله من بيروت، أنه منذ اربعة ايام مختبئ في بيت شخص ولا يستطيع المغادرة.
يضيف <<تركت عملي وكل أموالي لأنهم يضربون الناس هناك. يعني أي واحد سوري يجدونه في الطريق يضربونه>>. من جهته يعلق أحد سائقي الخط الدولي بين العاصمتين، بأنه في اليومين الأخيرين يقوم برحلتين وأحيانا بثلاث رحلات إلى لبنان بسبب الضغط الشديد للعمال الراغبين في العودة>>.
ووفقا لذات الشهود فإن ثمة مشكلة موجودة في تأمين سيارة تقل العمال السوريين من بيروت إلى المدن القريبة من الحدود السورية كشتورة. إذ توقفت سيارات الأجرة السورية عن التوجه إلى بيروت بعدما انتشرت أخبار <<تكسير محلات سوريين>>.
في هذا الوقت تضاعفت تسعيرة الرحلة بين شتورة ودمشق مرتين بسبب الطلب المتزايد. في الاتجاه المقابل ليس هناك من يحرك سيارته باتجاه لبنان، إلا في ما ندر، وزيارة سريعة للحدود السورية اللبنانية يومي الجمعة والسبت الماضيين كانت تكفي لرسم الصورة البائسة لانعكاس التطورات الأخيرة على العلاقة الشعبية بين البلدين.
ويروي مراسل إحدى المحطات العربية في دمشق أنه عاد سريعا من بيروت التي صادف وجوده فيها يوم مقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، ويشير الى أنه رحل على وجه السرعة في اليوم التالي في سيارة تحمل لوحة لبنانية بناء على نصائح زملائه. أيضا تلقى دبلوماسيون أجانب في دمشق تحذيرات من سفاراتهم من التوجه بسياراتهم إلى لبنان تخوفا <<من الجو العدائي تجاه سوريا>> حاليا.
هذا الجو لم يجد له ردا هادئا في الشارع السوري، اذ تضاعفت في الأيام الأخيرة حالة الحنق والاحتقان حيال الاتهامات في لبنان ضد سوريا والسوريين. وكان لحلقة <<حوار مفتوح>> التي بثتها قناة <<الجزيرة>> أمس الأول من أمام ضريح الحريري أثر مباشر على الناس في سوريا ، وتلقى مكتب <<السفير>> اتصالات ليل أمس من مواطنين تطالب ب<<إغلاق الحدود مع لبنان>>، و<<سحب الجيش والعمال (<<الذين بنوا لبنان>>)>>، و<<ترك اللبنانيين لمصيرهم>>، وطالب بعضهم بنشر تعليقاتهم في ظل <<غياب الموقف الرسمي>>.
وفي هذا السياق قال عضو غرفة تجارة دمشق من الدرجة الأولى تامر ياغي ل<<السفير>> أنه تقدم بطلب اجتماع استثنائي للهيئة العامة لغرفة تجارة دمشق <<لبحث موضوع اتخاذ موقف تجاري غير رسمي يساند موقف الدولة، ويعبر عن شعورنا كمواطنين نتعرض للإهانة>>، وقال ياغي أن هذا الاجتماع يجب أن يبحث كل السبل الممكنة ل<<وقف الهجمة حتى لو تطلب الأمر من التجار السوريين <<وقف جميع مصالحهم الشخصية مع لبنان واللبنانيين فداء للوطن>>، مذكرا بأن للسوريين مليارات الدولارات من الودائع في المصارف اللبنانية. لكن رئيس غرفة تجارة دمشق راتب الشلاح لم يوافق على هذا الطرح معتبرا ان الغرفة <<تعمل تحت المظلة الحكومية>>، ومنوها بضرورة الحفاظ على <<العلاقات الشعبية مع أخواننا في لبنان>>، والقائمة على مبدأ <<الربح للطرفين>>، ولكنه أشار في تصريحات ل<<السفير>> الى أن اجتماعا عاديا سيعقد للهيئة العامة لغرفة التجارة خلال يومين، وذلك من دون ربطه بالطلب الأخير.
من جهتهم طالب مثقفون سوريون نظراءهم من المثقفين في لبنان <<أن يحرصوا على تنقية العلاقة السوريا اللبنانية لا من الهيمنة وحدها، ولكن أيضا من إهانة سوريا وشعبها وتصويرها عدوا للبنان واللبنانيين>>. وأضاف البيان الذي وقعه خمسة وثلاثون مثقفا بارزا في سوريا أن <<الوحدة الوطنية الديمقراطية التي تجلب في لبنان ردا على الجريمة، لا يمكنها أن تسمح بنزعة عنصرية ضد اي كان>>.
(*) زياد حيدر - "السفير" البيروتية – 21/2/2005
http://www.josor.net/article_details.php?t...sid=84&catid=25