في دراسة علمية ميدانية، أجراها الباحث، د. محمد عبد العظيم بمركز البحوث الجنائية أكدت أن نصف السيدات العربيات يعتقدن بالسحر والشعوذة، وأن هناك أعداداً متزايدة من الدجالين ليصل الأمر بحسبة بسيطة إلى معدل دجال لكل ألف عربي، كما أشارت الدراسة أيضاً إلى أن ممارسي السحر يخلطون بين السحر والدين، ويزعمون قدرتهم على علاج الأمراض بالكتب السماوية.
5 مليارات دولار مصاريف عربية على الشعوذة
وخلصت الدراسة التي أعدها الباحث د. محمد عبد العظيم بمركز البحوث الجنائية إلى أن هناك نحو ثلاثمائة ألف شخص في مصر يدعون علاج الأمراض بتحضير الأرواح وعدد مثلهم يزعمون علاج المرضى بالقرآن والكتاب المقدس، إضافة لوجود أكثر من ربع مليون دجال يمارسون أنشطة الشعوذة في الدول العربية. كما كشفت الدراسة أيضاً عن أن العرب ينفقون نحو 5 مليارات دولار سنوياً على السحر والشعوذة وأن نصف نساء العرب يعتقدن في الخرافات والخزعبلات، ويترددن على المشعوذين سراً وعلانية.
وفي مصر تتفاوت أجور الدجالين بين مبالغ بسيطة لاتتجاوز عشرة جنيهات، لتصل إلى عشرة آلاف جنيه لدى المشهورين منهم، الذين لا يقصدهم المصريون فحسب، بل يتردد عليهم بعض أثرياء العرب أيضاً.
وغالباً ما يلجأ إلى هذه المهنة الدجالون بهدف جني الأموال اعتماداً على لهفة أهل المريض أو أمنية الزوجة العاقر في الإنجاب، حتى أنهم لا يترددون في العودة إلى هذه المهنة عقب كل مرة يتم القبض عليهم فيها، خصوصاً أن المبالغ التي يطلبها الدجال غالباً ما تكون مجابة وبعضها مبالغ مالية وأخرى عينية مثل أنواع معينة من الطيور أو الحيوانات.
وتشير محاضر الشرطة إلى أنه لا يمر شهر إلا ويجري تسجيل محاضر لأشخاص متهمين بالدجل على الرغم من أن غالبية البلاغات تأتي من مصادر أخرى غير الضحايا الذين يخشون أن يطولهم غضب هؤلاء، الذين يزعمون اتصالهم بعالم الجن وقدرتهم على إيذاء البشر بالتالي، ويشارك في هذه المهنة الوهمية النساء والرجال على حد سواء، كما يذهب لهم أيضاً أنواع مختلفة من البشر منهم الجاهل والمتعلم، حتى أن هناك شخصيات شهيرة تلجأ في بعض الأحيان لهؤلاء الدجالين، ومنهم ممثلون وممثلات حسبما تروج شائعات عديدة في الصحف.
ويتهم خبراء اجتماعيون السينما المصرية بأنها تروج لهؤلاء الدجالين في عشرات الأفلام التي جرى إنتاجها من خلال إبراز قصصهم وبيان دورهم في حل الكثير من المشكلات أو العكس، فيما يرد منتجو الأفلام بالقول إن السينما تعكس واقعاً موجوداً منذ عشرات السنين وأن إيمان بعض المصريين بالدجل والشعوذة أمر موجود في الواقع والسينما تعكسه. وأجرى الباحث دراسة حالة على واحد من أكبر المشعوذين في مصر والذي تم القبض عليه بعد فترة طويلة من ممارسة أعماله وكانت مباحث الآداب بمدينة الإسكندرية قد ألقت القبض عليه بعد أن ذاع صيته بالبلاد العربية بزعم كراماته الخارقة على حد وصف بعض زبائنه.
كانت معلومات قد وردت إلى أمن الإسكندرية حول قيام مشعوذ بمنطقة مينا البصل بممارسة النصب والدجل، وإن زبائنه من الإسكندرية والمحافظات وبعض البلاد العربية التي يسافر إليها بدعوات من زبائنه.
وتبين أن المتهم ويدعى محمد صابر عبد الحميد 60 سنة وشهرته الجبار.. قد ذاع صيته بأعمال الشعوذة حيث يمارس أسلوباً غريباً في هذه الأعمال إذ يطلب قطع الملابس الداخلية سواء للرجال أو النساء مع صورة شخصية للراغب في عمل الحجاب ويقوم بكتابة السحر باللون الأحمر لسعة الرزق والسعادة.. واللون الأزرق للرجال والنساء لجعلهم جذابين ومطاردين من الجنس الآخر بعد أن يستعين بالجن الأحمر بالإضافة إلى قيامه بعمل كتاب خاص له يضم أسلوب عمل الأحجبة وتسليط الجن على من يريدون إيذاءه.
وعند قيام مباحث الآداب بمداهمة مقر المشعوذ كانت المفاجأة بأن أغلب الموجودين في قاعة الاستقبال من الرجال الذين يرغبون في الزواج أو في فض خلافات مع زوجاتهم. كما عثر لديه على رسائل من البلاد العربية تحوي صوراً شخصية، ومحدد المطلوب منها على ظهرها وجماجم وبخور.
تبين أن الدجال يحصل على 600 دولار من زبائنه العرب و250 جنيهاً من المصريين حسب حالتهم المادية.
أما الطريف فهو تأكيد الجبار لرجال المباحث بأنهم لن يستطيعوا إيجاد حصيلة مكاسبه المالية لأنه وضعها تحت البلاطة ويحرسها الجن الأحمر.
كما أفراد الباحث فصلاً كاملاً لتحليل ظاهرة الزار ويقول في دراسته: طقس الزار والذي عرفه العالم العربي في فتراته المتأخرة إذ عرف كما قيل في القرن التاسع عشر ولم يعرف قبل هذا القرن كما لم ترد إشارات عنه أو وصف مقارب له. والزار هو حفل نسائي لطرد الأسياد التي تتقمص الأشخاص، أو استرضائها بتقديم أضاح وقرابين وأداء رقصات إيقاعها سريع على دقات دفوف صاخبة على اعتقاد بأن استحضار هذه الأسياد وبإفصاحها عن اسمها تفقد قوتها.
والزار في أصله طقس وثني للقبائل الإفريقية البدائية، انتقل من الحبشة إلى السودان ثم إلى مصر فباقي البلاد العربية ولفظ زار محرف من جار ـ إله وثني عند الكوشيين ـ ثم غدا في الحبشة بعد دخول النصرانية عفريتاً حقوداً "أسياد شريرة".
وبعد دخول الزار إلى النسق الثقافي العربي عن طريق العبيد الأحباش طرأ عليه تغير في سماته فهو في المعتقد الشعبي وسيلة للشفاء من أمراض نفسية وجسمية على حد سواء "الاكتئاب" الصداع، ولادة أطفال مشوهين أو ميتين".. وهو بذلك يختلف عن أصله بكونه لا يستنطق الأسياد عن أمور الغيب.