(06-04-2010, 03:07 PM)مجدي نصر كتب: من اكثر الحوادث التي تركت بي أثراً طويل الأمد، حتى أن دمي يغلي كلما تذكرتها، هى حادثة الشاب المصري "عبد الحميد شتا" خريج الاقتصاد والعلوم السياسية بتقدير عام "جيد جداً"، والأول بجميع اختبارات القبول بالسلك الدبلوماسي، الذي منعه من الالتحاق بالوظيفة التي يرغبها، كونه إبناً لفلاح او سمكري لا أذكر، حيث كتب المتواقحون من أعضاء لجنة كشف الهيئة - لا أعرف من ابن الشرموطة صاحب هذا الاختراع؟؟ - بأنه "غير لائق اجتماعياً"، وكانت هذه الكلمة كافية لمنعه من التوظف، باعتباره من أبناء العبيد!!!
وطبعاً الشاب في النهابة انتحر، وهو ما دفعني للتساؤل دائماً : لماذا لم يقتل واحداً او اكثر من أعضاء تلك اللجنة القذرة، مادام في كل الأحوال يطلب الموت؟؟
كذلك في رواية عمارة يعقوبيان وفي الفيلم، كان ذلك الشاب الذي إنضم للجماعات الإرهابية والذي كان يرغب بدخول كلية الشرطة، وتم رفضه فقط لكونه ابن بواب، وبغض النظر عن إمكاناته كلها !!!
هاتين الحادثتين لا تتناولان هنا فساداً ناشئاً عن النظام الاجتماعي بمجمله، كالحالة موضوع الشريط، بل الفساد الوقح في القوانين التي تزعم العدالة، والمساواه بين جميع المواطنين.
إنه فساد وتمييز بنص القانون، فأي وقاحة؟؟؟
لا يمكن بالطبع مقارنه واقعه حقيقيه كواقعه عبد الحميد شتا والتى نشرتها صحيفه " صوت الامه " وشردت للحكومه بسببها , حتى أنه فى تيار تلك الحادثه حدث أيضا أن انتحر مدرس ابتدائى شاب فى غرفته بالسكن الحكومى " حيث كان من ابناء الدلتا ويعمل فى سيناء " وذلك بسبب عدم قدرته على الوفاء باحتياجات أسرته وتكاليف الزواج ,,,, أقول بأنه لا يمكن مقارنه وقائع حقيقيه بروايات السينيما , رغم أن روايه عماره يعقوبيان كانت شديده الواقعيه , ورغم ايمانى أن السينيما هى مرأه المجتمع الا أنه ليس بالضروره أن كل من أخفق فى التأهل الى احدى الوظائف المرموقه أو كليه من كليات القمه أن يتحول الى ارهابى .
وبمناسبه الحديث عن الروايات فقد سمعت جمله فى مسلسل " حماده عزو " كانت جمله شديده الواقعيه والمصداقيه , قالها الصحفى الوصولى زميل " أحمد عزمى " وهى ان " ثوره يوليو قامت لأسباب أتفه كثيرا مما عليه واقعنا الان " وقد صدق المؤلف فى ذلك تماما , حتى أن المبادىء السته التى قامت عليها الثوره تم نسفها , ولم يتبقى من الثوره سوى الاحتفال بذكراها فى 23 يوليو من كل عام .
الحكومه صورت الجماعات الاسلاميه المصريه التى حاولت تغيير الاوضاع بالعنف واستخدام السلاح على أنها جماعات ارهابيه , واستخدمت وسائلها الاعلاميه فى تثبيت تلك الصوره فى أذهان الناس , واستطاعت الحكومه القضاء على تلك الجماعات بما تملكه من جيوش جراره وأسلحه فتاكه وادارات شرطيه على أعلى مستوى , وبعد أن كانت الشرطه قد توحشت فى تعاملها مع المواطنين فقد عادت فى تلك الفتره للتعامل الادمى مع الشعب لاكتساب عطفه ومؤازرته لهم , واليوم وبعد انتهاء تلك الازمه عادت الشرطه للتوحش مره أخرى , فلا يجد أمثال هؤلاء سوى الانتحار كوسيله وحيده للخلاص من الحياه ومن فيها .
اليوم بت أعتقد أن تلك الجماعات لم تكن جماعات ارهابيه برغم ما ارتكبته من جرائم , نقدر نسميها جماعات يائسه , واليأس يؤدى الى الكفر بكل شىء حتى الاوطان , وفى ظل اصرار الحكومه على التمسك بالسلطه وعدم التفريط فيها وعدم السماح بالانتقال السلمى لها , لا استعبد أن تجتاح مصر نوبات جديده من العنف على أيدى أيه جماعه , وبصرف النظر عن قدره أجهزه الدوله على قمعها الا أنها فى النهايه ستؤدى الى المزيد والمزيد من الخسائر .
الحكومه تدفع الناس دفعا الى الكفر واليأس والانتحار , واذا حاول أحدهم أن يفعل كما يقول الدكتور بسام الخورى (
...بس ياريت كل واحد قبل ما ينتحر يريحنا من ضابط شرطة سادي ....أو وزير حرامي أحد أسباب فقرهم....أو مدير فاسد ) فهو فى تلك الحاله ارهابى .
الناس اعتصمت بلابيص أمام مجلسى الشعب والشورى , وانتحرت معلقه على أسوار الكبارى , وقطعت اعضائها الذكوريه احتجاجا على الاوضاع وللمطالبه بحد أدنى من الدخل حوالى ( 1200 جنيه مصرى ) فيخرج رئيس الحكومه ليقول أن رفع الحد الادنى من الدخل سيؤدى الى زياده التضخم
هذا فى الوقت الذى تشير فيه التقارير الى أن مستشارو الوزراء يحصلون على رواتب لا تقل عن ربع مليون جنيه مصرى ( بيعملوا ايه ولاد القحبه علشان يقبضوا المبالغ دى ؟ ولا بيعملوا ايه اصلا بالمبالغ دى ؟ ) حتى أن يوسف عبد الرحمن بطل قضيه المبيدات المسرطنه بوزاره الزراعه كان يحصل على راتب 450 الف جنيه مصرى شهريا , ورغم ذلك أدين فى قضايا رشوه وفساد , ولم يحاكم أصلا على هذا المبلغ الفلكى الذى كان يتقاضاه لأنه كان يتقاضاه بشكل رسمى , هذا غير المئات الذين يتقاضون رواتب تتخطى رقم المليون جنيه , ولو تم تحديد حد أدنى للرواتب 1200 جنيه مصرى وحد أقصى 15 الف جنيه مصرى تزيد سنويا زياده تترواح مابين 5 -15 % ما كان هناك تضخم ولا يحزنون , ولاستطاع الفائض الذى سيعود من توفير تلك الرواتب الضخمه أن يسد الفجوه الرهيبه التى حدثت لتحقيق جزءا من العداله الاجتماعيه .