إلى حنين ... في ذكرى اللمسة الاولى .................... والاخيرة
في تلك الساعة حيث تكون الذاكرة حبلى بشيء ما يشبه الألم له نفس الطعم ولكن يفوقه حدةً , رحت اذكر لمستنا الأولى ......... كان يوما رائعا , لم أكن اعرف كم الساعة عندما دخلتي علي دون إذن والأصح أن أقول أنني أنا الذي دخلت , لأنك مذ كنتِ طفلة لا تشبه النساء في شيء، أكملت بخيالي أنوثتك ووهبتك كل معالم النضوج وأسكنتكِ في العقل والفؤاد , ومنحت نفسي وسام العبيد من الدرجة الأولى , لقد عكفت على رسمك عدة أيام .... أسابيع .... سنوات , فجئت تماما كما رسمتك أو لربما كما تمنيتك أو الأصح أن أقول كما اشتهيتك , إنها لحالة غريبة أن اصنع حبيبه ما زالت في عرف المجتمع طفلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى , ولفرط قناعتي بأنها ما خلقت لتكون طفلة وإنما لتكون حبيبتي رحت وبنيّة مسبقة اهجر هذه الطفولة , وما أن بدأ الجسم بالثورة حتى كنت قد شربت كأس الهوى حتى ثمالته ... كنت أنا الذي أهداكِ وهج الأنوثة فأهديتنني الم الرجولة , وأعطيتك كل ألوان الربيع .... فجردتيني من الواني حتى غدوت حزنا بالأبيض والأسود فقط ....
في ذاك اليوم ... بينما كنت أتسلى بإكمال ما لم تمنحك إياه سنوات عمرك الأربعة عشرة , كان جرس الباب يدق ..... من يا ترى يكون .... راودني إحساس بان لا افتح الباب فانا كنت اعتبر نفسي بخلوة شرعية مع أحلامي , ولكن صوت أمي من الغرفة المجاورة وهو يذكرني أن الجرس يقرع للمرة الثانية لم يترك لي مجال إلا أن أمارس شرقيتي وأن افتح الباب بنفسي إذ لا يجوز للبنات أن يفتحن الباب أو يجبن الهاتف حتى لا تنتهك حرماتنا .
....... كان والدكِ هو الطارق , كنت دائما أحب النظر إلى وجهه وأمارس لعبتي بالمقارنة والتحليل , كنت انظر دائما إليه كي اكتشف ماذا لكِ منه .. وماذا له فيكِ؟ كان يسبقك ببعض الخطوات ...... لم أكن أتوقع كل هذا الحظ اليوم ..... أن تأتي حبيبتك فجأة ودون موعد مسبق هي حالة من الجنون المفاجئ ... شيء يشبه هطول الأمطار في الصيف وكأن السماء قررت فجأة أن ترحم احتراق الأرض فتعطيها شيئا من اللذة المرجوة لتمكنها من متابعة الصيف بكفاءة تامة .... كنت قد اعتدت أن أدرب نفسي على تحمل اللحظة الأولى من اللقاء كلما علمت أنكم قادمون أو نحن ذاهبون إليكم , كنت أحاول أن أروض نبضات هذا القلب الجامح والمتعطش للقاؤك لكن اليوم لم أكن قد احتطت مسبقا, هنا اكتشفت أن حالة الإرباك التي تجتاحنا قبل موعد الحبيبة ما هي إلا تراكمات خيالاتنا واستعجالنا لذاك الموعد , أما وقد جاء الفرح فجأةً فما هي إلا لحظات واسترجعت القلب الذي هبط لممارسة الخفقان في الركب ... نعم لقد كان اللقاء أسهل بقدر ما كان أشهى وأمتع .... أجمل الأشياء هي التي تباغتنا دون إنذار وأجمل النساء هي التي تضربنا بأمواجها في يوم لم نكن نتوقع فيه مداً....
فيا فتاتي الأشهى أو لأقل يا بحري الأعنف .... كم احبك ... أتعجب من حبك كم يجعلني متناقضاً .... الآن وفي هذه اللحظة كم أحب هذا الدرج الذي يرفعك إليّ وكم أحب هذا الباب الذي يستقبلك مقبلة واعرف انه وفي وقت لاحق من هذا اليوم سأكره الباب الذي يغلق خلفك مدبرة كما سأحقد على هذا الدرج الذي سيعلن هبوطك ...
كل تلك الأحاسيس لم تكن إلا لحظات قليلة .... الله كم هو غريب هذا الحب يعطينا كم هائل من الأحداث في لحظة ثم يتركنا عاطلين عن الهوى أياما طويلة لا نفعل شيء سوى اجترار أحزاناً كانت يوماً أحلامنا ..
كان لا بد لي من أن أتمالك نفسي وأن اضبط تصرفاتي كي لا يظهر عليَّ ارتباك وأنا استقبل أباكِ كما تعودت أن افعل , كل تلك الكلمات والمجاملات لم تكن سوى غطاءً اخفي فيه لهفتي وتوتري واهتياجي لمرآكِ .. كنت أظن أن كل ذلك كان خفياً ولم أكن اعلم أن هذا الغطاء كان شفافا لدرجة انه كان يفضحني أكثر.
كنتِ خلفه بخطوات وكانت عيناي تقفزان عنه بمسافة مماثلة .... وكنتِ تضمين كتاباً كم تمنيت لو كنته ... على عادته كان أبوكِ مستعجلاً وبرر زيارته بأنكِ جئتِ كي تساعدكِ إحدى أخواتي بالدراسة ... ثم اعتذر وانصرف ... كان انصرافه الأجمل وغيابه الابهى ... شكراً لوالدكِ لأنه غادر....
هناك في غرفة بعيدة عني تدرسين وأختي ... أحسست بغبن شديد .... أنا من علمك الهوى وأهداكِ أنثى لبستها مبكراً فوق طفولتكِ ... أليس من حقي أنا أساعدكِ في دروسك وهل من إنسان آخر يمكنه أن يساعدكِ غيري؟؟؟!!!
كان لابد من أن أثأر لحقي المغتصب .. وأن أمارس جنوني على مرأى من العائلة ... كنت اعرف انك تنتظريني هناك كانت عيناك عند الباب تحمل رجاءً وطلباً بالمساعدة مغلفاً بشهوة طفولية , كان عطرك الذي انتشر في إرجاء البيت منذ دخلتِ يستفزني ويدعوني للمجيء , فما كان مني إلا أن أتيت لتلك الغرفة وتدخلت بشكل سافر لدرجة انه لم يكن لأختي بد من الانسحاب بهدوء أمام طيشي الجميل ..... رحت أساعدك بالدراسة وأنا استرق النظر إلى ذاك الصدر الجميل والذي شاركت في ثورته وتقلدت منصب القائد العام للثورة على الطفولة... وذاك العنق الرائع دعاني لأكمل في مخيلتي كل التفاصيل الأخرى متسائلاً يا ترى كم من المرمر تخفي هذه الثياب؟؟؟!!! لم أكن أريد أكثر من اللمس وكنت أمني النفس بأنني سأحظى بأكثر من ذلك يوماً ما كوني المالك الشرعي الوحيد لهذا الجسد , كانت أختي على مقربة منا لم نكن نجرؤ على أن نتفوه بكلمة أو بهمسة , فكان لا بد أن يحدث ذلك بالسر ودون أن ينتبه احد , ما أجمل الأشياء التي تؤخذ خلسة .... فما كان مني إلا أن مددت يدي وبشكل قد يبدو انه عفوي وغير متعمد ولامست فخذاكِ ... وما كان منكِ إلا أن رمقتيني بنظرة جريئة مغلفة بابتسامة أعطت لهذه المناسبة بعداً جمالياً آخر............
كانت هذه اللمسة الأولى ولم أكن أعرف أنها الأخيرة والوحيدة , لم أكن أتصور حينها أن هذه الأنثى التي كنت محرض ثورتها ستهدينني يوما ما الظلمة , لم أكن اعلم أنني صنعت حزني بنفسي فجاء كبيراً على حجم كبريائي , لم أكن أتوقع وأنا الذي لم أحب الهندسة يوما أنني سأحترف بعد غيابكِ هندسة الأشكال فأصير خبيراً في وجوه النساء , أطالع كل الوجوه لأرى بماذا يشبهنكِ وبماذا يختلفن عنكِ وبماذا تتميزين على كل تلك الوجوه ولماذا أنتِ الأجمل؟ ألانني أريد أن أراكي هكذا .... ؟
اليوم قررت أن استفيد من روايةِ قرأتها كانت البطلة فيها كاتبة وفي حديث مع الرجل الذي أحبها قالت بأننا نكتب عن من نحب لنقتلهم بداخلنا ... وأنا قررت أن ارتكب هذه الجريمة وأن أشيعك إلى مثواكِ الأخير في ركن بعيد في الذاكرة .... قررت أن أتقيئ سمّكِ .... قررت أن ألفظك على صفحةٍ بيضاء .... من اليوم سأوقف العمل بتوقيت أنوثتكِ ... وداعاً يا قمري ... ليرحمنا الله جميعاً.....
|