الجيش العلوي السوري؟
المندسة السورية
تتعدد المجازر وتتشابه في سوريا وهي في أغلبيتها الساحقة من فعل زبانية اﻷسد الذين يقتلون “بالجملة” في حين “ينتقم” الثوار أحياناً من جلاديهم بالتقسيط.
ٳن كان مشروعاً أن يحمل من نزلوا ٳلى الشوارع، بشكل سلمي وطلباً للحرية، السلاح دفاعاً عن أنفسهم في وجه القتل الذي تعرضوا له، فمن غير المفهوم أن يقوم طيار بٳسقاط برميل متفجر، ولو “ذكي”، على مدينة يسكن هو في أحد ضواحيها ! من غير الممكن أيضاً فهم دوافع القناص الذي يغتال بدم بارد جيرانه في الحي وزملاء دراسته، ٳن كان قد درس أصلاً.
مالذي يدور في خلد “شبيح” وهو يجز رقبة طفل، في عمر أولاده، لم يتجاوز السنوات اﻷربع من عمره ؟ وأي شجاعة هذه التي يبديها “جنود اﻷسد” الفارين من مواجهة “العدو” اﻹسرائيلي المحتل والذين “يسطرون ملاحم البطولة في حلب الشهباء وداريا” بمواجهة مواطنين عزل في لباس النوم ؟
لا يبدو ممكناً البحث عن تفسير عقلاني ومنطقي، ولا حتى استراتيجي أو سياسي للمذابح، السبب لن يكون سوى الخوف والكراهية والحقد، فهي خير ما يوحد القلوب السوداء ويجمعها على هدف شامل. بمعنى آخر فهؤلاء القتلة مجتمعون على الخوف من “الآخر” وكراهية هذا “الآخر” والحقد اﻷعمى عليه لدرجة تدفعهم ﻹلغائه وكأنه لم يكن. هذا ما فعله النازيون وقت اجترحوا “الحل النهائي” وهو ماطبقوه في كل أرض عاثوا فيها فساداً.
في العاشر من حزيران 1944 قامت فرقة من جنود النازي “داس رايش” من قوات ال “اس اس” وهي نظير الفرقة الرابعة في جيش اﻷسد، بمذبحة شعواء في قرية “اورادور سور غلان” الفرنسية حيث ذبحوا الأهالي قبل أن يجمعوا اﻷحياء في كنيسة القرية ويحرقوهم. من قاموا بالمذبحة كان بينهم فرنسيون من الالزاس ناطقون باﻷلمانية جندهم الرايش في فرق النخبة.
بعد التحرير، قام في فرنسا جدل حول “استمرار اعتبار الالزاسيين فرنسيين مثلهم مثل غيرهم” ؟ هذه الجريمة لا زالت وصمة عار على جبين الالزاسيين جميعاً وليس فقط القتلة، هؤلاء اﻷخيرين دافعوا عن أنفسهم بالقول “أن اﻷلمان جندوهم رغم أنفهم وأرسلوهم حتى ٳلى الجبهة الروسية وأنهم كانوا أقلية ضمن الفرقة المجرمة وما كان لهم من أمرهم شيء”.
في ٳسبانيا، أثناء الحرب اﻷهلية، وقعت مذبحة شهيرة خلدها “بيكاسو” في رائعته “غيرنيكا” وهي قرية تعرضت لما تتعرض له مدن مثل حمص وحلب والرستن، لكن من قام بقصف البلدة لم يكن لا مدفعية ولا طيران “فرانكو” ! بل سلاح الجو النازي الذي كان “يتمرن” والذي تبرع بمد يد العون لحليفه. علماً أن الغارة تمت دون موافقة “فرانكو” وبأريحية نازية تذكر “بٳصلاحات” اﻷسد وجنده.
جنود الفرقة الرابعة، طيارو اﻷسد وزبانيته ليس في مقدورهم الدفع بهكذا أعذار قد تكون أسوأ من الذنب، فهم “سوريون” على اﻷقل بالهوية وهم يقتلون دون أن يفرض عليهم أحد ذلك. طائرات اﻷسد، مثل سلاح الجو النازي، لا تمتنع عن قصف تجمعات المدنيين وٳبادتها كالصراصير و بالجملة وهو ما عفت عنه كل جيوش الاحتلال التي مرت على منطقتنا باستثناء التتار. لو كانت لدى “تيمورلنك” مدافع وطائرات لكان سلوكه هو وبرابرته مطابقاً لسلوك “جند اﻷسد”.
مع ذلك، فالغزاة الصليبيون والتتار ليسوا منا ولا هم من أهلنا ولا هم تعايشوا معنا قبل الغزو. من بقي منهم في المنطقة بعد الحروب عاش آمناً وأصبح من أهل البلد بدلالة اختلاط اﻷعراق في بلاد الشام كلها فمالذي يدفع زبانية اﻷسد لاعتبار أن من يتم جز أعناقهم ليسوا من أطفال بلدهم؟ وأن من يتلقون البراميل المتفجرة ويتم قتلهم ونسف بيوتهم ليسوا من أهلهم وناسهم ؟
هل يتوقع من يقوم بقصف مدن سوريا وقتل أطفالها أن مستقبله هو وأولاده سيكون في ٳطار ذات الوطن الذي يضمه هو وضحاياه ؟ هل يظن من يهدم مباني دمشق وحلب وحمص أنه “سيتسكع” يوما في حواري هذه المدن ولو تحت حراب الشبيحة ؟ ألا يخشى هؤلاء من مصير مشابه “لأصحاب اﻷقدام السوداء” في الجزائر بعد رحيل الجيش الفرنسي حيث اضطروا جميعاً للفرار من الجزائر والذهاب ٳلى فرنسا التي لم يكن أغلبهم قد زارها قبل وصولهم ٳليها لاجئين، خوفاً من انتقام ذوي المليون شهيد ، علماً أن الغالبية الساحقة من “ذوي اﻷقدام السوداء” لم تشارك في قمع الجزائريين ولا هي شكلت سرايا من “الشبيحة”.
كلما اتسع نهر الدم الذي يرويه السوريون بدمائهم المسفوكة على أيدي زبانية اﻷسد كلما أصبح التعايش المستقبلي مستحيلاً، حتى لو “انتصر” نظام العصابة لا سمح الله بعد قتل مليون سوري، فمصير “رواندا” ليس بعيداً عن ما قد يحدث في سوريا.
في رواندا عام 1994 انتقم “الهوتو” من مجازر قامت بها ضدهم اثنية “التوتسي” في “بوروندي” المجاورة عام 1972، حين قتل الجيش البوروندي المكون في أغلبيته من “التوتسي” حوالي 200000 من الهوتو. هؤلاء اﻷخيرين “انتقموا” من التوتسي بعد اثنين وعشرين عاماً كانوا يعدون خلالها العدة “لتصفية حساباتهم” مع جلاديهم. في النهاية، أبيد 800000 من التوتسي وأنصارهم من الهوتو. الغرب تدخل متأخراً ودعم التوتسي للوصول ٳلى السلطة في رواندا، مع ذلك لا زال “حساب الدم” مفتوحاً.
الجيش “العربي السوري” لم يجلّ في أي معركة لدرجة دفعت الساخرين لتسميته “جيش أبو شحاطة”. مع ذلك هذا الجيش الغضنفر الذي فر جلاوزته كالفئران أمام الدبابات اﻹسرائيلية الزاحفة عام 1982 في لبنان، نراه وهو يستعرض عضلاته وجبروته أمام المدنيين العزل.
اكتشفنا أن لدى هذا الجيش “سلاح جو”! صحيح أن طيران اﻷسد اختفى تحت اﻷرض حين حلق “طيران العدو” فوق غرفة نوم القائد المفدى، لكنه أبلى بلاء “حسناً” في سحق منازل السوريين.
من حسنات الثورة أنها أظهرت لنا أن جيش اﻷسد متواجد على كل مساحة اﻷرض السورية، لا على الحدود ولا في الجولان وجبهته الصامتة صمت القبور منذ اتفاقية “الدفاع المشترك” بين اﻷسد وأصدقائه في الدولة العبرية عام 1974. فوق ذلك، مواقع هذا الجيش محصنة ضد “الغزو” من قبل المواطنين الثائرين وليس ضد “العدو الغاشم”. حين تستباح كل أراضي سوريا وأجواؤها ويسرح “العدو” ويمرح في الجولان دون وازع، نرى التحصينات الهائلة التي تحمي زبانية اﻷسد داخل وحول مدن سوريا ! في العادة، الجيوش تتواجد على الثغور لتحميها ولا تتحصن قرب المدن و تهددها بمدافعها، وحدها جيوش الاحتلال تتصرف هكذا. جيش اﻷسد تم بناؤه منذ 1974 وٳقامة تحصيناته كلها على أساس أنه جيش احتلال.
هذا الجيش المدعو “عربي” لم يواجه يوماً عدواً غير عربي ! فهو أبلى “خير بلاء” حين ذبح الفلسطينيين واستباح لبنان أرضاً وشعباً، بعدها قام بمحق حماه وتسويتها باﻷرض وهاهو يذيق نفس المصير لباقي حواضر الشام. كيف يكون هذا الجيش “عربيا” حين يحمي المغتصب الصهيوني ويتحالف مع الوالي الفقيه في طهران ويحتمي بشبيح موسكو وبالديكتاتور الصيني ؟ في وجه من ؟ في وجه العرب، كل العرب سوى المالكي خادم ٳيران، واﻷهم في وجه شعبه “العربي” السوري ذاته.
هل هذا الجيش ٳذاً “سوري” وليس “عربياً”؟ كيف يكون سورياً وهو يقصف مدن سوريا ويذبح أهلها ؟ كيف يكون سورياً وهو لم يواجه يوماً من يهدد أو يحتل اﻷرض السورية ؟ ولا هو دافع عن كرامة وحرية السوريين ولا هوحمى أعراضهم وحياتهم ؟
ٳذا لم يكن هذا الجيش لا عربياً ولا سورياً فهل تصح تسميته “بالجيش العلوي اﻷسدي”؟ أم أنه فرقة علوية في “فيلق القدس” ؟
أحمد الشامي
__________
ملحوظة على الهامش : يقال وعلى عهدة الرواة ان المقبور الراحل تيمورلنك
علوي هو الاخر..اتمنى من اهل التاريخ والاخبار تاكيد او نفي هذه المعلومة.