خير الدين باشا التونسي
http://www.youtube.com/watch?v=ybqka1EU3Nc
ّصاحب الكتاب هو خير الدين باشا التونسي،
وهو أحد رموز الإصلاح العربي في نهاية القرن التاسع عشر، وهو عينة صادقة للنخبة المثقفة العربية التي وعت مبكرا بأن التقدم الذي شهدته الأمم الأوروبية تقدم حضاري لاينبغي أن تحول بيننا وبين الإستفادة منه إختلافهم عنا في الملة أو الدين. ولإثبات ذلك بحث في كتابه هذا في تاريخ الأمم الأوروبية وأسباب تقدمها مركزا بالخصوص على الجوانب السياسية والإقتصادية والعسكرية.
وخير الدين خير ممثل لهذه العينة من المثقفين الذين يشقون بوعيهم، ويحز في أنفسهم تخلف أممهم وتقدم غيرهم ،
ولذلك تراه يجهد نفسه لكي يبين للحاكم أن لهذا التقدم أسبابا موضوعيا وليس ظاهرة سحرية! ولكن لاحياة لمن تنادي! فبعد مايزيد على قرن من الزمان، لايزال كتاب خير الدين ينتظر من يقرأه ويطبق مقتضايته!!!
عن الكتاب:
يتألف الكتاب من مقدمة طويلة، وجزأيْن؛ يحوي الجزء الأول عشرين بابًا، كل باب مخصص لبلد من البلاد الأوروبية، وتضم الأبواب فصولا تتضمن الحديث عن تاريخ البلد، وجغرافيته، وموقعه، ومساحته، وأهم ملوكه، وتنظيماته الإدارية والسياسية والعسكرية.
أما الجزء الثاني فيحتوي على ستة أبواب؛ خمسة منها في جغرافية القارات الخمس، وخصص الباب السادس للبحار.
غير أن أهم ما في كتابه هو مقدمته التي تجاوز الاهتمام بها سائر الكتاب، وأصبحت الإشارة إلى كتاب "أقوم المسالك" تعني الإشارة إلى المقدمة وحدها، وهي تلخص تجربة "خير الدين" كلها التي تركز على مقاومة أوروبا عن طريق الاستعارة منها، والتمسك بالجامعة الإسلامية لدعم هذه المقاومة، ومحاولة إصلاح الولايات الإسلامية المختلفة وبثّ روح اليقظة والنهوض فيها.
وتقوم الحركة الإصلاحية عند "خير الدين" على دعامتين رئيسيتين:
الأولى: ضرورة التجديد والاجتهاد في الشريعة الإسلامية، بما يتلاءم مع ظروف العصر وأحوال المسلمين، ويتفق مع ثوابت الشريعة، ودعا علماء الأمة إلى توسيع مفهوم السياسة الشرعية، وعدم قصرها على ما ورد فيه نصٌّ من كتاب الله وسنة رسوله، وذكرهم بمناهج السلف في هذا المجال الذين جعلوا نطاق السياسية الشرعية يتسع ليشمل كل ما لا يخالف الكتاب والسنة وإن لم يرد نص فيه؛ لأن في ذلك تحقيقَ مقصد من مقاصد الشريعة.
والثانية: ضرورة الأخذ بالمعارف وأسباب العمران الموجودة في أوروبا؛ لأنها طريق المجتمع إلى النهوض، وإذا كان هذا الطريق يتطلب تأسيس الدولة على دعامتيْ الحرية والعدل، فإن هاتين الدعامتين تُعدان أصليتيْن في الشريعة الإسلامية، وليستا غريبتين عن المجتمعات التي ينادي بإصلاحها "خير الدين".
وكان "خير الدين" داعية إلى الإصلاح الشامل الذي يقوم على أساس تحقيق العدل والمساواة في حكم الرعية، ورفع مظاهر الظلم والتعسف عن كاهله، واحترام حقوقه الإنسانية، ولن يتحقق هذا إلا من خلال نظام حكم يقوم على الشورى، وتعدد مؤسسات الحكم، وعدم انفراد شخص مهما أوتي من قدرة وكفاءة وحسن سياسة في تصريف شؤون البلاد وإدارة أمور الرعية؛ لأن في الاستبداد والانفراد مدعاة للتفريط في الحقوق.
وفي مقابل ذلك اشترط أن تكون الأمة واعية مستنيرة تدرك مسؤولياتها، وتحسن ممارسة حريتها، وتراقب سير أمور الحكم، وتطالب بما لها من حقوق.
تحميــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الكتاب:
http://www.4shared.com/file/13211207.../________.html
حياته: من عبد مملوك في أسواق إسطنبول إلى صدر أعظم!!
ولد سنة 1820 في قرية صغيرة بجبال القوقاز وكل ما يعرفه عن نفسه أنه عبد مملوك ينتمي إلى قبيلة " أباضه " ببلاد الشركس بالجنوب الشرقي من جبال القوقاز وأن والده توفي في إحدى الوقائع العثمانية ضد روسيا،فأسر وهو طفل على اثر غارة، ثم بيع في سوق العبيد بإسطنبول،فتربى في بيت نقيب الأشراف تحسين بك، وانتهى به المطاف إلى قصر باي تونس عندما اشتراه رجال الباي من سيده..وجيء بخير الدين الى تونس وهو في السابعة عشر من عمره سنة 1837،وأصبح مملوكا لأحمد باشا باي الذي قربه وحرص على تربيته و تعليمه . ولحدة ذهنه أقبل على تحصيل الفنون العسكرية و السياسية والتاريخ .عين مشرفا على مكتب العلوم الحربية . اتضحت خصاله الحربية جلية وفاز بالمراتب العسكرية عن جدارة فولاه أحمد باي أميرا للواء الخيالة سنة1849 .
وفي 1854 أرسله أحمد باشا باي إلى فرنسا لبيع مجوهرات لصرف ثمنها لإعانة تركيا في حربها ضد روسيا .
وعلى إثر وفاة علي بن غذاهم سنة 1864 كلفه محمد الصادق باي سنة 1869 برئاسة لجنة الكومسين المالي ، ولنجاحه في هذه المهمة كلفه الصادق باي سنة 1871 بمهمة توثيق الصلة بين تونس والدولة العثمانية ، ثم عينه وزيرا أكبر في أكتوبر 1873 .
و أمام اشتداد الوشايات استقال خير الدين باشا من جميع وظائفه ، ثم هاجر إلى تركيا في أوت سنة 1878 بأمر من حاكم البلاد محمد الصادق باي وذلك إرضاء للقناصل المعتمدين لديه وهناك ألح عليه السلطان التركي عبد الحميد أن يتولى وزارة العدل لكنه رفض ، ثم عاد وقبل الوزارة الكبرى و توفي بتركيا سنة 1889 .
.
إصلاحات خير الدين التونسي: دون كيشوت يحارب طواحين الهواء؟
شملت الإصلاحات التي قام بها "خير الدين التونسي" ميادين الإدارة والتعليم والاقتصاد؛
فألغى الضرائب السابقة التي تراكمت على الناس وصارت ديونًا تُثقل كاهلهم، وشجع الناس على زراعة الزيتون والنخيل بإلغاء الضرائب على الأراضي الزراعية لمدة عشرين عامًا، وأعاد تنظيم الضرائب على الاستيراد والتصدير، فحدد ضريبة الاسيتيراد بـ (5%) فقط، وخفف ضريبة التصدير، وألغى الحملات العسكرية التي كانت تتكلف أموالا باهظة لجمع الضرائب من القبائل الرُّحَّل التي اعتادت ألا تدفع الضرائب المفروضة عليها إلا عَنوة، وعمل على النهوض بالتعليم ونشر الوعي بين الناس؛ فأنشأ "المدرسة الصادقية" نسبة إلى "الباي محمد الصادق" الحاكم حينئذ بتونس، وقد شملت برامج التعليم بها العلوم الحديثة، واللغات الأجنبية إلى جانب اللغة العربية وعلوم الدين. وفي الوقت نفسه استعان برجال من العلماء في إعادة تنظيم الدراسة والتعليم بجامع الزيتونة، وأنشأ مكتبة جديدة تحت اسم المكتبة "العبدلية" على نمط المكتبات الحديثة، وشجع الطباعة، واستقدم بعض المصريين واللبنانيين للعمل فيهما، وطوَّر الصحافة، وأدخل فنونًا جديدة بها.
وأعاد للأوقاف العامة دورها الديني والاجتماعي، وأنشأ لهذا الغرض جمعية الأوقاف، وأسند رئاستها إلى "محمد بيرم الخامس".
وكان من تصريف القدر أن زاد الخصب في العامين الأولين من وزارته، فساعد ذلك على ازدهار الزراعة والصناعة، والوفاء بالتزامات الديون؛ فعرفت تونس أعوامًا من الطمأنينة والهدوء.
كما قام بعدة إصلاحات ، وقاوم الحكم الاستبدادي، وعمل على إقامة العدل ، وساهم في وضع قوانين مجلس الشورى الذي أصبح رئيسا له سنة 1861.
تأليف كتاب أقوم المسالك:
وأمام ازدياد فساد الوضع السياسي في البلاد نتيجة سوء تصرف المسؤولين وسرقاتهم قدم خير الدين استقالته من جميع وظائفه سنة 1862، واستغرقت فترة انقطاعه سبع سنوات، من سنة 1862 الى سنة 1869.
انعزل فيها في بستانه يتأمل ويكتب .. وقد ترك لنا حصيلة تأملاته وأفكاره الإصلاحية في كتابه الشهير :
( أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك ) وهو في جانب كبير نتيجة خبرة عملية في ميادين السياسة والاقتصاد والإدارة،