سبحان الله يا صديقي....يعني من كل الرد لم يثرك إلا قول مونتسيكيو.
مونتسيكيو وضع قاعدة جميلة للموازنة بين حريتي الفرد والمجتمع وانا أسقطتها على واقعنا.
العجيب أني ذكرت أني أؤيد حق كل فرد في اعتناق ما يريد وممارسة شعائره لكن بشرط ان لا يؤثر على بقية المجتمع.....بل ساعطيك مثالا آخر عن تسامح بعض التيارات الإسلامية.
الأستاذ المودودي وهو يعد عند الحداثيين من المفكرين المتطرفين...أفتى بجواز أن ينتقد المواطن غير المسلم ديننا وأن نتناقش فيه كما يجوز لنا أن ننتقد دينه ولكن بشرط أن لا يتعدى النقد للتجريح ومجالس الخلفاء قديما تحفل بعقد مثل هذه اللقاءات وكان النصارى يلقون حججهم بكل حرية ويناظرون المسلمين.
ما لا تفهمونه زميل أرماند...أنكم تتخيلون سيناريوهات لم تقع طوال 15 قون من تاريخنا لتبنوا عليها تصورات غير واقعية أيضا....فمثل أنت تحدثني عن إنهيار الاسلام بسبب تكاثر المرتدين سرا...هذا طرح غير واقعي ولا يسنده الواقع المعاش ولا التاريخ المروي...فمنذ 15 قرن والإسلام يزيد عدد أتباعه وتتوسع رقعة امتداده رغم ما مر على اهله من محن ولنأخذ الجزائر مثلا...130 سنة من استعمار فرنسي مدعوم من بابا الفاتيكان وكان الهدف هو تنصير أغلبية الشعب الجزائري ولهذا كان يقول رئيس حكومتهم بومبيدو سينتصر الصليب على الهلال...ورغم ذلك خرجوا دون أن يحققوا ولو جزءا ضئيلا مما أرادوا وكان رد شعبنا عليهم يوم الإستقلال الأغنية المشهورة " يا محمد مبروك عليك الجزائر رجعت إليك...".
يعني في النهاية أعيد طرح السؤال التالي....طوال تاريخنا الاسلامي كم هو عدد المرتدين وكم هو عدد من طبق عليهم الحد حثى تثار عليه كل هذه الضجة.....وكم ذكرت لك الإحصائيات الواقعية تشير إلى أن عدد المسلمين في اوروبا وامريكا في تزايد مطرد وعشرات الآلاف يدخلون الإسلام كل عام .
ولهذا الذي نقراه والطرح الأكثر قابلية للتقبل هو الطرح الذي يحذر من القنبلة الإسلامية كما يسمونها لأنهم يرون في الإسلام القوة التي ممكن ان تهدد سيطرتهم ويمكنك الرجوع إلى كتاباتهم المعاصرة المحذرة من امثال برنارد لويس ودانيال بايبس.
ولا أنسى أن أؤكد لك مرة أخرى انه حتى المسلمين لا يؤدون شعائرهم بكامل الحرية اللازمة ومازال يضيق عليهم.
[/quote]
هذا الكلام حاصل بافعل ، ففي أحد أفلامه قام بل مار Bill Maher بعمل لقاء مع شخص أمريكي أفريقي يدعي بأنه التجسد الجديد للمسيح يسوع ، وهذا الشخص كان مسلما ثم تنصر ، وهو من أصل يهودي في نسبه. وهو بالفعل يجني الكثير من الأموال في أمريكا من خلال المحاضرات الروحية التي يعطيها لأتباعه والتي يسبغ فيها عليهم البركات باعتباره " الله " ، ولكن أمريكا تتركه لأنه لا يرتكب جريمة مثل تزويج الاطفال مثلا ، أو المطالبة بالعنف. فحتى "الله" نفسه لو خالف حقوق الإنسان فسوف يتم القبض عليه ومحاكمته في الدول الحرة. القانون الذي تمشي عليه الدول المتحضرة اليوم مستقى من مباديء حقوق الإنسان الثلاثين التي وقعت عليها الدول العربية والإسلامية توقيع زور وبهتان ، مع كونها لا تلتزم بجل المباديء الواردة فيه.
من حق أي شخص أن يكون ما يسمى بال cult التي لها عقائدها الخاصة طالما أن هذه ال cult أو الفرقة لا تخالف مباديء الدستور والقانون الذي بدوره لا يخالف مباديء حقوق الإنسان والتي من أهم مرتكزاتها حق اعتناق ما يشاء من الأفكار الدينية طالما لا تخالف تلك الأفكار مباديء حقوق الإنسان نفسها. وهو المبدأ رقم 30 ( آخر مبدأ في مباديء حقوق الإنسان ) والذي يقول بانه لا يجوز استخدام أي من المباديء ال 29 السابقة لانتهاك حقوق الإنسان أو الإلتفاف على الإعلان العالمي.
الدول التي تخشى على عقيدتها فقط هي الدول التي تشعر بأنها قائمة على مباديء دينية هشة من السهل كسرها ، وهي الدول التي تهتم بال quantity فوق ال quality وهذه الدول مهما حاولت أن تكمم الأفواه اليوم فلن تنجح في ذلك وسوف تزيد عزلتها عالميا وإقليميا كما هو واضح جدا من مصير الحركات الإسلامية التي تمشي على هذا النهج مثلما هو حال البشير وحماس مثلا ، ولو كانت السعودية بقيت على تحجرها الديني ولم يقم الملك عبد الله بعمل تغيرات جذرية نحو الليبرالية لانتهى الحال بالسعودية هي الأخرى في عزلة دولية لا تحسد عليها كما هو حال تلك الحركات الإسلامية الأخرى.
اقتباس:
يا زميل أرماند....اسمح لي أن اذكرك أن أغلب الدول المسلمة الموقعة على ميثاق حقوق الإنسان تحفظت على أربعة أو خمس بنود وهي التي رأت فيها انتهاكا للخصوصية الدينية لمجتمعها والتعارض مع قوانينها للاحوال الشخصية...وكما تعرف فقانونيا لما تتحفظ فإنه لا تلزمك تبعة البنود التي تحفظت عليها.
ومرة اخرى أقول لك المجتمع الأمريكي ربما لا يرى في هذا الشخص تهديد له....ولكنه قام بحملة ضد الشيوعيين رغم ان اعتناق الشيوعية حرية شخصية لأنه رأى فيها تهديدا للأمن القومي.
فكل شيء نسبي وهل علي تذكيرك مثلا بأن ألمانيا وهي دولة ديمقراطية تمنع إلى الآن الكنيسة الساينتولوجيا وكادت تمنع دخول توم كروز لأراضيها لتمثيل فيلم عن هتلر لانه من معتنقي هذا المذهب.....والسبب لأن القانون الالماني يعتبر تلكم الكنسية واشباهها نصب باسم الدين.
أرأيت حتى هذه الدول عندما يتعلق الامر بقانونها المنظم لشؤونها الداخلية والمهدد لدولتها ومجتمعها تقوم بمنع ما يراه آخرون حرية.
والاهم انتفاضات جنوب السودان النصراني بدأت مباشرة بعد استقلال السودان ويومها لم يكن يوجد حتى حزب إسلامي وعندما وصل الشبير للسلطة وجد الحرب أصلا مشتعلة.