http://www.alriyadh.com/2010/07/06/article541129.html
حول العالم
العالم يُصلي
فهد عامر الأحمدي
يوجد في العالم أكثر من 22 ديانة رئيسية يفوق عدد أتباعها المليون نسمة، وأكثر من ستة آلاف ديانة يفوق أتباعها العشرة آلاف انسان.. وإذا أضفنا لهؤلاء آلاف الطوائف والمذاهب والديانات المتفرعة عنها نخرج بعدد مهول من الطقوس والتعاليم وطرق العبادة المختلفة !!
وبطبيعة الحال هناك فرق بين الانتماء لدين معين، والالتزام بالطقوس التعبدية الموجودة فيه.. وفي حين يظل عدد الأتباع ثابتا وأكثر من الواقع (بحكم الولادة والانتماء والاحصائيات الرسمية) ينخفض الرقم كثيرا في حال احتسبنا مستوى الالتزام الفعلي بالطقوس الدينية والأفعال التعبدية..
فعلى سبيل المثال؛ من وجهة نظر رسمية يدين جميع سكان تشيكا بالمسيحية، ولكن من وجهة نظر فعلية لايمارس 65% من التشيكيين الصلاة في المنزل أو الكنيسة.. وفي حين لايذهب معظم سكان أوربا للكنيسة يبدو الفلبينيون بالمقارنة أكثر تدينا حيث يواظب 97% منهم على الذهاب لصلاة الأحد.. وكثيرا ما نقرأ عن اندونيسيا كأكبر دولة اسلامية (ب127 مليون نسمة) ولكن الحقيقة هي أن نسبة المسلمين فيها تساوي 57% من السكان فقط نصفهم يمزج التعاليم الاسلامية مع ديانات فلكلورية محلية (ومن المتبقي يواظب 66% فقط على صلاة الجمعة)!!!
وقبل التوسع أكثر اسمحوا لي بالتذكير أولًا بمعنى الصلاة من حيث اللغة والواقع وتفاوت منزلة المُصلي والمُصلى عليه.. فالصلاة في لغة العرب تعني الدعاء والتزكية والرحمة، وكانت الأعراب تقول صليت على فلان بمعنى دعوت له أو تمنيت له الخير وهو ذات المعني السائد في الثقافات الأخرى حيث نقرأ في ترجمات الأفلام الأجنبية ألفاظا من قبيل: صليت من أجلك، أو صلينا من أجله.. وهذا المعنى يفسر طبيعة صلاة الله على نبيه محمد (إن الله وملائكته يصلون على النبي) كما يفسر أمر الله لنبيه بالصلاة على أصحابه وأتباعه (وَصَل عليهم إِن صَلاتك سَكن لهم)..
أضف لهذا تختلف طبيعة الصلاة باختلاف منزلة المصلي والمصلى عليه كون الصلاة من الله (كما جاء عن ابن القيم في جلاء الأفهام) رحمة وتزكية، ومن الملائكة استغفار واستعطاف، ومن الآدميين وهو موضوعنا اليوم تضرع ودعاء للخالق والمعبود!!
وبهذا يمكن القول إن الناس في جميع الديانات يصلون دائما حسب طقوس دينية خاصة بهم من أجل حاجاتهم وأمنياتهم ومغفرة خطاياهم ووو......
وكنتُ قد قرأت في مجلة الريدر دايجست (نوفمبر 2009) عن استفتاء عالمي بعنوان "كم مرة تصلي؟" طلبت فيه المجلة من قرائها الاجابة عن ثلاثة خيارات رئيسية هي: أصلي "يوميا" أو"أحيانا" أو"أبدا"..
وفي هذا الاستفتاء (الذي شمل 2850 مواطنا من 19 دولة ليس بينها دولة خليجية واحدة) اتضح أن الماليزيين والهنود والفلبينيين هم الأكثر التزاما حيث فاقت نسبة من يصلون بشكل يومي 66% ..
وفي المقابل حققت أوربا أقل نسبة من المواظبة على الصلاة حيث أجاب أكثر من 66% بعدم ممارستهم للطقوس الدينية "أبدا".. فبالنسبة للهولنديين مثلا قال 19% إنهم يصلون بشكل يومي، 30% أحيانا، و51% لا يصلون أبدا.. أما التشيكيون فأثبتوا مجددا أنهم أقل الشعوب تدينا حين قال 8% إنهم يصلون بشكل يومي، 27% أحيانا، و 65% لا يصلون أبدا..
والمفارقة هنا أن الهولنديين والتشيكيين تفوقوا على الروسيين (حيث الإلحاد ديانة) الذين قال 19% إنهم يصلون بشكل يومي، و 46% أحيانا، و35% لا يصلون أبدا..
ومقارنة بأوربا وروسيا يبدو الأمريكان متدينين جدا حيث قال 55% إنهم يصلون بشكل يومي، و35% أحيانا، و9% فقط لا يصلون أبدا.. أما الأتراك فيقتربون كثيرا من الماليزيين حيث قال 62% إنهم يصلون بشكل يومي، و 31% أحيانا، و 7% لا يصلون أبدا...
.... وبوجه عام يمكن القول إن المجتمعات الاسلامية بدت ملتزمة أكثر من المجتمعات المسيحية، والمجتمعات الكاثوليكية أكثر من البروتستانتية، والشعوب الجنوبية أكثر من الشعوب الشمالية أما بالنسبة لمجتمعنا المحلي فلا أعتقد أننا بحاجة لاستفتاء عالمي لتبيان مستوى الالتزام المرتفع لدينا...
وبهذا الخصوص أتذكر بابتسامة عريضة قول أمين الريحاني عن أهالي بريدة :
"بريدة مدينة تجارية ليس لأهلها وقت إلا للتجارة والصلاة"...