عزيزى الزميل رائد
اقتباس:بعد أكثر من 30 عاما تقريبا على بروز الفكر الديني في البلاد العربية ، يمكن القول إن فشله الحضاري والإنساني يبدوا واضحا على أكثر من صعيد، فمثلما أخفقت التيارات الفكرية الأخرى في التأسيس لنهضة حضارية واعده في البلدان العربية ، فان التيار الديني وقع في نفس الحفر الشائكة التي وقعت فيها التيارات الأخرى، ذلك أن المعضلة التي يعاني منها فكر النهضة في البلاد العربية يكمن في الخلل في الأصول والامتدادات التاريخية الساحقة للبيئة العربية بكافة معطياتها ، وبكل ما تتضمنه من تعقيدات ونظم استبدادية ضاربة الجذور في أعماق الذات العربية .
على كل حال خلال العقود الماضية حدثت تحولات هائلة في الفكر البشري والنظام الإنساني المركزي، ويمكن رصده هنا في نظام التداول السلمي على السلطة والانتخابات الوطنية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ،وهامش الحرية الشامل الواسع النطاق ، بينما يظل الفكر الديني الإسلامي ينادي بولاية الفقيه ! والخلافة! وولي الأمر! بكل ما تحمله من قيم الوصاية على الإنسان، وتقييده بالأطر الفاشية المدمرة، فبينما يتحول صاحب اكبر منصب في الدول العلمانية إلى مجرد موظف ذو صلاحيات محددة، ومدة زمنية معينة، يعود بعدها مواطنا عاديا ! فان المجتمعات الدينية تظل تبحث عن الزعيم ، صاحب الهالة الكاريزمائية ، الذي لا يخرج من قصره إلا إلى قبره!
من الواضح ان المشكلة ليست فى الدين نفسه ولكن فى اسلوب التفكير واستخدام الدين كأداة لإدارة الدولة
فلو نظرنا الى الانتخاب لوجدنا انه يشبه الشورى والبيعة بل هناك نص قرآنى يؤكد اهمية الشورى وهو قوله سبحانه وتعالى {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} الشورى38 .
وتاريخيا نجح التيار الدينى فى اقامة دولة اسلامية وحضارة اسلامية لها انجازاتها ، بل من اهم انجازاتها التى تثبت انها قد تمكنت من العقل والتفكير انه كان هناك فن اسلامى وعمارة اسلامية.
لذلك اعتقد ان المشكلة فى الافراد الممثلين للتيار الدينى وليس فى كون التيار دينى او غير دينى.
اقتباس:لقد حقق الفكر البشري المعاصر انجازات حقيقية يعتد بها ، من قبيل إلغاء الرق والمتاجرة بالبشر واستعباد أسرى الحروب وسبي النساء ، وقد شكل إلغاء الاستعباد بصيغته التقليدية نصرا للبشرية وقيمها الأزلية ، بينما ما يزال الفقهاء المسلمون يجيزون الرق والسبي ، ويؤسسون لنظام وصاية كامل ، فمن وصاية الحاكم الشرعي على المجتمع، إلى وصاية الرجل على المرأة طوال حياتها، إلى استعباد لإنسان لأخيه الإنسان ، والى تقييد الفرد والمجتمع بأحكام تشريعهم الفقهي الذي امتد ليشمل كافة أوجه الحياة ، الأمر الذي حول حياة الإنسان العربي إلى مجموعة من التابوهات والمحرمات والأغلال والقيود التي لا تنتهي .
سبق الاسلام كل الانظمة فى الرق حيث جعل اعتاق العبيد من القربات من الله ، وجعل حقوقا للعبد قبل أى نظام أخر.
إن الخلافة العثمانية حررت العبيد عام 1830 وقابل جميع المسلمون الخبر بفرح لأنه مما يدعو إليه الإسلام ولم تحدث حرب اهلية مثلما حدثت فى الولايات المتحدة.
ولم يتحدث التاريخ عن اغتصاب اكثر مما فعله الغرب والشمال والشرق، ومنذ ما حدث للهنود الحمر إلى مذبحة نانكين فى الصين الى معسكرات النازى الى حرب البوسنة والهرسك واخيرا ابو غريب ، لا نجد يدا للاسلام فى هذا.
اما عن القيود فهى موجودة ولكن تختلف عن القيود الدينية ، هل لا تعتبره قيدا ان لا يستطيع اب ان يجبر ابنته على ان تظل عذراء حتى تتزوج ، ألا تعتبره قيد ان لا تستطيع منع ابنائك ان يكون لهم مدرس (شاذ) متزوج من مدرس أخر فى نفس مدرستهم. وكيف حال حقوق الانسان غير الامريكى بالنسبة لأمريكا وكيف حال حقوق الانسان فى معسكرات النازى وكيف حال حقوق الانسان فى الجزائر أو ليبيا أثناء الاحتلال والذى كان منذ اقل من 75 عام.
يذكرنى حال حقوق الانسان والليبرالية الحديثة بصنم العجوة الذى كان يعبده الكافر فى الافلام العربى ويأكله عندما يجوع.
اقتباس:من ناحبة أخرى انجز الفكر الليبرالي مشروع استراتيجيا بتنظيمه الخلافات والاختلافات ، وفقا لمنظومة حقوقية متطورة ، فأضحت التباينات في المجتمع لا تشكل عائقا أمام التعايش ، بكل ما يحمله من تقدم ورفاه ، بينما ما يزال الدينيون في صراعات مدمرة مع بعضهم البعض ، ومع غيرهم من معتنقي المذاهب والأفكار والأديان ، ولا أدل على ذلك تلك الفتن المذهبية والطائفية والعرقية التي تعاني منها العديد من الدول العربية كالعراق ولبنان والسودان ومصر.
هل لا زلت تعتقد هذا رغم تأكد العالم من كذب ادعاء الغرب من اجل احتلال العراق!!!!
اقتباس:ولا شك إن الفكر الديني هو فكر فيروسي! فمعظم الأحزاب الدينية كالقاعدة والإخوان وحزب الله وحماس وغيرها ، ظهرت نتيجة للفشل الحضاري العربي ، وكردة فعل على الصراعات السياسية الدولية ، والهزيمة الإنسانية العربية، وإصابة مؤسسة الدولة القومية العربية بمرض الفشل في بناء مجتمع حديث وناهض، حيث لم تكن التيارات الدينية إحدى مخرجات وآثار النهضة ، بل نتيجة للفشل في صنعها ، مما أدى إلى الاستعاضة عن مؤسسات المجتمع المدني كوسيط حضاري نهضوي ما بين المجتمع ومؤسسة الدولة بالتنظيم المذهبي والطائفي كوسيلة للتعريف والمخاطبة ، والهوية الروحية كبديل عن الهوية الوطنية ، مما ساهم في استفحال الصراعات والفتن والنعرات ما دون الوطنية ، والاستغناء عن مخرجات الفكر البشري وانجازاته الحضارية بفتاوى الفقهاء وسيرة السلف ، فكانت النتيجة ترسخ الاستبداد الديني والسلفية المذهبية والصوفية الطائفية .
رغم ان اليهود بهم متدينون متطرفون واحزاب دينية متطرفة جدا ولكن لا اجد احد يذكرها بسوء. ربما لأن الفكر الدينى يستخدم لمصلحة الدولة فى اسرائيل ، ومصلحة الدولة فى اسرائيل هى من ضمن مصالح الولايات المتحدة ، والتقدم الحضارى لأمريكا جعل ميزان الحق اعوج يميل للمتفوق حضاريا.
اقتباس:والفكر الديني اليوم في موقع دفاعي محض ، حيث لم يحقق أية انجازات حضارية يعتد بها لمعتنقيه وأتباعه، ويمكن ملاحظة إن الدينيين في موقع العزلة والتقوقع على الذات ، يهتز ويموج لأقل زوبعة ! ولعل من ابلغ الاستدلالات إن المجتمع الديني لا يمكنه أن يصدر قيمه للمجتمعات الأخرى، نظرا لنمطه الصلف والقاسي، فالمجتمع العلماني يحتضن المجتمع الديني
(الغرب مثالا) ولكن العكس ليس بالصحيح! والمجتمع العلماني لا يخشى الاندماج ، بينما المجتمع الديني لديه هوس الاندماج وفوبيا الذوبان! بمعنى آخر لا تخشى الأسرة العلمانية من أن تنهار قيمها في العيش في مجتمع ديني ، بينما تصاب الأسرة الدينية بالرعب عند زياراتها لمجتمع علماني مفتوح ومتعدد ، فعلى سبيل المثال احدث مهرجان المارثون بمحافظة القطيف السعودية ردة فعل اجتماعية صاخبة ، في دلالة على مدى هشاشة القاعدة الدينية التي يرتكز عليها المجتمع ، علاوة على ردة فعله العنفية من كل محاولة إصلاح أو تغيير أو نقد ، لذلك تراه يعود إلى الجذور ويتغنى بالأمجاد الماضية ، ويدعو إلى التعفف من معطيات الحضارة وقيمها ، ويتجه نحو التصوف الذي يعده بنعيم الجنة وقيام الدولة المهدوية ، التي ستجعله سيد المجتمعات و قائدها .
وبينما تنشغل المدنية الليبرالية بقضايا تلوث البيئة والانبعاث الحراري والعولمة والأزمة المالية العالمية فان هم المجتمع الديني ينحصر في الحجاب والعفة وتطبيق فتاوى الفقهاء !
ليس هذه الحقيقة تماما ، فالولايات المتحدة كانت اكبر عدو لدود للشيوعية ولم يندمجوا معا بل صار هناك حرب باردة وكتلة شرقية وغربية.
ولا ينكر احد لعب وتمويل الغرب لمتطرفى العالم الاسلامى واستغلال التيار الدينى لتفتيت البلاد ولا يظن احد انها وهم المؤامرة ، فبالفعل كانت هناك مؤامرة على الشيوعية من الغرب ، فلما لا يكون هناك مؤامرة على الاسلام.
ولا ننسى ان حزب الله الشيعى قد اخلى ربع اسرائيل من سكانها واوقفهم عن التوغل فى لبنان وهذا لم تفعله الدول الناصرية الهوى والمشرب.
واما عن الانبعاث الحرارى فأكبر دولة مسببة له هى الولايات المتحدة وبمنطق القوة ترفض التراجع واصلاح ما أفسدت وتكتفى بإلقاء فتات من دولاراتها.
اقتباس:ابقوا منشغلين بفقه التعايش المزعوم ومؤتمرات التقريب الوهمية وندوات الوحدة الفارغة، ودعونا نشيد نظام حقوقي قائم على آخر مبتكرات الفكر البشري والتجارب الإنسانية النبيلة والأهداف العظيمة والغايات السامية.
ادفعوا فوائض أموالكم لمن يقدم لكم صكوك البراءة يوم القيامة ، ودعونا ندفع الضرائب لنبني بها مجتمعنا وننعش اقتصادنا وننشر ثقافة التكافل والمشاركة بيننا .
سأصدق ما تقوله فعلا لو تزعمت الولايات المتحدة - والتى هى قمة الحضارة والتقدم ورائدة العولمة – تزعمت حملة دولية لانقاذ البشرية من اسلحة الدمار الشامل وبما فيها تصفية ترسانتها.