{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
منطق ومنهج التغيير الاجتماعي عند اليسار الإسلامي
سمير زيان غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 11
الانضمام: May 2008
مشاركة: #1
منطق ومنهج التغيير الاجتماعي عند اليسار الإسلامي
منطق ومنهج التغيير الاجتماعي
عند اليسار الإسلامي


مدخل لقراءة "التراث والتجديد" لحسن حنفي


كريم الصياد*
?

(نقلًا عن مجلة حوار التونسية العلمية المحكّمة: عدد سبتمبر 2006)


"وما أملكه أراه كما لو كان في البعد، وما اختفى تحول عندي إلى واقع !"
جوته-فاوست

تقديم:
يحتل مشروع الدكتور حسن حنفي "التراث والتجديد" كما أسماه موقعًا متميزًا في حاضر الفكر العربي الحديث، وربما مستقبله أيضًا، حاول به أن يشق طريقًا ثالثًا بين العلمانية والسلفية التقليديتين، وأن يكون مشروعًا شابًا يواكب تطورات واقعه العالمي والعربي دون أن يفقد التوازن بين الالتزام الوطني، والوعي النقدي، بين الوعي الإسلامي لحضارته، والوعي الأوروبي لحضارة الغرب المقابلة .

وتعددت الأسباب المانحة موقعه كل تلك الأهمية، فمنها ما تعلق بمسار ذلك الطريق الثالث ذاته باعتباره ثالثًا، وباعتباره مسارًا متميزًا يطبق فيه تقنيات فلسفية مبتكرة وشائقة، بل و(شائكة)، إلى أقصى الحدود، ومنها ما تعلق بموضوعات ذلك المسار وخطورتها في تشكيل العقلية الإسلامية: كعلم الكلام وعلم أصول الفقه وغيرهما، ومنها ما ارتبط بالأهداف الوطنية والقومية والأممية التي رامها المشروع منذ بدأ، ومنها ما جذب الانتباه لترامي أطراف ذلك المشروع، وتعقدها، وتشعبها، وتوحدها مع ذلك تحت حدسٍ أساسي واحد وقدرة مرجعية على التنظير، بالإضافة إلى اتساع أبعاد التحليل والنقد وثراء الفروض .

والمدخل الأساسي للمشروع هو البيان النظري "التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم(1)"، والهدف أمام هذه الدراسة بيان ونقد الإمكانيات التنويرية التي تميز بها المشروع في إعلانه الرئيسي، من حيث النظرية وأسلوب التطبيق .

وبطبيعة الحال فإن التعرّض لقضية منطق التغيير الاجتماعي عند الدكتور حسن حنفي يُعد ضروريًا، إذ إنها القضية الرئيسية في المشروع كما يتبين من مطالعة البيان النظري وتطبيقات المشروع ذاته على التراث القديم والغربي معًا .

وتنقسم الدراسة إلى أربعة أقسام رئيسة: منطق التغيير الاجتماعي، ومنهج التغيير الاجتماعي، وثوابت المشروع، ونقد المشروع والذي يتضمن بدوره فقرتين: الجوانب النقدية في المشروع، والجوانب اللانقدية فيه، ويعني منطق التغيير نظرية صاحب المشروع في كيفية عمل أو حدوث التغيير الاجتماعي عن طريق التثوير الفكري، وهو جانب مثالي نظري، عندما يكون منهج التغيير جانبًا واقعيًا عمليًا منظورًا وملاحظًا في الممارسة بطول مسار المشروع حتى الآن، أما ثوابت التغيير فهي الموقع الذي تتم منه عملية الجذب أو الطرد المركزيين، وهو الأساس الضمني للمشروع بأكمله، وحصيلة تحليل الفصلين السابقين، وتختتم الدراسة ببيان أهم الجوانب النقدية التنويرية التي يمكن الاستفادة بها في مشروع تنويري قادم، ونقد الجوانب الأخرى التي قد تحتاج إلى مراجعة من وجهة النظر النقدية .

أولًا: منطق التغيير:
يدور الإشكال الأساسي للمشروع حول كيفية التغيير الثقافي للمجتمع والنهضة به، ومدى قدرة المفكرين على رسم خطة للنهوض والصحوة، وسبب فشل الحركات الفكرية السابقة والأبحاث التقليدية في ذلك .

ويظهر السؤال بعد تحديد الإشكال عن سبب فشل الحركات الفكرية والأبحاث والمشروعات السابقة، ويقوم المشروع على تحديد علة الفشل على أساسين: الأول: أن المحاولات السابقة ربما عرفت ماذا تقول، لكنها لم تعرف كيف تقول، وهذا معناه أنها لم تنتبه إلى أن أساس التغيير الاجتماعي هو التغيير النفسي، وأن دوافع الجماهير نفسية بحتة، والثاني: أن ذلك المخزون النفسي إنما يرتبط ارتباطًا أقوى مما تصور أصحاب المعالجات السابقة بالتراث، وبالتراث الإسلامي تحديدًا .

وعلى أساس هاتين النتيجتين يقوم المشروع بدءًا:
1) المخزون النفسي مصدرًا للفعل:
هنا يتحول البحث العلمي إلى فعل ينتظر رد الفعل النفسي، ويتحول القارئ إلى موضوع، والمفكر إلى باحث نفسي، لاسيما والنص يؤكد صراحة أن المشروع يقوم على منهج نفسي واجتماعي، نفسي لتحليل شعور الناس وسلوكهم، واجتماعي لأنه يهدف إلى تحليل الواقع وإلى أي حد ترتكز هذه الأبنية (الواقعية)على أبنية نفسية أخرى عند الجماهير( 2)، يتحول البحث من الرصد الموضوعي المحايد للظاهرة إلى جزء فاعل دافع للظاهرة وعلة لها من الفكر إلى الواقع، والوسيط (إلى) هو النفس البشرية .

يُعامل القارئ كموضوع متشيئ، بمعنى أنه يكف عن كونه ذاتًا في اعتبار المفكر، أي يتبدل هدف المفكر من (إقناعه) إلى (التأثير عليه)، وهو ما قد يجعل المفكر مثلًا يضغط في اتجاه ليتوجه هو في الاتجاه الآخر المقصود، أو يقلل المفكر من استخدام اصطلاح منفر غريب على البيئة الثقافية، أو يخاطب شريحة معينة من الجمهور، فتتوقف الحقيقة عن كونها عامة وموضوعية، وتتوقف عن كونها حقيقة، وتصبح رأيًا، هذه العملية يكتمل شقها الثاني في الفقرة الثانية عن ماهية التراث ودوره فيما يمكن لنا تسميته بـ (المعالجة الذاتية للتراث، والموضوعية للمتلقى) فالشقان لا ينفصلان، وتلاشى الحقيقة كهدف يُبتغى، أو كعقيدة ومبدإ يُعتقد فيه، هو بالذات ما يفتح الباب للمعالجة الذاتية الأيديولوجية للتراث، بل و يفتح الباب لقضية توحيد العلوم ذاتها كما سيلي .

(أيديولوجيا رد الفعل)، ربما يكون هذا هو التعبير الأليق، ويختلف عن (أيديولوجيا الفعل) بداهة في أنه يشير إلى تلك الأيديولوجيا التي تقدم ذاتها ليس كدعوة للإيمان بمبدإ ما والعمل به، بل أنها تعي رد الفعل الناتج عن تلك الدعوة المباشرة نتيجة للتراكم التاريخي للخبرة الاجتماعية والسياسية، وتتوقعه، بل وتقصده قصدًا ليكون كيفما تشاء، وهو ما يتضح في تفسير المشروع لأزمة التغيير الاجتماعي، وهي من الأهمية بمكان إذ إنها أساس المشروع، والمشروع رد فعل عليها، وعلى سبيل المثال "البداية بالمحرمات( 3)" كسبب من أسباب فشل التغيير بالقديم عند الجماعات والتيارات الدينية، مما يرسخ الإحساس بالذنب والخطيئة والمحرم "التابو" عند الجمهور، كذلك من أسباب فشل التغيير بواسطة الجديد "معاداة التراث القومي للجماهير(4 )" و"الفصل بين الأيديولوجيا والأخلاق( 5)" وغير ذلك، وبينما كانت هذه الأمثلة محدودة ومتعينة ومن موضوع واحد، إلا أن الظاهرة أعم من حصرها في جزيئات، هي ظاهرة تقنية التغيير الجديدة للمشروع ككل .

تتضافر هذه التقنية مع تقنية أخرى لامتصاص المخزون النفسي الجماهيري وتوجيهه، تلك التي يمكن تسميتها (بقانون الثالث الأيديولوجي)، وهو ما يعني باختصار أن المفكر أو التيار الفكري في تصديه لتيار معاكس يحتاج بالضرورة لتيار ثالث مضاد للتوجه النفسي عند الجماهير، وفي مقاومة التيار الأول للتيار الثالث تظهر مصداقيته وجدواه في أنظار الجمهور الذي يسارع بالالتفاف حوله وتدعيمه ضد ما سواه، وهي ظاهرة قديمة قدم التاريخ السياسي بطوله، المعتزلة مثلًا كانت ورقتهم الرابحة أمام من عاداهم وقوفهم في وجد الملاحدة والنصارى واليهود وابن الرواندي وغيره في المعارك الجدلية، مثلما كان الفلاسفة يجدون ورقتهم الرابحة في مقاومة التخلف والسفسطة بالمنطق والمنهج ضد تيار المتكلمين والفقهاء، ومثلما كان الماركسيون يقاومون الاستعمار والتطبيع والتدخل الأجنبي لاكتساب التصديق الشعبي، وذلك في مواجهة التيار الديني من جهة، والسلطة الحاكمة من جهة أخرى .

وبشكل عام يمكن صياغة ذلك القانون كالآتي: أن لكل طائفة أو تيار نوعين من الأعداء أو التيارات المضادة، نوع ينافسها على النفوذ الجماهيري، ونوع تتخذ من قدرتها على هزيمته شرعيةً لوجودها أمام النوع الأول وتصديها له .

بهاتين التقنيتين يمكن للمشروع أن يكتسب رأسماله الجماهيري، تارة بتوقع واستهداف رد فعل محدد وتجنب استثارة رد فعل آخر سلبي، وتارة عن طريق الدفاع عن مصالح المسلمين والأرض وحق التقدم للبلاد النامية، ولا يعني هذا سوء نية أو استغلالًا للعواطف الشعبية والدينية، بل هو تطبيق النظرية التي ترى أن العامل الأساسي في عملية التغيير هو المخزون النفسي للجمهور، وهي النظرية التي يمكن نقدها للأسباب التالية:
1- الاعتماد على المخزون النفسي الجماهيري كوسيلة للتغيير قد يفتح الباب للتغيير، ويغلقه في وجه التنوير .
2- الاعتماد عليه أقرب لأيديولوجيات واقعية الخمسينات والستينات التي نضب مخزونها الجماهيري أو شح بشدة بعد الهزائم المتتالية، وتمدد إسرائيل، وتمركز قوات الغرب حتى في الأراضي المقدسة، والشبهات الدائرة حول المقاومة الإسلامية عما إذا كانت إرهابًا أم دفاعًا شرعيًا، وسيادة روح الفتن بين الإسلاميين والإسلاميين، وبين الإسلاميين والعلمانيين، وبين الإسلاميين وغيرهم من أصحاب الملل الأخرى .
3- الاعتماد عليه يجعل النظرية بل والمشروع كله يقع في سلبيات النزعات الواقعية في الفكر والأدب، تلك التي حددت التزام المفكر والأديب بضرورة وصوله إلى الجماهير، فقصرت المسافة بين المستويين، غير أنها ألقت عبء الاجتهاد والبحث بل وحتى عبء التعلم والقراءة عن كاهل الجمهور، فازداد أمية وجهلًا وفقرًا(6) .
4- الاعتماد عليه يجعل عملية التنوير والتنمية عمليتين غير متضايفتين، فيفصل بينهما، ثم يجعل عملية التنمية أشبه بسباق أو صراع على مشاعر الجمهور الانطباعي بطبعه .
5- الاعتماد عليه يحول قضية التنوير إلى خطابة ومنابر وإعلام وصحافة، وهو مثلب النزعة الخطابية التي نقدها المشروع ذاته( 7)، وأدانها .
6- تمت صياغة المشروع في واقع تقني أقل تقدمًا من الواقع المعاصر، مما جعل المشروع بطبيعة الحال أقل انتشارًا خاصة على شبكة المعلومات الدولية، وبالتالي أقل قدرة على خوض المعركة الخطابية الجماهيرية نسبيًا .

على كل حال، يتصدى "منطق التغيير" لفهم كيفية حدوث التغيير على المستوى النظري، وهو يعتمد حتى الآن على المخزون النفسي للجماهير اعتمادًا رئيسيًا، ويفسر على أساسه حدوث عمليات التغيير الاجتماعي في الماضي، ويتنبأ بحدوثها بالصورة ذاتها في المستقبل، وبناء على هذا الفهم فإن التقنيات المنوطة باستخدام ذلك المخزون لإحداث ذلك التغيير يمكن تحديدها كما يلي:
أ- المعالجة الذاتية للتراث ، والموضوعية للمتلقي .
ب- أيديولوجيا رد الفعل .
جـ- قانون الثالث الأيديولوجي .

2) التراث الجماهيري مصدرًا للقانون:
يحدد النص معنى التراث فهو "كل ما وصل إلينا من الماضي داخل الحضارة السائدة، فهو إذن قضية موروث وفي نفس الوقت قضية معطى حاضر على عدة مستويات"(8 )، ويصير من الجوهري الإجابة عن سؤالين: أحدهما يتعلق بقيمة التراث في ذاته أو وظيفته في المشروع، والثاني يتعلق بمدى نجاح ذلك التعريف .

يعتمد المشروع على تعريف التراث بوصفه المعطى الماضوي والحاضر الذي ما يزال يشكل الواقع، وتصير مهمة المفكر المهموم بقضية التغيير أن يهتم أولًا ببحث التراث وإعادة تشكيله، وهو تعريف شديد الاتساع فقد وصل لنا الشعر الإباحي كما وصلت لنا آيات تحريم الإباحية، ووصل الفكر الإلحادي كما وصلت الردود عليه، ووصل التأويل ووصل التنزيل، ووصل الجدل ووصل البرهان، وصلت لنا في النهاية مادة بالغة التناقض والتركيب، ومن هنا يمكن اعتبار المادية جزءًا منها، والشيوعية جزءًا ثانيًا، والعلمانية جزءًا ثالثًا، إلى جوار نقائض هذه الأجزاء جميعًا، وهو الباب السري لتغيير الواقع دون قطيعة مع التراث، لأن القطيعة معه قطيعة مع الجماهير، ولا تغيير للواقع بدون تغيير الجماهير، وبذلك ينجح المشروع في الجمع بين التراث من جهة والتغيير من جهة أخرى عن طريق التجديد، ويصبح الواقع هو القاطرة التي تجذب من التراث ما يتفق معها من بدائله و نقائضه، وهذه الاختيارات هي التي تجذب معها الجماهير، وطبقًا للمسار تنجذب الحضارة ككل إلى الإمام في حركة تقدم مستمرة .

القيمة الكلية الكاملة لهذا التراث إذن لا تعدو كونه مصدرًا حاضرًا للقانون، لأن الهدف من البداية هو التقدم، وليس الحقيقة، وإلا تم تحديد التراث بناء على مرجعية أخرى غير الواقع، وهو ما يعني سقوط الثوابت المعرفية، وظهور الثوابت النفسية (في الفقرة السالفة: المخزون النفسي مصدرًا للفعل) والثوابت الأيديولوجية (في الفقرة الحالية)، وهو ما يعني حاليًا "المعالجة الذاتية للتراث" .

لا قيمة لذلك التراث إذن في ذاته(9 )، صحيح أن التراث يوجد على عدة مستويات، ولكن المستوى الفاعل هو المستوى النفسي في تأثيره الجماهيري الجمعي الشعوري أو اللا شعوري، فهناك المستوى المادي، على هيئة الكتب المخزونة، وهناك المستوى الصوري، وهو المحتوى النظري للكتب، وهو لا يعدو كونه متحفًا للأفكار والنظريات كأنما هي عقائد سماوية، ولكن المستوى النفسي هو الأبقى والأصدق والأوقع، وهو ما يظهر في عقائد وعادات وتصورات مستمرة في الحاضر وناشئة عن نصوص الماضي ونظرياته، كعقائد القضاء والقدر، والتصور الثنائي أو الهرمي للعالم، والمنهج الكلامي الدفاعي، والمنهج الفلسفي التبريري التوفيقي ... إلخ( 10) .

وقد يمكن نقد التعريف لما يلي:
1) شمول كل البدائل المتاحة يجعل عكس البدائل المنتقاة ممكنًا وشرعيًا تمامًا، وهو ما قد يعكس العملية، أو – على الأقل – يعرقلها إلى أجل غير مسمى، أو يجعلها أكثر بطئًا، مما قد يدفع بالجمهور إلى الحلول السريعة الراديكالية .
2) خلخلة العِلم بناء على التعريف تقلل من فاعليته التي بُنيت على المقدس .
3) شمول التعريف للنقائض يضعف أساس الدعوة الإسلامية العالمية، إذ يجعلها أقل تحددًا وأكثر غموضًا .

وعلى كل حال، يوضح "منطق التغيير" البنية الصورية لعملية التغيير الاجتماعي والسياسي، وهي التي تتم حتى الآن بناء على أساسين: المخزون النفسي مصدرًا للفعل، والتراث الجماهيري مصدرًا للقانون، و إذا كان المخزون النفسي الشعوري أو اللا شعوري مصدر العمل و الفاعلية، فإن التراث الجماهيري مصدر ذلك المخزون وأساس انتماءاته وانتحاءاته .

2) إعادة البناء تجديدًا للتراث:
التراث مصدر القانون، والمخزون النفسي الفاعل ناتج عنه، ولكن كيف يتم التجديد ؟ يبحث النص طرق التجديد على مستوى النظر مرة، وعلى مستوى الممارسة مرة أخرى، ليستنبط في الختام الحل: إعادة البناء Reconstructionللتجديد والتغيير، وقد تم بحث طرق التجديد نظريًا كما يلي:

أ) الاكتفاء الذاتي للتراث: وهو المذهب الذي تمثله مقولة "خير القرون قرني" الحل الرجعي السلفي، وهو ظاهرة اجتماعية هدفها المصالح والمناصب، وليست ظاهرة فكرية، وأسبابها: النفاق أو العجز أو النرجسية(11 ) .
ب) الاكتفاء الذاتي للجديد: وهو الذي تمثله مقولة "القطيعة المعرفية"، الحل الراديكالي الاستبدالي، وهو ظاهرة اجتماعية ناتجة عن تفاوت علمي وطبقي، وأسبابها: قصور النظرة العلمية في تقييم التراث، تقليد الغرب، الازدواجية بين رفض تقليد القديم مع تقليد الوافد(12 ) .
جـ) التوفيق بين التراث والجديد: وهو الحل الانتقائي الذي يعتمد على تضمن التراث لنظريات تقدمية في نسيجه، وكذلك على صلاحية بعض النظريات العلمية العلمانية المحايثة له، وسببه النزعة الانتقائية طبقًا للهوى بشكل سطحي(13 ) .

وقد تصعب هذه المعالجة بناء على ما تقدم، فمع سقوط الثوابت المعرفية، وأدلجة العلم، أي منطق للتمييز بين ظاهرة فكرية وأخرى اجتماعية ؟ أو لاتهام الحل الثاني بالقصور العلمي ؟ وبعد اعتبار التراث قوسين بينهما كل البدائل، كيف تتم إدانة الانتقاء ؟

ولكن يبدو أن نفي الصفة الفكرية النظرية عن ظاهرة الحل الأول هو نفي في الحقيقة له في التصور الحاضر في أذهان الباحثين، هؤلاء الذين ما يزالون يفرقون بين نوعي الظواهر، كما أن القصور العلمي قد يكون نقصًا في الاطلاع والتراكم المعرفي، وإدانة الانتقاء قد تتم بناء على سطحيتها، وليس على ماهيتها ذاتها، في حين يضرب المشروع التجديدي بجذوره للأعمق غورًا، والأكثر أصالة، فهو قضية "التنظير المباشر للواقع"(14 ) ضد خطئين شائعين: الأول هو الدخول المباشر إلى الواقع ومحاولة تنظيره، مع إغفال الأساس النفسي التراثي، وهو يعبر عن (1)نقص النظرة الموضوعية، و(2)إغفال الأساس النفسي للجماهير، و(3)التعامل مع الظواهر الإنسانية وكأنها ظواهر طبيعية خالصة(15 )، رغم أنه لا يوجد علم إنساني تام الموضوعية، فهذا أمر طبيعي، وذلك بالنسبة للسبب الأول، إما السبب الثالث (التعامل مع الظواهر الإنسانية ...) فهو عكس الأول ونفيه، ونفي النفي إثبات، فلا يبقى إلا السبب الثاني وهو بيت القصيد، ولب المشروع .

الخطأ الثاني هو البدء باستنباط الواقع من نظرية مسبقة، تراثية أو وافدة، أي إنه عكس الأول تمامًا، وهو الذي يدير المعركة على مستوى الفكر لا الواقع، وعلى مستوى التراث لا التغيير(16 ) .

بعد ذلك – في فصل آخر – تمت معالجة طرق التجديد على مستوى الممارسة كما يلي:
أ) التغيير بواسطة القديم: أي التغيير الديني للعالم وتكفيره، منطق الجماعات الدينية، وقد عرض النص لأسباب فشل تلك الطريقة في خمسة عشر سببًا (17 )، ذلك رغم إمكانية اختزال هذه المصفوفة منطقيًا لتنتهي إلى سببين: الأول هو: وحدة المصدر المثالي (الدين) التابعة لفعل التوحيد النفسي، أو تقديس المقدس، والثاني هو قصور الخبرة التنظيمية والسياسية عمومًا، وهو ما يجعل تلك الأسباب أقبل للفهم بناء على خصائص التركيب العقلي والتنظيمي .

ب- التغيير بواسطة الجديد: أي التغيير العلماني الراديكالي، وقد فشل في المقابل لاثني عشر سببًا (18 )، وهذه المصفوفة بدورها يمكن اختزالها في سببين: أولهما: هو وحدة المصدر المثالي العلماني في فعل الرفض (التوحيد السلبي) وهو تقديس العلماني، لذلك كان السلفيون أكثر صدقًا، والثاني: هو الأخطاء التنظيمية والسياسية ذاتها .

جـ- التغيير بواسطة القديم والجديد: وهم أهل الحلول الوسطى والتوفيق، ويقوم فشلهم على خمسة أسباب ( 19)، وهو ما يمكن لنا اختزاله في نقطة واحدة: معاداة التغيير الجذري، وهو ما أدى للغموض والتوسط وبالتالي لللا مبالاة وسطحية التأثير .

وبعد التوصيف والتفسير، يبقى السؤال، ما الحل ؟ والحل هو التجديد، أي: إعادة تفسير التراث طبقا لحاجات العصر( 20)، وعند هذا الحد يكتمل منطق التغيير، فتغير المجتمع يعتمد على تغير المخزون النفسي للجماهير، والذي يعتمد بدوره على التراث الجماهيري، وإعادة تفسير التراث طبقًا لحاجات العصر هي مفتاح حركة التغير الآلية، لذلك كانت نظرية التفسير هي غاية المشروع بأسره، وخاتم أقسامه .

ثانيًا: منهج التغيير:
يدرس البيان التأسيسي للمشروع الأزمة المنهجية في الدراسات الإسلامية، وذلك من حيث التوصيف، والتفسير، والنتائج المترتبة عليها عند فريقي الباحثين: المستشرقين، والمسلمين، وبعد فهم الظاهرة يقدم الحل للخروج من الأزمة عن طريق المناهج الجديدة في التجديد، لكن الفصل لا يكتفي بذلك، فقد مورست هذه المناهج (أو الطرق) بواسطة عدة آليات ظاهرة في التطبيق، وقد وردت الإشارة النظرية إلى بعضها في النص .

لأجل ذلك انقسم الفصل إلى فقرتين: أ- أزمة المناهج والتي تنقسم إلى: 1) مناهج المستشرقين، 2) مناهج المسلمين، ب- الخروج من الأزمة، وهي التي تنقسم بدورها إلى: 1- طرق التجديد، 2- آليات التجديد، وذلك كما يلي:

أ‌) أزمة المناهج:
يحددها النص بكونها عدم المواءمة بين المنهج وموضوع البحث، خاصة إذا كان الموضوع منهجًا أو متضمنًا لمنهج كامن فيه(21 )، وهي الناتجة عن انفصام شخص وفكر الباحث، بين كونه مسلمًا منتميًا لتراثه الوطني والقومي، وبين كونه باحثًا علميًا محايدًا غير منتمٍ بالمرة، وذلك إما لتصور الباحث للإسلام على أساس أنه مجموعة من العقائد في غير محل للنقد والبحث العلمي، وإما لتصوره أن الإسلام كدين غير قادر على منحه منهجًا وآلية للبحث فيبحث عن منهج خارجي، وإما من تبعية الباحث للغرب(22 )، وينتج عن ذلك كله إما التسلف والتصوف ، أو التعلمن والتغرب .

تمثلت هذه الأزمة عند الفريقين من الباحثين: المستشرقين، والمسلمين، وذلك كالتالي:

1- مناهج المستشرقين: (النعرة العلمية): أو (التفريغ المركزي):
الخطأ المنهجي هنا هو دراسة الفكر الإسلامي بمنهج مادي آلي يرد الوقائع إلى أصلها الاقتصادي والسياسي من جهة، وأصلها في الحضارات الأجنبية من جهة أخرى، دون فهم أصلها في الوحي والعلوم الإسلامية( 23)، وسبب ذلك أن جل المستشرقين كانوا أهل كتاب لا يؤمنون بالوحي الإسلامي، وربما ردوه لبيئته باعتباره نتاجًا لها، وكذلك عدم تخصص المستشرق في ميدان بحثه، والحقيقة هي تخصصهم بداية في التاريخ، كتاريخ العلوم والحضارات، خاصة وأن المنهج التاريخي كان أهم مناهجهم وبقية المناهج كالهوامش عليه، ويكشف النص ذاته عن ذلك بتخصيص الجزء الأكبر من نقد المناهج لنقده مفردًا، ومن أهم الأسباب تأثير البيئة الأوروبية التي نشأ المستشرق بها حيث الظواهر الفكرية فيها ردود أفعال على أوضاع طبقية وسياسية مباشرة، أو سهولة الرد التاريخي للظاهرة عن ردها للوحي وللظواهر العلمية المعقدة( 24)، وليس الحل إسلام الباحث أو قصر البحث على المسلمين، وإنما يمكن وصف ونقد التطور التاريخي المثالي للفكرة دون ردها إلى وقائع مادية أو أصول الوحي(25 )، والمنهج الفينومينولوجي يسمح بتقويس المصدر، وهو الحل الذي سيتبناه صاحب المشروع كما سيلي .

وتم نقد المناهج الاستشراقية: التاريخي – التحليلي – الإسقاطي – منهج التأثير والتأثر بعد ترتيبها في بنية نظرية تسمح بآلية عمل تكاملية فيما بين أجزائها، فيقوم التاريخي بالرصد الموضوعي الوضعي للظاهرة دون تنقيب عن الأصول في الوعي والشعور، وهو ما يستبدل ظاهرة مادية بأخرى مثالية وشعورية، ويفتح الباب لردها إلى علل آلية، وهو تفريغ للفكرة من محتواها المثالي، ويظهر الشخص دون الفكر في اصطلاحات السينوية والرشدية برد الفكر إلى الشخص، ويسود منهج غير ملتزم بقضايا الوطن والتراث المحلي، ومنهج غير إشكالي، ومنهج نشوئي ارتقائي على حساب النظرة إلى الفكر كبنية مستقلة في ماهيتها، وقائمة بذاتها بجوهرها، ومما ساعد على ازدهار هذا المنهج حاجة الغرب الاستعماري لتجميع أكبر قدر ممكن من البيانات عن الأراضي المحتلة، وهو تأكيد على الطابع التخابري لحركة الاستشراق( 26)، بالإضافة إلى الحاجة لتأكيد المنشإ القومي الشعوبي غير الإسلامي وغير العربي عمومًا للحضارة الإسلامية والعربية، وذلك لضرب أساس الوحدة والمقاومة(27 ) .

وبعد إفراغ الظاهرة من محتواها المثالي، يقوم المنهج التحليلي بردها إلى علل وظواهر سابقة في الوجود، فيفتتها إلى أجزاء وشظايا متناثرة ليمهد للقضاء عليها( 28)، ثم يأتي المنهج الإسقاطي الذي يسقط الانطباعات والصور الذهنية من ذهن الباحث على ما بقي من الظاهرة، في محاولة لتفسيرها وفهمها، محاولة مصحوبة بخطإ في الإدراك وبموقف نرجسي، ينفي وجود الظاهرة الموجودة في الواقع وغير الموجودة في فكره، ويحكم على مافي ذهنه بالوجود وهو غير موجود في الواقع(29 )، وليس خطأ الإسقاط الذاتية، بل الهوى واتباع الظن والمصلحة الشخصية، فالذاتية منهج للمعالجة التراثية عن صاحب المشروع نفسه كما تقدم .

وفي النهاية يأتي منهج التأثير والتأثر على الفتات الباقيات من الظاهرة فيحيلها إلى حضارات وأجناس وأديان أخرى سابقة أو مجاورة، وهو منهج تلقائي لا خطوات له ولا منطق(30 )، يطبقه الباحث بمجرد النظر في الأثر، ويحيله إلى الخارج أيًا ما كان ذلك الخارج، المهم هو (التفريغ المركزي)، وربما كان الأليق تسمية هذه الظاهرة بذلك نظرًا لاتجاه الفاعلية والقوة الناشئة عن تآزر المناهج الأربعة، وهدفها .

والحقيقة أن الاستشراق ربما استخدم هذه المناهج، وعلى رأسها التاريخي، ليس تبعية للمصالح الاستعمارية فحسب، وإنما تبعية لمناهج العلوم الطبيعية فيما يعرف بالنزعة الردية Reductionism، في عصر لم يكن المنهج العلمي فيه قد وصل إلى آخر مراحل تطوره، أي اللاحتمية العلمية، وعندما لم يجد المستشرق أمامه سوى مركز حضاري هائل هو الوحي (القرآن والسنة)، ولم يستطع في الوقت ذاته أن يؤمن به، لم يجد مناصًا من رده ورد كل الظواهر المصاحبة له والمترتبة عليه إلى أصول سابقة ومجاورة قدر الإمكان، وهو ما يشكف عن الوعي المنهجي (ضرورة رد الظواهر إلى علل وأسباب سابقة) بقدر ما يكشف عن الخلل المنهجي (النزعة الردية)، ومع ذلك فالنقد غير موجه للمستشرق، وإنما لتابعه المسلم .

ولكن الواقع أن النقد لا ينصب على الباحث المسلم المقلد للمستشرقين فحسب، بل على الباحث المحايد الذي كان يجب أن يكون ملتزمًا منتميًا للتراث مسئولًا عنه مستخدمًا إياه لمقاومة الاستعمار، لا متعاونًا معه، وعميلًا له، وهو تحصيل حاصل، لأنه كان يكفي التأكيد على ضرورة ذلك الانتماء في البداية، وهكذا يتوجه هذا الفصل (أزمة المناهج في الدراسات الإسلامية) في النص لينقد الوسائل مع اختلاف الغايات، وكان يكفي نقد الغايات، وكان من الضروري البدء به(نقد الغايات)بمزيد من التركيز، فالمستشرق وتابعوه ليس من أهدافهم الرفض والتغيير، بل الرصد والتفسير، وفي النهاية يبدو الفصل بأكمله بهذه الصورة خارجًا عن موضوع النص، ودخيلًا عليه .

وفي الجزيئات نظر، فلماذا أدان المشروع تشخيص الأفكار ؟ أوَليس تشخيصها باعثًا على تحجيم أثرها وردها إلى ظروف منشئها، وإخراجها من التوقيف إلى الاصطلاح ؟ يؤكد النص في المقابل على إيجابية البناء العلمي المطلق اللا مشخص في علم أصول الفقه، فكل عالم يبدأ العلم من جديد دون رده إلى نفسه، ودون رد المبادئ والقواعد إلى شخص، وهو ما يمنع أو يعوق حركة تجديد العلم على الأقل بوصفه بناء مطلقًا معلقًا في الفضاء بلا أبعاد ولا أساس محدود ومحدد، كأنما هو نص مقدس سرمدي، اعتمدت نظرية العلم في علم الأصول جزئيًا على ذلك .

ردَّ الغرب الماركسية إلى ماركس، والهيجلية إلى هيجل، لأنه لم يؤمن بمطلقية العقيدة، وكل من آمن بعقيدة وجد له خصومًا يمنحونه قدرًا من الشك النسبي فيها، فسادَ العقل، وتطور الفكر، وتزامن مع لحظته التاريخية .

أما استخدام المنهج التحليلي فكانت له كبرى الفوائد في الغرب، حتى على مستوى نقد النص الديني، بل إن المشروع يعتمد في بعض أجزائه على نتائج استعمال ذلك المنهج في ذلك المبحث ذاته، وذلك في الإشارة إلى انتهاء باحثي الغرب إلى ذات الفروض الإسلامية( 31)، ورد الظواهر الفكرية إلى وقائع تاريخية أقل تطرفًا على أي حال من رد الوحي إلى الواقع في دراسة صاحب المشروع عن أسباب النزول(32 )، وعن الناسخ والمنسوخ( 33)، ناهيك عن استخدام المنهج ذاته هنا وهناك .

استخدام صاحب المشروع نفسه لمناهج المستشرقين ليس عرَضًا سطحيًا، ولا حادثة جزئية، فنقْده للاستشراق ذاته يقوم على بعض هذه المناهج كما سبق، مثل استخدام المنهج التحليلي في رد المنهج التاريخي إلى البيئة الأوروبية، واستخدام المنهج الإسقاطي في نقد المنهج الإسقاطي ذاته، وذلك في تفسير اتهام المستشرق لكل ما لا يوافق نشأته الكهنوتية المسيحية بالإلحاد والمادية(34 )، وغير ذلك .

هناك كذلك مأزق مفهومي واصطلاحي لم يتم تجاوزه، بل تم التأكيد عليه في موضع آخر، فالنص ينقد المنهج الإسقاطي الذي رد الطبائعيين وأصحاب فرض العلية إلى المادية، رغم أن هذا النمط الفكري ظهر عند بعض علماء الكلام والفلاسفة كابن رشد(35 )، المشكلة هنا هي كيف ننسب هؤلاء العلماء والفلاسفة إلى الإسلام ؟ ومن يقرر أنهم مسلمون ؟ في موضع آخر يؤكد النص على ما في مفهوم (الإسلام) من اتساع وغموض( 36) .

في الختام تناقض جديد لكنه أكثر جوهرية، فأساس هذا الفصل وجوهر الهجوم على المستشرقين وتابعيهم هو ذات التأكيد على ضرورة التزام الباحث بقضايا تراثه من خلال انهمامه بقضايا وطنه، ونقد الحياد العلمي، فعلى المشروع إذن أن يفخر بالمستشرقين، فهم الذين اتبعوا الدعوة بحذافيرها، وبكل قوة، ولكن في اتجاه مضاد .

2- مناهج المسلمين: (النزعة الخطابية): (التجميع المركزي):
هي نزوع الباحث المسلم للدفاع عن دينه وحضارته، وهو اتجاه ساذج يعبر عن مراهقة فكرية(37 )، وهو ذاته الاحتمال الثاني فيما سبق لما يمكن أن تكون عليه عقيدة الباحث، والنتائج المترتبة على ذلك، وتعتمد هذه النزعة على طرق لا مناهج محكمة، هي التكرار، والتقريظ والدفاع، والجدل والمهاترات، والرؤية الحدسية قصيرة المدى، فالتكرار استمرار لظاهرة الحواشي والشروح وشروح الشروح، والتقريظ والدفاع منهج دعوى لذم الآخر وقطع الشك عن الأنا، أما الجدل والمهاترة فنتيجة للمنهج الدعوى السالف في الصراع بين الباحثين من الحضارة نفسها، أو من حضارتين مختلفتين، وأما الحدس قصير المدى فهو بعض الحدوس الفلسفية التي لم يتم تطويرها رغم ما لها من قوة تجديدية عارمة، مثل التوحيد عند الأفغاني وإقبال، ووحدة النظر والعمل عند الأفغاني وسيد قطب، وتأسيس النقل على العقل عند المعتزلة والفلاسفة، والواقع في الأصول، وغيرها(38 ) .

ونقيضًا لاتجاه الحركة السابقة، ينزع هذا الأسلوب إلى التكتل والتمركز الداخلي، والتعتيم على الخارج، وفرض سياسة إحلال الواردات على الوافد، وهو ما تم التعبير عنه بـ(التجميع المركزي) .

ومثل نقد مناهج المستشرقين، يقوم نقد مناهج المسلمين على اختلاف الغايات، فليس الهدف هو التجديد، بل الحفاظ على المعتقد الشخصي وصونه من كل نقد وشك .

والإيجابية الأساسية للفصل بأكمله هي التأكيد على ضرورة تحويل دراسات المستشرقين والمسلمين إلى موضوعات دراسة، والتوقف عن البدء منها باعتبارها دراسة موضوعات، وهو ببساطة ما يمكن لنا التعبير عنه بـ البدء من جديد، أو التجديد .

ب- الخروج من الأزمة: 1- طرق التجديد:
تتعدد طرق التجديد إلى ثلاث:
1) منطق التجديد اللغوي .
2) مستوى التحليل الشعوري .
3) تغيير البيئة الثقافية .

فمن أجل تجديد جسد العلم يقوم التجديد في البدء على تبديل اللغة القديمة إلى لغة أكثر واقعية ودقة وتعينًا، وأكثر مناسبة لأغراض العلم التي هي أغراض الواقع المعيش، ثم يتم تغيير المنهج المستعمل في دراسة العلم، وهو البديل عن مناهج المستشرقين والمسلمين، في الوقت ذاته هو بديل عن مناهج القدماء أصحاب العلم في دراسة الوحي، ولكنها مرحلة تالية في المشروع، يمكن بحثها فيما بعد، ليس الآن، وإنما الخطوة الثالثة هي تحديد سلم الأولويات والغايات طبقًا لتغير ظروف الواقع وحاجاته .

أولًا: منطق التجديد اللغوي:
باختصار يقوم التجديد اللغوي بالارتداد من المنطوق إلى المفهوم، ثم العودة إلى منطوق جديد بشكل تلقائي بناء على حدس المعنى وفهمه( 39)، وهو وعي بقصور اللغة التقليدية من جهة، ومميزات لغة جديدة افتراضية من جهة أخرى .

فاللغة التقليدية إلهية تدور كلها حول الله رغم أنه لفظ غير محدد المعنى ولا موضوع جزئيًا له في الواقع، فهو لفظ غير مشروط، مطلق، متعدد المعنى، وقد تبدل الواقع، وصار العقل ينزع لمزيد من التحديد( 40)، رغم أن غموض ولا تحدد اللفظ وكونه مطلقًا لا مشروطًًا هو الذي يجعله آمرًا لا مشروطًا يناسب التشريع المقدس، وتحديده ينقله من المقدس إلى العلماني بدرجات متفاوتات مما يقضي على الدافعية القدسية للأمر التقليدي كالجهاد والصبر والعدل، فيوحد المشروع جمهوره المسلم في الوقت ذاته الذي يقلل فيه من دافعيته، صحيح أن هناك قيمًا علمانية في رأي البعض، ولكنها ليست موضوعًا للبحث في المشروع الذي لم يكن له إلا اختيار أحد البديلين: إما القيم القائمة على المقدس، وهذه لا يصلح معها تبديل لغة وتعديل لفظ، وإما القيم العلمانية، وهذه لم يتم تأسيس المشروع عليها ولا تخصيص مجال لها .

و اللغة التقليدية لغة دينية، وهو لفظ مشترك غير متحدد، يفيد التاريخ والتأريخ، دون الوحي والواقع، وربما كان الأنسب هو الأيديولوجيا والتحرر، بديلًا عن الدين والإسلام( 41)، رغم أن ألفاظ مثل الأيديولوجيا والتحرر لها درجة الاشتراك ذاتها تقريبًا كالدين والإسلام .

واللغة التقليدية تاريخية تشخيصية، كالحنفية والمالكية، والمعتزلة والأشاعرة، ومهمتنا هي القضاء على تشخيص الأفكار(42 )، رغم أن التشخيص مدعاة لاستقلال الفكر والإبداع وتحجيم أثر الماضي كما سلف .

وهي كذلك لغة تقنينية، تقولب الوجود، وتقضي على استقلال الإنسان، رغم أن المشروع لم يخصص جزءًا لمنطق تأسيس القيم الإنسانية العلمانية بمعزل عن القولبة المسبقة، ورغم أن كل واجب هو حق للآخر، ومساحة الواجبات والقوانين هي ذاتها مساحة الحقوق، ونقد الوجوبية والتقنينية في ذاتها تفتيت للقضية وتجريد لها .

وهي أيضا لغة صورية مجردة غير واقعية، يجب استبدال لغة جديدة متعينة بها، كالإنسان والجماهير والتاريخ( 43)، رغم أنه لا منجاة أبدًا من التحديدات الصورية والتجريد، آلية عمل العقل دومًا هي التجريد ثم التعميم، الأمر يحتاج إذن لنظرية جديدة في العقل والإدراك الحسي وعلم النفس العام .

والألفاظ التقليدية موحية بالخلافات المذهبية، كالخلافة والإمامة، ويمكن استبدال ألفاظ أخرى بها كالأيديولوجيا والتقدم والحركة(44 ) ...، رغم أن العصر تبدل من عهد الحرب الباردة إلى اليوم، فانطمس بريق الأيديولوجيا والتقدم، وعاد التكفير والدين و الشورى والحلال والحرام للظهور .

ثانيًا: مستوى التحليل الشعوري:
قدم هذا المنهج مجالًا ثريًا للبحث، وله نتائج خطيرة كما سيتضح في الخاتمة، ولكن يكفي هنا بيان جدواه وسبب اصطفائه على غيره من المناهج، فهو المنهج الأنسب لموضوعه، العلوم الإسلامية، ثم نصوص الوحي ذاتها، كلها تجارب شعورية(45 )، وحتى مصدر الوحي هو الشعور الأعظم الأعم( 46)، وقد لمس الصوفية خاصة ذلك الجانب، وحاولوا تقديمه، وهو منهج جديد في هذا المجال، ونظرية جديدة في التفسير، لا غبار عليها، ولكن الخطورة هي زيادة المشروع تركيبًا وتعقيدًا وإغرابًا على ما فيه من تركيب و تعقيد و إغراب، خاصة وأنه منهج جديد تقريبًا على القدماء والمحدثين معًا، منهج جديد يؤدي إلى نتائج جديدة، والخطر الثاني هو تقليل الحدة النقدية للمشروع، فالتقدم اليوم علمي ومنطقي، وحتى أصحاب السلف المعاصرون اتخذوا من العلم درعًا لهم ولو حتى بشكل غير منهجي، وإذا كانت الحضارة الأوروبية قد توصلت إليه(المنهج الفينومينولوجي) في خاتمة مطافها من ديكارت إلى هسرل، أفلا يحتاج تطبيق هذا المنهج هنا إلى أضعاف هذا المسار ؟ أفلا يحتاج هو ذاته إلى أعادة بناء التراث من أجل تطبيقه ؟ ومن يدري ؟ ربما كان هذا هو الهدف فعلًا ..!

ثالثًا: تغيير البيئة الثقافية:
نظرًا لتطور الواقع وظهور مشاكل مستجدة، واندثار مشاكل قديمة، لزم تطوير العلم ليواكب بيئته الثقافية، ولكن على أي حال فالمفترض أن تكتسب هذه الفكرة التقليدية فاعليتها في سياق التجديد المبتكر، كما أنها تُقدَّم بشكل أجرأ مما سبق لإسقاط مشاكل عتيقة لا جدوى منها كمشكلة خلق القرآن، ومسألة التوحيد ضد الشرك، والتنزيه ضد التشبيه، وغيرها .

3- آليات التجديد:
تنقسم آليات التجديد كما نرى في المشروع إلى أربع:
1) تقويس مصادر العلم .
2) رفع الأقواس عن العلوم .
3) وحدة العلوم .
4) اللغة وهيئة البحث، وتفصيلها فيما يلي:

1- تقويس مصادر العلم: يتم التجديد بناء على كون التراث مصدرًا للقانون، ولا قيمة سلبية أو إيجابية له في ذاته، لا يُقبل ولا يرفض بناء على ماهيته وأصله، بل يُقبل ويجدد بناء على المخزون الشعوري المتراكم حوله وفوقه وأمامه، لذا فمصادر العلم كالوحي والمنطق والعلم التجريبي (الوحي والعقل والطبيعة) ليست محلًا للبحث في ذاتها، ولا تساؤل حول طبيعتها وثوابتها، وإنما العلم هو هدف التجديد المرحلي، حتى وإن توصل المشروع لبحثها يومًا، فقد تم تقويسها على الأقل حتى يكتمل تجديد العلم .

2- رفع الأقواس عن العلوم: بعد تقويس المصادر، يصبح الباحث حرًا في بحث العلم دون الاصطدام بمصدر منها، ودون أن يتم تصنيفه، ويكون حرًا كذلك من ناحية المنهج فيما ينبغي وما لا يمكن تطبيقه، فالعلوم موضوعات التجديد الرئيسية .

3- وحدة العلوم: يتم التعرض بوضوح لهذه القضية في النص( 47)، ولكن ليس باعتبارها آلية للتجديد، بل باعتبارها هدفًا له، على الأقل ربما تلعب هذه القضية دورًا مزدوجًا كهدف للمشروع ووسيلة بالغة الأهمية لإكماله، فالعلوم الأربعة: علم أصول الدين، وعلم أصول الفقه، والتصوف، والفلسفة الإسلامية، قدمت آليات مختلفات من أجل التفسير والفهم والتمثل، وتوحيدها هو أول الطريق لتجاوزها، توحيد المناهج النصية، والواقعية، والوجدانية، والعقلية، ثم تجاوزها بـ (المنهاج) آخر جزء من آخر قسم من الأقسام الثلاثة للمشروع (48 )، وربما أخطر جزء كذلك .

تقع وحدة العلم في خطر محو الثوابت المعرفية المنهجية بين علم وآخر، وسقوطها عمومًا، غير أن الصلة بين العلوم الأربعة مستمرة وراسخة لوحدة أحد المصادر (الوحي)، وتوحيدها يؤدي إلى تجاوزها كما سبق إلى غاية نظرية أشمل .

4- اللغة وهيئة البحث:
ليس المقصود بهذه النقطة (التجديد اللغوي) كما سبق، وكما عُرض في النص التأسيسي، القضية هنا أعم، وأوقع على مستوى الممارسة والفاعلية، والمقصود بهيئة البحث ببساطة (تأسيس الصفحة) في الكتاب من حيث المتون والهوامش كمًا وكيفًا، ربما يكون هذا هو البحث الأول فيها، رغم أنه لا مجال للاستفاضة .

فبالنسبة للغة فالمقصود بها الأسلوب والتركيب والاستخدام في المتن، وخصائصها العامة كما يلي:
1- استخدام أفعال المضارعة أو الجمل الاسمية الدالة على الحقائق الموضوعية والوصف .
2- عدم استخدام أي من ضمائر المتكلم أو المخاطَب المنفصلة أو المتصلة، سوى ضمير (نا) الذي يفيد الانتماء والجمع، وذلك في حالة الإضافة فقط مثل: تراثنا – حضارتنا – واقعنا ...
3- تقصير الجملة لحشد أكبر عدد ممكن من الجمل في الفقرة الواحدة، وكل جملة تفيد رأيًا .
4- حشد الجمل المعبرة عن الآراء المتناقضة في العلم ذاته في أصغر مساحة ممكنة لإفادة التفكيك .
5- التكثيف، وهي على صلة بـ (3، 4) .
6- دفع الجمل غير المقتبسة (الأصلية – رأي الباحث) في ختام الفقرة، فبعد تفكيك التراث وتوفر كل البدائل المتاحة تتوجه الفقرة في النهاية – ومعها القارئ – نحو الواقع، فتكون هي المتغير المستقل في المعادلة .

ويمكن اختبار ما سبق بالرجوع إلى التطبيقات الثلاثة، أو أحدها، وعلى سبيل المثال فبالرجوع إلى الجزء الثاني من (من النص إلى الواقع) يتضح الآتي:

1- الأفعال المضارعة: لا يشترط – لا يكون – يتغير – يظهر – يخرج – يتم – يتدرج – يجوز – لا يجوز – يدل – يمكن – ينسخ – يدخل –...، بالإضافة إلى تكرارها، في مقابل أفعال الماضي شديدة المحدودية (أتى – لم يتم – جاءت)، والجمل الاسمية هنا لها الزمان نفسه، مثل (أركان النسخ أربعة – شروط أربعة – وظيفة النسخ مواكبة التشريع في الزمان...) وغيرها مالم يتوافر فيها فعل وإلا كان متغيرًا جديدًا، فإن توافر جاء في صيغة المضارع( 49) .
2- يتضح عدم استخدام ضمائر المتكلم والمخاطب كلها تقريبًا، إلا ما جرى استثناؤه .
3- يتضح كذلك الميل إلى تقصير الجمل:
"ولا يجوز النسخ بأفعال الرسول بل يجوز البيان به"
"وفي هذه الحالة يكون بيانا عمليًا لمجمل"
"ينسخ القول بالقول"
"والفعل بالفعل"
"ولا ينسخ القول بالفعل"
"بل ينسخ الفعل بالقول"
"فالقول أقوى من الفعل"
"وينسخ الفعل بالأمر"
"وليس الأمر بالفعل(50 )"

4- ويظهر حشد المتناقضات مثلًا "وحجة عمل أهل المدينة أن صدق الخبر في العمل حجة صحيحة، ولكن العمل أيضًا يكون تلقائيًا عقليًا دون خبر، وقد يكون عرفيًا لعادات الناس، بل إن عمل أهل المدينة سبب اختلاف الأمة، وهم في النهاية بشر يذكرون وينسون، بل يُذم الإكثار من الرواية حتى لا يطغى النص الحسي على العقل ومصالح الناس، ولا يجوز تقليد أهل المدينة أو عملهم أو إجماعهم، فقد وقع الخلاف معهم، وليسوا كلهم من العدول( 51)" .

5، 6- التكثيف يتضح فيما سلف، أما دفع الجمل الأصلية في الختام، فيتضح بعد الفقرة السابقة "ويقال الشيء نفسه عن باقي المدن قبل الكوفة، وإجماع أهل الحرمين والمصرين وإلا كانت هناك أفضلية في المدن ولزعامات الأمصار بين مصر والحجاز وفارس، كل يدعي فضل مصره، وما أكثر ما دون في فضائل المدن والأمصار مما يسبب خلافات حول الزعامة والمركزية تصل إلى درجة القتال كما حدث بين فارس وتركيا في وقت كان المسلمون فيه على حوائط فيينا، يحاصرونها من الشرق(52 )" .

أما هيئة الصفحة في المؤلف نفسه فهي منقسمة إلى قسمين متساويين تقريبًا من حيث الكم: المتن، والهامش، وتم تخصيص المتن للمؤلف، والهامش للقدماء، وذلك لتساوي المساهمة بين القدماء والمحدثين، غير أن الأولوية للمحدثين المجددين لمواكبة الواقع .

ويمكن القول بأن من أوجه نجاح المشروع هذا الأسلوب، فهو الأبقى لأنه أكثر مرونة من أن يتعلق بنظرية صاحب المشروع وحده، ويظل له فضل الابتكار، ذلك بالإضافة إلى البعد النقدي له، وهو من موضوعات الخاتمة .

ثالثًا: ثوابت التغيير:
هو أصغر الأقسام، وأكثرها تكثيفًا، لأنه خلاصة ونتائج التحليل، وكما سبق هو الموقع الذي يرتكز عليه المشروع ككل، وموطن مسلماته الأساسية ؛ وهي كالآتي:

1- الاعتماد على المخزون النفسي التراثي: موضوع الفصل الأول، وكما سبق تقوم هذه المسلمة على التراكم التاريخي لخبرة التغيير الاجتماعي والانقلابات والثورات المحلية والعالمية، ويمكن اعتباره الحدس الأساسي للمشروع .

2- وحدة العلم والأيديولوجيا: فالنص يؤكد على أن الالتزام بالقضية ليس إنقاصًا من موضوعية البحث ونزاهة الباحث، فالموضوعية ليست عدم أخذ موقف، والالتزام موضوع العلم ذاته، وبتعبير معاصر: الأيديولوجيا هي العلم، والعلم هو الأيديولوجيا( 53)، والأيديولوجيا علم، وعلم نظري وعملي على السواء، علم نظري لأنها تعبير عن مطالب الواقع، وعملي لأنها تعطي وسائل تحقيقها بفعل سلوك الجماهير(54 ).

3- وحدة الوحي والواقع: وهي مسلمة أخرى، وإلا أمكن استبعاد أحدهما، الوحيِ عند العلمانيين، والواقعِ عند السلفيين، والهدف: طريق ثالث، لا يمكن التضحية بالوحي لأنه مصدر القانون ومصدر المخزون النفسي الجماهيري، ولا بالواقع لأنه أرض العمل والفعل والدرس والغرس، وهي مسلمة واضحة في تطرق المشروع لمسألة أسباب النزول والنسخ.

4- نهاية الوعي الأوروبي: وذلك ضد مسلمة أبدية وعالمية الثقافة الغربية، والتعبير بـ (نهاية) يفيد الوصف في حين يدل لفظ (انهيار) على التشفي والتمني والرجاء أكثر من وصف الواقع، فكل ما بدأ لابد وأن ينتهي، وهذه المرحلة تحتل القرن التاسع عشر وما تلاه رغم اكتمال الوعي الأوروبي في الفينومينولوجيا(55 ) .

5- صحوة الوحي الإسلامي: المسلمة الأخيرة والأولى، أن الأمل قائم، وليس مجرد أمل، بل حقيقة طبيعية، ونتيجة لتخلي الغرب عن دور القيادة، وعن موقع المركزية، هذه الصحوة هي تحديدًا التجديد والمقاومة الفكرية والمادية .

رابعًا: نقد المشروع:
يعتمد هذا الجزء على قسمين، الأول: بيان الجوانب النقدية من المشروع، والثاني: بيان الجوانب اللا نقدية منه، تطويرًا واستفادةً واستيعابًا:

أ‌- الجوانب النقدية في المشروع التجديدي:
هي الجوانب المتعلقة باختبار وتقييم النظريات والمناهج دون البدء بأحكام مسبقة، وهي الجوانب التي تؤهل الجمهور لبلوغ مرحلة من الشك المنهجي، وكان البدء حريًا بها، هي جوانب إضاءة الوعى وتخفيف حدة التعصب للتراث أو الوافد، وهي تحديدًا ما يمكن وما ينبغي الاستفادة به لتأسيس مشروع جديد يتخصص في هذه المرحلة، أي مرحلة النقد، مع استعمال الآليات المناسبة في الكتابة والعرض النظري والعمل الثقافي:

1- العرض الشامل للمتناقضات: يقوم جزء غير هين من ممارسة وآلية المشروع على ذلك الأسلوب في العرض، وقد تم التمثيل له في فصل سابق بقضية الإجماع، هذا العرض كما سلف يخلخل الموروث، ويجعله أقبل للحراك .

2- الجرأة التأويلية: كما تم التعامل مع حديث "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فتم اعتبار المجدد (مجددًا) بالمعنى الخاص المستعمل في المشروع، مطورًا وناقدًا ومنظرًا لا مجرد مذكّر ومنذر وشاهد(56 ) ؛ وغيرها مما يسمح بتفكيك سلطة المادة القديمة، تلك التي اعتمدت على البيان
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 05-29-2008, 05:36 PM بواسطة سمير زيان.)
05-29-2008, 05:22 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الموروث البيولوجي والموروث الاجتماعي نبيل حاجي نائف 0 1,513 11-02-2009, 10:55 AM
آخر رد: نبيل حاجي نائف
  الرهاب الاجتماعي نبيل حاجي نائف 13 4,784 10-17-2009, 11:03 AM
آخر رد: المروءة والشهامة
  الفرق الأساسي ما بين منطق أرسطو ومنطق فريغه فياض الحكيمي 2 1,685 03-12-2007, 09:06 AM
آخر رد: Awarfie
  فلسفة الجنس والجنسانية في الدين الإسلامي الاعصار 1 1,844 09-07-2006, 02:38 AM
آخر رد: الاعصار
  منطق.... جقل 3 1,319 03-26-2006, 11:53 AM
آخر رد: Awarfie

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS