بالأمس، نشر "عبد الله كمال" رئيس تحرير جريدة روزاليوسف الناطقة بإسم الحكومة المصرية ، والأشد ضراوة ضد مخالفيها .. مقالة كتب فيها بأن جريدة اليوم السابع تفتح باب التعليقات للقراء على مصراعيه ... وهذا يسبب فتنة بين الناس ، خاصة في الشأن الديني...
ولمح عبد الله كمال إلى "المسئولية القانونية" التي تقع على الجريدة بسبب هذه الفتن الطائفية في التعليقات على الأخبار..
ولمح بشكل خجول جدا إلى "النقد السياسي" ...
حصل هذا في الساعة العاشرة من مساء الأمس تقريبا...
منذ ذلك الوقت لم يتم نشر أي تعليق تحت أي خبر في موقع جريدة اليوم السابع حتى الآن..
ومن الواضح بأن مقالة عبد الله كمال كانت بداية لإجراءات معينة يقوم بها الأمن بشأن التعليقات في الجريدة...ولا أحد يمكن أن يعلم ما يحصل الآن في جريدة اليوم السابع...ولماذا لا يتم نشر تعليقات منذ الأمس...
ربما يعود نشر التعليقات لاحقا اليوم ... ولكن هل ستكون الجريدة هي نفسها الجريدة قبل نشر مقال روزاليوسف التهديدي ؟ وهل ستكون الرقابة الأمنية بعيدة عن تعليقات القراء في الجريدة ؟
لا ننسى أن غضبة المصريين من أجل قضية مقتل المواطن خالد سعيد ظهرت أول ما ظهرت من خلال التعليقات على الخبر المنشور في جريدة اليوم السابع ، ثم انتشرت كالنار في الهشيم عبر كل مكان في الإنترنت خاصة الفيس بوك ... ومنه إلى الشارع المصري وحتى الآن لا تتوقف المظاهرات والوقفات اليومية من أجل خالد سعيد...
وهذه هي مقالة عبد الله كمال التي نشرها بالأمس بشأن ( فتح باب التعليقات للقراء ) ...
عبد الله كمال فى روز اليوسف: اليوم السابع والدستور تتنافسان فى فتح أبواب التعليقات على مصراعيها أمام أى شىء وكل شىء.. واليوم السابع نشرت حوارًا تسبب فى تحويل يوسف زيدان إلى نيابة أمن الدولة
http://youm7.com/News.asp?NewsID=243893
انتقد الزميل عبد الله كمال فى مقاله بـ "روز اليوسف" التدفق الإخبارى بجريدة "اليوم السابع" الإلكترونية، كما انتقد خدمة التعليقات التى تتمتع بالحرية فى اليوم السابع والدستور، وننشر هنا النص الكامل للمقال..
ظاهرتان مستجدتان على الساحة الإعلامية المصرية لابد من متابعة ما يجرى فيهما.. لأن ما يجرى يستوقف الانتباه.. إما على مستوى نشر الشائعات.. أو على مستوى تأليب الطائفية والتنابز بالشتائم والتحريض الطبقى والادعاء على الناس.. وأعتقد أن الأمر يقتضى تدخل وزير الاتصالات وأيضًا النائب العام .
الظاهرة الأولى هى التنافس الشرس بين مقدمى خدمات الأخبار على المحمول من أطراف مختلفة.. الكثير منها ليس مصريًا.. وهذه الخدمات متفهمة إذا كانت دقيقة.. ومفيدة إذا كانت تخضع لمعايير مهنية.. وليست مجرد جهات الله أعلم بها.. ترسل بأى كلام إلى المشتركين.. فى أى وقت.. وهذا الـ«أى كلام» قد يكون فيه معلومات غير سليمة.. وبعضها ينسب للمسئولين تصريحات لم يدلوا بها.. ومن ذلك مثلاً تصريح منسوب إلى رئيس الوزراء تلقيته ليلة السبت ــ الأحد.. تبين لى بعد محادثة المتحدث الرسمى الدكتور مجدى راضى أن الدكتور نظيف لم يقل بما نقل عنه.
وأتلقى الآن فى مصر الخدمات الإخبارية التالية على المحمول: أنباء الشرق الأوسط، وهى الأعرق وربما الأوسع انتشارًا، والأضمن فيما يخص نوعًا معينًا من الأنباء ــ خدمة أخبار مصر الصادرة عن قطاع الأخبار فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهى غالبًا متأخرة عن حدوث الخبر بساعات ــ خدمة قناة الجزيرة وهى مدهشة فى أنها غير اقتصادية على الإطلاق إذ تملأ محمولى بما لا يقل عن 15 خبرًا يوميًا من أول حادث سيارة فى أفغانستان إلى انفجار فى العراق ــ خدمة الـ«بى.بى.سى» وهى غير منتظمة ــ خدمة محطة الـ«إم.بى.سى» السعودية.. وهى التى نسبت إلى رئيس الوزراء تصريحًا لم يقله ــ خدمة المصرى اليوم وهى محاصرة باعتبارات الدعاية للجريدة أو اضطرارها إلى تأجيل الأخبار حتى يحين موعد طبعها لكى لا تلتقط الصحف الأخرى تلك الأخبار إن كانت كما تعتقد مهمة ــ وكنت أتلقى خدمة موقع مصراوى وهى كذلك غير دقيقة ــ وخدمة جريدة اليوم السابع وهى تعانى من لهاث يدفعها إلى ارتكاب خطايا.
لست أدرى ما علاقة جهاز الاتصالات بهذه الخدمات وهل وضع لها ضوابط وأخضعها إلى معايير، أم أن من حق أى أحد أن يبعث لنا على الأجهزة ما يشاء.. فإن ارتكب خطأ انتهى الموقف عند هذا الحد وقضى الأمر؟! لا أظن أن الأمر يحتاج إلى أكثر من أن ينسب تصريح إلى رئيس الوزراء لم يقل به.
الظاهرة الثانية هى الأخطر على الإطلاق، وهى تخص التعليقات التى تسمح الصحف والمواقع بنشرها تحت الأخبار والمقالات.. وفى أغلب صحف ومواقع الأرض تخضع هذه التعليقات إلى معايير من المحرر.. حتى لو لم يكتب هذا.. ولو لم يشر إليه صراحة.. ويقتضى الأمر من محرر الموقع أن يبذل جهدًا فى المراجعة.. لكى يمنع نشر الشتائم والتنابز خصوصًا على المستوى الطائفى.. ولا أقول على مستوى النقد السياسى.
الجديد فى الأمر هو أن هناك حالة تنافس بين كل من جريدتى الدستور واليوم السابع فى فتح أبواب التعليقات على مصارعيها أمام أى شىء وكل شىء.. وهكذا تحولت ميادين التعليق إلى ساحات شتم تتجاوز موضوع الصراخ السياسى إلى حدود الشتم الدينى.. لاسيما بين المسلمين والمسيحيين.. وأحيانًا بين السنة والشيعة.. والنماذج كثيرة.. ولا أظن هذا فى صالح الحرية ولا أظنه يخدمها.
إن القاعدة هى أن ما يمكن للصحيفة أن تنشره فى نسختها الورقية يمكنها أن تنشره فى الموقع الإلكترونى.. فلو كان يمكن لجريدتى الدستور واليوم السابع أن تنشرا فى باب بريد القراء فى الطبعة الورقية ما يدون على موقعيهما الإلكترونيين من تعليقات كان نشرها جائزاً.. بل واجباً.. غير أن الواقع هو أنه لا يمكن لأى منهما على الإطلاق أن تطبع ما تسمح به من تعليقات على المواقع الإلكترونية.. فأقل كلام فيه سباب.
ليس هذا مفيدًا على الإطلاق.. ويكفى اليوم السابع أنها نشرت حوارًا تسبب فى مشكلة دينية معقدة اقتضت تحويل الكاتب يوسف زيدان إلى نيابة أمن الدولة لأنه قال ما يجب ألا يقال ضد العقيدة المسيحية، ولو راجعنا التعليقات المنشورة لضجت النيابة بأعمال تدفعها إلى ألا تقوم بشيء آخر من مهامها.
أنا لا أطالب برقابة.. ولكن أطالب بوضع القواعد ومراعاة الأصول.. وإذا كان يمكن إخضاع التعليقات إلى مسئولية محرر الموقع.. فإن الخدمات الإخبارية يجب أن تكون خاضعة للمسئولية القانونية.. لأنها تبيع معلومات مدفوعة الأجر للناس.. وأى كلام خاطئ يمثل غشًا تجاريًا ناهيك عن آثاره الاجتماعية والسياسية.