الرفيقة الدادة ام عطيات**

عندما تولى مبارك السلطة في 1981 كنت صبيا ارتدي الشورت اي البنطال القصير و العب الكرة في الشارع مع اقراني....و استبشر كثير من المصريين بمبارك في بداية حكمه...كان بسيطا او بالتعبير المصري "هلهلي" في كلامه و اعلن انه سوف لن يبقى في موقعه سوى فترة او اثنتين كما انه -في بدايته-لم يسمح لزوجته بالظهور الاعلامي كما اعتادت جيهان السادات التي كانت مستفزة احيانا (ربما بسبب جمالها و ثقتها في نفسها)...و اعلن مبارك ان الكفن ليس له جيوب و هي تصريحات راقت للمصريين و اعطتهم انطباعا ان الرجل نظيف اليد......و كانت الرفيقة الدادة ام عطيات و هو وصف لفريق في المعارضة المصرية المؤلفة من ديماجوجيات يسارية و اسلامية..
.. قد هيجت الدنيا على السادات في حياته و اتهموه بالتوسع في انشاء "الاستراحات الرئاسية" في اقاليم البلاد و استفزاز الفقراء ... و لم يكن الرجل يتقلب في النعيم كما اشاعوا عنه بل كان يجول مواقع الانتاج في طول البلاد و عرضها و يبيت في الاستراحات العادية التجهبز كي يعطي انطباعا لاهل الاقليم انه يتابع عن قرب...لكن الرفيقة الدادة ام عطيات لابد لها من قضية تعيش من اجلها و تطلع ميتين ابونا بسببها

ما علينا لم يمض الكثير حتى استبان ان مبارك ماض على خطى السادات في المسار الاقتصادي فقد كان السادات مفتونا بالناس النظيفة في اوروبا الغربية و يري الدول الاشتراكية ناس جرابيع ...و كان يحلم بأن تتحول مصر الى الاقتصاد الحر و تزدهر كالغرب و فتح السادات البلد بشكل عشوائي كما فعل جورباتشوف في روسيا ونتج عن هذا الانفتاح العشوائي ظواهر سلبية خطيرة ...و من سوء حظ مصر ان السادات قتل و كان الاقدر على معالجة الاخطاء بما وهب من عقلية ابداعية و قدرة على المناورة و سقطت السلطة في حجر مبارك من حيث لم يحتسب


*هذا العنوان من اختراع اسامة غريب و هو ظاهرة صحفية جميلة جدا و ان كان لم يأخذ حقه في الشهرة و للرجل كتاب شهير عنوانه صادم "مصر مش امي دي مرات ابويا "

**جاء ذكر الرفيقة الدادة ام عطيات في فيلم السفارة في العمارة و التي تحولت فيه الدادة ام عطيات الى ناشطة يسارية و اطلق عليها اهل البيت الرفيقة الدادة ام عطيات حيث كانوا جميعا يقرأون حاجات مكلكعة و قصص لجابريل جارسيا ماركيز مثل الحب في زمن الكوليرا

---

أبو شريكي في القهوة
في نهاية الثمانينات بدأت تتناثر اقاويل كثيفة عن قيام علاء مبارك نجل مبارك الاكبر باستغلال نفوذ والده في المشاركة في التوكيلات الاجنبية و فرض نفسه بالقوة شريكا على كثير من المستثمرين...
في مصر لدينا نكته رهيبة ...تحكي عن رجل صاحب مقهي شعبي (قهوة بالتعبير المصري) رفع الرجل فيها صور الرؤساء الثلاثة ناصر و السادات و مبارك...جاءه رجل غريب و سأله عمن يكون هؤلاء الثلاثة المرفوعة صورهم...فقال هذا عبد الناصر الا تعرفه يا رجل...انه من امم القناة و بني السد العالي و اسس المصانع ....و هذا السادات الا تعرفه يا رجل...انه من قاد حرب اكتوبر ثم ابرم سلاما مع اسرائيل.....و سكت صاحب المقهى برهة فسأله الضيف و من هو هذا الثالث..فقال له بإقتضاب "ده ابو شريكي في القهوة"

مبارك في نظر المصريين اذن هو ا"بو شريكي في القهوة" و لم يتمتع اطلاقا باي قدرة على الابداع و قراءة المستقبل و تخندق مبارك بجيش من الامن ا لمركزي و القوات الخاصة و اطلق مخابراته المعروفة بأمن الدولة على المصريين بشكل غير مسبوق حتى في عهد عبد الناصر...حتى تدخل امن الدولة في كل شئ في البلد من تعيين المعيدين و عمداء الكليات و التعيين في شركات البترول الى السيطرة على النقابات المهنية و العمالية و اتحادات الطلاب الى السيطرة على المعارضين السياسيين بالحبس و القمع و تلفيق الاتهامات الى السيطرة على جموع القضاة و اساتذة الجامعات و المهنيين..الخ. و لم يفكر مبارك ابدا على مدى ثلاثين عاما في اي امر من امور السياسة الا من داخل ماسورة بندقية

---

بلد بتاعة حلاقين صحيح
منذ بداية التسعينات بانت الرؤية و تخرجت من الجامعة و احرزت ترتيبا متقدما للغاية...و تقدمت لعدة وظائف مرموقة و لم يحالفنى الحظ حيث كان مبارك قد احكم سيطرته على البلاد و وضع نظاما رهيبا يقوم على المحسوبية بشكل اساسي و ان يفعل كل مسؤول بموقعه ما يشاء بلا حساب او عقاب و لن ينظر اي مسؤول في الدولة الى شكوى تأنيه من اسفل الهرم الوظيفي و سوف يحيلها الى "المشكو في حقه" ليفصل فيها و هكذا لو تظلمت من عسف رئيسك المباشر او كونه لصا مثلا.. فالشكوى سوف يتم تحويلها له ليفصل هو فيها و يتأكد ان يجعلك "عبرة" لمن لا يعتبر....و بالجملة فقد اسس مبارك وضعا اشبه بالغابة...و بعدها كنت اقابل اخرين محظوظين حظوا بالوظيفة المرموقة و هم يلوني في ترتيب التخرج بكثير و بعضهم متواضع المستوى و ناجح بالعافية اي بالكاد...سألت احدهم مرة بسذاجة عن لماذا لم يختاروني لهذه الوظيفة فرد قائلا "الواسطة" لابد ان تكون على مستوى لواء او اعلى فسألته مرة اخرى عن كيف عساه حصل على الوظيفة اذن..حملق في برهة وقال بضيق "احضرت لهم كارت توصية من لواء ..."

اضطررت للقبول بعمل و السلام حتى ينصلح الحال و معني ينصلح الحال ان احصل على عقد عمل في السعودية او الكويت...او اهاجر الى امريكا او كندا ان استطعت قابلت صديق ذات يوم لاسأله عن احواله فقال انه يعمل مهندسا لدي مقاول و ان هذا المقاول اصلا "حلاق" ضحكنا على الموقف...بعدها بعام قابلته فسألته عن المقاول الحلاق فقال لي تركته و اعمل عند مقاول اخر سألته مازحا عن اصل مهنة هذا المقاول فرد على بكل جدية "منجد" و لم نضحك هذه المرة فقد ادركنا ان الموضوع جد لا هزل فيه

---

لقد هرمنا ياولاد الجزمة

اراجع مدونة تليفوناتي القديمة لابحث عن اصدقاء زمان ...الغالبية منهم لا يعيشون في مصر منهم من هاجر الى الخليج و منهم من هاجر الى امريكا...كندا ...استراليا....كازخاستان..جنوب افريقيا... ماليزيا و بعضهم اخذها "كعب داير" فمن كندا الى امريكا الى دبي الى السعودية و في اخر حوار معه قال انه يريد ان يعود الى امريكا مرة اخرى ...سألته هل اولادك معك اجاب بنعم سألته بماذا يشعر الاولاد و اي بلد يعتبرونها بلدهم قال لا اعلم الاولاد ليس لديهم وطنا محددا.

اجتمع عدد من أهل المنفى هؤلاء يوما في مصر...الشيب قد خط شعورنا جميعا و لكن لازالت روح الدعابة حية... الجميع يريد العودة بلا استثناء لكنها فقط اماني... و الابناء المولودون في الغربة وضعوا اسسا لقطيعة موضوعية مع الوطن الذي صرنا فيه مواطنون من درجة متدنية...فالاولى محجوزة لفئة السوبر باشاوات المشرفين حاليا في سجن مزرعة طرة ...تليها الثانية التي يحظى بها مساعدوهم و ابواقهم الاعلامية و رجال امنهم ثم عامة الشعب في فئات ادنى من هذا حسب وضعهم المادي...كل برغوت على قد دمه...
بعض المحظوظين من اهل المنفى حصلوا على جوازات سفر اجنبية يستخدمونها وقت اللزوم في ردع ضابط شرطة مغرور او متكبر.. الذي يتمنى بدوره ان يبطش بصاحب الجواز الاجنبي اسوة بالمصري و لتوزيع القمع على الجميع... لكنه مضطر "لكظم غيظه" فخطاب استنكاري من سفارة اجنبية-حبذا لو كانت السفارة الامريكية- قد يجلب له المتاعب .. و الادب فضلوه عن العلم كما يقولون..الاولاد "خلطبيصه" -اي خليط غير متجانس- اذا اجتمعوا فمنهم من يتحدث الانجليزية فقط و منهم الفرنسية تعلمها في كيبيك بكندا..و منهم مصري مكسر مع الانجليزية و منهم عربي مصري على خليجي على انجليزي بلكنه هندية تعلمه في مدرسته بدبي

لا اراقب الشيب في رأسي كثيرا و لكني اكتشفه فقط عندما تسرح عيناي في رؤوسهم التي اشتعل بعضها شيبا و اكتشف ان العمر راح و مبارك لا يزال يصبغ شعره بالاسود و ان ابنه من بعده سيرث ابنائي من بعدي ليتأكد تماما من اضاعتنا جيلا بعد جيل

لقد هرمنا نحن ايضا و ليس فقط الرجل الذي يظهر في اعلان قتاة الجزيرة لم يكن يتخيل جيلي الذي كان يرتدي البنطال القصير يوم تولى حسني مبارك ان مبارك يمكن ان يذيب هذه الاجيال المتعاقبة من المصريين و ان يفرض عليهم ا الاغتراب و الضياع و الشعور القاسي و المريع بفقدان الوطن و الصعلكة و السرمحة في ارجاء الكرة الارضية بلا اي امل في استعادة ما كان يوما وطن

رائعة ومعبرة، حقيقة يا زميل اشعر بالأسى على الاجيال اللي راحت والعاقبة للباقين، يعني..

انشالله بتتعوض باولادك

اقتباس:اراجع مدونة تليفوناتي القديمة لابحث عن اصدقاء زمان ...الغالبية منهم لا يعيشون في مصر منهم من هاجر الى الخليج و منهم من هاجر الى امريكا...كندا ...استراليا....كازخاستان..جنوب افريقيا... ماليزيا و بعضهم اخذها "كعب داير" فمن كندا الى امريكا الى دبي الى السعودية

المدهش أن هذا المشهد حدث بالفعل ليس معى فقط ولكن مع كثيرين ممن أعرفهم ووجدت نفسى أتصل بأصدقاء قدامى فى إستراليا ودبى وكندا ووجدت مكالمات تأتينى من جنوب أفريقيا وألمانيا ونيوزيلندا وبدأت الحياة تدب فى شبكة علاقات أعتقدت أنها ضاعت للأبد والقاسم المشترك بيننا كان فرحة غامرة وأحاديث العودة لبلد ديمقراطية يحترم فيها القانون.

هل اعلاه عن مصر مبارك وجمال وعلاء أم سوريا حافظ وبشار وماهر؟

لقد هرمنا

اقتباس:قد هيجت الدنيا على السادات في حياته و اتهموه بالتوسع في انشاء "الاستراحات الرئاسية" في اقاليم البلاد و استفزاز الفقراء ... و لم يكن الرجل يتقلب في النعيم كما اشاعوا عنه بل كان يجول مواقع الانتاج

ليش هو ضل انتاج في عهد السادات و اللي بعده؟

اقتباس:هل اعلاه عن مصر مبارك وجمال وعلاء أم سوريا حافظ وبشار وماهر؟

كل قمعستان و فسادستان دقة وحدة