هل طفح الكيل السعودي من ايران ؟
الأمن الخليجي الواحد
حقول العراق التي استباحها الموت الايراني, وحكومة العراق التي استولت عليها السياسات الايرانية, واحتمالات وراثة العراق من قبل ايران لو انسحبت القوات الاميركية من هذا البلد, وتحول لبنان وفلسطين, الى جانب العراق, ساحات عارية مسلوبة الارادة للصراع الايراني الاميركي الذي تقوده غرائز حكام طهران عديمي الخبرة في السياسة والطارئين على ادارة الدول وحكمها.. كل هذه مخاطر جسيمة تجاور اقليم شبه الجزيرة والخليج, وتضع على عاتق دوله مسؤولية التحصين والدفاع, والرد اذا اقتضى الامر, خصوصا وان النظام الايراني يخوض الآن معركة وجوده ومصيره, وجاهز لهدم الهيكل على رأسه ورأس أعدائه.
يضاف الى ذلك فإن اجتماع الرياض المشترك لوزراء الدفاع والخارجية ورؤساء الاستخبارات في الدول الست الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي, جاء في وقته المناسب لمواجهة هذا الوضع الامني الجاد والصعب, خصوصا وان المجتمعين يعرفون ان ايران تؤوي الآن زعماء تنظيم »القاعدة« الارهابي, من اسامة بن لادن, الى ابنه سيف العدل, الى أيمن الظواهري الى سليمان بوغيث, ويلقون منها كل الرعاية والدعم بحجة تحالفهما المشترك ضد الولايات المتحدة, وضرورة ملاحقة الوجود الاميركي في دول الخليج, ومحاربة الدول الشرق اوسطية التي تقول طهران أنها موالية للسياسة الاميركية.
الاجتماع الخليجي المشترك, وربما من حسن الحظ, وردته مواقف ومعلومات دقيقة وشديدة الوضوح من الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي, والرجل صاحب الخبرة المعتقة في قضايا الامن ومكافحة الجريمة والارهاب, والمرجع الامني الذي نجح في حفظ بلاده واهله ومنطقته الخليجية... الأمير نايف من هذا الموقع المتقدم قال إنهم في المملكة أحبطوا 180 عملية ارهابية (من اين يأتي الارهابيون ومن يجهزهم ويمدهم بالمال والسلاح) خلال السنوات الخمس الماضية, اي منذ اندلاع موجة الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة في السعودية سنة 2005 .
واضاف إنه لو نجح ما نسبته عشرة في المئة من هذه العمليات لكانت هناك كارثة.
والأمير نايف لم يتوقف عن حدود الاعلان عن عدد العمليات الارهابية التي تعرضت لها بلاده, بل تجاوز ذلك الى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لقطع دابر هذه العمليات, ولتحصين أمن البلاد, ولجعلها جدارا عاليا يستحيل ان يجتازه الارهابيون او يقتربوا منه... الرجل لم يتوقف عند حدود الاعلان بل كشف عن ان المملكة بدأت بإنشاء وحدات أمنية لحماية المنشآت النفطية من هجمات ارهابية محتملة, قوامها 35 ألف رجل أمن.
تصريحات الامير نايف هنا لاتخصه بقدر ما تخص ايضا وزراء الداخلية والخارجية ورؤساء الاستخبارات الخليجيين, اذ ان مخاطر الارهاب, ومجاورة الوضع العراقي الخطير الذي تمسك به ايران عسكريا وسياسيا, يجعل من اعلان الامير نايف حقيقة قد يواجهها الجميع... فدول الخليج كلها ستكون ساحة للصراع الايراني مع اميركا, وستكون بالتالي عرضة لكل العمليات الارهابية.
وعندما يقول الامير نايف انه وضع 35 ألف رجل أمن لحماية المنشآت النفطية فإنما يدلل بذلك على استشعاره الدقيق للمخاطر, ووعيه على هذه المرحلة الصعبة التي تختزن كل احتمالات الخطر. وما نتمناه الآن ان تتحول تدابير وزير الداخلية السعودي الى تدابير خليجية تحظى بالتنفيذ الفوري, فالمخاطر واقعة على الجميع, والاحتمالات الصعبة سيواجهها الجميع.
المنطقة تحوي ثلث احتياطي العالم من البترول, ويجب على حكامها وأجهزة أمنها المحافظة عليها, وحمايتها, وتوفير الامن المنيع لها. نعرف ان هناك خلافات سياسية بين دول المنطقة, وان هذه الخلافات ممكن التسليم بها, لكن ما لايمكن القبول به هو الاختلاف على التدابير الامنية الواحدة, والاختلاف حول أمن دول مجلس التعاون, واستفراد كل دولة بنظريتها الامنية وعلاقاتها الخارجية.
كلام الامير نايف مهم ويتضمن مؤشرات عدة أوحى من خلالها وزير الداخلية السعودي وكأن ما يحدث في بلاده, وما تعرضت له من عمليات ارهاب قابل لان يحدث في دول اخرى في المنطقة خصوصا وأنها تجاور المرجل الايراني الذي يغلي بالارهاب, والمفعم بالرجال عديمي الخبرة, وشديدي التهور.
أحمد الجارالله
:Asmurf:
|