نظرة عن قرب: من يملك ماذا في «تكتلات» الإعلام الأميركي؟
امبراطور الإعلام روبرت مردوخ ينوي استكمال مجموعته بشراء «فوكس» بالكامل
واشنطن: منير الماوري
في خطوة لافتة، أعلن امبراطور الإعلام الأميركي اليهودي، روبرت مردوخ، الثلاثاء الماضي عزمه شراء بقية الأسهم في مجموعة «فوكس» التلفزيونية الأميركية بقيمة 6 مليارات دولار. وينص اتفاق الشراء على امتلاك مردوخ ـ رئيس مجموعة نيوز كورب ـ ما تبقى من أسهم المجموعة التي تشمل استوديوهات الأفلام وشبكة «فوكس» التلفزيونية والقناة الإخبارية، والتي يمتلك مردوخ 82.1 % من أسهمها.
وكانت عائدات مجموعة «فوكس»، المقربة من اليمين الأميركي، قد بلغت نحو 12 مليار دولار العام الماضي.
وبذلك يكون مردوخ قد ضم مجموعة «فوكس» بالكامل لامبراطوريته الإعلامية التي بدأها في استراليا حيث يملك اليوم نحو 100 صحيفة في أستراليا إضافة للعديد من محطات الإذاعة والتلفزة. كما يمتلك ثلث أعداد الصحف المطبوعة في بريطانيا بما فيها «الصن» و«التايمز». وما ذلك إلا جزء صغير من إمبراطورية (نيوز كوربوريشن)، التي تملك في بريطانيا أيضاً شبكة «سكاي» التلفزيونية ذات الـ 6 ملايين مشترك. أما في الولايات المتحدة الأميركية فيمتلك مردوخ مطبوعات (هاربر كولينز) التي بلغت أرباحها في العام 1995 نحو 550 مليون دولار، إضافة إلى الصحيفة اليومية «نيويورك بوست» والعديد من المجلات، منها دليل التلفزيون (تي في.غايد) وشركة إنتاج الأفلام (توينتيث سينتيوري فوكس) كما يمتلك محطات التلفزة (فوكس نيتوورك) وقناة (إف إيكس) وقناة (فوكس نيوز) الإخبارية. ويملك كذلك شركة «هيرتج ميديا» للتسويق والترويج و20 موقعاً على شبكة الإنترنت. وفي الميدان الرقمي يعتزم مردوخ استثمار مليار دولار للاشتراك مع شركة (إيكو ستار) وشركة الهاتف (إم.سي.إي) في إنشاء أكثر من 200 قناة تلفزيونية للمشاهد الأميركي. يملك قناة تلفزة سلكية (ستار.تي.في) وهي تبث عشرات البرامج باتجاه اليابان والصين والهند وجنوب شرقي آسيا وشرق أفريقيا. إلى جانب «نيوز كوروب» هناك عشر شركات أميركية رئيسية أخرى تهيمن على عالم الإعلام في الولايات، وتشكل الخريطة الإعلامية الأميركية الحالية. وهذه الشركات هي «اي او ال ـ تايم وارنر» وهي تحالف بين أكبر مزودي خدمات الانترنت في الولايات المتحدة «أميركا أون لاين» ومجموعة «تايم وارنر». وهناك أيضاً مجموعة «ديزني» صاحبة قنوات الأطفال التي تحمل اسمها وتملك أيضاً محطة «اي بي سي»، هذا إلى جانب مجموعة «جنرال اليكتريك» التي تملك شبكة «إن بي سي». وفي ساحة التكتلات الإعلامية هناك أيضاً مجموعات «فياكوم» و«فيفندي» و«سوني» و«بيرتيلزمان» و«اي تي اند تي» و«ليبرتي ميديا». ويجمع عدد من خبراء الإعلام الأميركيون على أن المالك الحقيقي لكل الوسائل الإعلامية الأميركية بلا استثناء هو المعلن، وبالتالي فإن المعلن هو الذي تسعى هذه الوسائل للاستحواذ على رضاه. وبما أن الشركات الكبرى تأتي في مقدمة المعلنين فإنها بالتالي تملك الجزء الأكبر من الصحف والمحطات التلفزيونية، وليس هذا فحسب بل إن كثيرا من المؤسسات الإعلامية تملكها شركات كبرى بشكل مباشر لأن هذه الشركات ارتأت أن تذهب مخصصات الإعلان وهي كبيرة جدا إلى مؤسسات مملوكة لها.
أما بخصوص جدوى عمليات الاندماج هذه، فوفقا لآراء مؤيديها فإن الدمج يساهم في ترسيخ حرية الرأي أكثر من تأثيره السلبي لأن الخوف من غضب المعلن ينتفي في حالة المؤسسات الكبرى حيث أن المعلن لا يدري من يخاطب بالاحتجاج وكل مسؤول في مجلس الإدارة أو خارج مجلس الإدارة يمكن أن يحمل آخرين المسؤولية ويجعل الإعلاميين المحترفين يؤدون واجبهم كما يريدون حسب ما تمليه عليهم ضمائرهم.
ولو عدنا إلى عام 1983 لوجدنا أن أكثر من خمسين شركة إعلامية كانت تهيمن على سوق الإعلام في الولايات المتحدة وأكبر عملية اندماج حتى ذلك التاريخ لم تتعد 340 مليون دولار. وفي عام 1987 تقلص عدد الشركات المهيمنة إلى 29 شركة ثم تقلصت التسع والعشرون شركة إلى 23 في 1990 عن طريق اندماج عدد منها ببعضها.
في عام 1997 شهد السوق الأميركي صفقة اندماج كبرى بلغت 19 مليار دولار حيث جرى دمج «أي بي سي» مع «ديزني». وفي عام 2000 شهدت الولايات المتحدة أكبر عملية دمج في تاريخها شملت «أميركا أون لاين» مع «تايم وارنر» في صفقة تاريخية بلغت 350 مليار دولار أي بما يزيد عن أول عملية اندماج عام 1983 بألف مرة.
ومن بين العروض التي أثارت انتباه المراقبين العرض الذي تقدمت به شركة «فايكوم» عام 1999 لشراء محطة «سي بي إس» بمبلغ 37 مليار دولار، ليكشف هذا الرقم تصوراً جديداً للأهمية التي باتت تمثلها وسائل الإعلام للشركات الكبرى.
* أبرز الشركات والتكتلات الإعلامية الأميركية
* اي او ال ـ تايم وارنر: وتضم شبكة الكيبل المدفوع «اتش بي أو»، وشبكة«سي إن إن» الإخبارية بقنواتها الأرضية والفضائية والإذاعية، بالإضافة إلى قناة «نيويورك 1 نيوز» الإخبارية، وشبكة «تايم وارنر».
* ديزني: وتملك شبكة «إي بي سي» التلفزيونية، ومجموعة قنوات «ديزني» للأطفال حول العالم، عدداً من قنوات «اي اس بي ان» الرياضية وحصة تقدر بـ33% في كل من «اي اس بي ان ـ ستار» وشبكة «نت ستار» الرياضية الكندية.
* جنرال إليكتريك: وتملك 80% من «ان بي سي يونيفرسال» (20% تتحكم به شركة فيفندي يونيفرسال). وتضم باقة قنوات «ان بي سي» المحطة الأم، بالاضافة إلى قناة «سي ان بي سي» الاقتصادية، وقناة «إم إس إن بي سي» الإخبارية بالتعاون مع مجموعة مايكروسوفت.
* فياكوم: الشركة العملاقة في مجال الاعلانات ومن أبرز ممتلاكتها الإعلامية مجموعة« سي بي اس». * سوني: وتملك قنوات «تلفزيون سوني بكتشرز» و«اي اكس ان» و«سوب سيتي» و«غايم شو نتورك» (مناصفة مع شركة ليبرتي ميديا) و«موفي لينك» (بالاشتراك مع شركة «باراماونت» للانتاج، وشركة «سوني بيكتشيرز انترتينمينت» و«يونيفرسال ستديوز» و«وارنر بروذرز ستديوز»).
* بيرتيلزمان: تملك «إن تي في» و«راديو فن».
* اي تي آند تي:عملاقة الاتصالات الأميركية، تشارك بأسهم مختلفة في مؤسسات إعلامية متفرقة مملوكة لشركات كبرى.
* ليبرتي ميديا: تملك أسهم تتراوح بين 4% و18% في مؤسسات إعلامية متعددة.
لمعرفة جميع الشركات وكل ما تملك قم بزيارة:
http://www.cjr.org/tools/owners/
* من هو روبرت مردوخ؟
- ولِد روبرت مردوخ في أستراليا عام 1931، وكان في شبابه يبدي التزاماً يسارياً ويضع تمثالاً نصفياً لـ«لينين» في غرفته الخاصة، ولكنه منذ منتصف السبعينات انقلب إلى يميني، دون أن يوضح لأحد أسباب ذلك الانقلاب. تزوج 3 مرات، كان آخرها في سنة 1999 حين ارتبط بالأميركية ذات الأصل الصيني «وندي دنغ» التي تدير محطة تلفزيون «Star TV- Asia» التابعة لمجموعة «مردوخ»، أما خطوته الكبرى نحو العولمة فكانت عام 1985، عندما تخلى عن جنسيته الأسترالية وحصل على الجنسية الأميركية، وقبل ذلك كان نشاطه محصوراً في استراليا; حيث امتلك عدداً من الصحف، كما قام بإنشاء محطة تلفزيون «Ch 01»، وفي تلك الفترة كانت شركته الرئيسية «News Corporation» تعطي لنفسها هالة كبيرة من الفخامة وتتوسع شيئاً فشيئاً، وصوّرتها وسائل الإعلام الأسترالية بصورة «الفاتح» الذي يريد أن يغزو كل مكان في العالم.
وتتجلى عبقرية «مردوخ» في هيكلية هذه الشركة بالذات، والتي فاخر مرة، بأنه حتى أكبر موظفيه يختلط عليه الأمر في فهم بنيتها، إنها مثال على ما ستكون عليها الشركات متعددة الجنسيات أو العابرة للقارات في القرن الـ21، فهي تدير عملياتها في أكثر من 60 بلدا، وتضم ما يقارب 700 شركة تابعة لها، والهدف الأساسي من هذا التعقيد هو بالطبع ضرائبي، ومردوخ هو ـ بامتياز ـ أكبر مستفيد في العالم من قوانين الضرائب.
يملك «مردوخ» مجموعة «News Corporation» الإعلامية، ومنها انطلق للسيطرة على عدة وسائل إعلامية، شكّلت فيما بعد أركان امبراطوريته الواسعة التي لم تمر على وجه الأرض امبراطورية شبيهة بها. ويمتلك مردوخ كذلك فريق لوس أنجلس للبيسبول «Dodgers»، وله أسهم وصلاحيات واسعة في فريقي: «Knicks» و«Lakers» الشهيرين لكرة السلة، وكذلك فريق الهوكي، كما أنه يمتلك الأسهم الأكبر في ملعب «Madison Square Garden»، وحقوق بث أكثر 11 من مسابقات الدوري العام في الدول الأوروبية، وأكبر نسبة من أسهم قناة كندا الرياضية الجديدة.