دمشق وحلب لم تنضما الى «الثورة»... لكن صوت النظام فيهما صار ضعيفاً
الجمعة, 10 يونيو 2011
تظاهرات في درعا (أ ف ب).jpg
فيكين شيتيريان *
لماذا تبدو دمشق وحلب (أكبر مدينتين في سورية) هادئتين نوعاً ما فيما تشهد أنحاء البلد كلّها ثورة؟ وما تأثير ذلك على مستقبل سورية؟ هذه محاولة للإجابة عن هذا التساؤل بعد زيارة لدمشق دامت أياماً.
تناقض زيارة دمشق كلّ ما نراه على شاشات التلفزة عن هذا البلد، إذ يخيّم الهدوء على العاصمة السورية، وتبدو الشوارع مزدحمة كالعادة، والمحال التجارية مفتوحة الأبواب، والناس منهمكة في مشاغلها اليومية. وحتى في ضواحي المدينة البعيدة مثل مدينة حرستا، تستمر الحياة اليومية كالعادة فيما تفتح المحال التجارية أبوابها مساءً في ضاحية جرمانا التي شهدت أعمال تطوير أخيراً والتي يقطنها عدد كبير من «الأشقاء» العراقيين (لا يسمّون في سورية «لاجئين») ويبقى بائعو الفاكهة قابعين في زوايا الشوارع ينادون الزبائن، وتظلّ الطرق مزدحمة حتى ساعة متأخرة من الليل.
يجب أن ينظر المرء حوله بتمعّن كي يعرف ما الذي يبدو غير اعتيادي في هذه المدينة: فقد رحل السياح عن أسواق الحميدية الشعبية وعن جامع الأموي باستثناء الحجاج الإيرانيين.
واللافت هو أنّ الجميع يتكلم في السياسة من دون أن يخاف من ردّ فعل الاستخبارات. ويقول أحد الأجانب المقيمين في المدينة: «بتنا نرى صوراً أقل لبشار الأسد على واجهات المحال».
لكن، على رغم «إشارات» التوتر هذه، حافظت دمشق، عاصمة البلد الذي يشهد ثورة، على هدوئها. ويصعب على المرء أن يصدّق أنّ بعض القرى والبلدات في ريف دمشق مثل دوما وداريا والمعضمية والزبداني هي من بين المدن التي تشهد ثورات شعبية منذ أسابيع، وباتت فيها التظاهرات والصدامات وسقوط الضحايا حدثاً دورياً أسبوعياً. وفيما تحوّلت القرى والبلدات مثل درعا في الجنوب، وتلكلخ على الحدود مع لبنان، واللاذقية وبانياس على البحر المتوسط، وحمص والرستن وحماه في الغرب، وجسر الشغور في الشمال، والحسكة والقامشلي على الحدود الشرقية الشمالية الكردية، ودير الزور في الشرق، إلى ساحات تظاهرات ومواجهات، يشهد الريف السوري كله ثورة إذ يُرسم واقع سياسي جديد.
إلا أنّ المدينتين الأساسيتين أي حلب ودمشق حافظتا على هدوئهما إلى «حدّ مزعج» على حدّ تعبير المراقب الأجنبي نفسه.
وجود أمني كثيف
يطل جبل قاسيون على مدينة دمشق ويعدّ وجهة سياحية مهمّة. استقللتُ في بعد ظهر يوم سيارة أجرة وتوجّهت إلى هذا الجبل. احتسيتُ فنجان قهوة عربية ورحتُ أستمتع بالمنظر الهادئ الذي يميّز المدينة القديمة. كان الطقس جميلاً فقرّرتُ أن أسير باتجاه وسط المدينة. حين انعطفتُ وبدأت أمشي نزولاً، ظهر جندي من الحرج وأمرني بعدم التوجه نحو اليسار. ومن دون أن أناقشه، أطعت أمره واجتزت الطريق باتجاه الناحية المواجهة التي تطل على منظر أفضل للمنحدر الممتد نزولاً الى شمال غربي المدينة.
كانت التلة تعج بالجنود المدججين بالسلاح الذين يتوارون وسط الأشجار. وحين سألتُ في ما بعد صديقاً سورياً إذا كان هذا الوجود العسكري الكثيف عادياً في هذه التلة أجاب: «كلا، لم يكونوا موجودين هناك من قبل».
سريعاً ما يلاحظ الزائر وجوداً كثيفاً للقوات المسلحة ولرجال الأمن في أنحاء مختلفة من دمشق. ومن منطقة المزة وصولاً إلى غرب وسط المدينة، تنتشر المباني الشاهقة التي يسكن فيها ضباط في الجيش وعائلاتهم،
وقد تمّ أخيراً بناء جدار من الإسمنت حول هذا الحي فيما يتولى جنود حراسته حراسة مشددة. وتمّ إيلاء القوات العسكرية الخاصة مهمّة حراسة الوزارات المتعددة في دمشق إلى جانب رجال الشرطة المدججين ببنادق كلاشنيكوف أوتوماتيكية ويرتدون سترات مضادة للرصاص. كما يمكن رؤية رجال أمن بلباس مدني يحملون مسدسات وبنادق في زوايا متعددة من المدينة.
يحاول مراقبو السياسة السورية تفسير مفارقة اشتعال الثورة في الريف السوري والهدوء النسبي الذي يخيّم على المدينتين اللتين تضمان حوالى نصف شعب البلد. يفيد التفسير الأول بأن الإصلاحات الاقتصادية التي تمّ تحقيقها في عهد الأسد الابن الذي تسلّم زمام السلطة عقب وفاة والده عام 2000، أفــــادت دمشق وحلب وهمّشت عدداً أكبر من المدن في المحافظات حيث تبدو الثورة محتدمة. ويفيد تفســـير آخر بأنّ النظام السوري قد نشر قواته وقوات النخبة الأكثر وفاءً في هاتين المدينتين وحولهما.
أما العنصر الثالث الذي يفسّر الاستقرار النسبي في العاصمة ويغيب عن وسائل الإعلام، فهو أن جزءاً كبيراً من الشعب لم يعد يخاف من قمع النظام إلا أنه يخشى ما قد يحصل في حال انهار. ويقول تاجر: «لا نريد عراقاً أو لبنان آخر هنا». يخاف عدد كبير من الأشخاص في دمشق من النزاع الطائفي الذي قد ينشب مع انهيار النظام الأمني المتشدّد لا سيّما أن سورية تقع، بخلاف تونس ومصر، في جوار العراق ولبنان.
تشهد سورية انتفاضة المناطق المهمّشة اجتماعياً، والتي تعاني غياباً في المؤسسات والخدمات، وحيث يتجلى الوجود الوحيد للدولة في وجود رجال الأمن.
تراجع موارد النظام
يعتبر النظام السوري أن مصدر قوته الأساسي يكمن في دعمه للمقاومة المناهضة لإسرائيل. إلا أنّ المصدر الأساسي لقوة النظام حالياً هو استمرار بعض شرائح الشعب في اعتباره ضمانة للاستقرار والأمن. إلا أنّ هذا المورد يبدو ضعيفاً ويتقوّض جرّاء المواجهة العنيفة الحالية. فحدّة الثورة التي انطلقت في درعا في منتصف شهر آذار (مارس) لم تتراجع في ظلّ القمع العنيف بل إنها انتشرت في أنحاء البلد. فهل ستعرف السلطات السورية كيفية استخدام مصدر قوتها الأهم والأكثر هشاشة ألا وهو تجسيدها «الاستقرار» إلى جانب اعتبار جزء من الشعب أنها تمثّل الضمانة ضد الانزلاق نحو الفوضى؟ لا يزال عدد كبير من المدن محاصراً ووسائل الاتصالات والطرق العامة مقطوعة فيما البلد معزول عن العالم الخارجي.
فكم سيدوم هذا الوضع قبل أن تعتبر طبقة التجار النظام جزءاً من المشكلة وليس الحل؟
قال لي صديق سوري يؤيّد الوضع الراهن: «لا يهمّني من الذي يحكم أو نوع النظام، أنا أريد أن يذهب أولادي إلى المدرسة وإلى الجامعة من دون أن أخاف على سلامتهم». لكنه يبدو اليوم قلقاً على سلامة عائلته بسبب الوضع الحالي.
ومع مرور الوقت، يبدو أنّ السلطات تخسر مواردها. يعتبر مراقب للوضع في دمشق أنّ «السلطات لم تعد تملك خيارات كثيرة. أولاً، حاولت قمع الموجة التي بدأت قمعاً عنيفاً. إلا أنها أخفقت في ذلك بوضوح. ومن ثمّ أعلن الرئيس إجراء إصلاحات ووضع حدّ لحال الطوارئ إلا أنه قال إنه سيطبق الإصلاحات على طريقته وبحسب وتيرته. ولم يلاق ذلك استحسان الشعب فانتشرت الثورة أكثر». ويضيف مراقب آخر: «لا القمع ولا الوعد بإجراء إصلاحات سيهدّئ الوضع. لقد تمّ الإعلان عن إجراء حوار لكن مع من؟ لم يتمّ تطبيق ذلك. فكيف يمكن التوصل إلى نتائج ملموسة؟ ما الذي يسع السلطات تقديمه إلى الشعب من أجل تهدئة الوضع؟ فالوعد الوحيد الذي يمكن للرئيس قطعه هو أن يكون قائد عملية الانتقال السياسي». في هذا الوقت، تدير السلطات الوضع كلّ يوم بيومه مستخدمة القمع تارة والوعد بالحوار تارة أخرى.
أما السؤال الثاني المفتوح للنقاش فهو إلى متى يستطيع النظام السوري تحمّل مواجهة مماثلة؟ تنتشر قوات الأمن في شكل كثيف وتحتاج هذه العمليات المكثفة إلى موارد. كم من الوقت تستطيع خزينة الدولة تأمين تمويل مماثل؟ أما الترف الذي يكلّف غالياً فهي الإعانات المالية التي وعد النظام السوري بتقديمها من أجل تخفيف حدّة الغضب الشعبي، وقد تمّ رفع الأجور وخفض أسعار الديزل من 20 إلى 15 ليرة سورية لليتر الواحد.
لكن، يشك عدد كبير من الأشخاص في أن تتمكن الدولة السورية من تحمّل هذه النفقات فيما العائدات تتراجع تراجعاً كبيراً. ألا يعود سبب الثورة الحالية المندلعة جزئياً إلى الأزمة الاقتصادية العميقة التي تصيب المناطق الريفية والمحافظات في شكل خاص؟ في الواقع، سجّل قطاع النفط الذي غطّى العجز التجاري في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي تراجعاً. وبدأت سورية عام 2008 باستيراد النفط. وتعاني الصناعات التقليدية مثل صناعة النسيج أزمة بسبب المنافسة الأجنبية. ويبدو أنّ العلاقة الودية بين سورية وتركيا أثرت سلباً في الإنتاج الوطني لا سيما أنّ الأسواق تفيض بالمنتجات التركية الأدنى سعراً فيما تشكّل المنتجات الصينية المنافس الخطير الثاني لها. أما القطاع الزراعي فيوظف 30 في المئة من اليد العاملة إلا أنّ هذه السنة هي السنة الخامسة على التوالي التي يشهد فيها هذا القطاع أزمة بسبب الجفاف. في السنة الماضية، دعا برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة إلى تقديم مساعدة إنسانية ملحة إلى 300 ألف شخص في المنطقة الشمالية الشرقية (تشمل الحسكة والرقة ودير الزور) فيما رحل مئات الآلاف من الأشخاص عن أراضيهم في هذه المناطق وانتقلوا إلى مناطق أخرى مثل ريف دمشق وحمص ودرعا، ما رفع الضغوط على فرص العمل والسكن. وبعد عقود من اعتماد سياسات فاشلة ومن تهميش الاقتصاد في المحافظات، ما مدى فاعلية هذه الإعانات القصيرة المدى؟
كانت الطريقة الوحيدة للخروج من الأزمة الاقتصادية تعتمد على القطاع السياحي وعلى الاستثمارات الأجنبية من أجل تحديث الصناعة والخدمات. يعاني هذان القطاعان اليوم أزمة حادة بسبب الوضع الأمني الحالي ومن شأن العقوبات الدولية أن تضر أكثر بتوافر العملة الصعبة. يطلب البنك المركزي من المصارف الخاصة رفع إيداعاتها من 30 مليون إلى 300 مليون ليرة سورية وهو تحرّك يائس يمكن أن يتسبّب بفرار رؤوس الأموال من البلد.
تقدّم وسائل الإعلام السورية الرواية الرسمية الوحيدة للأحداث. فهي تتحدّث عن مؤامرة أجنبية تهدف إلى إضعاف الممانعة السورية ضد إملاءات الغرب وتدخله في الشؤون الإقليمية: رفض المساومة على القضية الفلسطينية ودعم مقاومة «حزب الله» اللبناني ضد إسرائيل والتحالف مع إيران. وبحسب الخطاب الرسمي، فان هذه المؤامرة ممولة بأموال أجنبية، فيما تشكّل الحملات الإعلامية التي تنظمها قنوات تلفزيونية عربية مثل «الجزيرة» أدوات لها، وفق الرواية الرسمية نفسها. ويعرض التلفزيون السوري أيضاً صوراً لضباط أمن أُدخلوا الى المستشفى بعد إصابتهم بطلقات نارية على يد «العصابات المسلحة» إلى جانب مواكب تشييع ضباط قُتلوا خلال المواجهات.
وقد لفت انتباهي برنامج حوار يُعرض على قناة «الدنيا» استضاف الدكتور جمال محمود وهو أستاذ في العلوم السياسية في جامعة دمشق. لم يقدم الأستاذ أي تفسير لما يجري فيما بدا تحليله للأحداث مختلفاً عن ذلك الذي يذاع على وسائل الإعلام الرسمية. لكن، يستحق عنصران على الأقل في المقابلة عناء التوقف عندهما. كان محمود يتوقع «أن يقوم الرئيس بشار الأسد بتحرك حاسم» لوضع حدّ للثورة، وهو أشار إلى نقطة مهمة تتمثل في انه «يجب على القوى كلها التمسك بالوحدة الوطنية من أجل الخروج من الأزمة». وتابع الأستاذ هذه المرة بدقة أكبر، فدعا كل المجموعات المذهبية إلى التوحد! بمعنى آخر، بعد أن حكم حزب البعث على مدى أربعة عقود معلناً اعتماد النظام العلماني، يبدو أنّ الفاعلين السياسيين في البلد هم مجموعات طائفية على غرار نظام «الدخن» العثماني.
الطبيعة الغامضة للثورة
لا يساعد المشهد الذي نقل من دمشق على إدراك طبيعة الثورة. فأفضل ما يمكن القيام به هو عرض بعض الانطباعات وطرح الأسئلة ومراجعة المرء قناعاته. من الواضح أنه بعد ما يزيد على عشرة أسابيع على بدء الثورة، ليس في سورية ما يشبه «ميدان التحرير». ويشير مراقب أجنبي إلى «إمكان وجود ديناميات محلية قائمة علماً بأن كل دينامية تملك منطقها الخاص».
تعتبر درعا دينامية محلية خاصة. واعتمدت السلطات هناك سلوكاً وحشياً ضد الأولاد الذين كتبوا على جدران المدرسة «الشعب يريد إسقاط النظام»، ما أدى إلى احتجاجات وإلى اندلاع ثورة في ما بعد. ويبدو أن كلاً من مدينة اللاذقية وبانياس وحمص وحماه تملك أسبابها الخاصة التي أدت إلى اندلاع الثورة.
ويلفت المراقب الأجنبي إلى «عدم سقوط قتلى في المناطق الكردية منذ بدء الموجة. فقد حصل الأكراد على ما كانوا يطالبون به منذ وقت طويل. وهم لا يزالون يتظاهرون إلا أنهم لا يضعون ثقلهم الكامل في الموجة فيما السلطات لا تقمعهم بشكل عنيف، ما يدل على أن بوسعهم فعل ذلك إذا ما أرادوا. لكن، لم يتم فتح الجبهة الكردية بعد».
والجدير ذكره أنّ الثورة السورية مرتبطة بصلاة الجمعة وبالتظاهرات التي تليها. تعتبر هذه التظاهرات سلمية بغالبيتها. فلا وجود لتمرد مسلح يدفع أتباعه إلى التظاهر والوقوف في وجه قوات الأمن المسلحة. وفيما يلجأ الجيش إلى قمعهم بشكل عنيف، تتحوّل مواكب تشييع ضحايا يوم الجمعة يومي السبت والأحد إلى مناسبات جديدة للتظاهر ضد النظام وتحدّيه. وأكثر من أي شيء آخر، يبدو أنّ القمع العنيف من جانب النظام يحدّد طبيعة الثورة التي لا قائد لها ولا تنسيق لمجرياتها والعنف فيها متزايد.
وفي حيــــن أن غالبية التظاهرات سلمية، ثمة إشارات تدل الى وجود مقاومة مسلحة حين يقوم رجــــال الأمــــن بمحاصرة قرية بكاملها أو مدينة برمتهــــــا ويتصرّفون وكأنهم في ساحة عمليات عسكرية أساسية. يقومون أولاً بقطع كل وسائل الاتصال بما فيها الإنترنت والهاتف والكهرباء والمياه ويفتحون النار على الناس في الشارع ويدخلون أخيــــراً إلى المدينة الثائرة ويفتشون المنازل ويجرون حملة اعتقالات كثيفة. وتواجه عمليات مماثلة مقاومة مسلحة إذ يحمل الشعب أنواعاً مختلفة من الأسلحة الخفيفة، ما يؤدي إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين والقوات المسلحة. ولفت إحصاء أجراه المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل حوالى 1139 مدنياً و212 عسكرياً منذ اندلاع الثورة.
ويبدو أنّ المعارضة السورية في الخارج تملك تأثيراً قليلاً على الثورة القائمة في البلد. وينطبق الأمر نفسه على المنشقين عن إعلان دمشق عام 2005 الذين تمّ سجنهم وتعذيبهم على يد النظام الذي لم يكن يريد إجراء إصلاحات سياسية. لا قائد للثورة الحالية، وهذه معضلة بالنسبة إلى النظام، إذ لا يمكن وقف الثورة من خلال اعتقال قادتها أو دعوتهم إلى الحوار.
ماذا بعد؟
هل ما يحصل في سورية هو نزاع طائفي؟ الجواب هو لا أو أقله ليس بعد. فالسلطات تفرض عقوبات كبيرة على المناطق التي تتمرّد بغض النظر عن انتمائها المذهبي. ويساهم ذلك في سوق الحميدية في دمشق تعزيز ديناميات الثورة المحلية والشعبية. إلا أن الفكر والهوية الطائفية حاضرة في شكل كبير. يتردد على المسامع أن المسيحيين يخشون انهيار النظام ومواجهة المصير نفسه الذي واجهه المسيحيون العراقيون الذين اختفوا بعد أن هجروا بلدهم منذ انهيار نظام صدام حسين.
يبدو أن سورية تتغيّر وقد تغيرت في 15 آذار (مارس) من هذا العام إلا أنّ مستقبلها يعتمد على الطريقة التي سيحصل فيها انتقال السلطة. لقد أفرغ نظام البعث الذي يحكم منذ عقود الأحزاب السياسية من مضمونها. حتى أن حزب البعث لا يعدّ حزباً سياسياً في ظلّ غياب أي منافس له وآخر مرة نظم فيها الاتحاد العمالي تظاهرة للمطالبة بحقوق العمال هو قبل تسلم حزب البعث زمام السلطة أي عام 1963.
* كاتب سويسري من أصل أرمني