حزب الدكان
لا توجد أي أرضية ولا "سقفية" فكرية أو أهداف محددة لحزب الدكان، بإعتبار بساطة الأشياء التي يخزنها ذلك الدكان أو تلك التي يبيعها، و بإعتبار زبائنه و موقعه و مالكيه، فهو يقع في أقصى زاوية على حدود الوطن حيث البرد شديد و المنحدرات حادة، و الساحات ضيقة، و الناس يمشون فرادى،يحشر نفسه تحت ابط ساحة لا تشوش إنتظام المكان ،و بما أنه الدكان الوحيد فحزب الدكان هو الحزب الوحيد، و لإزالة كل غموض عن هذا الدكان من الواجب الإفصاح عن موقعه و أصحابه، بكل بساطة يقع الدكان في ميدا، و صاحبه "بو ديب" أو نصري شمس الدين و تديره بنت بنته "هيفا" أو فيروز.

يلجأ الإمبراطور المخلوع الى دكان هيفا و جدها "بو ديب" الصياد العتيق ليختبىء من إنتقام الإنقلابيين الشباب الذين اسقطوه عن عرش ميدا،و لكن الدكان يخفيه بصفته "برهوم" الرجل الذي ضرب زوجته و هرب منها بعد ان أستدعته الشرطة، تحتضنه الدكان بإدارة هيفا و تحسن أخفائه عن أعين الشرطة بدون أن تكترث حقا إن كان رجلا هاربا من الشرطة لضربه زوجته أو كونه أمبراطورا سرق مملكة،فهي تخفيه في مكان بارز بحيث يراه الجميع ، و لاينتبه له أحد ،يعقد "الإمبراطور" الذي تلبَسه برهوم حوارات مع هيفا حول الدكان و الأشياء المخفية ليكتشف أن هيفا لديها ميل لإخفاء الأشياء و الناس، تعجبه هذه الفلسفة ليخفي الإمبراطور الذي بداخله الى الأبد،و ينطلق عائدا الى كرسي إمبراطوريته عبر مهربي الجبل و لكن بلبوس برهوم المسكون بإمبراطور سابق مدعوم بعصابة تهريب عاتية.

الأمر الأول الذي يصدره الحاكم الجديد القديم تفتيش الدكان، أراد أن يقلب جميع الخبايا التي دستها هيفا في الزوايا ،رغم تشبع أنف برهوم بغبار الرفوف ورغم أنه أمضى زمنا في الدكان و جاس فيه و أستمع الى "شطحات" بو ديب عن التمساح و النمر و تشبع بجولات الصيد التي أقتنص فيها كل الحيوانات المنقرضة و رغم أنه عاين كل شيء في المكان و ما يحيط به ، و كان نفسه أحد الأشياء المخفية، لكن بحثه ذهب أدراج الرياح البارده ،لعله لم يعرف عن ماذا يبحث و لكن الريبه التي تملأ أمثاله تدفعه دفعا ليفتش و إذا لم يجد شيئا "ينبش" كالضبع، و لكنه لم يعثر على الشيء الذي لا يعرف ماهو، لذلك لجأ الى وسائل أخرى تستخدمها الدولة بما تمتلكه من قوة و حضور، فعاث في تلافيف المكان "كالحفار"،أما الأمر الثاني الذي صدر كان توقيف هيفا و بو ديب.هذا الأمر الذي اصدره الزعيم الجديد لا يعكس تنكرا و قلة وفاء منه لمن أخفاه بل يعكس حسا أمنيا صحيحا يخفف شعور الريبه.

هذا العالم الرحباني الذي ليس له اثر للواقع و لكنه مفعم بالوقائع و المسمى "يعيش يعيش"، عرض في عام 1970 و هي ذات السنة التي قاد فيها وزير الدفاع السوري حافظ الأسد إنقلابا سماه الحركة التصحيحية ، فحكم سورية لمدة ثلاثين عاما ، كان جزءا من سياق تعيشه كل دول المنطقة فرضه راهن دولي يتمثل بوجود قطبين عالميين ، و بعد أنهيار نظام القطبين اقتات النظام على تناقضات الإقليم ، فعاش معزولا تارة ، و مكروها تارة أخرى، و مقبولا على مضض دائما .

خلال أعوامه الثلاثين فتش النظام "الدكان" مرات عديدة و اعتقل اصحابها و كسر روؤس بعضهم ، ووطد استمرارية له ،لم يغير موت رأس النظام شيئا ،فظلت قسماته حاضرة وممسكة بكل شيء بإنتقال السلطة الى "نجله"، إنتقال أظهر قلة إكترات بمؤسسات و هيئات ابتكرها بنفسه ، بتمزيق إحدى صفحات للدستور و "عفس" ظهور أعضاء مجلس الشعب بجعل الرئيس اصغر عمرا من أصغر أعضائه. و بعد نوبات البكاء الجماعي المنتظم المنضبط بإيقاعات "يا شباب العرب هيا" على الزعيم "الخالد" بقي كل شيء على حاله ، فتخثرت نظرات المارة على مشهد وحيد و أعتادت عليه و تواطئت معه فأستسلمت له ببرود .

سأل برهوم هيفا "أنت من حزب الإمبراطور أم من حزب الإنقلاب"، أجابت بسرعة و عفوية "أنا من حزب الدكان"، كان الإمبراطور يتوسل نصيرا في محنته فقد شاهد من مكانه " البرهومي" و بمساعدة هيفا مدى جهل الإمبراطور و مدى بعده عن الشارع و مدى غربته عن الدكان، و عندما عاود الى ذات السؤال أجابته بحدة هذه المرة "قلتلك أنا من حزب الدكان"و كأنها مصرة على وجود مكان ثالث لا يعرفه و لم يختبره أمثاله،عذر هذا الإمبراطورالمخلوع بأنه لا يؤمن بمنزلة ثالثة فهو لا يعرف إلا مكانين فقط قصره الفسيح و ما يحيط به من خدم و حشم و مرقصي قرود و مقبلي أيدي،و مكان ثان لا يوجد به أحد.

بعد أربعين عاما و في لحظة تشكل وجيب جماعي صاعق لن يجد معه تفتيش الدكان، لذلك فقد قرر "برهوم" هدمها.

http://www.theloudwawi.com/search/label/...8%A7%D9%86

واااااااااااااااااااااااااااااااااووووووووووووووووووووووو!

جقل هنا؟

تحية كبيرة لك ولعودتك..

رائع ما سطرته..

تحيتي

لجقل الجقولة كلها

عاد جقل !
رغم انني دخلت النادي بعد رحيلك , لكنني استمتعت طويلا بقراءة ما كتبت
مرحبا بعودتك و عودة كل الكبار

اهلا بجقل .. موضوعك يروي ماجففه غيابك

غير انه للتعبير عن طيف اخر في سلطة الامبراطور "الممانع " يحتاج السيناريو لبعض التغييرات الغير جوهرية كأن نسمي حزب الامبراطور بحزب الشمعة، حيث وعلى الرغم من ان الامبراطور يستخدم الشمعة فقط لجعل الشعب بكامله يجلس على عامودها فإن اي احتجاج يجري قمعه تحت تبرير انه رفض لنور الشمعة

تحية

أهلا بكم جميعا...

غورو...شكرا لك
السلام الروحي...مازلت هنا عمت أوقاتا

فانسي هوني
استمتاعك بما أكتبه يسعدني و اشكر اهتمامك

طريف سردست

معك حق...التصرف باسم حزب الإمبراطور ممكن و لكنه ذو حقوق محفوظة لآل الرحباني و قد يرفعوا علينا قضية بتهمة التلاعب بوثائق رسمية....ما سمعت شو عملو بفيروز
أهلا بك مجددا

و هذه تحية جديدة