أمريكا تفتح جبهة جديدة فى شمال أفريقيا
جاسون موتلاغ
14 يونيو 2006
رغم الهزيمة فى الصومال، حيث فقد أمراء الحرب المعاديين للتيارات الإسلامية السيطرة على العاصمة مقديشو، وسيطرت عليها ميليشيات المجاهدين...
تندفع الولايات المتحدة بسرعة أكبر نحو غرب الصحراء الأفريقية.
طوال السنوات الخمس القادمة، من المتوقع أن تنفق واشنطن 500 مليون دولار أمريكيا، فى برنامج معلن لمناهضة الإرهاب وتأمين ما تطلق عليه الجبهة الأخيرة " لحربها الكوكبية على الإرهاب".
يؤكد الكثيرين على أن هذا التحرك سوف يؤدى إلى عكس النتائج المرجوة ويخلق أجواء مشابهة لما هو جارى فى القرن الأفريقى، ولكن هذه المرة على نطاق أكثر أتساعا.
مبادرة مواجهة الإرهاب عبر الصحراء التى بدأت فى يونيو الماضى وتستهدف تقديم الخبرات والمعدات والمساعدات العسكرية المتطورة لتسعة بلدان صحراوية بالغة الأتساع ومعظم أراضيها تبعد عن التواجد الحكومى، وتعتبر أرضا خصبة للجماعات الإسلامية التى تسعى لإقامة معسكرات تدريب على الإرهاب على النموذج الأفغانى، والقيام بأنشطة غير مشروعة.
تمثل مبادرة مواجهة الإرهاب عبر الصحراء "تحديثا كبيرا" لمبادرة مناهضة الإرهاب عبر الساحل، التى خصص لها 7 مليون دولار، وبدأت عام 2002، التى قال عنها مساعد وزير الدفاع للشئون الأفريقية أنها مجرد دق ناقوس خطر، إذا ما قورنت بالأحتياجات الأمنية الإقليمية.
فى حملتها لتبرير الزيادة،ربطت القوات المسلحة الأمريكية بين الصحراء وغرب أفريقيا وبين الجماعة السلفية للدعوة والجهاد، واعتبرتها أكثر الأعداء المستهدفين. فى قائمة المنظمات الإرهابية الصادرة عن الخارجية الأمريكية تقدر أن هذه الجماعة تضم مئات الأعضاء وموجودة أساسا فى الجزائر أو تشكلت فى أواخر التسعينات للإطاحة بالحكومة وإقامة دولة أسلامية فى الجزائر. أختلف مؤسسوها مع الجماعة الإسلامية المسلحة حول سياستها فى قتل المدنيين، خلال الحرب الأهلية الجزائرية أعوام 92/1999، التى أسفرت عن قتل أكثر من مئة ألفا. الجماعة السلفية للدعوة والجهاد اتهمت باختطاف السياح الأجانب عام 2003، وبمسئوليتها عن الضربات التى وجهت فى العام الماضى فى الصحراء وأسفرت عن مقتل 4 جندى جزائرى وموريتانى.
لكن بعض المراقبين يقولون أن الإرهاب فى الصحراء أقل كثيراً من عدم الأستقرار البعيد المدى الذى سينجم عن التورط الأمريكى فى المنطقة.
ويقول "جيرمى كينان"، المتخصص فى شئون الصحراء بجامعة " ايست إنجليا " فى بريطانيا، أن أى مبادرة سوف تولد الإرهاب وأعنى به مقاومة كل الوجود الأمريكى والإستراتيجى". ويقول كينان بإستثناء مشكلة اختطاف الأجانب عام 2003 فإن السلطات الأمريكية والجزائرية فشلتا فى تأكيد أو إثبات أن هناك إرهاب فى الصحراء، ويؤكد أنه سوى الجماعة السلفية للدعوة والجهاد، فليست هناك أية شرعية للوجود الأمريكى فى المنطقة. ولذلك فأنها مجرد حجة وذريعة، فالامركلة لا يعدو كونه نتيجة الأعتماد الأمريكى المتزايد على النفط الفريقى الذى أعلنت إدارة بوش أنه مصلحة إستراتيجية أمريكية، هذا هو الدافع الأساسى لتحرك الولايات المتحدة نحو المنطقة...
فى تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، المجموعة الفكرية التى تتخذ من بروكسل مقراً لها، أشار التقرير إلى أنه بالرغم من أن الصحراء ليست مكانا للإرهاب، إلا أن الحكومات العنيفة فى المنطقة تغتنم حرب بوش على الإرهاب لتحصل على المزيد من الهبات الأمريكية وتصادر الحريات المدنية. ويلاحظ التقرير أن الرئيس الموريتانى السابق معاوية سيد أحمد ولد طايع – الحليف الامريكي في غرب أفريقيا والذى أطيح به فى أغسطس الماضى فى انقلاب غير دموى – إستخدم الإرهاب كمبرر لإنتهاك حقوق الإنسان.
أعتقل طايع، وطارد العشرات من السياسيين المعارضين، وأتهمهم بأن لهم علاقات وإتصالات مع الجماعة السلفية للدعوة والجهاد، وساعد ذلك على اتساع الغضب الشعبى، وقال التقرير أن الإنقلاب العسكرى الذى أطاح بطايع، خلال تواجده خارج البلاد، أنطلق معه مئات الموريتانيين في شوارع العاصمة نواكشوط يشجبون الولايات المتحدة فى بداية مبادرة مواجهة الإرهاب عبر الصحراء.
بالطبع، الولايات المتحدة تتعرض لانتقادات وهجمات حادة بسبب دعمها لأمراء الحرب المناهضين للإسلاميين، الذين فقدوا الأسبوع الماضى سيطرتهم على العاصمة مقديشو لتسيطر عليها الميليشيات الجهادية بعد 15 عام من القمع والمصادرة لهذه القوى. يرى عدد من المعارضين فى وكالة المخابرات المركزية أن أمراء الحرب استغلوا مخاوف الولايات المتحدة من أن تكون بلدان شرق أفريقيا مقرا للقوى الإرهابية غير الشرعية. وأستغل أمراء الحرب هذه المخاوف الأمريكية للحصول على الأموال والسلاح لتعزيز العمليات الإجرامية التى تتم تحت عنوان القتال والحرب ضد الراديكاليين.
كما يؤكد التقرير أن أثر هذه السياسة على الأرياف والفلاحين أدت إلى تأجيج المشاعر المناهضة للأمريكان والانجذاب نحو الراديكاليين الإسلاميين من جانب الصوماليين الرافضين لتدخل الولايات المتحدة فى شئونهم، خاصة عندما دعمت أمريكا القوى التى تمزق البلاد وتشيع فيها الفوضى.
المنتقدون للسياسة الأمريكية قالوا أنها أدت إلى أن اصبحت المخاوف التى هيمنت على الصحراء الأفريقية هى بسبب هيمنة أمراء الحرب المستبدين وإقامة المتاريس والحواجز بين المدن.
كما يؤكدون أن التهديد المحدود للجماعة السلفية للدعوة والجهاد فى القارة الأفريقية فى السنوات الأخيرة يتراجع ويتضاءل.
ونتيجة لهجمات معزولة شنتها تلك الجماعات في الصيف الماضى، قامت السلطات الجزائرية بإتخاذ إجراءات صارمة وشن هجمات قاسية ضد قوات الجماعة: الضربة القاضية الأخيرة للجماعة السلفية أسفرت عن القضاء على صفوف المليشيات.
حسن خطاب مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والجهاد، دعا كل الميليشيات المتبقية للحصول على العفو الحكومى مقابل التخلى عن السلاح، وقال أن أولئك الذين يواصلون القتال لا ينتمون لمنظمته، وأنهم يلحقون الأذى بالمسلمين.
هذا الأسبوع، قتل الجيش الجزائرى خمسة من المسلحين فى المجموعة السلفية وحطم 30 مخبأ فى شرق الجزائر، وأكدت مصادر أمنية أن العملية تمت على أساس معلومات قدمها المسلحون التائبون للقوات المسلحة. حيث أطلقت السلطات الجزائرية سراح 2200 سجينا من الميليشيات الإسلامية منذ فبراير الماضى، فى أطار العفو العام.
لازال عدد من المخابئ تثير الأضطرابات فى الريف الجزائرى، على الرغم من الجماعة السلفية نقلت عملياتها إلى أوروبا، حيث توجد شبكة مراوغة من الخلايا النائمة التى تستهدف المدنيين. تم أعتقال عشرات من النشطاء المسلحين وعدد من كبار المتآمرين العام الماضى. المسئولون فى المخابرات الأمريكية والأوروبية لديهم أدلة على أن نشطاء الجماعة فى أوروبا لازالوا يدربون ويمولون المجاهدين من شمال أفريقيا لقتال القوات الأمريكية فى العراق وأفغانستان.
هذه العوامل تجعل من الجماعة السلفية للدعوة والجهاد فى أوروبا أكبر وأخطر المنظمات الإرهابية التى تدور فى فلك القاعدة.
وذلك طبقا لتقرير صندوق جيمستون، أحد الجماعات الفكرية فى واشنطن.
فى ديسمبر 2005، ثلاثة أعضاء جزائريين فى الجماعة السلفية فى شمال إيطاليا، تم أعتقالهم أثناء أعدادهم لمؤامرة مجهولة لقتل عشرة الأف على الأقل، بتفجير باخرة ضخمة، وتم العثور على أكثر من22 مليون دولار فى سيارة، يستخدمها الثلاثة، للأعداد لهجمات على السفن واستادات رياضية ومحطات سكك حديدية فى محاولة للقيام بعملية أكبر من عملية 11 سبتمبر هذا ما أعلنه وزير داخلية إيطاليا جيوسبي بيسانو.
هذه الخطة تم الإعلان عنها فى بيان صادر عن الجماعة السلفية بعد أربعة أيام من تفجير برجى التجارة العالمية فى نيويورك، يتعهد بمساندة القاعدة وتهديد المصالح الأوروبية والأمريكية.
تحولت إيطاليا من قاعدة لوجستيكية إلى قاعدة للعمليات لنشطاء الجماعة السلفية للدعوة والجهاد الذين يستهدفون أوروبا، ذلك على حد قول تقرير جيمستون. نشطاء الجماعة السلفية الجزائريين خرجوا من جامع ميلان حيث إعتقلوا عام 2002 لحيازتهم متفجرات وأسلحة.
فى عام 2005، إعتقلت الشرطة الإيطالية خمسة من الجزائريين المشتبه فى انتماءهم للجماعة السلفية، وحققت معهم عن اشتراكهم فى الهجوم الإرهابى الفاشل على المحكمة الأسبانية فى مدريد، وحوادث أخرى. خلية الجماعة السلفية فى إيطاليا قامت بالتخطيط للهجمات الإرهابية وتقديم الدعم والملاذ الآمن ووسائل الاتصالات والأسلحة للخلايا الأخرى فى أوروبا هذا ما يؤكده التقرير.
علاوة على ذلك، ورغم ذلك، أتخذت الجماعة الإرهابية من فرنسا الهدف الأساسى لعملياتها الخارجية. فى يناير 2005، إعتقلت السلطات الفرنسية 11 مشتبها فى علاقاتهم مع الجماعة السلفية واتهمتهم بتدريب إنتحاريين وإرسالهم إلى العراق. وفى سبتمبر 2005، اعتقلت الشرطة 3 من الجزائريين ينتسبون للجماعة السلفية وقالوا بزعم أنهم كانوا يعدون لتفجير مترو أنفاق باريس. وقال قادة الجماعة فى بيانهم "أن هذا هو السبيل الوحيد للإنتقام من فرنسا على قتل المجاهدين والشهداء المسلمين.. ففرنسا عدونا الأول، وعدو لديننا، ولمجتمعاتنا الإسلامية".
أسبانيا أيضا، تلاحق نشطاء الجماعة السلفية، حيث أعتقلت السلطات الأسبانية 20 مشتبه فى أنهم إرهابيين فى 12 يناير فى برشلونة ومدريد، من بينهم المغربى المولد "عمر ناخشا". وقال زعيم خلية الجماعة السلفية،أنه يجمع المتطوعين ويقدم الدعم للميلشيات والأنتحاريين فى العراق. وصرح المتحدث الرسمى باسم وزارة الداخلية الأسبانية أن أحد المتطوعين الذين أرسلتهم هذه الخلية مسئولا عن الهجوم الأنتحارى الذى وقع فى نوفمبر 2003 فى الناصرية فى العراق، وأدى إلى مقتل 19 إيطاليا و9 عراقيين.
عمر ناخشا، من جانبه، عضو في خلية تابعة للجماعة السلفية تسمى الجماعة المغربية الإسلامية للجهاد، التى ساعدت على هرب ثلاثة من المشتبه فى اشتراكهم فى تفجير مترو مدريد عام 2004 الذى أسفر عن قتل 191 كما شاركوا هجمات كازابلانكا فى المغرب عام 2003.
القاضى الأسبانى المعروف ورئيس الخدمات الأمنية المحلية فى فرنسا قاما بتحقيق فى شبكات الإرهاب فى البلدين وعلاقاتها القوية ببعضها البعض. وكشف التحقيق مع المعتقلين أن لهم علاقات وطيدة واتصالات قوية بين الخلايا التابعة للجماعة السلفية وهى المسئولة عن تفجيرات مدريد وعن إرسال متطوعين للعراق وتزوير الاوراق والوثائق. كما كشفت التحقيقات عن أن خلية الجماعة السلفية فى فرنسا أرسلت على الأقل 50 فرنسى من أصل عربى إلى العراق للقيام بعمليات أنتحارية خلال العامين الماضيين.
تقدر وكالات الأستخبارات الغربية شبكة الجماعة السلفية للدعوة والجهاد فى المنفى بحوالى 800 إلى 900 عضوا، ينتشرون فى أنحاء أوروبا، ومطلقى السراح فى إيطاليا وفرنسا وأسبانيا وبلجيكا وبريطانيا وهولندا.
بينما لا تعانى شمال أمريكا من وجود الجماعة السلفية. فى تورونتو هناك وجود للقاعدة تم القضاء عليه في نوفمبر 2005، وتم أعتقال "أحمد رسام" المسلح الجزائرى العضو في الجماعة السلفية للدعوة والجهاد، واعتقلته السلطات الأمريكية فى سياتل بعد قدومه من كندا وحوكم بتهمة التخطيط لتفجير مطار لوس أنجلوس عام 1999 وحكم عليه بالسجن 22 عاما.
http://kefaya.org/06znet/060922mutlang.html
الاحتلال وشركات البذور الاميركية تهدد مئة قرن من الابداع الزراعي العراقي
جيريمي سميث
بدائل 28/05/06
يصدر هذا المقال قريباً في العدد الجديد من مجلة "بدائل" العربية التي ترأس تحريرها ليلى غانم، وهي المجلة المتعاونة مع مجلة "ذي ايكولوجست" البريطانية. المقال جزء في محور حول الزراعة العربية يتضمنه العدد الجديد.
تميز العراقيون على الدوام بتحسين الانتاجية والتهجين الطبيعي. لقد تبادلوا الخبرات والمعارف مع جيرانهم الاقربين والابعدين، فتنقحت بذورهم وتلقحت في متقلبات الطبيعة والظروف وتعايشت في تنويعات متعددة تواءمت كلها مع الاحتياجات المحلية. وفي السبعينات جمعت الحكومة العراقية هذا الارث الضخم في "البنك الوطني للبذور" في مدينة ابو غريب فظل المزارعون العراقيون يستخدمون بذورهم المحلية بنسبة 97% من غير "حق الملكية الفكرية"، وللمصادفة حمل احد تنويعات بذور القمح اسم ابو غريب، الى ان ذهبت الحرب بـ"البنك الوطني للبذور" وبالزرع والحصاد وبات من الضروري "اعادة هيكلة" البذور والزراعة في خطة زراعية جديدة ومصرف وطني جديد للبذور. وقد وجد الحاكم العسكري بول بريمر الفرصة مواتية لاعادة هيكلة اميركية تقضي على حق الملكية الفكرية العامة في البذور المحلية وتتيح لشركات البذور الاميركية تعليم المزارعين "اعادة اكتشاف زراعة القمح" على أسس حقوق الملكية التجارية!
"اعادة الهيكلة" بأمر عسكري
في العام 1995 انتج العراق 1236 الف طن من القمح ثم تراجع الانتاج الى 348 الف طن العام 2000 وعزت منظمة الزراعة والاغذية (الفاو) سبب هذا التراجع الى "انعدام الاستقرار في العراق والحصار الطويل الذي تعرض له هذا البلد". غير ان وزارة الزراعة الاميركية خالفت استنتاجات "الفاو" وخلصت الى ان الزراعات العراقية قليلة الانتاجية وانها تحتاج الى "اعادة هيكلة جديدة".
ولقد صدر بالفعل امر عسكري في اعادة الهيكلة من الحاكم العام بول بريمر قبل مغادرته العراق في منتصف العام 2004 وشملت 100 فرمان بينها الأمر الرقم 81 الخاص "بحق الملكية الفكرية" وحماية بذور القمح الآتية من الاطلسي.
ينص هذا الامر على "حماية تنوع المزروعات" PUP انما لا يعني، كما يدل اسمه، حماية التنوع الحيوي وتعدد التنويعات والبذور العراقية والمحلية بل يعني تماما القضاء عليها.
حدد الاتحاد الدولي لصيانة الانواع النباتية UPOVمواصفات المزروعات المحمية بأنها "بذور جديدة، متميزة، متماثلة، متسقة" وهي مواصفات بذور الشركات المتعددة الجنسية دون غيرها. فالبذور الاخرى ليست جديدة انما شاخت في الارض عراقة. وهي ليست متميزة انما تداخلت مواصفاتها بمواصفات تنوعات محلية اخرى، كما انها ليست "متماثلة" و"متسقة" بل على العكس من ذلك تستمد اهميتها من التنقيح والتقليح المتبادل في محيطها الطبيعي وتفضي الى انتاج بذور متنوعة التماثل ومختلفة الاتساق، وهو امر تعول عليه الشركات المتعددة الجنسية اولا في حرمان المزارعين من اعادة استخدام بذور الموسم السابق واجبارهم على شراء بذور جديدة في كل موسم، وتعول عليه ثانيا في تلويث المزروعات الاخرى بمواصفات تتمتع بـ"حق الملكية الفكرية".
فالمزروعات تتلقح وتتنقح في ما بينها في الطبيعة من دون اذن بـ"حق الاختيار" وهو مبرر كاف لجر المزارعين الى محاكم "حق الملكية الفكرية" اذا استخدموا بذورا ملقحة بمزروعات محمية.
مساعدات انسانية في اعادة الاعمار
اعتمد الامر العسكري الرقم 81 على التخطيط الاميركي "لاعادة الاعمار" في العراق، لا على رغبة المزارعين بالتخلي عن زراعاتهم. ولم يترك الامر للحكومة العراقية الجديدة كي تقرر سياسات هذا الاعمار العتيد. فقد عيّن في كل "وزارة" خبيراً "حاكماً" في ادارة "الانتقال الى آليات السوق والديموقراطية". وللمصادفة يعمل هؤلاء الخبراء في شركة "بيرنغ باونت" التي تقدم "خبراتها العلمية" بالتنسيق مع البيت الابيض والبنتاغون والشركات الكبرى في فلسفة "اعادة الاعمار".
بدأ تنفيذ هذه السياسات بالمساعدات الانسانية كما جرت العادة في افريقيا واميركا اللاتينية لغزو الاسواق، حيث جرى القضاء على الزراعات التقليدية المحلية لمصلحة زراعات رجال الاعمال وأفضت الى تجويع الارياف وفقراء المدن. وفي العراق تكفلت قوات الاحتلال في توزيع البذور "المحمية" بداية من محافظة نينوى. وعبّرت Task Force عن انتصارها بالقول: "ان القوات المتعددة الجنسية توزع بذورا في محافظة نينوى من اجل مستقبل الزراعة في العراق" غير ان نجاح التخطيط لمستقبل العراق يتطلب "تعليم" المزارعين اكتشاف فصائل بذور القمح الجديدة وقد كشفت Land and Livestock Post ان "المساعدات الانسانية" نجحت في زراعة 320 هكتارا من "تنويعات عالية الانتاجية" من الحمص والشعير والعدس والقمح، وان هذه التجارب وصلت الى 30 الف مزارع في السنة الاولى.
من اين تأتي هذه "المساعدات الانسانية"؟ في مقال نشرته The Business Journal of Phoenix ذكرت "ان شركة للأبحاث الزراعية في اريزونا تبعث ببذور القمح الى العراقيين لكي يتمكنوا من زيادة الانتاجية". هذه الشركة هي World Wide Wheat Company WWWC وهي تعقد شركة مع ثلاث جامعات اميركية احداها جامعة تكساس وبحسب موقع الانترنت Seedquest الذي يعد مرجعا في صناعة البذور على الصعيد العالمي: "هذه الشركة الاريزونية هي من كبار صناع البذور والاتجار في التنوعات المحمية"، وقد وزعت حتى الآن ستة انواع من البذور في العراق ثلاثة منها معدة لصناعة الخبز وثلاثة اخرى معدة لصناعة المعجنات "المعكرونة"، ما يدل ان الانواع الثلاثة الاخيرة مخططة للتصدير ولا تدخل في النطاق المحلي.
ما ان يتعلم المزارعون العراقيون اكتشاف فضائل هذا العلم الجديد حتى تصبح العودة الى الوراء شبه مستحيلة. فالزراعات تهجنت تلقائيا في الطبيعة والبذور الجديدة تنقل ملوثاتها الى المزروعات الاخرى حيث لا يحق للمزارعين اعادة استخدام البذور الملوثة بدون حيازة "حق الملكية الفكرية" فيضطرون لشراء بذور جديدة في كل موسم ويرغمون على شراء المواد الكيميائية الملائمة لهذه البذور الى ان تنهك الارض خلال سنوات قليلة، وترغمهم على شراء بذور "اكثر مناعة" ومبيدات "أكثر فاعلية" حيث يفضي بهم الامر الى التخلي عن زراعة الارض نتيجة قلة العائدات في تغطية كلفة المنتوج والمحصول.
فالغاية الاساسية من "المساعدات الانسانية" هي اعادة هيكلة ملكية الارض، والزراعات الصناعية هي ذات مردود عال لكبار الملاكين والشركات المتعددة الجنسية وليست للمزارعين الصغار والمتوسطين.
تقول الحكومة العراقية الجديدة انها ستستغني عن خدمات "القوات المتعددة الجنسية" حالما تستطيع حماية الامن. الحري بها ان تستغني عن خدمات شركات البذور والمبيدات الاميركية قبل فوات الاوان وان تعيد بناء "البنك الوطني للبذور" وحماية الارث التاريخي العراقي من التلوث والانقراض. يمكن ان تبدأ الحكومة العراقية بجمع عينات بذور غير ملوثة من المزارعين العراقيين في بناء "البنك الوطني للبذور" ويمكنها ان تستعين بـCentre for Agricultural Research the Dry Area CARDA الموجود في سوريا، حيث يضم عينات من البذور العراقية. ويمكنها ايضا الافادة من Focus on the Global South وهو مركز ابحاث في بانكوك تقول عنه منظمة غير حكومية GRAIN تعنى بالتنوع الحيوي ونشر المعارف الزراعية المحلية "ان هذا المركز يضم ارثا زراعيا يعود للمزارعين العراقيين وان هذا الارث ينبغي ان يعود الى بلده الاصلي".
--------------------------------------------------------------------------------
جيريمي سميث باحث، ومدير تحرير مجلة "ذي ايكولوجيست" البريطانية العريقة
http://kefaya.org/06znet/060615jsmith.htm
أمريكا تمنح مرتزقة 'بلاك ووتر' حصانة من الملاحقة الجنائية
التصنيف: جديد تاريخ الحدث: 30 أكتوبر, 2007
المصدر: وكالة الأخبار الإسلامية (نبأ)
--------------------------------------------------------------------------------
صرحت مصادر دبلوماسية اليوم الاثنين أن المرتزقة الأمريكيين العاملين بشركة "بلاك ووتر" - والذين تورطوا في مقتل 17 مدنيا عراقيا في بغداد - قد تلقوا عرضا من الخارجية الأمريكية بمنحهم حصانة جزئية من الملاحقة الجنائية.
ونقلت وكالة أنباء اسوشيتدبرس عن ثلاثة مصادر أمريكية أن جميع الحراس الذين تورطوا في الحادث قد منحوا حماية قانونية من الملاحقة في الوقت الذي كان يعكف فيه محققون من مكتب الأمن الدبلوماسي في التحقيق فيما حدث في السادس عشر من سبتمبر الماضي بالعاصمة العراقية.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن المرتزقة قد "حصلوا على اتفاقات لحصانة جزئية" تحميهم من الملاحقة القضائية بسبب أي معلومات أدلوا بها في خلال المقابلات التي أجرتها معهم السلطات طالما أن فحوى هذه المقابلات صحيح.
جدير بالذكر أن الحراس لديهم حصانة من المحاكمة في العراق بناء على القرارات التي أصدرتها سلطة الائتلاف المؤقتة الموالية للاحتلال والتي كانت تدير العراق عقب إسقاط نظام صدام حسين.
http://www.islamicnews.net/Document/Show...cID=110250&TypeID=1&TabIndex=1