عبث أول

أنت تتذكر كل شيء، تلك هي المشكلة. أنت تتذكر الخال الصغيرة على كتفها من الخلف، لون حمالة نهدها الدانتيلا، شفافة كلون السماء. أنت لا تستطيع أن تنسى تمواجات شعرها الناعم، وهي تمسح عليه بكلتي يديها، تجمعه بين أصابعها الناحلة، تعقصه للوراء بعقدة صفراء صغيرة.

أنت تتذكر كل التفاصيل، النوافذ الثلاث بأُطرها الخشبية، والكرسي الواسع بوسادته المزركشة، وكيف كانت تبدو كقديسة من العصور الوسطى، محاطة بهالة النور المنبعثة من النوافذ الثلاث خلفها. تتذكر لون ورق الجدران ورائحته القديمة، وتتذكر كل الكتب الملونة، بأحجامها المختلفة مكومة على الطاولة بجانب السرير.

أنت من الممكن أن تنسى أشياء أخرى، لكنك ستتذكر دائماً لوحة شيلا في الحجرة، لثلاث سنوات خلت، والسنة ذات السنة، والشهر ذاته. اللوحة هي نفسها، والحسرة البادية على وجهها هي نفسها أيضاً. أنت تطالبها بإزالة تلك الرزنامة عن الحائط، هي كل مرة تعدك، في المرة القادمة ربما، لكنها أبداً لا تفعل.

[CENTER]***[/CENTER]
أشياء أخرى

خرج من عمله هذه المساء، وككل المساءات الأخرى، قرر أنه لا جديد، أذعن لرغباته المجنونة، ميمماً صوبها، كل مساء وهو على ما هو عليه، متعب بهدوء وهي ناحلة مريضة.

هي ستتحدث طوال الوقت، وأنت لها تستمع. وعندما يعن لك القيام من مجلسك ذاك لتخرج، ستتدحرج دمعاتها حارة كبيرة، وستطفئ الأنوار وأنت تخرج.


تسعفها الذاكرة قليلاً، ولا تتذكر أغلب الأحيان، وعندما ستقص عليها القصص -وأنت نادراً ما تفعل- ستحدق فيك مشدوهة حائرة، ستلمع عيناها وستبدو كطفلة صغيرة، أصغر من أن يمارس الشقاء حقوقه عليها بتلك القسوة.

[CENTER]***[/CENTER]
عبث أخير

أي شيء لم يتغير، ودارها لم تبرح مكانها، لكن نور غرفتها ما زال مطفئ.

أنت تستطيع أن تتذكر كل الأشياء الصغيرة، ولكنك لا تستطيع أن تتذكر لماذا أنت هنا، على ما أنت عليه، وهي بعيدة عنك هناك.

لمى

(f) كنت رائعة يا لمى . أجدتِ في إبرازِ الاتجاهين بلا تكلّف : إيجابيّتها و سلبيّته ، وأقللتِ من وصف الدقائق و الآلام الجُوَّانيَّة، ( وأحجمتِ عن بعضِها ) !!؟؟ . لك حقوق و أنت حرّة في الوجود .. في أن تكوني ، وتعبِّري عن كلِّ الدواخل ، فاصرخي أكثر حتى لايستهلكك القهرُ ولامبالاةِ الآخر . ناضلي كي تكوني .... و إلاّ........ تجاوزي رقَّتَكِ قليلاً ، أو كثيراً ، المهم أن تَعبُري الواقع و إلاّ فلسوف تبقينَ مهزومة . تجاوزي السور الذي في داخلك بكلِّ بساطة ، و مثلُ الشمس .....

أكاتب أنت يا سيدي أم ساحر؟!!
كلامك هذا مخيف جداً !!

سأحاول العودة ثانية .. بشيء آخر، شيء يليق بدهشتي التي أثارها مرورك من هنا :)

هذه لك حتى عودتي الثانية (f)



لمى

لستُ ساحراً ، أنا شاعرٌ وأستطيعُ - ربما - قراءة ما وراءَ المُعطى . ولقد قرأتُك منذ أوّل كلماتِك التي قرأت ..... هل أنتِ من الأردن ؟ هذا تخمين وليس قراءة ، ولهذا قد أكونُ على خطأ ، فما من مشكلة ...... شكراً للهديّة الرائعة بحقّ ، فأنا أحبُّ ثنايا الجمال / مُجَزَّأً أو كلاًّ / و بكلِّ ما فيه من طُعُومٍ و إبداعات ...

فوزي

الأستاذ فوزي
مرتبكة الآن للغاية..
لست أدري ما الذي يتوجب علي قوله..
كلما كتبت سطراً محوتّ أوله وبقت النهاية مكسورة معلقة..
قراءتك لنصي المتواضع كانت أكثر من رائعة، ولست أظن أن أي شخص آخر-حتى أقربهم لي- كان سيقدر على قراءتي بهذه الشفافية -كما فعلت أنت هنا.

اقتباس:  Fawzi . G   كتب/كتبت  
و إلاّ........ تجاوزي رقَّتَكِ قليلاً ، أو كثيراً ، المهم أن تَعبُري الواقع و إلاّ فلسوف تبقينَ مهزومة . تجاوزي السور الذي في داخلك بكلِّ بساطة ، و مثلُ الشمس .....

وأما عن الرومانطيقية فلقد أدركت مؤخراً أنها عاهة مستديمة، وأني مهما حاولت فلا شفاء منها .. وقررت أن أبقى بعيدة عن الواقع مادمت قادرة على ذلك أو حتى يشاء الله :)

المشكلة أنني مهما حاولت أن اكتب بعيداً عني، أراني أدرج أشيائي الخاصة في نصوصي الصغيرة من حيث لا أدري.. فأحاول لاحقاً التمويه والمواربة ولكن دون فائدة.. أظن أن هذا هو من أهم الأسباب في فشل نصوصي، فأنا أبعد ما يكون عن الحياد في هذه النصوص :)

اقتباس:  Fawzi . G   كتب/كتبت  
هل أنتِ من الأردن ؟ هذا تخمين وليس قراءة ، ولهذا قد أكونُ على خطأ ، فما من مشكلة ...

فوزي

تخمينك هذه المرة خاطئ.. فقط حاول مرة أخرى :)

سعيدة يا سيدي بقراءتك كل السعادة، وكم وددت لو أنك تفضلت بالتعليق على لغة النص والأسلوب أيضاً لتطويره :)

تحياتي (f)
لمى

أولاً لستُ أحبّ اليانصيب لأحاول ثانيةً ، ربما فيما بعد إن كان لهذا من أهمية . ثانياً أنا بانتظار مادتك القادمة التي أشرتِ إلى أنها قادمة ، وعليها سيكون لي رد أشبه بالقراءة لأن هذا المكان عام ولا يجوز لي تخصيصه ، وإنني لامانع لديّ للمساعدة التي أعتقدها بمقدوري ، وإن كانت ستأخذ بعض الوقت حيث أنّ تسارع نضوجها يتوقف عليك وعلى إمكانية استخلاصك للتوجيه والالتزام بفنيات القص التي سنناقشها سوياً . أما مسألة قبولك لحالك فهذه مسألة يجب الخروج عليها / قبل الخروج منها / لأنها تجعلني أصف الأمر بـ : أنتِ قانعة ولستِ مقتنعة .. والفرقُ بينهما كالفرق بين الحياة وبين البوّابة السابعة للأرض السافلة( السفلية ) .

فوزي

ما زلت أقف على باب مشاعرك مذهولاً ...... أطرق الباب بعلامات استفهام وعلامات تعجب , وانثر إعجاباً مشوباً بحذر ..... قد لا تكون الرسالة اكتملت ......

أرسلتِ أوجاعاً متقطعة ...... وصلت تماما كما تصل الكلمات مشفرة على جهاز التلكس ... حاولت لملمتها فوجدت أن لغتها جميلة .. ولكن الرسالة ناقصة ... قرأتها ثانيةً , لمست بين السطور ألماً تتمسكين به حد اللذة ...

كان لا بد لي أن اتخذ موقفاً أكثر وضوحاً .... لذا أخرجت رأسي من النص فنحن لا نستطيع أن نرى الأشياء بوضوح إلا إذا كنا خارجها تماماً .... اعترف بان النص جرفني لأحاسيس مماثلة وربما أكون قد استحسنت هذا الألم الذي كنت قد خبرته ذات يوم .... نظرت إلى النص بتمعن ورحت اربط بينه وبين نص سابق أو ربما لاحق .....
[CENTER]إنها فصول لرواية ما ....... اجمعيها [/CENTER]

اقتباس:  jaffra76   كتب/كتبت  
[CENTER]إنها فصول لرواية ما ....... اجمعيها [/CENTER]

:D
رواية مرّة وحدة !!!

وأنا التي أعجز عن كتابة قصة قصيرة في بضع صفحات :)
(مع أنني قرأت ذات مرة أن كتابة القصة القصيرة أصعب من كتابة الرواية:))

ثم إنها ليست إلا "هذر لغوي" إذا اعتمدنا على معايير القصة القصيرة.. فلا حدث فيها ولا عقدة ولا هم يحزنون :)

المهم..
يرضيني جداً أنها حركت فيك شيئاً ما ..
ويسعدني كثيراً أنها أعجبتك رغم أنه ينقصها الكثير ..

لازلت أتعلم فزِدني من هكذا قراءات .. ورأسك خارج النص :D

تحياتي (f)
لمى