{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
طوارئ النظام وطوارئ التغيير
لايبنتز غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 409
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
طوارئ النظام وطوارئ التغيير
عبد الحليم قنديل

كالعادة، لحس مبارك وعده بإلغاء حالة الطوارئ المفروضة في مصر منذ دخل قصر الرئاسة بالصدفة عقب اغتيال الرئيس السادات على منصة العرض العسكري في 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1981، وقرر مد الطوارئ إلى نهاية أيار (مايو) 2010.

وليس في ما جرى مفاجأة من أي نوع، الا للذين أدمنوا - كالعبيد- على انتظار تحقق وعود الرئيس، رغم أن مبارك لم يصدق أبدا في وعد قطعه على نفسه أو على نظامه، فقد وعد أول عهده في الحكم بالبقاء لفترة رئاسية واحدة، واستمر إلى الآن لخمس فترات رئاسية، ويستعد - لا قدر الله- للسادسة، وباستفتاءات مزورة في أربع مرات، وبانتخابات قبيحة في الخامسة، ووعد - أول حكمه- بأن الكفن ليس له جيوب، في اشارة لمثل شعبي يعني أنه لا أحد يأخذ مالا إلى قبره، ويؤكد على أولوية الطهارة والقدوة، ثم انتهت مصر - بعد وعده- إلى الكفن وجيب عائلته.

ووعد مبارك بعدم بيع القطاع العام في خطب جهيرة أواخر الثمانينيات، وانتهى إلى بيع العام والخاص وأصول الثروة والدولة كلها، ووعد بعدم التوقيع على اتفاقية الحظر الكامل للتجارب الذرية أوائل التسعينيات، وقال عبارته الشهيرة: لن أوقع الا اذا وقعت إسرائيل، ثم وقع بطريقة أسرع من لمح البصر، ودون أن توقع إسرائيل، ووعد بعدم الافراج عن الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام احتراما لقرارات المحاكم، ثم أفرج عنه نزولا على رغبة إسرائيل، ووعد بعدم توقيع اتفاق الكويز، ثم وقعه لأن إسرائيل تريده، وأعاد السفير المصري لتل أبيب، وأمد إسرائيل بالبترول، وبثروة الغاز الطبيعي بالمجان كنوع من الجزية السياسية.

فقد تعود مبارك على الوفاء بالوعود اذا تعلق الأمر بإسرائيل، وعلى الحنث بها ان كان الطرف الآخر هو الشعب المصري، فهو يعرف مصدر القوة التي يستند إليها حكمه، ويلزم حدود الأدب بصدد رعاته الأمريكيين والإسرائيليين، لكنه - بالمقابل- يحتقر الشعب المصري ويزدريه، فالشعب المصري ليس صاحب فضل عليه، فهو لم ينتخبه انتخابا حرا مباشرا في أي وقت، ثم إنه يبدو - في الشهور الأخيرة- راغبا في التمرد، ولذلك ترى مبارك يلجأ دائما إلى حيلة الوعد المؤجل، ويتحول في عمله السياسي إلى ما يشبه دور عبد الفتاح القصري في فيلم ابن حميدو، كان القصري - في دور المعلم حنفي- يخاف من زوجته المفرطة السمنة، ويكره خضوعه لها في الوقت نفسه، ويرد عليها أحيانا بتهديده الشهير كلمتي ما تنزلش الأرض، وما ان تزجره الزوجة السمينة بنظرة عين، حتى ينكص القصري على عقبيه، ويردد عبارته المنكسرة تنزل المرة دي!، وسياسة عبد الفتاح القصري التي يعمل بها مبارك تفسر مصير وعوده، فهو يفي دائما بوعوده لأمريكا وإسرائيل لأنها في مقام الأوامر المرتدة، ويحنث دائما بوعوده للشعب المصري، ويعامله كجماعة من السذج، ويتبع دائما سياسة وعد فأخلف، وقد وعد الصحافيين المصريين بإلغاء عقوبة الحبس قبل سنين، والنتيجة أن نظامه تخصص في إرهاب الصحافيين!

ومد حالة الطوارئ يبدو طبيعيا تماما، فمبارك والطوارئ توأمان ملتصقان، وأي جراحة لفصل أيهما سوف تنتهي بموت الثاني، فلا يستطيع مبارك حكم مصر لساعة واحدة بدون الطوارئ، ربما لأن حكمه ذاته هو حكم طوارئ، فليس من شرعية للنظام بأي معنى، ليس من شرعية بانجاز التاريخ، فأفضل انجاز حققه مبارك هو أن جعل المصريين يكرهون مصر، وليس من شرعية بأصوات الناس، فقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا - في استثناء نادر- قرارا تاريخيا في أواسط سنة 2000، كان القرار الذي تعثر كثيرا يخص الاشراف القضائي في الانتخابات والاستفتاءات، وكان المطلوب تفسير نص المادة 88 في الدستور قبل تزويره الأخير، والمادة المذكورة كانت تنص على الاشراف القضائي الكامل، وجاء حكم المحكمة صريحا قاطعا في مؤداه ودلالته، فقد بدت المعادلة رياضية تماما، وأكدت المحكمة أن توافر الاشراف القضائي يعني وجود قاض على رأس كل صندوق تصويت، وقد جرت استفتاءات الرئاسة في 1981 و1987 و1993 و1999 بدون توافر الشرط الجوهري الذي قضت به المحكمة الدستورية، وجرت جولات الانتخابات البرلمانية في الفترة ذاتها بدون توافر الشرط نفسه، وهو ما يعني - بالحرف- أن كل الانتخابات والاستفتاءات التي جرت في العشرين سنة الأولى من حكم مبارك كانت غير شرعية حتى في الاجراءات.

وفي السبع سنوات الأخيرة صارت القصة أسوأ، فقد عمد مبارك إلى تعديل في المادة 76 من الدستور المتعلقة باختيار الرئيس، وجعلها مفصلة على مقاسه قبل اغتصابه الخامس للرئاسة في 7 أيلول (سبتمبر) 2005، ثم أعاد التعديل والتفصيل في المادة ذاتها، وفي 33 مادة أخرى بينها نص المادة 88 المتعلقة بالاشراف القضائي، وانتهى لتفكيك مبدأ الاشراف نفسه، وأطاح بباب الحريات بتعديل استثنائي في نص المادة 179، وهكذا أطاح بالدستور نفسه بعد اعتياده على مخالفته والعيش في الحرام الدستوري، وصار الوضع كله غير شرعي بما فيه نص الدستور، فقد كان واردا أن توصف الانتخابات والاستفتاءات المصرية بالتزوير المنهجي قبل تعديلات الانقلاب على الدستور أوائل 2007، وبعدها لم يعد واردا الحديث عن انتخابات من أصله، فقد تحولت الانتخابات إلى تعيينات بالأمر الاداري، وعلى طريقة ما جرى في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى ومهازل انتخابات المحليات الأخيرة، والمحصلة: أن الدستور تحول إلى دستور طوارئ، وكان طبيعيا - والأمر كذلك- أن تكون حالة الطوارئ هي الأصل لا الاستثناء، فقد سقطت الأقنعة كلها، وانتهينا إلى دوس الدستور ودوس حقوق الناس.

وفوق الإخلاف الوعود، وطوارئ الاجراءات التي يتسم بها حكم مبارك الفاقد للشرعية، تبدو الطوارئ في حكم الضرورة لنظام على حافة نهايته، ولا علاقة للضرورة - المذكورة- بحكايات الارهاب، فقد انتهت الحوادث التي قد يصح وصفها بالارهابية من زمن طويل، وكانت حادثة الأقصر - أواخر 1997- علامة النهاية، بينما عمليات طابا ودهب - في السنوات الأخيرة- مجرد حوادث معزولة في شرق سيناء الفارغ من مضامين السيادة، ودعك من الحادث الملتبس الذي وقع شرق القاهرة مؤخرا - وبالعمد- لتسويغ مد الطوارئ! وجماعات العنف المصري - الجهاد والجماعة الاسلامية- انتهت إلى مبادرات التوقف قبل سنين طويلة، فليس في مصر خطر ارهاب بالمعنى المفهوم، وهذه ليست وجهة نظر نظام مبارك بالطبع، فالنظام يعتبر الشعب المصري نفسه شعبا ارهابيا.

نائب بالحزب الوطني الحاكم قالها بوضوح دفاعا عن مد العمل بالطوارئ، قال بالنص ثمة قوى تحاول تعبئة الشارع ضد النظام، وهنا مربط الفرس، فقد بدا مد حالة الطوارئ ردا مباشرا على انتفاضة 6 ابريل، وبعد أن كشفت حوادث الانتفاضة المجيدة عن احتمالات تطور الأمور في مصر، فثمة نظام ذاهب بالمعنى الاجتماعي والسياسي، نظام بلا قواعد اجتماعية تقريبا، وباقتصاد هش تضغط عليه بعنف زيادات أسعار الغذاء ومنتجات الطاقة دوليا، وبميزانية منهوبة منهكة مثقلة بديون داخلية وخارجية تفوق اجمالي الناتج القومي، وهو ما يعني أنه لم تعد من فرصة للنظام في مرونة التصرف بالاقتصاد، ولا في تجديد أو استعادة قاعدة رضا اجتماعي، وقد كانت علاوة الثلاثين بالمئة لموظفي الدولة وما تبقى من القطاع العام، كانت هذه العلاوة الشحيحة آخر طلقة اجتماعية في جيب مبارك، ولم تكد تمر أيام حتى صدرت قرارات رفع الأسعار في 5 ايار (مايو) الفائت، وبنسبة تفوق ضعف العلاوة الأخيرة لمبارك، وهكذا صار النظام بصدد انسداد أفق اقتصادي واجتماعي.

أضف إلى ذلك ما جرى من انسداد سياسي، وانحسار في حدود الحكم إلى صورة الرأس العائلي المعلق على عصا أمنية متضخمة متورمة، وبما يشبه الرؤوس المعلقة على أبواب المدن القديمة تذكيرا بالعبرة والعظة، وهو وضع رممي تزيد فيه المخاوف من حركة الناس، خاصة مع اتجاه المصريين لمغادرة محطة الركود التاريخي، واكتساب فنون الاحتجاج السلمي، وتصاعد ظاهرة الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات السياسية ثم الاجتماعية، ثم لقاء موجتي الاحتجاج السياسي والاجتماعي في انتفاضة 6 نيسان (ابريل)، وهو ما يستدعي من النظام الذاهب تشددا أكثر في استخدامات حالة الطوارئ، فقانون الطوارئ يحظر التحركات الشعبية كلها، ويعتبر اجتماع خمسة أشخاص في الطريق العام تجمهرا يعاقب عليه القانون، ويطلق يد جهاز أمن الدولة في الاعتقالات المجانية، وقد كان ملفتا أن أوامر الاعتقال بدت محجوزة - في زمن طويل- لشباب التيار الاسلامي بجناحيه العنيف والسلمي، لكنها في الشهور الأخيرة - وبعد 6 نيسان (ابريل) بالذات- امتدت إلى قادة حركة كفاية وشباب الفيس بوك وقيادات الغضب الاجتماعي، وهو ما نتوقع تصاعده في صيف القاهرة الساخن الممتد إلى يوم يرحلون.

وربما يكون في مد حالة الطوارئ - هذه المرة- فائدة ترجى، ليس للحكم فهو في وضع المريض الميئوس من شفائه، بل للمعارضة التي سقطت رهانات الاصلاحيين فيها، فلم تعد المعارضة بالقطعة ذات معنى، ولم يعد من سبيل للاصلاح، وهو ما يوجب اعادة تعريف المعارض في مصر الآن، فليس معارضا - في ملتي واعتقادي- من يراهن على امكان تغيير سلوك النظام، وان وجد شخص كهذا فهو واحد من اثنين، اما أنه لا يعيش في مصر أصلا، أو أنه يعيش فيها وليس عنده خبر، ويعرف الحق ويكتمه بالباطل أو بالخوف، فلا فرصة لالغاء الطوارئ بغير الغاء النظام نفسه، ومطلب تغيير النظام لم يعد في خانة الحد الأقصى، بل أصبح الحد الأدنى لتعريف المعارض والمعارضة في مصر هو السعي لتغيير النظام لا تغيير السلوك، واستنادا لانتفاضة الناس وأساليب العصيان والمقاومة المدنية السلمية، وليس بألعاب السيرك في الانتخابات والبرلمانات، فقد مضى زمن الالتباس كله، مضى الزمن الذي حاورت فيه أحزاب منسوبة للمعارضة نظام مبارك مرتين، مرة في 1994، وأخرى في 2004، وانتهى حوار الطرشان إلى نتائج طبيعية جدا، زادت قبضة القمع وتكاثرت قوانين الاستثناء، وانتهت أحزاب المعارضة المحاورة إلى أشباح وشواهد قبور، والبديل: اعلان طوارئ تغيير مقابل المد الثلاثيني لحالة الطوارئ.
06-03-2008, 09:44 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  ملامح التغيير في المشهد السوري… الانتخابات وظروفها.. وما بعدها Rfik_kamel 26 1,845 06-15-2014, 03:33 PM
آخر رد: Rfik_kamel
  جحوش النظام السوري! forat 13 1,717 01-16-2013, 06:13 PM
آخر رد: salem mohamed
  هل سقط النظام السورى ام غدا سيسقط ؟؟؟؟؟؟ على نور الله 30 6,301 06-16-2012, 08:32 PM
آخر رد: Rfik_kamel
Thumbs Up النظام واختطاف الطائفة غالي 2 902 06-14-2012, 03:29 PM
آخر رد: غالي
  النظام السوري ينجح في قتل الارهابية شهد demon 2 995 06-01-2012, 11:22 PM
آخر رد: ابن حمص

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS