انتخابات برلين بالألوان، انتصار الأحمر وفك تحالفه مع الأحمر وتحوله إلى التحالف مع الأخضر

غيرت هزيمة الاف دي بي الساحقة كل قواعد اللعبة الديمقراطية وصدمت الجميع من أنصار ومعارضين



انتهت انتخابات البلديات والمحافظات البرلينية بأكثر من مفاجأة، و أظهرت نتائج فرز الأصوات الهزيمة

القاسية التي تعرض لها في برلين الحزب الديمقراطي الحر الشريك في الائتلاف البرليني وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم وكانت أسوأ انتخابات يخوضها منذ 45 سنة .

كما أبرزت نتائج الانتخابات أيضاً تراجعا طفيفاً في مكانة حزب اليسار فيما تقدم حزب الخضر وهو حزب مواقفه أيضا معقولة ومقبولة من الجميع, واحتل المرتبة الثالثة في عدد أصوات الناخبين في برلين بعد حزب السي دي أو الذي احتل المرتبة الثانية و حصد أصوات أكثر قليلاً مما جناه في عام ٢٠٠٦ . لكن انتصار الخضر حمل نكهة الهزيمة بسبب تراجع وهزيمة الحزب الديمقراطي الحر

على صعيد آخر فقد حلق الحزب (الديمقراطي الاجتماعي في المانيا ) (S P D ) عالياً حين تقدم على جميع الأحزاب محرزا أفضل النتائج الانتخابية له منذ سنة 2001 رغم تراجع حجم تعداد ناخبيه. ويعتبر الفائز الحقيقي والأول في هذه الانتخابات، كذلك

فان أحزاب يمينية اخرى نالت تقريبا نفس نسبة الأصوات السابقة. وإلى جانب الخاسر الأكبر وصاحب أثقل هزيمة في تاريخه السياسي الحزب الديمقراطي الحر، كان هناك عدد من الاحزاب الخاسرة كالحزب الوطني الديمقراطي في المانيا الان بي دي المعادي للأجانب والمسلمين.هذا الحزب الذي لا يخفي قادته

بمناسبة وبدونها عداءهم المحكم والثابت للمهاجرين الأجانب وبالذات للمسلمين منهم

خرافة أهمية طول تجربة الحزب السياسية

سببان أكدا أن ما يهم الناخبين ليس عمر الحزب الذي يضمن طوله نيل الخبرة اللازمة للعمل على جذب الناخبين ونيل رضاهم ولا هي إنكازات الحزب :المتوسطة التي يكاد يشترك فيها كل الأحزاب الديمقراطية في العالم

أولهما هو هزيمة الحزب الديمقراطي الحر الذي تأسس عام 1947 وقبل تأسيسه كحزب كان ضمن مجموعة الأحزاب الاشتراكية المنتخبة والحزب اليساري في المانيا والديمقراطي المسيحي. وكان ظهوره بارزاً بعد الحرب العالمية الثانية

ويحتل حالياً 93 مقعداً من أصل 620 مقعداً في البرلمان الالماني

والسبب الثاني هو انتصار حزب عمره أقل من خمس سنوات ويكاد لا يملك حتى الآن منهجاًواستراتيجية واضحين لتحقيق أهدافه انه حزب القراصنة، الذي يدور التساؤل بين

صفوف معارضيه حول مشروعية هذا الاسم قبل قبوله في البرلمان

الرابحان الفعليان

تصدر وسائل الإعلام اسمان أولهما هو الحزب الذي نال أعلى نسبة من الأصوات الاس بي دي الذي يرأسه كلاوس فولفورايت، أما الحزب الثاني فقد جذب اهتمام .

الجميع أيضاً رغم أنه لم يحصل إلا على ثلث ما ناله الاس بي دي فهو حزب القراصنة.

،ومرشحه الذي لم يتجاوز الثالثة والثلاثين غيرهارد انغر

و يبدو هذا العمر الفتي متناسباً مع الحزب الذي لا يتجاوز عمره ست سنوات وعمر رئيسه سيباستيان نيتز الذي لا يتجاوز الخامسة والثلاثين

ورغم أن الحزب لديه مطالب واضحة حول العدالة الاجتماعية وتعميم المعرفة وعدم احتكارها وهو المبدأ الذي يقوم عليه حزب القراصنة الذي يعتبر المعلومة ملكاً مشاعاً لا يجوز لأحد حجبها حتى صاحبها نفسه ! رغم ذلك يفتقر الحزب آلية واضحة للعمل ويفتقر أيضاً للمعرفة الكافية بالمعلومات المتداولة واللازمة، في لقاء تلفزيوني خمن ديون برلين ببضعة ملايين في حين أنها بضعة مليارات، وهنا يعود السؤال حول ترتيب الأولويات في البتنقيب عن المعلومة والمحاولة بكل الوسائل للوصول اليها على اعتبارها مشاعاً لا يجوز حجبها والتعامي عن مشكلة اقتصادية أهم تؤرق أهل برلين كونهم يدفعون ثمنها كل يوم

رغم ذلك يبدو انتصار القراصنة هائلاً ليس فقط لحداثة الحزب ولا لأنه خاض أول معاركه الانتخابية في برلين، بل لأن عدد أعضائه لا يتجاوز الثلاثة عشر ألف في حين يتجاوز عدد أعضاء الاس بي دي الخمسمائة ألف، وبالتالي فإن حصوله على ثلث ما ناله حزب الحزب الفائز يجعل النتيجة نصر ساحق لحزب فتي.

ائتلاف الألوان

رغم انتصار الاس بي دي الأحمر فإنه لم يملك كمية كافية تؤهله للحذم بمفرده، و أمام لا صلاحية تحالفه السابق الاف دي بي بعد هزيمته الساحقة فهو يحتاج إلى التحالف مع واحد من الأحزاب الأخرى، وإذا كان تحالفه مع الأسود أقرب إلى المستحيل فإن تحالفه مع الأخضر يبدو أقرب للواقع لما يحققه التحالف من أهداف يأمل تحقيقها إرضاء لناخبيه أو لأهدافه الخاصة، والأيام القادمة وحدها ستوضح قرار الأحمر الذي غلب الأسود بخمس نقاط لا يمكن استرجاعها في :

أحسن الأحوال قبل خمس سنوات

،واليوم بعد أن أصبح تحالف الأحمر الأحمر من الماضي، تبدو أفضل الفرص هي للخضر، توجها الاس بي دي باللقاء الذي جمع وزير داخلية من حزب الاس بي دي مع زعيم الخضر بعد ثلاثة أيام من إعلان نتائج لانتخابات يؤيد بقوة توقع تحالف الحمر والخضر ، وخصوصاً أن فاوفيرايت قدج أعلن عن الأجواء الايجابية التي أحاطت باللقاء والتي أتاحت للفرصة للمزيد من القضايا لطرحها على طاولة البحث ، مما أدى إلى تجاوز اللقاء المدة المخصصة له

وتأكيد زعيم الاس بي دي على تفهم مناخ برلين السياسي وتقبله للمعارضة تبقى مسألة التحالف ـ رغم أن الجميع يترقبون إعلانها ـ جانبية بالمقارنة مع المشكلات الحقيقية التي تواجه برلين وأهمها البطالة و تنامي العنف بكل

أشكاله والذي يتمنى السكان اختيار حلول ناجعة له ي. و يتغير السؤال قبل الانتخابات و بعدها، فيكون في البداية من يستطيع أن يقدم حلولاً للمشكلات القائمة، ليصبح هل سيستطيع الحزب الحاكم أو ائتلاف الأحزاب حل المشكلات القائمة بطريقة لا تخلف مشاكل جديدة ولا تعقد الوضع القائم

؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة