المفكرون الأحرار في الإسلام
almfkroun wala'hrar fi alislam
تأليف: دومينيك أورفوا
ترجمة، تحقيق: جمال شحيد - مروان الدية
•ردمك:
9781855162839•النوع: غلاف عادي، 24×17، 245 صفحة الطبعة: 1 مجلدات: 1
•الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر تاريخ النشر: 06/11/2008
•اللغة: عربي
لتحميل الكتاب اضغط هنا
ابن المقفع وحنين بن إسحاق والرازي والمعري أبرزهم
مؤسسو الفكر الحرّ في الإسلام مفيد نجم - جريدة الاتحاد
مع تزايد مظاهر التطرف عند الحركات الأصولية ومحاولة فرض أفكارها على المجتمع بالقوة، يأتي التعريف
بالفكر النقدي في الإسلام بمثابة رد الاعتبار لقيم العقل والتفكير الحر التي برزت في الثقافة الإسلامية في
عصور ازدهارها. وكتاب المستعرب الفرنسي دومينيك أورفوا «المفكرون الأحرار في الإسلام» إضاءة هامة
على جانب مغيب من تلك الثقافة وما اتسمت به من حيوية ومن فكر أصيل في الحضارة العربية ـ الإسلامية،
وإن كان أصحابه قد عانوا ما عانوه جراء ذلك.
يتوزع الكتاب على ستة فصول ومقدمة يكشف فيها المؤلف عن فكرة الكتاب المحورية التي تقول إن حسا
نقديا كان موجودا داخل المجال الديني الإسلامي، وإن المفارقة التي ظهرت فيما بعد وما زالت مستمرة تمثلت
في أن الردود على هذا الفكر النقدي كانت هي التي استأثرت باهتمام الباحثين.
من جانب آخر يشير دومينيك إلى ما حصل للدارسين الغربيين للفكر العربي الذين نظروا للمفكرين الأحرار على
أنهم هامشيون انطلاقا من عجزهم عن تحديد الخلفية الإسلامية لهؤلاء المفكرين الأحرار الذين اقتبسوا من اليونانيين
وبقيت ذهنيتهم عربية. ولئن ظهر الفكر النقدي الغربي في مرحلة متأخرة، فإن النقد الديني في العالم الإسلامي
قد برز بصورة مبكرة ثم اختفى بفعل الأفكار السلفية بشكل تدريجي. ولعل أهمية هؤلاء المفكرين الأحرار تكمن
في كونهم كاشفين للطاقات الخاصة للثقافة العربية ـ الإسلامية، وهم كما يراهم لا يقدمون فلسفة عربية، بل يعبرون
عن تفكير فلسفي حول ما يتضمنه كون المرء عربيا. ومنذ البداية يكشف الباحث عن الإشكاليات التي يواجهها والتي
تتمثل أولا في كون التراث الفكري العربي تراثا يعشق المناظرة بحيث يقدم معلومات ملتوية ما يجعل من الصعب
على الباحث تحديد موقع هذا المفكر أو ذاك. وإذا كانت صفة الزندقة قد ألصقت بهؤلاء المفكرين إلا أن جميع
المفكرين لم يتم التعامل معهم بنفس الطريقة ما سمح بحفظ نصوص عديدة من نصوصهم كاملة، لاسيما ممن كانوا
من غير المسلمين. ويتطرق المؤلف للحديث عن الثنوية في الحضارة العربية الكلاسيكية والتي ارتبطت بالمذهب
المزدكي الذي اعتبر أصحابه من أهل الذمة بسبب امتلاكهم كتابا هو «الأفستا» حيث أثارت الثنوية بذاتها، أو ببعض
أشكالها الخاصة قلقا مستمرا لدى المتكلمين، فمالوا إلى تأول كل ظواهر الشك. وفي هذا الصدد يتناول ثلاثة كتاب
أولاهم مسلمان هما أبو عيسى بن هارون الوراق الذي كان ينتمي إلى مدرسة الاعتزال، وابن الريوندي الذي كان
واحدا من المتكلمين ومفكرا غير نمطي ما جعله يحظى في العالم الإسلامي بشهرة كبيرة، وثالثهما يهودي هو حيويه
البلخي الذي طرح مائتي سؤال حول التوراة والفكر اليهودي بصورة عامة ثم يفسر قضية نسيانه التي ردها لقلة
عدد مؤلفاته لكن فكرته الأساس تكمن في الانطلاق من الكتاب المؤسس للوحدانية ولذلك ينظر فقط في نصه وفي
صياغته وفي موقف الإنسان الحصيف الذي لا ينتمي إلى تأويل خاص.
من العدم
ويشير المؤلف إلى نقطة هامة وهي أن التفكير الحر نادرا ما يظهر من العدم، وإنما هو يأتي من أرضية اجتماعية مؤاتية
تستحضر اتجاهات فكرية وروحية جماعية تكون المجابهة فيما بينها خصبة، فاللغة العربية التي سادت مع الإسلام في
البلاد غير العربية جعلت المأثور الثنوي والمأثور الشكي يلعب دورا خاصا وأكثر ثراء، حيث دار أغلب الجدل حول
تأويل النصوص، ومن ثم حول أصالتها وتحريفاتها الطارئة. ويكشف المؤلف عن نقطة هي أن توسع الخلفاء الراشدين
وضم حضارات متباينة في فترة قصيرة نسبيا لا تتجاوز القرن جعل الإسلام من نفسه متلقيا، مما أتاح تفتحا سريعا جدا
عرفه الفكر النقدي بأشكاله المختلفة لكن محاولة المعتزلة جعل تعاليمهم مذهبا رسميا للدولة ومن ثم اقصاءهم وسيادة
المذهب التقليدي ثم مجيء الصليبيين قد ساهم في تعزيز التشدد حيث اختفت الأسئلة وحلت محلها أجوبة سعى فيها
أصحابها إلى إيجاد ملاذ لهم يحميهم من الرؤية المفروضة الأحادية البعد ويقدم ثلاثة أمثلة عليهم لهم ميزة مزدوجة هي
كثرة الوثائق المتوفرة نسبيا وتشكيلها لأنموذج مثالي لم يخضع للنقد بعد. ويمثل أولهما أبو بكر الرازي الذي كان أشهر
طبيب ممارس في العصور الوسطى صاحب كتاب «الجامع» ولذلك يعرض لأفكاره الأخلاقية والميتافيزيقية. وقد عبر
الرازي عن كونه محظوظا لأنه عاش في زمن متأخر أتاح له أن يوضح بدقة أكبر ما لم يستطع الأسلاف رؤيته. ويتناول
قضية التعبير الأدبي عندالشاعر أبي العلاء المعري الذي اتسمت شخصيته بكثير من التناقضات إذ كان ميسورا وتميز
بالزهد والنباتية وقد انتقد الأديان الأخرى وأكد على قيمة العقل. وفي القسم الأخير من الكتاب يتناول تحولات منعطف
القرن الخامس الهجري مشيرا إلى هدف البحث في هذا الكتاب والذي يسعى للإشارة إلى الأزمات الفردية بقدر السعي
للكشف عن البديات الأولى للحضارة العربية الإسلامية التي كانت إمكاناتها أكثر ثراء خلقت حالة من التخمر المذهل
وحضت على التفكير في أساسيات الأمور لكن القرن الخامس الهجري شهد اكتمال الانكفاء على الذات بسبب صعود
القوة الأوربية التي نجحت في الاستيلاء على جبال البيرينيه وجزيرة صقلية، فكان أن ظهرت قوة السلاجقة الأتراك
والبربر المرابطين. وفي حين اتجه الملوك إلى العمل السياسي فقد صار دور علماء الدين هو إحياء المذهب السني
في تلك المرحلة.