{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
صنميات قرن الخداع الشامل : ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا؟؟؟
زحل بن شمسين غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 575
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #1
Question  صنميات قرن الخداع الشامل : ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا؟؟؟
[/color]



صنميات قرن الخداع الشامل : ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا
بعد بروتوكولات حكماء صهيون : هل توجد بروتوكولات حكماء الفرس؟ (1)
[color=#FF0000]

http://www.albasrah.net/ar_articles_2006...300806.htm

شبكة البصرة
صلاح المختار

صوت شيطاني : أنت تخدع اذن انت مسعود
والمسعود ليس مسعود البرزاني فقط بل هو ايضا علي خامنئي ونهجه الشوفيني الصفوي التوسعي، وبنيامين نتنياهو رمز التوسعية الاسرائيلية، وجورج بوش العوبة النخبة الانكلوسكسونية الحاكمة في امريكا، فهؤلاء هم أبرزاقطاب عصر الخداع الشامل وهم عبدة اصنامه وصانعي صنمياته! انني اجزم ان البشرية لم تشهد في تاريخها كله زمنا صار فيه الخداع مهنة الاكثر ثراء، والاكثر تقدما مدنيا، واحتل المركز الاول بلا منازع على عرش عهر الضمير، كما يحصل في عصرنا المعولم هذا، عصر تعهير كل شيء من احقر الاشياء وادناها في سلم الغرب وهو الضمير، الى اعلاها شانا في نفس السلم وهو الدولار. أن اخطر مظاهر عصر ما بعد الحرب الباردة بروزا وطغيانا عولمة عهر الضمير، بحيث صار مصدروا الديمقراطية وحقوق الانسان في اوربا وامريكا الشمالية يصدرون بضاعتهم الاصلية التي من ارباحها اقاموا رفاهيتهم : ابادة شعوب الاطراف لاجل نهب ثرواتها، وفقا لسياقات ما كان يسمى (المركزية الاوربية) في عصر الاستعمار، والتي صارت المركزية الامريكية في عصر الايدز المزروع عمدا في ارحام البشرية البائسة في الاطراف.
وابادة (الشعوب الملونة) ليس هوسا بوشيا، ولا هو من عنديات (المحافظون الجدد)، بل هو تجل صارم واصيل لتطلعات نخب اوربية امريكية شمالية، مزروع في نخاعها الشوكي منذ وطأت ارجلها امريكا،لابتلاع كل ما هو ثمين وسمين لدى الاطراف حتى لو ادى ذلك الى دفن مئات الملايين من شعوب الاطراف وهم احياء، وتحويله الى رفاهية ملعونة للجنس الابيض حتى لو كانت معدته تئن من تخمتها وراس صاحبها ينام على وسادة صنعت من شعر ملايين الاطفال الذين رحلوا قبل ان ينبت الشعر في وجوههم! ان ما اطلق عليه تسمية (تقرير عام 2000)، والذي اصدرته وكالة المخابرات المركزية الامريكية في السبعينيات حينما كان جورج بوش الاب مديرا لها، يكشف بصراحة ان امريكا قد خططت لابادة الشعوب الملونة أي السمر والسود والصفر كي يبقى الجنس الابيض الانكلوسكسوني مسيطرا على العالم بلا منازع!
انها كارثة البشرية الاعظم في تأريخها التي تجسدت في قفز قرد ابيض الى مسرح العالم، مستغلا زمن غفوة الاطراف التي صنعت اول الحضارات البشرية، وهو يحمل ابتسامة ملوثة بفايروس الايدز اسمها (الخداع الشامل)، والعالم كان لا يعلم ماهو الايدز الذي دس في أبتسامة ذلك القرد، فبدأت المأساة، واخذت الملايين تتساقط وهي تذوي دون ان تعلم لماذا، والقرد يضحك وهو يعرف سر موت الملايين لانه هو الذي وضع الفايروس عمدا فوق تفاحة قدمها اليهم باسم التحضر، ونسج حولها اكاذيب جميلة لم يسبق للانسان الطيب ان سمع بها من قبل مثل حقوق الانسان والحيوان والديمقراطية!
انهم يخدعون العالم عن عمد وتخطيط، ويلقون الضمير في زبالات احياء الاحتضار، خصوصا ان الدب الروسي مات بعد ان تعاطى جرعة مخدرات كبيرة، وبعد ان رحل التنين الصيني الى جزيرة نائية مستمتعا بدف شمس احلام المستقبل، وهكذا اصبح القرد الابيض قادرا على ممارسة احقر انواع عهر الضمير دون خوف من رادع. والخداع الشامل هو ابرز تجليات عهر الضمير، ونحن العرب اهم ضحايا هذا السلاح الفتاك، لانه يجردنا من حصانتنا، ويضعنا مام تحديات قاتلة ونحن لا نعرف اننا متجهون الى الموت والابادة، او نعرف لكننا، وبسبب الخداع الشامل، نجد انفسنا حائرين في فهم حقيقة ما يجري، عاجزين عن الامساك براس كبابة الخيوط، او رؤية الضوء في نهاية النفق، فنمشي نحو حتفنا حتى حينما نظن باننا ندخل بيت الامان.
وابرز ما يواجهنا الان من مخاطر قاتلة هو ذلك التمويه الخطير والمدمر للدور الايراني في الوطن العربي بشكل خاص وفي العالم الاسلامي بشكل عام. اننا وعبر تجارب كارثية اكتشفنا وتيقنا بان الغرب والصهيونية هما مصدر مأسينا واصبح الطفل لدينا يعرف ذلك، لهذا كان من الحتمي خداعنا بواسطة خطر جديد لا نفهم دوافعه الحقيقية وان فهمنا لا نصدق او لا يصدقنا البعض، فكما احتجنا الى عقود من الزمن لنتيقن ان الصهيوينة وداعميها وحماتها في الغرب هم مصدر الخطر المميت، فان البعض يحتاج لعقود للتيقن من ان ايران الصفوية هي الاخرى تشكل خطرا مميتا على العرب! وحينما نكتشف تلك الحقيقة ربما بعد فوان الاوان نكون قد تمددنا في قبورنا، ان كنا كعرب سنجد قبورا ونحن نرى فيلق بدر وجيش المهدي ينتشران من موريتانيا الى اليمن، ولا يكتفيان بقتل العرب بل يتلذذان بتشويه جثث قتلانا ثم رميها في المزابل او المياه الثقيلة والاسنة بعد ان تفقد ملامحها كما يفعلون الان في العراق! ان الة الدعاية الجهنمية الغربية وبالتعاون مع الالة الايرانية الصفوية العريقة في فن الخداع والتغلغل الشامل خصوصا في زمن العباسيين، وضعت العرب شعبا وحكاما امام معضلة فهم حقيقة الصلة بين ايران وامريكا واسرائيل، ففي حين ان ظاهر الامور كان يشير الى وجود خلافات عميقة بين ايران خميني والطرفين الاخرين الا ان ثمة مؤشرات قوية جدا تنبه الى ان ثمة قواسم مشتركة تربط هذه الثلاثي حينما يتعلق الامر بالامة العربية رغم ان التنافس على الغنائم موجود بينهم! ان ما يجري في العراق خصوصا منذ غزوه في عام 2003 يقدم لنا صورة شائكة بالنسبة للبعض في فهم الدور الحقيقي لايران.
والارباك في الفهم ناجم عن ان هذه الاطراف تحترف مهنة لا يتقنها العرب، مع الاسف الشديد، وهي التخطيط الطويل المدى لتحقيق اهداف ستراتيجية عظمى تحتاج لعشرات السنين، وربما مئات السنين احيانا لتنفيذها، بحيث لا يكتشفها من تعود على التفكير العفوي والاني. كما ان هذا الخداع الشامل يستخدم التقية وسيلة للخداع والتغلغل داخل صفوفنا، والتقية هي تمثيل ادوار لاجل خداع الطرف الاخر وتضليله. واذا نظرنا الى تاريخنا سنجد ان بلاد فارس كانت حينما تضعف او تريد تسهيل الغزو تعتمد على الخداع او القوة المجردة، واوضح مثال على الخداع هو البرامكة واختراقهم للدولة العباسية ونخرها من الداخل لان العرب كانوا اقوياء جدا ولا يمكن دحرهم في الحرب. مقابل ذلك نجد ان استخدام القوة من قبل الفرس، متمثلا في التمردات الكثيرة على العباسيين وفي مقدمتها تمرد بابك الخرمي الذي استمر حوالي عشرين سنة وانهك العباسيين، يكمل دور البرامكة السلمي ضمن ستراتيجية واضحة تقوم على نزع الملك من العرب! اما الصهيونية فهي الاخرى تخطط على حسابنا لمئات السنين اضافة للقرد الجديد الاتي الى مسرح العالم وهو النخبة الانجلو- سكسونية، التي خططت لنهب العالم والسيطرة عليه بكافة الاساليب وفي مقدمتها الخداع الشامل.
وهذا الحال يفرض علينا ان نعيد النظر بما حدث، وبما يحدث، لاجل اكتشاف الحقائق وادراك ما يحيط بنا وتحديد حركة ارجلنا وهي تسير، وفقا لنقد وتحليل عقلانيين يعتمدان على متابعة ودراسة كل الاطراف ودون فرضيات مسبقة بل يجب الاعتماد فقط على الواقع الملموس والتنقيب فيه وخلفه وتحته وفوقه حتى نصل الى تكوين صورة متكاملة عن محيطنا وبيئتنا الاقليمية والداخلية وما فيها من تحديات ومخاطر ووحوش.
تأملوا فقط كيف ان فلسطين اغتصبت بعد عمل استمر حوالي نصف قرن منذ مؤتمر بال في سويسرا الذي قرر الاستيلاء على فلسطين، والانطلاق منها لاقامة اسرائيل التوراتية على الرقعة الجغرافية الممتدة بين الفرات والنيل. والان وصلنا الى حد تفتيت المفتت من الاقطار العربية، كمقدمة لنشوء اسرائيل التوراتية طبقا لمخططات لخصت في ما يسمى (بروتوكولات حكماء صهيون) التي انكر وجودها وعدت مؤامرة ضد الصهيونية العالمية مع اننا نرى تطبيقها اليومي على الارض. وعلى الجهة الاخرى انظروا الى ايران التي فقدت امبراطوريتها حينما جاء الفتح العربي الاسلامي ومنذ ذلك الوقت اصبحت ايران (الاسلامية) مصدر اخطر التحديات المجاورة التي تواجه العرب والمسلمين. ففي زمن الخلفاء الراشدين كانت العناصر الفارسية منبع الفتن والاغتيالات والانقسامات واهمها واخطرها تحويل الخلاف السياسي حول الخلافة الى انشقاق مذهبي خطير! ثم جاء اسماعيل الصفوي ليختار من التشيع اسمه وشكله فقط تهربا من الخضوع للولاية العثمانية، ففرضه بانهار من الدم، واصبحت ستراتيجيته هي اقامة امبراطورية فارسية باسم التشيع الصفوي كغطاء للمطامع الفارسية القديمة.
واستمر النهج الصفوي الفارسي الصريح حتى سقوط الشاه محمد رضا بهلوي وقيام نظام ادعى انه اسلامي، لكنه وبفضل النظرة الشوفينية الفارسية غلف المطمح الامبراطوري القومي للشاه باسم (الثورة الاسلامية) ونشرها تطبيقا لخطط مشابهة لخطط الصهيونية تضمنتها (بروتوكولات حكماء فارس)! وكانت النتيجة المؤلمة هي ان العالم الاسلامي يشهد منذ وصول الملالي للسلطة أسوء مراحل تاريخه من حيث الكوارث والازمات والحروب الطاحنة والانشقاقات المذهبية!
هل كنا نحن العرب نخطط مثل النخب الفارسية او النخب اليهودية للمستقبل من اجل الحفاظ على وجودنا وليس التوسع على حساب الغير؟ وهل وضع حكماء العرب بروتوكولات كتلك التي وضعها حكماء بني صهيون او كتلك التي وضعها حكماء بني فارس لضمان التوسع على حسابنا وحساب ارضنا ومستقبل أبناءنا وفقا لخطط شاملة وبعيدة الزمن؟ كلا بالطبع فاننا خصوصا النخب الاكاديمية والسياسية والانظمة الحاكمة لا نفكر ابعد من انوفنا، لذلك واجهنا النكبات والماسي المتواترة والتي لم تنتهي حتى الان! من هنا علينا اذا اردنا انقاذ انفسنا واطفالنا من العبودية للغرب واسرائيل وايران ان نفهم اللعبة المشتركة بين هذه الاطراف والتي تتمحور حول كيفية السيطرة على الامة العربية وتقسيمها لاجل نهبها واستعمارها.

ومضة ضوء تذكيرية
منذ اسقط الشاه بدعم غربي واضح، وحولت ثورة الشعوب الايرانية التحررية الى محض ثورة ظاهرها طائفي لكن مهمته الاساسية تغطية مطامع توسعية شوفينية فارسية، تمثلت في صعود الخمينية في ايران والمنطقة، بصفتها تجديد عصري لمطامح امبراطورية فارسية عتيقة بدأ نظام خميني دعوته العنصرية، المغلفة بغطاء اسلامي طائفي اطلق عليه اسم (تصدير الثورة الاسلامية)، واخذت المؤشرات تترى واحدا اثر الاخر لتزرع يقينا متناميا عام 1979 بان ايران خميني تنفذ مخططا يقوم على تقسيم الوطن العربي والعالم الاسلامي على اسس طائفية ظاهرية تموه الهدف الفارسي العنصري التوسعي، وهو اقامة امبراطورية فارسية تتستر باسم الاسلام. وهذا يعني عمليا تغيير خارطة العالم الاسلامي والذي ستكون بدايته في العراق كما اعلن خميني ونهايته في كوالالامبور! ووقعت الحرب العراقية الايرانية نتيجة اصرار خميني على اسقاط النظام الوطني في العراق واقترن ذلك بزرع اعنف واخطر الاضطرابات في الوطن العربي والعالم الاسلامي.
كما ان هذا النهج التوسعي تزامن مع وصول اليمين الاسرائيلي الى السلطة واعادة العمل في برنامج التوسع الصهيوني على اسس حديثة تمثلت في تحييد مصر في الصراع والتركيز على العراق بعد النقل الرسمي لمحور التركيز الامريكي من اوربا الى الخليج العربي منذ منتصف السبعينيات. واخيرا وليس اخرا طرح عوديد ينان المستشار الخاص لمناحيم بيجن صيغة عصرية للبروتوكولات الصهيوينة عام 1980 والتي اطلق عليها اسم (خطة لاسرائيل في الثمانينيات) قامت رسميا على تقسيم الاقطار العربية، كلها ودون استثناء من موريتانيا الى اليمن، على اسس عرقية وطائفية. وكان اساس الخطة هو دعم اسرائيل والصهيونية لايران خميني من اجل اسقاط النظام الوطني في العراق كما قال ينون. منذ حصل ذلك اخذت اسئلة مهمة تفرض نفسها ومنها :
ما هي علاقة نهج خميني بالغرب واسرائيل ، هل هي علاقة صراع عدائي رئيسي، كما تبدو الصورة الظاهرية؟ ام هي علاقة تحالف مخطط له؟ ام هي لقاء ستراتيجيات كما بدت الصورة على ارض الواقع خصوصا في العراق؟ وازدادت هذه الاسئلة اهمية وخطورة عقب غزو العراق ولعب ايران الدور الحاسم والاساسي فيه، بعد الدور الامريكي. وكان الجواب يعتمد على زاوية رؤية السائل، فمن كان بعيدا عن منطقة التجاور العربي - الايراني كان لا يرى الا شعارات ايران الاسلامية، وكان ذلك المنظور يفضي الى التعاطف مع ايران، خصوصا وانها رفعت شعارات حبيبة على قلوب العرب والمسلمين، اهمها دعم نضال الشعب الفلسطيني، وانشأت أذرع عربية لها في اكثر من مكان لتقوم بدور خطير غير معلن لكنه مرئي، وهو تبييض وجه ايران الذي بشعته جرائمها في العراق وجعله مقبولا من قبل العرب والمسلمين الأبعدين عن ساحة التجاور، بتبني مواقف مع الشعب الفلسطيني، تنفيذا لتكتيك التقية المعروف في بروتوكولات حكماء بني فارس، حتى حين تكون ايران في حالة غزو مع العرب الأقربين، مثل غزو جزر الامارات العربية، او في حالة حرب وجود، مثل الحرب العراقية الايرانية، او غزو العراق واسهام ايران فيه بدور رئيسي.
لكن من كان يعيش في جوار ايران من العرب كان يرى العلاقة من منظور اخر مختلف تماما، فايران، بالنسبة للعرب الاقربين، هي حاضنة ومنبع اخطر واقدم حركة توسع على حساب العرب في الخليج العربي والجزيرة العربية عمرها الاف السنين، ظهرت قبل الاسلام بكثير وقبل ظهور الصهيونية بزمن طويل، وكانت تستبطن، وتعبر عن،(حتميات) جيوبولتيكية منفصلة عن الحكام ونواياهم الشخصية، قررت مسارات العلاقات العربية – الفارسية عبر اكثر من ثلاثة الاف عام، خصوصا على جبهة العراق وبلاد فارس، حيث تمحورت الصراعات والتفاعلات، ومنها انتشر اشعاعها الى دائرة تتوسع تدريجيا لتشمل اجزاء اخرى من الوطن العربي. في ضوء هذه الحقيقة التاريخية كان عرب جوار ايران ينظرون اليها بعين الشك والتحسب او بعين الرفض والعداء.
وبعد غزو العراق دخلت العلاقات العربية - الايرانية مرحلة خطيرة جدا بعد ان لعبت ايران الدور الاقليمي المباشر الاخطر (الدور الاسرائيلي مختف خلف امريكا) في تدمير العراق وقتل واضطهاد مئات الالاف من اهله، ونهبه بصورة منظمة ومخططة، والعمل على تغيير هويته العربية بزرع الفتنة الطائفية وادخال اربعة ملايين ايراني فارسي وكردي غير عراقي الى العراق ومنحهم الجنسية العراقية وبدعم امريكي كامل، لايجاد توازن سكاني جديد يصبح العرب فيه اقلية او في افضل الحالات قومية من بين قوميات متقاربة العدد لتسهيل تقسيمه لاحقا مع ان القومية العربية قبل الغزو كانت تشكل اكثر من 85 % من سكانه! لذلك توقف الجميع، اولئك الذين نظروا الى ايران بعين ملدوغ متشكك، او اولئك الذين نظروا اليها بعين مسلم يتعاطف مع كل مسلم، وطرحوا سؤالا مهما جدا وطري جدا وهو : هل حقا ان ايران خميني وخامنئي تحركت وما زالت تتحرك بدافع اسلامي؟ ام بدافع قومي فارسي يتبرقع باسم الاسلام للسيطرة على ارض النهرين والخصب، قديما، وارض الخصب والماء والنفط حديثا، والتي تعدها ايران خلال اكثر من ثلاثة الاف عام منطقتها الحيوية جيوبوليتيكيا؟
ان ما حدث ويحدث في العراق منذ الغزو الصهيو- امريكي- ايراني للعراق، من تدمير منظم له شعبا وبنية تحتية ووحدة وطنية وتصفيات جسدية للعلماء والمبدعين ونهب المعامل والاموال وتدمير اثار العراق وتغيير تكوينه السكاني...الخ، والذي لعبت فيه ايران الدور التنفيذي الاخطر من بين كل من ساهموا في الغزو بعد امريكا، اجبر حتى اشد انصار ايران من العرب، بل اجبر حكام ايران بالذات على الاعتراف بان ما يحرك ويقرر اهداف ايران الستراتيجية هو مصالحها القومية وليس الاسلام او الطائفة.
في مطلع عام 2004 وفي مؤتمر عالمي في ابو ظبي وقف السيد محمد علي ابطحي، نائب الرئيس الايراني محمد خاتمي وقتها، ليعترف بما كانت ايران وتوابعها العرب ينكرونه بشدة، وقال : لولا ايران لما نجحت امريكا في غزو العراق وافغانستان. وفي نهاية ذلك العام، وقف الرئيس الايراني شخصيا ليقول الشيء ذاته ويعترف مجددا بانه لولا ايران لما نجحت امريكا في غزو العراق، ودخل على هذا الخط هاشمي رفسنجاني، رئيس (مجلس تشخيص مصلحة النظام) اثناء حملته الانتخابية عام 2005وتنافسه مع احمدي نجاد ليقول للسي ان ان معاتبا ان امريكا تنسى انه لولا دعم ايران لما نجحت في غزو العراق.
اذن نحن بأزاء صورة قديمة خدعت الكثيرين وصورة جديدة حررت الكثيرين من اوهام (تحررية واسلامية) ايران خميني وتوابعها التنظيمية، واجبرت الجميع، بما في ذلك اتباع ايران العرب، على التساؤل عن صواب او عدم صواب التقويم السابق لايران خميني. كما انه وضع انصار ايران في اضعف موقف منذ جاءت الخمينية، لدرجة ان احد اشد دعمي ايران في لبنان واسمه هاني فحص قد قال علنا اثناء لقاء له مع فضائية العربية بان ما يحرك ايران في سياستها الخارجية هو مصلحتها القومية وليس الاسلام. والسؤال هنا بعد غزو العراق هو هل انتهت مرحلة التماهي مع الاسلام والتبرقع بغطاء الطائفة وبدات مرحلة العمل المباشر باسم مصلحة ايران القومية؟ واذا كان الجواب نعم ان ايران تفقد الغطاء الاسلامي المناهض لامريكا واسرائيل، ويحل محله وجه قبيح وبشع نتيجة الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها في العراق، فان سؤالا اخرا يفرض نفسه وهو : هل ستتوقف ايران عن محاولة انقاذ مشروعها الامبراطوري القومي المتستر بالاسلام ام ستغير تكيتيكاتها واساليب عملها لاحتواء موجة النقد الحاد لها والقلق منها والتراجع عن تاييدها وتمثيل مسرحية متقنة النص والاخراج لاعادة من وقف معها واتبعها الى صفها بعد ان تننظف ذاكرته من صور مأساة العراق؟ وهل يمكن لهذه المسرحية ان تكون غير التبرقع بغطاء فلسطين؟
هذه الاسئلة والتساؤلات تتحكم بمسألة الدور الايراني الحقيقي وما اذا كانت امريكا ستضرب ايران. كما ان دورها المتماهي مع الدور الامريكي في العراق يطرح تساؤلات جدية حول الهدف من تصعيد الحملات والتهديدات بين امريكا وايران مع انهما مازالتا تعملان سوية ضد الشعب العراقي ووحدة العراق، ويفسر ما كان غامضا وموضع خلاف شديد، وهو سر عدم ضرب امريكا او اسرائيل لايران خميني خلال حوالي ربع قرن منذ اسقاط الشاه ووصول خميني، رغم الهرج الاعلامي ودق طبول الحرب بين هذه الاطراف الثلاثة؟! بل بالعكس فانه وسط قذائف مدفعية الصراع الخلب قامت اسرائيل بتقديم اسلحة وعتاد لايران ومعلومات عن العراق اثناء الحرب العراقية الايرانية، وقد كشف ذلك سقوط الطائرة الارجنتينية التي كانت تحمل اسلحة وعتاد من اسرائيل الى ايران في عام 1981 في جنوب الاتحاد السوفيتي! كما يفسر ما اطلق عليه رسميا اسم (ايران جيت) او (ايران كونترا) ، والتي عقد صفقتها رسميا هاشمي رفسنجاني وروبرت مكفارلين مستشار الامن القومي الامريكي الذي زار ايران سرا، وتم بموجبها تقديم اسلحة وعتاد ومعلومات استخبارية الى ايران عن العراق ادت الى غزو الفاو في جنوب العراق. وقتها كذبت ايران ذلك ولكن، وبعد ان برزت وثائق دامغة، اعترفت ايران بان الصفقة مع اسرائيل قامت على استرجاع دين ايراني لدى اسرائيل منذ زمن الشاه اعيد بشكل اسلحة وعتاد! كذلك اعترفت ايران بايرانجيت وصورتها على انها رفع للتجميد عن اموال ايرانية في امريكا ودفعها على شكل اسلحة! ورغم هذه الحقيقة نجد عهار ضمير عرب يتهمون العراق بانه تلقى الدعم من امريكا اثناء الحرب مع ايران مع اننا تحدينا من يقول ذلك ان يثبت وجود (عراق جيت) واحدة ففشلوا لان الواقع يؤكد ان العراق لم يستلم رصاصة واحدة من امريكا!
هذا الواقع فرض فرضا طرح اسئلة كان طرحها يواجه بعض الصعوبة ومنها : لماذا تقدم امريكا واسرائيل دعما لايران رغم انها تعلن بصخب عال انها تحارب الشيطان الاكبر؟ ولماذا لم تضرب ايران خلال ربع قرن رغم كل التهديدات من قبل امريكا واسرائيل؟ ولماذا سمح لايران ببناء مشروعها النووي، المؤلف من عدة مفاعلات نووية، حتى وصل مرحلة الاكتمال، في حين انه كان للعراق مفاعلا واحدا في طوره الابتدائي وضرب ودمر؟ ولماذا اشركت امريكا ايران في غزو وتدمير العراق وسلمتها حكومة العراق في ظل الاحتلال وسمحت لايران بتصدير حوالي اربعة ملايين ايراني (فارسي وكردي غير عراقي) للعراق ومنح اكثر من مليونين ونصف المليون منهم الجنسية العراقية رسميا كما اعترف ابراهيم الجعفري حينما كان رئيسا لوزراء حكومة الاحتلال، ولماذا سمحت لايران بالقيام بنهب العرق وتدمير قدراته العلمية والتكنولوجية؟ ولماذا لم تتدخل امريكا عند قيام ايران بذبح مئات العلماء والضباط العراقيين؟ ولماذا زورت امريكا الانتخابات مرتين والاستفتاء مرة في العراق لاجل احكام قبضة اتباع ايران على الحكم في العراق؟ ولماذا جاءت امريكا بفكرة دعائية كاذبة تلقفتها ايران بسرور غامر وهي فكرة (ان الشيعة كانوا مضطهدين رغم انهم الاغلبية)؟ وما حقيقة ماسمي بسياسة (الاحتواء المزدوج) التي عدت العراق وايران خصمان يجب احتواءهما، وسياسة محور الشر التي شملت العراق وايران وكوريا الشمالية؟
هذه الاسئلة وغيرها يجب ان تناقش الان بكامل الصراحة ويجاب عليها هي وغيرها، في ضوء الواقع العياني الذي نراه وليس بتأثير الدعاية والتثقيف الامريكي والايراني الطويلين، واللذان اديا الى غسل ادمغة ملايين الناس ومنعهم من اكتشاف الخيط الرفيع، ولكن الفولاذي القوة، الذي ربط ويربط ستراتيجيا وتكتيكيا ايران بامريكا واسرائيل.
انها لحظة اماطة اللثام عن كل الوجوه وتحديد ملامحها الحقيقة تحت ضوء الحقائق الموضوعية لندرك الخطر المميت الذي تشكله ايران على مستقبل الامة العربية وشعبها والذي يكمل ولا يتناقض مع الخطر الاستعماري الغر بي والصهيوني. ولاجل تسهيل عميلة اماطة اللثام عن الوجه الحقيقي لايران يجب التذكير ببعض اساسيات وقواعد الصراع وتكتيكاته المتناقضة والغامضة او المموهة غالبا.
وا يجب الانتباه الى ان هناك فريقا من المثقفين العرب، ولاسباب مختلفة، يدافع عن ايران ويرى ان بالامكان كسبها الى جانب العرب في صراعهم مع امريكا والصهيونية! وهذا الكلام حينما كنت اسمعه اتسائل بجدية : هل من يقول ذلك ساذج او جاهل بما فعلته وتفعله ايران في العراق وفي كل الوطن العربي حتى الان من زرع للفتن والاضطرابات؟ ام انه يتلبس قناعة ذاتية يعرف انها خاطئة لكنه يريد اقناعنا بان نتوقف عن الدفاع عن انفسنا وايران تحرك سكينا صدئة على رقاب شبابنا ورجالنا ونساءنا واطفالنا وهي تذبحنا كل يوم كما تفعل العصابات الايرانية في العراق؟ لقد قلنا لهؤلا ء ونكرر الان : نعم سيكون اسعد من السعد ذاته ان تتوقف معاركنا مع ايران وان ننصرف الى التحدي الصهيوامريكي ولكن اليس من حقنا ان نطلب من ايران ان تتوقف عن ابادتنا في العراق؟ كيف نتوقف عن كشف اعمالها الاجرامية وهي تواصلها وتزيدها وتفتعل معارك مموهة، هنا وهناك لاجل تحسين صورتها من اجل ان تواصل قتلنا وتذويب هويتنا العربية في العراق بشكل خاص، ولكي تقدم لانصارها المهزومين نتيجة خدمتهم للاحتلال الامريكي منطقا يدافعون به عن خياناتهم برفع راية حروب مسرحية؟ لتوقف ايران مجازرها ضدنا، لتوقف ايران تعاونها مع الاحتلال في العراق عند ذاك سنكون اول من يطالب بالتحالف معها ضد أي عدو مشترك، ولكن لن يكون هناك صمت الا بعد ان تتوقف ايران عن تنفيذ خطة غزو الوطن العربي وتفتيته طبقا لبروتوكولات حكماء الفرس، لذا يجب على هؤلاء المادحين للدور الايراني ان يقنعوها بذلك وان يكفوا عن الضغط علينا.
يتبع ........
salah_almukhtar@yahoo.com


شبكة البصرة

الاربعاء 6 شعبان 1427 / 30 آب 2006

يرجى الاشارة الى
06-11-2013, 06:41 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
زحل بن شمسين غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 575
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #2
الرد على: صنميات قرن الخداع الشامل : ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا؟؟؟
صنميات قرن الخداع الشامل : ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا
بعد بروتوكولات حكماء صهيون : هل توجد بروتوكولات حكماء الفرس؟ (2)


شبكة البصرة
صلاح المختار


قواعد التقويم : من هو العدو الاول؟


في أي صراع تتحكم ضوابط صارمة تستند على تقديرات عقلانية ومنطقية الترتيب في الاولويات من جهة، واستثمار الامكانات والفرص المتاحة من جهة ثانية. ان العفوية وتقرير قواعد الصراع آنيا، أي رؤية المشهد المباشر دون اكتشاف خلفيته، سمة اساسية للتخلف واللاعقلانية في خوض الصراعات خصوصا المصيرية منها، وهذا هو حال النخب العربية الحاكمة منذ الاستقلال عن الدولة العثمانية، التي، أي النخب، كانت اخر من يفهم الاهداف البعيدة للغرب والصهيونية وان فهمتها فهي اخر من يخطط بنجاح لاحباط الخطط المعادية. ان كسب الحرب يعتمد ليس على الحق والعدالة وقيمهما بل على الادراك الصحيح لما يريده الاعداء لكي يتم وضع التخطيط المحكم والدقيق المبني على المعرفة العلمية للعدو، لهذا شهد التاريخ هزيمة انصار الحق حينما كان انصار الباطل افضل تخطيطا وتنظيما وكان اهل الحق عفويين وانيين ومبعثرين ولا عقلانيين في التعامل مع العدو وقد قيل بصواب تام (ان معرفة العدو - او أي طرف - كسب نصف المعركة).
ويشمل التخطيط العقلاني ليس تحديد الستراتيجيات الصحيحة فقط بل اختيار التكتيكات المناسبة ايضا. فالستراتيجية الصحيحة اذا خدمتها تكتيكات جامدة وغير خلاقة تفشل , ويسقط التخطيط كله، لهذا من الضروري وضع التكتيكات المناسبة لضمان نجاح التخطيط الستراتيجي. واول مظاهر النضوج في التخطيط للصراع هو التحديد الصحيح للصراع الرئيس، بعد تحديد من هو العدو الرئيس الذي يشكل الخطر الرئيسي والداهم. وهذا يعني تحديدا ان نكتشف التناقض الرئيس ونخضع له ولمتطلباته كل التناقضات الاخرى وما يتفرع منها من صراعات وتكتيكات ومناورات.
ما هو التناقض الرئيس؟ كيف نحدده؟ ما هي معاييره؟ هل هي المعايير السياسية ام الستراتيجية؟ ومن ثم ما هي التناقضات الثانوية. ما هي جبهة الصراع الرئيسية؟ ومن ثم ما هي جبهات الصراع الثانوية. ما صلة الرئيسي بالثانوي؟ ايهما الاهم : استمرارية نمط الصراع ام تبدلاته؟ ما معنى تحكم نمط واحد بالصراع وباتجاه واحد؟ ما هي تكتيكات مواجهة الخطر الرئيس؟ هذه الاسئلة تساعد على ولوج منطقة الفهم الصحيح ستراتيجيا وسياسيا. وفي حالتنا نحن العرب ان اهم منطلق تخطيطي صحيح هو معرفة من هو عدونا الرئيس وتحديد اهدافه الستراتيجية العظمى ثم الالتصاق التام والصارم بهدف مقاتلته هو والعمل على تاجيل الصراعات الاخرى وتحييد خصوم اقل خطورة، بل وحتى البحث عن نقاط تعاون معهم، لان ذلك سيجعلنا نرى مساحات خيارات العدو الاخطر الستراتيجية ومناوراته التكتيكية بتعددها وتبدلاتها، كما سيمنحنا امكانية اضافة قوى اخرى لقوانا او على الاقل تحييدها وعدم تخصيص جزء مهم من امكاناتنا لمواجهتها. ان عدونا الرئيس، الذي فرض عداوته علينا دون رغبة منا، هو الولايات المتحدة الامريكية، وليس ايران، وبغض النظر عن خطورة الاخيرة . فامريكا ومعها حكومات غربية خلقت اسرائيل لتكون قاعدة متقدمة لها تحمي مصالحها، لذلك فنحن نواجه عدوين رئيسيين هما امريكا، وخلفها النخب الراسمالية الغربية، والصهيونية العالمية وتعبيرها السياسي والسكاني اسرائيل.
ان هذا التحديد يبدو بديهيا، وهو كذلك لكن بديهيته لا تعني نهاية المطاف في اتخاذ القرار الستراتيجي الصائب، بل يجب فوق ذلك ان نعيد دوريا دراسة هذه المسالة لنلتقط التبدلات التي تحدث والتقرير الصحيح لطبيعة كل منها، لان ذلك يوفر امكانية متابعة الصراع بعين يقظة تبقي العدو الرئيسي امام نواظرنا، دون ان نهمل أي طارئ او تبدل يظهر ويتحول الى تهديد جدي يجعل من كان عدوا ثانويا اشد خطورة من العدو الذي كان رئيسيا. فمثلا حين يداهمك لص يريد نهبك او قتلك وتستدير الى جارك لطلب العون، وانت تحبس اللص في غرفة في الدار، فتفاجأ بان الجار يضع سكينه على رقبة ابنك ويطلب منك ما راه من ذهب، ماذا تعمل؟ هل تذهب وتفتح الغرفة وتقاتل اللص وتترك جارك يقتل ابنك؟ ام تحاول اولا انقاذ ابنك؟ عليك ان تنقذ ابنك قبل ان يذبحه اللص دون ان تنسى الاتصال الفوري بالشرطة للمجئ. وحينما نقول ان العدو الرئيسي هو النخب الراسمالية الغربية، معبر عنها بانظمة حكمها، نواجه الولايات المتحدة الامريكية اولا وقبل أي عدو اخر.
ان من يقول بان امريكا ذيل لاسرائيل ومن ثم فان المطلوب هو التركيز على الصهيونية العالمية ومحاولة تحييد امريكا لا يتعدى في قوله التمنيات الذاتية العوراء، لان امريكا سواء كانت اداة اسرائيل، وهو قول نرفضه، او كانت تنفذ الاهداف الاسرائيلية، فانها قبل هذا وذاك دولة راسمالية لا قيم لها سوى تحقيق الربح. واستنادا الى تلك الحقيقة فان علاقة اسرائيل بامريكا تخضع، اولا واخيرا، لقاعدة الربح والخسارة الراسمالية وليس الى تاثير ديني مفترض والصق عمدا بالصراع لتحشيد الراي العام في بلدان الغرب وتمويه الصراع واسبابه الحقيقية.
ان مصالح امريكا هي المحرك لها وليس صلتها باسرائيل، والتي تعد مصلحة امريكية لانها بالاساس مشروع غربي استعماري اقيم لخدمة مصالح الغرب الستراتيجية في الوطن العربي، وفي مقدمتها النفط، كما ورد في تقرير (لجنة بنرمان) في مطلع القرن العشرين. لكن جدلية الصراع في المنطقة بين الامة العربية وعدوها الاول الاستعمار طور اسرائيل لتكون وكيلا عنه يحمي مصالحه في المنطقة ضد حركة التحرر العربية. وهكذا لم تعد مصالح الغرب هي النفط فقط بل النفط ومن كلف بحماية النفط وبقية المصالح الغربية. وقد عبرت السياسة الخارجية الامريكية منذ الخمسينيات، وبثبات لم يتغير رغم تغير الحكومات الامريكية، عن ذلك باعتماد هدفين اساسيين ثابتين لها وهما امن النفط وامن اسرائيل. وهذا الترابط العضوي والجدلي بين امن النفط وامن اسرائيل تتحكم فيه حقيقة معروفة وهي ان اسرائيل تقوم في وجودها واستمرارها على الدعم الغربي بشكل عام والامريكي منه بشكل خاص، وبدون هذا الدعم تبدو اسرائيل غير قابلة للبقاء حتى دون حرب، لانها تعتمد اساسا على الدعم الاقتصادي الغربي ووجود نظام اواني مستطرقة يربط بينهما يوفر لاسرائيل عوامل التقدم العلمي التكنولوجي. بتعبير اخر ان ما يتوفر للغرب من ابداعات واختراعات وتقدم يصل الى اسرائيل بسرعة البرق، لذلك فانها تبدو ارقى من حجمها الحقيقي فيما يتعلق بقدراتها التكنولوجية والعلمية والعسكرية.
اذن ان خطر اسرائيل على الامة العربية غير ممكن عمليا الا عبر القناة الغربية التي توفر لها كل اسباب التفوق وبالمقابل تحرم العرب من كل اسباب التقدم، وما جرى خلال العقود الخمسة الاخيرة يؤكد هذه الحقيقة الواقعية، وابرز مثالين هما حرب 1973 حينما انقلبت الموازين لصالح العرب فتدخل الغرب لاعادة التفوق الاسرائيلي، ومثال العراق الذي تجاوز الخطوط الحمر بتطوره العلمي التكنولوجي وتحقيقه انجازات تعد خطرا على اسرائيل، خصوصا وانها اقترنت بسياسة وطنية استقلالية، فحشد الغرب بقيادة امريكا كل طاقاته لاجهاض تجربة النهصة القومية في العراق، والتي ابتدأت بفرض الحروب عليه ثم الحصار ثم الغزو المسلح. في هاتين التجربتين اكد الغرب المبدأ الثابت في سياساته تجاه الصراع العربي الاسرائيلي وهو ان اسرائيل يجب ان تبقى اقوى، خصوصا عسكريا من كل العرب مجتمعين.

الشجرة والأغصان
ما معنى ذلك؟ ان المعنى الاعظم لكل ما تقدم هو ان مصدر قوة وتفوق اسرائيل وضعف وهزائم العرب هو الغرب الاستعماري والذي تقوده امريكا الان. فالغرب هو الاصل واسرائيل هي الفرع، وحين يضعف او يهزم الاصل يهزم تلقائيا الفرع. صحيح ان الفرع وهو اسرائيل يتمتع بنفوذ قوي داخل الاصل لكن هذا النفوذ هو تحصيل حاصل لسياسة الامنين (امن النفط وامن اسرائيل)، والتي طرحت في دول الغرب على انها تخدم مصالح الغرب، وعلى هذا الاساس اقتنع الجزء الاكبر من الراي العام في الغرب بان اسرائيل استثمار مربح، ويخدم مصالح الغرب الاساسية. وترتب على ذلك تداخل عميق في الصلات خصوصا وان الصهيونية العالمية لها امتدادات بشرية مقتدرة في الغرب تلعب دورا هاما جدا في تنمية الدعم الشعبي والحكومي لاسرائيل، وفي تحقيق تداخل فكري واجتماعي وحتى ديني بين المجتمعات الغربية المسيحية وبين اسرائيل، مستغلين حقيقة ان الكتاب المقدس عامل ديني مشترك بين الطرفين. وبفضل النفوذالاسرائيلي داخل المجتمعات الغربية اصبح لاسرائيل ادوات تاثير في العملية الانتخابية في الغرب عبر ترجيح كفة مرشح او حزب بالصوت اليهودي او الخاضع للنفوذ اليهودي، الامرالذي جعل اسرائيل تبدو في حالات توازن وتقارب الاصوات الطرف المقرر لنتائج الانتخابات.
ومع ذلك ورغم ذلك فان اسرائيل تبقى كيانا لايقوم بذاته معتمدا على موارده بل انه كان وما زال يقوم على غيره، فلولا حماية الغرب العسكرية والامنية والدعم الاقتصادي والتكنولوجي...الخ لما بقيت اسرائيل مهما كانت متفوقة على العرب. ولذلك فان حقيقة عدم قيام اسرائيل بذاتها تكفي لجعل اسرائيل تذوب تدريجيا حتى بدون حروب عسكرية اذا توقف الدعم الخارجي الذي تقوم عليه. اذن، وفي ضوء ما تقدم، يطرح السؤال التالي : من هو العدو الرئيس؟ والجواب الدقيق هو انه الغرب الاستعماري بقيادة امريكا، ويترتب على هذه الحقيقة تحديد ستراتيجي صحيح ودقيق وهو ان الساحة الرئيسية للصراع ليست تلك التي تقاتل فيها اسرائيل بل الساحة التي يقاتل فيها الدرع الذي يحمي اسرائيل ومصدر وجودها وديمومتها أي امريكا. ففي حرب اكتوبر كادت اسرائيل تفقد المبادرة لولا الجسر الجوي الامريكي الذي اعاد اليها المبادرة، ومعنى هذا ان الانتصار على اسرائيل مرهون ومرتبط عضويا بالانتصار بمختلف اشكاله على مصدر قوتها وديمومتها وهو امريكا وقوى غربية، وهنا تظهر الاهمية الستراتيجية الحقيقية لكل ساحة من ساحات الصراع العربية وهي العراقية والفلسطينية واللبنانية.
ولتجنب الوقوع في متاهة عدم الدقة في تحديد المعركة الرئيسية، لابد من التذكير بوجود فرق كبير بين المعركة الرئيسية والقضية المركزية، اذ من الممكن ان تدور المعركة الرئيسية في خارج ارض القضية المركزية دون تغيير طبيعة القضية المركزية، ومعارك العرب مع اسرائيل دارت اغلبها خارج فلسطين وابرزها في مصر وسوريا والاردن. ان صورة الوضع الستراتيجي واضحة لا لبس فيها ولا غموض، ومن ينظر فيها يجد ان المعركة الرئيسية والحاسمة هي في العراق وليس لبنان او فلسطين، لان الدرع الذي يحمي ويغذي ويديم اسرائيل هو امريكا والاستعمار الغربي عموما، وبدون هذا الدرع ستنكشف اسرائيل ستراتيجيا وتقف منتظرة موتها البطيء حتى بدون حرب عسكرية. والتجربة الاخيرة في حرب لبنان، وهي ليست التجربة الاولى، تؤكد ان اسرائيل ليست نمرا من الورق المقوى فقط بل هي شريحة رقيقة وشفافة من ورق الكلينكس.
نعم يجب ان نفكر ونعمل ستراتيجيا وليس عاطفيا او تكتيكيا، ولا يجوز ان نصف حروب التحريك كحرب اكتوبر بانها حرب تحرير او حرب الحسم لان الهدف السياسي هو تحريك قضية او تحسين صورة وليس حسم صراع ستراتيجي رئيسي. ان المعركة الحاسمة والرئيسية، من منظور ستراتيجي، تجري في العراق وليس في غيره، والمعارك الاخرى مهما كبرت ستتقرر نتائجها في ضوء نتيجة الحرب التحررية الدائرة في العراق. وهذا لا يعني ان القضية المركزية لم تعد القضية الفلسطينية وحلت محلها القضية العراقية، لان القضية المركزية، من منظور قومي، ما زالت هي تحرير فلسطين وقضية العراق من هذا المنظور ملحقة بالقضية الفلسطينية ونتيجة لها. كما ان ذلك لا يعني التقليل من شان المعارك الاخرى لانها مهمة جدا، كمعركة لبنان، ما دامت كل حرب مع اسرائيل هدفا وطنيا وقوميا مطلوبا وكل ما عنيناه هو ضرورة ترتيب الأولويات الإستراتيجية.
وهنا يجب ان نذكر بان الإستراتيجية الكونية الامريكية قد تغيرت وانتقلت في السبعينيات من اعتبار اوربا هي خط الدفاع الاول عما يسمى (العالم الحر) الى النظر الى الخليج العربي بصفته مسرح الصراع الذي سيقرر مصير العالم وخط الدفاع الاول عن الغرب الاستعماري، فأنشئت قوات التدخل السريع (RDF) وبدأ التدرب على حروب الصحراء منذ السبعينيات، وبذلك اصبح الخليج العربي هو ساحة الصراع الرئيسية طبقا لما يطلق عليه اسم مبدأ كارتر.
وحصل تركيز اشد في الاهتمام الستراتيجي الامريكي في الخليج العربي عام 1988 وهو انتقال الصراع الرئيسي من كل الخليج العربي الى البؤرة العراقية، وتحول قوى التحالف الغربي الاستعماري الصهيوني الاساسية الى هذه الساحة، خصوصا وان السبب الرئيس للتركيز على العراق هو انه تجاوز الخطوط الحمر الغربية الصهيونية في مجال السياسة النفطية، بتاميم النفط وتسخير موارده لبناء مجتمع قوي ومتقدم علميا وتكنولوجيا وبناء انسان جديد وخلاق وليس لبناء مجتمع استهلاكي طفيلي، وبنفس الوقت بقي العراق متمسكا بواحد من اهم الثوابت الستراتيجية والمبدأية وهو حقوق الشعب الفلسطيني كاملة ورفض المساومة عليها حتى مقابل رفع الحصار الذي قتل حوالي مليوني عراقي.

ومن يريد ان يتأكد من ان المعركة الحاسمة والرئيسية تجري في العراق عليه ان يتعامل مع الاسئلة التالية بدقة وموضوعية وبرودة عقل : ما الذي سيترتب على معركة لبنان من تغيير في موازين القوى اكثر من تغييرات غير جوهرية على الحدود وداخل لبنان نتيجة العامل الحديدي للجيوبولتك؟ وما الذي ستحققه المقاومة الفلسطينية اكثر من حكم ذاتي مقزم مسيطر عليه اسرائيليا، في افضل الاحوال، نتيجة للعامل الحديدي للديموغرافيا والجيوبولتيك؟ ولكن بالمقابل ما الذي سيترتب على هزيمة امريكا في العراق؟ ان كل خبير ستراتيجي يعرف بوضوح تام بان هزيمة امريكا في العراق تعني اول ما تعني انهيار وتكسر الدرع الذي حمى ومازال يحمي اسرائيل، والتي لا تستطيع العيش بدونه ابدا. كما يعني انقلابا عالميا جذريا ستصعد على اثره قوى دولية واقليمية وتنزل اخرى، وسيكون الرابح الاكبر على الارجح هو حركة التحرر الوطني العربية التي ستتحول الى مركز جذب اقليمي وعالمي من خلال قاعدتها المحررة العراق. وعلى الصعيد الفلسطيني سيعود العرب الى عصر النهوض القومي واللاءات الثلاث ومن موقع قوة : لا صلح لا اعتراف لا مفاوضات مع اسرائيل.
اما اذا حصل أي انتصار جزئي او نسبي على اسرائيل من قبل أي طرف عربي خارج الساحة العراقية فان وجود امريكا غير المهزومة سيعيد لاسرائيل قوتها ويحميها من الانهيار ويوجه ضربات مميتة للامة العربية، وتجربة حرب اكتوبر ماثلة اما نواظرنا حيث حولت امريكا النصر العربي الاولي على اسرائيل الى هزيمة فتحت الباب للصلح والمساومة والتخلي عن الحقوق. ان نظرة سريعة الى القرار 1701حول لبنان تؤكد ان امريكا،ومعها اوربا، تريدان منح اسرائيل نصرا سياسيا كبيرا يفتح الباب امام انهيارات عربية جديدة تؤدي الى قيام شرق اوسط جديد واغتيال المقاومة العراقية!

خسارة جبهة ثانوية لكسب جبهة رئيسية
من بين اهم مبادئ الحرب، وكذلك السياسة، قانون يقول انك اذا كنت لا تستطيع دحر عدوك في كل جبهات القتال فعليك ان تحدد الجبهة الرئيسية التي تقرر نتائج المعركة فيها مسار ونتائج الحرب في الجبهات الاخرى، ثم تركز جهدك الرئيسي فيها وعليها لضمان الانتصار، حتى لو خسرت المعركة في جبهة ثانوية لا تحسم الحرب فيها. وطبقا لهذا المبدأ فان هناك جبهات ثانوية وجبهات رئيسية، ومن دون وضع خط فاصل وواضح بين هذين النوعين من الجبهات يصبح خوض الحرب مغامرة طائشة عواقبها الهزيمة والكوارث.
ويترتب على ذلك بروز امكانية تمييز درجات الخلاف والعداء الاخرى تبعا للتحديد الاساس. كما نستطيع توقع امكانية اقدام العدو على خسارة جبهة ثانوية من اجل كسب الحرب في الجبهة الرئيسية، واخيرا وليس اخرا بامكاننا ان نتوقع عقد صفقات بين العدو الرئيس والخصوم الثانويين على حسابنا. كيف نترجم هذه البديهيات التي تتحكم في الصراعات المخططة عقلانيا على واقعنا؟ في اطار الصورة الشاملة للصراع الحالي من الواضح ان الصراع بين ايران من جهة وامريكا والغرب واسرائيل من جهة ثانية هو صراع ثانوي، كما اكدت واثبتت الوقائع منذ اسقاط امريكا للشاه وايصال خميني للسلطة، وان ايران تلعب دورا اساسيا في تنفيذ المخطط العالمي والاقليمي للصهيوامريكية المعادي للامة العربية، سواء بالتقاء الستراتيجية الامبراطورية الايرانية مع التحالف الغربي الصهيوني او بتطابق الاهداف ووجود اتفاق رسمي.
ان دراسة الواقع الاقليمي والدولي منذ عقود خصوصا منذ عام 1990 تظهر حقيقة ان الصراع الرئيسي والمعركة الرئيسية تدور حول العراق ومعه وليس مع ايران، فايران طبقا للسياسات الرسمية لامريكا، وبدرجات مختلفة درجيا وليس نوعيا طبقا للسياسات الاوربية ايضا، تقوم على هدف اقناع ايران باتباع سياسات اخرى بالطرق الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية، وبالضغوط العسكرية أي التهديد بالقوة دون استخدامها. ويكفي ان ندرس السياسات الامريكية المتبعة رسميا وفعليا منذ زمن كلنتون لنتوصل الى هذه الحقيقية. ويمكن تمييز سياسة محددة ثابتة تجاه ايران والعراق اتخذت تسميات اختلفت جزئيا ومنها (سياسة الاحتواء المزدوج) والتي طورت وسميت (سياسة الاحتواء التمايزي)، واخيرا (سياسة محور الشر). ما هو القاسم المشترك في هذه السياسات؟ انه التمييز الرسمي والفعلي الدقيق بين الموقف من العراق والموقف من ايران، ففي كل هذه السياسات حددت ايران كطرف مخالف يجب انهاء مخالفته بالحسنى وليس بالحرب، أي باتباع اساليب الضغط والاقناع المختلفة وليس الحرب لاقناع النظام الايراني بالتخلي عن سياسات معينة خدمة لمصالحه ومصالح الغرب واسرائيل.
اما العراق فان الموقف الرسمي والفعلي، طبقا لهذه السياسات، فهو اسقاط النظام الوطني وعدم التحاور معه، لان الامل في التفاهم معه معدوم، وقد تبنى الكونغرس الامريكي، في عام 1998، قانونا اطلق عليه اسم (قانون تحرير العراق) التزمت الحكومة الامريكية بموجبه باسقاط النظام الوطني وخصصت مبالغ كبيرة لتنفيذ ذلك القانون. هذا على المستوى الرسمي المعلن، اما على المستوى الفعلي فانه انعكاس للسياسات الرسمية، بل اكثر من ذلك ان علاقات ايران بامريكا والغرب تبدو عمليا متلاقية او متطابقة، قدر تعلق الامر بالعراق، من خلال قيامها على وضع الخلافات جانبا، لانها في الواقع ثانوية والتعاون الوثيق ضد العدو المشترك : العراق قبل الغزو ممثلا بنظامه الوطني التقدمي وبعد الغزو ممثلا بمقاومته الوطنية المسلحة.
لقد تحالفت ايران بشكل رسمي وكامل مع امريكا ضد العراق،وكانت وما تزال، الطرف الاخطر في تنفيذ المخطط الامريكي الرامي الى تدمير العراق وتغيير هويته العربية وتحويله الى قطر (متعدد الاعراق والطوائف والاديان) كما ورد في الدستور الذي وضعه اليهودي الامريكي نوح فيلدمان ودعمته ايران عبر الميليشيات التابعة في العراق، وقام على تقسيم العراق الى 3 دويلات تحت اسم مضلل وهو الفيدرالية، والتي تخفي نظاما اخر هو الكونفدرالية، لانه ينشأ دولا متحدة وليس نظم حكم ذاتي في دولة واحدة. ويتجلى التعاون الامريكي - الايراني ضد العراق في اوضح صوره في الدعم المشترك للحكومات العميلة التي نصبها الاحتلال في العراق، واخر مظاهر التلاقي الكامل هو دعم بوش وخامنئي لحكومة المالكي وتعاون ميليشيات ايران في العراق مع الاحتلال الامريكي رغم طبول الحرب التي تقرع بين ايران وامريكا منذ ربع قرن دون اطلاق رصاصة واحدة على ايران!
لماذا هذا التلاقي الكامل بين ايران وامريكا حول هدف تدمير العراق وتغييب دوره وتذويب هويته العربية رغم وجود خلافات بينهما؟ ان عملية(ثعلب الصحراء) التي نفذت بصيغة حرب شنها الرئيس كلنتون ضد العراق عام 1998، كان هدفها الحقيقي هو اسقاط النظام الوطني في العراق، عبر قصف جوي وصاروخي امريكي كثيف وشامل قد يمهد الاجواء لتمرد داخلي في الجنوب يكمل تمرد الشمال، وبذلك تحاصر الحكومة الوطنية في الوسط ويصدر قرار من مجلس الامن بضغط امريكي يقدم الحماية للتمرد في الجنوب من رد فعل الحكومة العراقية، الامر الذي يؤدي، بعد مرور زمن، الى تقوض الحكومة او تقسيم العراق. لكن هذه الخطة فشلت تماما لان الجنوب لم يتمرد وبقيت السلطة المركزية مسيطرة على كل العراق.
عند ذاك اعلنت الحكومة الامريكية ان اسقاط النظام الوطني غير ممكن الا بالتعاون مع ايران لان لها من يتعاون معها في جنوب العراق. وعقدت اجتماعات سرية امريكية ايرانية في اوربا وغيرها توجت بالتوصل الى اتفاق امريكي ايراني يقوم على التعاون لاسقاط النظام الوطني في العراق مقابل امتيازات تمنح لايران في العراق، وتخفيف الحملات الاعلامية بينهما. واستنادا لهذا الاتفاق حضر المجلس الاعلى (جماعة الحكيم) اجتماعات لندن التي عقدتها المخابرات الامريكية لما كان يسمى(معارضة عراقية) واصبح التنسيق ميدانيا بين الطرفين الامريكي والايراني. وشمل هذا التعاون افغانستان حيث قاتلت ايران ضد طالبان اثناء الحرب على البلد المسلم افغانستان، كما اعترف هاشمي رفسنجاني حين (اكد ان القوات الايرانية «قاتلت طالبان» وساهمت في دحرها. وكشف رفسنجاني في خطبة الجمعة بجامعة طهران انه لو لم تساعد قواتنا في قتال طالبان لغرق الاميركيون في المستنقع الافغاني) جريدة الشرق الاوسط 9 -2 -2002. ثم جاء دور العراق وتم غزوه بدعم ايراني كامل مفتوح ورسمي عبر عنه محمد خاتمي ونائبه حينما قالا لولا دعم ايران لما تمكنت امريكا من غزو العراق وافغانستان. بل ان القوى الاساسية التي استند اليها الغزو وكانت سببا في نجاحه هي البيش مركة الكردية والاحزاب الطائفية التابعة لايران، ومن دون هذا الدعم الايراني ما كان ممكنا لامريكا ان تغزو العراق بنجاح، ولأصبحت عملية غزوه تيهان امريكي في صحراء العراق، كما وصفت صحيفة ايطالية بسخرية نتائج عملية ثعلب الصحراء بقولها لقد ضاع الثعلب الامريكي في الصحراء!
وبعد الغزو جاء دور ايران في تدمير الدولة العراقية وتصفية كوادرها وعلماءها وضباطها ووجوه العراق وشخصياته ونهب ثرواته واسلحته، ومحاربة مقاومة العراق المسلحة … الخ من الاعمال الاجرامية الخطيرة التي قامت بها ايران ضد العراق وشعبه بدعم امريكي كامل. لقد انجزت ايران المهمة القذرة لامريكا في العراق، وهذه حقيقة يعرفها كل عراقي عاش وما زال يعيش مأساة الغزو وعواقبه الكارثية. لماذا سمحت امريكا لايران بان تلعب هذا الدور الخطير في العراق رغم وجود خلافات بينهما؟ الجواب لان العدو الاول والاخطر حسب الموقف الامريكي هو العراق وليس ايران، لذلك وبعد هذا التحديد قدمت امريكا لايران كارت بلانش، اي دعم كامل للعمل في العراق لاجل اكمال تدميره وتفتيته طائفيا. بهذا المعنى فان ايران قدمت خدمة عظمى لامريكا بتمكينها من غزو العراق، في اطار اعتقاد امريكا بان ايران بعد اكمال تدميرها للعراق سيتم اخراجها منه وعندها سيكون العراق جاهزا لاستعماره من قبل امريكا.
اما ايران فقد خططت للتعاون مع امريكا لانها كانت ترى ان العقبة الاساسية امام توسعها الاقليمي على حساب الامة العربية هو العراق الحر، كما اثبتت تجربة الحرب العراقية الايرانية القاسية والتي قام خلالها العراق بحماية الاقطار العربية كلها، خصوصا الخليجية، من النزعة الاستعمارية الايرانية، ففشلت محاولات خميني لغزو الوطن العربي تحت شعار مضلل هو (نشر الثورة الاسلامية).
من هنا فان ايران عملت وفق قناعة تقول ان العراق هو العدو الرئيس وليس امريكا او اسرائيل، وهذا يتطلب تدميره بواسطة امريكا وبمساعدة جوهرية منها، وبذلك تتخلص من القوة الاقليمية العظمى في المنطقة والتي منعت ايران الخمينية من التوسع، طبقا لبروتوكولات حكماء الفرس. بعد ذلك تقوم باستغلال ورطة امريكا في العراق لاجبارها على التساوم معها وعقد صفقة تمنح ايران بموجبها نفوذا في العراق والخليج العربي والجزيرة العربية، خصوصا في البحرين والكويت. وهكذا تحل ايران اصعب مشكلة واكبر تحد واجهها منذ بدأت في تنفيذ خطة اقامة امبراطورية فارسية تتبرقع باسم الاسلام الصفوي. اذن اللقاء الامريكي الايراني ضد العراق تم بناء على اتفاق الطرفين على ان خلافاتهما الثنائية ما هي الا خلافات ثانوية قياسا بطبيعة خلافات كل منهما مع العراق وحاجة كل منهما لتدمير العراق، امريكا تريد دماره لاجل استعماره وايران تريد دماره لاجل التخلص من اخطر عقبة امام توسعها الامبراطوري وتحويله الى قاعدة انطلاق عظمى لغزو الوطن العربي ثم العالم الاسلامي واقامة امبراطورية صفوية عنصرية.
ان دعم امريكا وتعاونها مع الخصم الثانوي، وهو ايران، لاضعاف العدو الرئيس، وهو العراق، هو من اهم مبادئ الحرب والصراعات السياسية. وقد أظهرت ايران دهاء خبيثا باللعب باوراقها افضل بكثير من كل الانظمة العربية، لانها عرفت كيف تناور وتتكتك تحقيقا لمصالحها القومية الى حد النجاح في استخدام امريكا لتدمير القوة الاساسية التي كانت تعطل تنفيذ مشروع استعمارايران للامة العربية والعالم الاسلامي. وهذا النجاح يوجب علينا ان نعبر عن احترامنا لذكاء الشوفينية الفارسية وبعد نظرها وحسن ترتيبها لاولوياتها الستراتيجية، ونأمل من النخب العربية الحاكمة وغير الحاكمة ان تتعلم من ايران كيف تعمل على تحقيق اهداف بعيدة او قريبة .
ولكن هل كسبت ايران فقط ام امريكا فقط؟ وهل خسر الطرفان شيئا؟ في هذا التحالف كسبت ايران موطأ قدم في العراق اضافة لتدمير القوة الاقليمية الوحيدة التي كانت تمنع التوسعية الايرانية من النجاح، لكن ايران خسرت كثيرا نتيجة تعاونها مع امريكا، وخسارتها الاساسية هي سمعتها كبلد اسلامي ادعى انه يدافع عن الاسلام ويقف ضد الشيطان الاكبر وكسب دعم الكثير من العرب والمسلمين بسبب هذا الادعاء، اما بعد غزو العراق وافغانستان فان هذا البعض الذي صدق ادعاء ايران بانها ضد الشيطان الاكبر صدم او في افضل الاحوال ارتبك واصبح عاجزا عن الدفاع عن ايران.
وهذه الخسارة ليست قليلة لان بروتوكولات التوسع الايرانية تحتاج اولا وقبل كل شيء لطابور خامس داخل الوطن العربي يمهد لها الطريق، ولذلك بذلت ايران خميني جهودا جبارة لاعطاء انطباع بانها حامية حمى المسلمين وانها تقف بوجه الاستكبار العالمي المعادي لهم، واخذت تزايد على القوى الوطنية العربية في الموضوع الفلسطيني، بعد ان ادركت ان القضية الفلسطينية هي المحرك الجوهري الاول لكل العرب ولاغلب العالم الاسلامي، من اجل كسب ثقة المسلمين تمهيدا لاختراقهم بغطاء طائفي وبقفاز حريري يريح اليد التي تصافحه. ولكن دور ايران في العراق قلب صورتها راسا على عقب فبعد ان كانت تبدو ولو شكليا ضد امريكا راينا ايات الله التابعين لها في العراق لا يترددون عن تقبيل بول بريمير، الحاكم الامريكي في العراق، من فمه امام كاميرات العالم كله الذي ذهل لرؤية رجال دين، بلحاهم الطويلة، يقبلون امريكي من فمه مع ما تعنيه هذه السلوكية من شذوذ جنسي! كما راينا ايران،بواسطة اعوانها، تغرق العراق ببحر من الدم العراقي الطاهر وتدمر كل ما ارتفع فوق الارض من عمران وبشر وعلم وعلماء وقادة عسكريين!
لقد تكونت قناعة واسعة النطاق في الوطن العربي، وهو المجال الحيوي الاهم والاول للاستعمار الايراني، تقول ان نخب ايران الحاكمة ما هي مجموعات براغماتية وانتهازية تمارس كل انواع الخداع باسم الدين خدمة لاهدافها العنصرية التوسعية ومنها التعاون مع اعداءها الرسميين، كامريكا واسرائيل، ضد مسلمين في العراق وافغانستان واذربيجان. اذن لقد فقدت ايران جهود اكثر من ربع قرن بمشاركتها في غزو العراق وعادت الى نقطة الصفر وهي ان ايران الاسلامية لا تختلف عن ايران الشاه التي كان العرب ينظرون اليها على انها تسعى لبناء امبراطورية فارسية قومية! لقد تماهت صورة خميني مع صورة الشاه لدى اغلبية من احسن الظن بالخمينية، بينما اهتزت صورة خميني لدى اخرين كانوا من اشد اتباعه، فما العمل لانقاذ مصالح ايران واعادة تجميل صورتها؟ الجواب كان ذكيا وعبقريا اكد ان النخب الفارسية هي الاكثر دهاء من بين نخب المنطقة، وانها تشابه حكماء بني صهيون في دهاءها.

تغيير قواعد اللعبة بين توم وجيري
يقول ابو الحسن بني صدر اول رئيس لايران بعد سقوط الشاه، بان خميني رحمه الله كان مولعا بمشاهدة افلام توم وجيري الكارتونية وانه كان يضحك بصوت عال عند مشاهدتهما ويضرب ساقيه نشوة وفرحا، وما نراه الان هو عودة توم وجيري الى اللعب لاجل اضحاك صغار ايران في الوطن العربي والعالم الاسلامي، بعد ان اصابهم الهم والقلق نتيجة جرائم ايران في العراق ورفع اتباعها لشعارات علنية في اقطار اخرى تزرع الفتنة الطائفية فانهارت سمعة ايران ونزلت الى الحضيض. لقد قررت ايران ان تغير قواعد اللعبة من داخلها اولا بتنصيب رئيس يعود لرفع شعارات خميني (الموت لامريكا والموت لاسرائيل) فتبدأ المطاردة من جديد بين توم وجيري، من اجل اعادة بناء صورة جميلة لايران، فصعد رجل مغمور للرئاسة، وهو احمدي نجاد، وتغلب على احد رموز نظام خميني ورئيس الجمهورية السابق هاشمي رفسنجاني، والذي عرف عنه اعتداله وقبوله من قبل الغرب. بهذه الخطوة اراد علي خامنئي بعث رسالة تقول ان ايران تعود للاصولية الخمينية. كما انه قرر ان يغير قواعد اللعبة خارج ايران لنفس الغرض، فصعد الخلافات حول المشروع النووي وجعل منها قضية ساخنة لعبت فيها ايران دور المتحدي لامريكا واوربا والمصمم على عدم الرضوخ للتهديدات والضغوط الغربية. من هو المتحدي توم ام جيري؟
ولاكمال اللعبة الصفوية اصدر خامنئي اوامر لقسم من اتباعه في العراق وغيره من الاقطار العربية، بمهاجمة امريكا وحلفاءها، مثل القيام ببعض الاعمال الاستعراضية ضد الجيش البريطاني في الجنوب بنفس الوقت الذي كانت عصابات ايران تذبح فيه يوميا اكثر من مائة عراقي! وكلفت المخابرات الايرانية داخل الجنوب بالقيام ببعض الهجمات ضد البريطانيين ولصقها باسم جيش المهدي للتخلص من عار التعاون الكامل مع امريكا في تدمير العراق. ومن جهة اخرى استغلت ايران ازمة فلسطين بعد وصول حماس للحكم ومقاطعتها من قبل الحكومات العربية والغرب فصعدت لهجتها في تأييد حماس والجهاد الاسلامي. كل ذلك وغيره تم لاجل تجميل وجه ايران الشنيع في قبحه وللضغط على امريكا ومساومتها.
اما امريكا فقد خسرت نقاطا مهمة بتعاونها مع ايران ضد العراق، وفي مقدمة ما خسرت أضطرارها لمواجهة النفوذ الايراني في العراق ومحاولة تحجيمه وليس القضاء عليه، بعد ان اخذ ينافس امريكا ويحاول ان يحل محلها. لقد اصبح وجود ايران في العراق مشكلة لامريكا بعد ان كان داعم فعال لها، فلجأت امريكا هي الاخرى الى لعبة توم وجيري ببدء الاتصالات بضباط عراقيين ومجموعات عراقية لاقناعها بان الخطر الايراني في العراق قد تجاوز الحدود وانه يجب وضع حد له بمشاركة مناهضي ايران في الحكم وانخراط المقاومة الوطنية والبعث في العملية السياسية! بل وصل الحديث الى حد تلويح امريكا بضرورة قيام انقلاب عسكري يصفي الميلشيات الايرانية، وهذا الكلام يشبه نكات يطلقها توم او جيري على لسان السفير الامريكي زلماي خليل زادة لخداع الخدج والسذج لثلاثة اسباب: الاول ان امريكا التي غزت العراق تستطيع ضرب الميليشيات وتصفيتها، والثاني ان امريكا هي التي أنشأت الميليشيات وعصابات الموت بالتعاون مع ايران اونمتها وشجعتها وجعلتها اداة التصفيات الجسدية للعراقيين، والثالث ان امريكا هي التي ادخلت ايران الى العراق وهي التي اتفقت معها على كل ما قامت به من اعمال قذرة واجرامية ضد الشعب العراقي!
وفي خارج العراق كشفت ايران عن خطط كانت تنفي وجودها وتقوم على التدخل المباشر في شؤون الخليج العربي والجزيرة العربية بشكل خاص، والوطن العربي بشكل عام، فسبب ذلك مشاكل ل(اصدقاء امريكا) العرب، وخلق المزيد من المشاكل الامنية لهم.
لقد تحولت ايران من منفذ لخطط امريكا الى طرف يريد ثمن ذلك داخل وخارج العراق واخذت تمارس تكتيكات هجومية على امريكا، على المستوى السياسي والاعلامي، مستخدمة كل امتداداتها الاقليمية لاحاطة امريكا وحلفاءها بضغوط متعددة الجهات لاقناعها بمنح ايران مكاسب ستراتيجية في الوطن العربي، في مقدمتها اعتراف امريكا بايران كقوة عظمى اقليميا واشراكها في ترتيب اوضاع المنطقة ومنحها مناطق نفوذ، من جهة، والتوقف عن معارضة مشروعها النووي من جهة ثانية. لقد اراد علي خامنئي ان يرمم وجه ايران البشع بعد ارتكاب جرائمها في العراق، وبعد ان تيقن ان ايران مهددة بفقدان أي امل بنشر التشيع الصفوي في العالم الاسلامي كمقدمة لاقامة امبراطورية صفوية فارسية تتبرقع باسم الاسلام اذا لم تعالج خسارتها المحسوبة لسمعتها. والمبادرات التي قام بها اتباع ايران هنا وهناك لا يمكن باي حال من الاحوال ان تكون منعزلة عن التوجيهات والمصالح الايرانية المباشرة وهي مصممة لخدمة ايران وحل مشاكلها، بالعودة لإنشاد شعارات حبيبة على قلوب العرب والمسلمين، وفي مقدمتها (يا فلسطين جينالك)! وهنا لابد من طرح سؤال جوهري وحاسم نختم بالجواب عليه دراستنا هذه وهو : ما السر في التوافق الستراتيجيي القائم بين امريكا واسرائيل وايران؟ عند الجواب لابد من مناقشة طبيعة المشاريع المستقبلية لكل من ايران والعراق (في زمن الحكم الوطني وبعد الغزو) وامريكا واسرائيل لان ما يقرر المواقف النهائية هو تلك المشاريع العظمى.
يتبع
salah_almukhtar@yahoo.com


شبكة البصرة

الجمعة 8 شعبان 1427 / 1 أيلول 2006

يرجى الاشارة الى
06-12-2013, 06:55 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
زحل بن شمسين غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 575
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #3
الرد على: صنميات قرن الخداع الشامل : ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا؟؟؟
صنميات قرن الخداع الشامل : ما هي صلة ايران واسرائيل وامريكا
بعد بروتوكولات حكماء صهيون : هل توجد بروتوكولات حكماء الفرس؟ (3)


http://www.albasrah.net/ar_articles_2006...300806.htm


شبكة البصرة
صلاح المختار
النهضة العربية والايرانية : مأزق المجال الحيوي
هناك موضوع بالغ الاهمية في تحديد الدور الايراني وطبيعة صلته بالغرب واسرائيل ومن النادر ان يتطرق اليه الكتاب والساسة والمحللين الستراتيجيين العرب، وهوطبيعة اهداف كل من مشروع النهضة العربية ومشروع النهضة الايرانية، وصلتهما بمشروع اسرائيل الكبرى، من جهة، وبالخطط الاستعمارية الاوربية والامريكية من جهة ثانية. ما المقصود بذلك؟ يمثل الملف النووي الايراني انموذجا لطبيعة الصلة التوافقية والتكاملية في ادوار كل من اميركا واروربا الغربية واسرائيل، من جهة وايران من جهة ثانية. فالملاحظ، وبدهشة مقترنة بصعوبة الفهم الشديدة، ان الاطراف الثلاثة المذكورة لا تنظر الى القدرات النووية الايرانية نظرة عداء كامل مثلما فعلت مع المشروع النووي العراقي الذي تم اغتياله، بعمل عسكري اسرائيلي، وتواطؤ تام امريكي - اوربي.
وبالرغم من ان ايران تملك عدة مؤسسات نووية شبه متكاملة، فان الغرب واسرائيل قد سمحا بوصول البرنامج الى مرحلة شبه الاكتمال دون اعتراض جاد وباستبعاد رسمي للعمل العسكري خلال العشر سنوات الماضية على الاقل، بل ان جهات اوربية وامريكية قدمت لايران المساعدات التقنية والاستخبارية، على الاقل بالسكوت على شراء ايران معدات نووية خصوصا من اوربا الشرقية ودول الاتحاد السوفيتي السابق! والان وقد تفجرت الازمة النووية الايرانية لاسباب لا صلة مباشرة لها بالقدرات النووية الايرانية، بل لوجود مخطط امريكي واخر ايراني في العراق والمنطقة تريد امريكا وايران التمهيد لخطواته التالية، نلاحظ بان التعامل الغربي- الاسرائيلي مع البرنامج النووي الايراني يتسم بالتعقل وعدم التسرع وطمأنة ايران! في ذروة الازمة هذه واصرار ايران على تحدي الاطراف الثلاثة المذكورة، اقتصر عامل الضغط على ايران على التهديد بنقل الملف النووي الايراني الى مجلس الامن واذا رفضت التعاون ستفرض عليها العقوبات الاقتصادية! والاكثر لفتا للانظار هوالاجماع الاوربي الامريكي على عدم التحدث عن الخيار العسكري ضد ايران مباشرة!
ومن اغرب الدلالات على ان الغرب لايريد لايران ان تتراجع عن موقفها، بل انه يشجعها على التشدد، هواطلاق تصريحات امريكية واوربية تشجع ايران على التمسك بموقفها، فكوندا ليزا رايس تقول بعد التهديد بعرض الملف على مجلس الامن بان امريكا لا تفكر بالخيار العسكري الان، ويكمل الايحاء المباشر جاك سترووزير خارجية بريطانية فيقول بان استخدام القوة ضد ايران غير وارد، اما جورج بوش الرئيس الامريكي فلقد قال في يوم 31 – 8 – 2006 بان بلاده ستلجأ الى الحلفاء للتشاور في العقوبات التي ستتخذ لمعاقبة ايران! تذكروا فقط التهديدات والاشتراطات الامريكية الاوربية التي فرضت على العراق والتي استبعد منها أي حل سلمي عند معالجة الازمة بينه وبين امريكا منذ عام 1990، مع ان المشروع النووي العراق دمر وفكك، وهوامر عرفته لجان التفتيش وبالذات الامريكيين من اعضاءها، كديفيد كي رئيس فريق التفتيش النووي للامم المتحدة، الذي قال صراحة في عام 1998 بان العراق لا يملك مشروعا نوويا الان! لماذا هذا التمييز المنحاز الى ايران؟ هل هووسيلة من وسائل السماح لايران بامتلاك رادع نووي لن يستعمل يقينا ضد اسرائيل وامريكا واوربا، لاساب عملية صرفة، في اطار مخطط غربي بتحويل الصراعات من صراعات مع الغرب الاستعماري الى صراعات بين دول اسلامية يمزقها الغرب وايران الان على اسس طائفية؟ ام انه يستهدف السماح لايران بعقد مساومات كبرى مع امريكا بعد التخلي عن مشروعها النووي مقابل الحصول على امتيازات اقليمية خصوصا في الخليج العربي والعراق وتكون امريكا عندها غير منتقدة اومدانة من قبل الراي العام الامريكي بشكل خاص؟
ان اكثر اساليب الضغط بدائية وسذاجة، والتي يستخدمها الامي والمتخلف عقليا تقوم على عدم التاكيد للخصم بان القوة لن تستخدم ضده بل بالعكس فان التلويح باستخدام القوة، حتى لولم يكن ثمة قرار باستخدامها، هوسلوك غريزي للانسان وكل الحيوانات والحشرات البدائية. هذه هي قاعدة الضغط للحصول على مكاسب وجزء من اساليب التفاوض منذ خلق الانسان والحيوان والحشرة. لهذا فان السؤال المهم في هذا المجال هوالتالي : لم يطمئن الغرب ايران رغم انها تتحدى وتهدد بقصف منابع النفط اذا هوجمت؟ هل هذا يعني ان هناك حاجة حالية ومستقبلية امريكية - اوربية - اسرائيلية للدور الاقليمي الايراني؟ للاجابة على هذا السؤال علينا تناول عدة ملاحظات جوهرية.

المجال الحيوي كمنطلق للصراع
ان هذه المسألة هي الجوهر الذي يقرر علاقات ايران بالعرب والغرب واسرائيل، وعدم فهمها بشكل صحيح ينتج سلسلة من الاخطاء الستراتيجية القاتلة في فهم الوضع الاقليمي والخيارات الدولية الغربية والاسرائيلية والايرانية النهائية. ويمكن القول بان خطأ فهم الدور الايراني الملغوم وعلاقة ايران بكل من الغرب واسرائيل ناجم عن عدم فهم دور المجال الحيوي للاطراف الاقليمية والدولية في تقرير ستراتيجياتها ومواقفها الحاسمة. ما المقصود بمفهوم المجال الحيوي ZONE) (VITAL؟ لايضاح هذه المسألة سنتناول كيفية تحديد امريكا واوربا واسرائيل وايران لمجالاتها الحيوية. يعد مفهوم المجال الحيوي المنطلق الاساس في وضع ستراتيجيات الدول كافة، خصوصا الدول ذات المطامح الامبراطورية اوالاهداف الكبرى التي تتجاوز حدودها الاقليمية. فقيام قوة عظمى اوكبرى، سواء بدافع امبراطوري، أي توسعي، كامريكا واوربا وايران (في ظل الشاه وخميني)، اوبدافع قومي، أي توحيدي لامة مجزءة كالامة العربية. والمجال الحيوي هومجموع الظروف الجغرافية والديموغرافية (تضاريس الارض مكوناتها، ثرواتها، الطقس فيها، مستوى تأهيل السكان...الخ) التي تمنح دولة ما شروطا ملائمة للدفاع عن نفسها تجاه الاخرين اوتوفر لها امكانات مادية تجعلها مكتفية اولديها فائض موارد، اوالعكس أي حرمان دول ما من الشروط الاساسية للعيش والدفاع والتقدم.
والمحال الحيوي مهم لانه يؤمن تحقيق الاهداف الكبرى عن طريق ضمان ان المحيط القريب اوالمباشر للدولة مفيد وغير مضر، وهذا الضمان يتحقق اما بالاستيلاء على المحال الحيوي، كما فعلت اسرائيل حين احتلت الجولان، لاهميتها العسكرية، واستولت على مصادر مياه عربية، لاهميتها الحياتية، وغير ذلك، وكما فعل هتلر وفعلت وتفعل الولايات المتحدة في كافة غزواتها وستراتيجياتها والتي تريد من ورائها تحقيق مكاسب امنية اوسياسية اواقتصادية، وما تعبير(الحديقة الخلفية لامريكا)، ويقصد به دول امريكا اللاتينية، الا تعبير عن هذا المفهوم.
اما ايران فان ستراتيجيتها منذ جاء خميني للسلطة بدعم امريكي واوربي تقوم على مفهوم الدفاع عن امنها القومي خارج حدودها الاقليمية عند مقترباتها الاقليمية وليس عند حدودها مباشرة، والمقتربات التي تعتبرها ايران مصدات حماية امنها القومي تقع اكثرها اهمية في الوطن العربي، وتبدأ من المقترب العراقي وتمر بالخليج العربي (زرع النفوذ في اماراته تدريجيا عبر الهجرة المنظمة)، والسعودية (التهديد مثلا بقصف المنشات النفطية السعودية لردع من يستهلك النفط عن مهاجمة ايران، اومحاولة استمالة اهل شرق المملكة لاسباب طائفية)، وينتهي عند المغرب العربي الذي تنشط فيه الدعوة الصفوية للعثور على بؤر داعمة لايران باسم الاسلام لكنه اسلام صفوي لا صلة لا بالإسلام ولا بالتشيع العلوي! في هذا المجال الحيوي تؤسس ايران قواعد الدفاع عنها في اراضي الغير لتتجنب التعرض المباشر للعدوفي بداية الصراع، من خلال تأمين استنزافه اواشغاله اوارهابه في جبهات اخرى غير الجبهة الايرانية المباشرة، وعند ذاك فان ما تحققه ايران هوان العدويأتيها وقد تخلخل وضعه اوتعرض لبعض الصدمات فيتردد اويبدأ بالتفكير بعقد صفقة مع ايران بدل مهاجمتها! ان الاصوات التي ترتفع الان في الكونغرس الامريكي وتدعولحل الخلافات مع ايران بعقد صفقة اقليمية ما كان ممكنا ان ترتفع لولا الدور الايراني في العراق وغير العراق. لقد انتزعت ايران من اوساط امريكية موقفا لصالحها بدم العراقيين وبتدمير العراق!
حينما تبدا امة ما اودولة ما محاولتها تحقيق الاهداف الكبرى تفكر، اول ما تفكر، بكيفية استغلال الفرص والقدرات المتاحة في محيطها الاقليمي والدولي لضمان اوتسهيل النجاح. فالتوسع اوالنهضة عمل جبار ويحتاج لقدرات وشروط خاصة منها توفر الامكانيات المادية واذا لم تكن متوفرة يبدأ البحث عنها في المحيط الخارجي. كما ان توفير ضمانات الحصانة ضد الاعداء الخارجيين تتطلب البحث في جغرافية المحيط ومعرفة فيما اذا كانت مجافية اومؤاتية لها، واتخاذ الموقف النهائي في ضوء الحاجة لتامين مصادر الحماية كالعوازل الجبلية والنهرية والصحراوية...الخ. ان الدولة تحتاج للحماية الطبيعية اضافة للحماية المتأتية من الاعداد والاستعداد، وتحتل الموارد المادية كالطاقة والمواد الخام والمياه والاسواق النشطة وغير ذلك موقعا بالغ الاهمية في تقرير المجال الحيوي للدول والعمل على تامينه اضافة لمكونات السكان والتكنولوجيا والدين والثقافة.
اذن المجال الحيوي هوالمجال الذي لا يمكن للدولة بدونه تحقيق مشاريعها، سواء كانت مشروعة كالامة العربية التي تطمح للوحدة العربية بصفتها، اضافة لصفاتها الاخرى، مجالا حيويا ذاتيا، أي من داخل الامة وليس داخل حدود الغير، اوكانت دولة امبريالية، بالمعنى اللغوي لكلمة الامبريالية،التي تعني التوسع الخارجي، من اجل تأمين مصادر القوة، كامريكا واوربا واسرائيل وايران، والتي تبحث كل منها في محيط الغير وليس في محيطها الذاتي، عن كل عناصر القوة والتفوق. فامريكا واربا تسعيان وراء النفط وهوموجود في العالم الثالث خصوصا في الوطن العربي، لذلك توسعان تقليديا حدود امنها القومي ليشمل دولا اخرى، كما نص ما يسمى (مبدأ كارتر)، وتصبح منابع النفط العربية مجالا حيويا لهما. اما اسرائيل فان مجالها الحيوي واسع جدا، فبما انها دولة تسعى لاقامة ما تسميه (اسرائيل الكبرى) او(اسرائيل التوراتية)، والتي تقع في المنطقة بين الفرات في العراق والنيل في مصر، فالمجال الحيوي لاسرائيل هوليس خارج حدودها الواقعية (لانها بلا حدود رسمية ولانها دولة غربية غير شرعية زرعت بالقوة)، بل هويقع في قلب المجال الحيوي الذاتي للعرب والذي يعد شرطا حتميا ولا غنى عنه لوحدتهم ولنهضتهم وتقدمهم وبدونه لا نهضة للعرب ولا وحدة ولا تقدم ولا حياة كريمة تليق بالبشر. لذلك فان السمة الاساسية للصراع بين العرب واسرائيل هوانه صراع وجود وليس صراع حدود، ما دامت اسرائيل تريد اغتصاب المجال الحيوي العربي لاجل توسعها، مقابل استحالة قيام نهضة عربية شاملة من دون نفس المنطقة.
أن مشروع اسرائيل الكبرى لن يتحقق الا اذا تمت السيطرة على المجال الحيوي المطلوب، وهوالمنطقة العربية بين الفرات والنيل، وبدونه لن تقوم دولة عظمى اقليميا، واسرائيل بحكم طبيعة نشوءها كقوة مسيطرة تطمع لتصبح قائدة للاقليم كله، لا يمكن ان تعيش كدولة صغرى محدودة بجغرافية فلسطين، التي لاتسمح مواردها الا بقيام كيان بسيط. وهذا المجال يحتوي على المياه الوفيرة (النيل ودجلة والفرات والانهر الاصغر)، والطاقة والمعادن الاخرى واليد العاملة والثراء والسوق المفتوح...الخ، وهي شروط ومتطلبات كلها تقع في منطقة القلب الجيوبولوتيكي العربي. من هنا فان قيام اسرائيل الكبرى يفرض حتمية لابد من الرضوخ لها وهي الاستيلاء على المنطقة الحيوية بين الفرات والنيل. ان كون المجال الحيوي لكل من المشروعين الاسرائيلي التوراتي والنهضوي العربي هوذاته، هونفس البقعة الجغرافية، يجعل استيلاء اسرائيل عليه مانعا حاسما للعرب من القدرة على النهضة، لانه يحرمهم من اهم مصادر حياتهم وهي المياه والارض الصالحة للزراعة والنفط والغاز ...الخ، وهذا هوبالضبط الذي يجعل الصراع العربي – الصهيوني صراع وجود وهوية، لايمكن ابدا التوفيق فيه بين المشروع النهضوي العربي والمشروع التوسعي الصهيوني، والمسار الوحيد لهما هوالتصادم العدائي. ولا يهم هنا تغيير شكل اسرائيل الكبرى، فسواء كانت ممتدة بحدودها لتشمل هذا المجال الحيوي، اوكانت تسيطر عليه اقتصاديا وتكنولوجيا وسياسيا فقط، كما تدعوا الصهيوينة الجديدة، فان المسالة تبقى ذاتها وهي ان حياة العرب مرهونة بمصالح وقرارات اسرائيل.
اما ايران فان صلتها بالعرب الاقربين، وهم سكان العراق والخليج العربي والجزيرة، هي صلة فيها الكثير من عناصر الشبه بصلة العرب بالمشروع الصهيوني. ان تاريخ ايران منذ الاف السنين يؤكد انها كانت تتجه غالبا الى الغرب، وليس الى الشمال اوالشرق اوالجنوب، كلما عانت من قحط اومجاعة، لان الغرب وخصوصا العراق بلد المياه والارض الصالحة للزراعة، والذي كان يسمى ب(ارض السواد)، وذلك لكثافة الزراعة فيه ووفرة المياه. في حين ان الجهات الاخرى المحيطة بايران كانت لا تختلف عنها من حيث فقر الارض وشحة المياه رغم سعة المساحة. وحينما كانت ايران تتمكن وتحصل على عوامل القوة كانت تغزوالعراق وغيره، في عملية توسع امبراطوري معروفة في التاريخ. ان تدمير بابل من قبل الفرس واحتلال العراق جزئيا اوكليا مرارا من قبل القبائل البربرية الفارسية مجرد امثلة على وجود حاجات جيوبولوتيكية فارسية في العراق تجبر تلك البلاد على غزوالعراق قبل ظهور الاسلام والطائفية. والسبب في التوجه نحوالغرب خلال الاف السنين هوان ايران تعاني من شحة خطيرة في المياه، لدرجة ان كمياتها لا تكفي الا لارواء جزء، وليس كل الاراضي الصالحة للزراعة فيها، والتي تبلغ بين 13 – 15 % من الاراضي الايرانية، وهوما اشار اليه الشاه محمد رضا بهلوي في اخر كتاب اصدره بعد نفيه من ايران واسمه (رد للتاريخ).

وكانت ايران وما زالت تعتمد على المطر في تحقيق التوازن الداخلي، فاذا انقطع المطر سنتين متتاليتين حل القحط والمجاعة، وبدأت الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، كما قال شاه ايران محمد رضا بهلوي في كتابه المذكور. وقبل اكتشاف النفط في ايران كانت مشكلة شحة المياه تنطوي على دمار اجتماعي كبير يدفع الالاف الى الهجرة خصوصا الى العراق، ولذلك كانت هناك دائما جالية فارسية كبيرة في العراق. اما بعد ان اكتشف النفط فقد قلت حدة ازمة المياه الى حد ما بسبب وفرة الاموال واستيراد الغذاء من الخارج لتحقيق الكفاية والاستقرار النسبيين. ومع ذلك فان احد اسباب سقوط الشاه كما يعترف هوفي كتابه المذكور كان عدم سقوط المطر لسنتين متتاليتين مما ادى الى زيادة الفقر والاضطرابات الاجتماعية.
من هنا فان العراق بالنسبة لايران هوالملاذ الجيوبولوتيكي الاهم الذي يضمن لها الاستقرار وعدم التعرض لمشاكل خطيرة، فغزوالعراق عبر التاريخ كان يحل بعض نتائج ازمات القحط في ايران، ويوفر لها ثروات طائلة حينما كانت الزراعة هي المصدر الاساسي للثروة. وهذه الحقيقة الجيوبوليتيكية تفسر الغاز صلات التنافس اوالحرب بين العراق وايران منذ اكثر من ثلاثة الاف عام، وكيفية تكيف حتى الديانات الايرانية مع الضرورات الجغرافية، مثل تميز الزرادشتية بالسلطة المطلقة للملك ورجل الدين، وقدرتهما على تحشيد الناس خلفهما لاجل السيطرة الداخلية اوتسهيل الغزوالخارجي. وازدادت خطورة ازمة المياه في النصف الثاني من السبعينيات نتيجة اكتشاف ان عمرالاحتياطي النفطي الايراني اخذ يقترب من نهايته مقارنة بعمر النفط العراقي الطويل جدا، خصوصا وان مشاريع الشاه الستراتيجية كانت تقوم على بناء صناعة متقدمة توفر موارد بديلة عن موارد النفط عند نضوبه. لكن مشاريع الشاه هذه لم يكن بالامكان ان تكتمل قبل نضوب النفط، لذلك بدأ الاضطراب داخل المجتمع الايراني يزداد حدة وخطورة واصبح الشاه امام خيارين : اما تقليل انتاج النفط وزيادة الاسعار لاطالة عمر النفط الايراني، اواستخدام تكنولوجيا جديدة في استخراج النفط تضمن استقرار موارده، واختار تقليل الانتاج وزيادة الاسعار، فوجد نفسه في صف واحد مع دول اوبيك التي كانت تعد ثورية ومناهضة للغرب لانها كانت تطالب برفع اسعار النفط! وهكذا اصطدم الشاه بالسعودية ففتح بنفسه ابواب حملة حقوق الانسان ضده مباشرة بعد رفعه لاسعار النفط وبدأ حديثه عن عزمه على اقامة امبراطورية ايرانية وبناءه خامس قوة في العالم لاعادة امجاد فارس.
ان مياه العراق واراضيه الزراعية كانت دوما تغري بلاد فارس بغزوه خصوصا حينما تواجه مشاكل شحة الامطار. من هنا فان النهضة الايرانية واقامة دولة قوية، اوامبراطورية كما خطط الشاه وبعده خميني يحتاج لمجال حيوي، يوفر المياه وارض الزراعية من جهة، وذلك يضع العراق في مقدمة الاهداف التوسعية الايرانية، كما ان ايران الكبرى تحتاج لموارد نفط اكبر من طاقتها الشائخة لتمويل التوسع في العالم الاسلامي عبر نشر الصفوية وبناء جيش قوي، وهذا ما جعل الخليج العربي هدفا للهجرة الايرانية والاستيطان هناك من اجل السيطرة التدريجية على الخليج العربي وتفريس ضفته الغربية، بعد ان ضمت ضفته الشرقية العربية الى ايران من قبل بريطانيا من جهة ثانية.
بعد اسرائيل وامريكا واوربا تأتي ايران ايضا لتربط مستقبلها الامبراطوري بغزوالخليج سكانيا، بالهجرة، وبالغزوالصفوي مذهبيا وسكانيا للعراق. ان لايران مقومات ذاتية كافية لقيام دولة عظمى اقليميا لكنها ليست كافية للسيطرة على العالم الاسلامي كله وتغيير هويته الطائفية واقامة امبراطورية صفوية تتبرقع بالاسلام، وذلك هوالهدف الستراتيجي الاعظم لايران والذي اشار اليه الدستور الايراني صراحة. لذلك فان التوسع السكاني والمذهبي في بلدان الغير (قانون مطلق) لا يمكن لايران بدونه تحقيق امبراطوريتها.
ان من يقرأ الدستور الايراني يلاحظ ازدواجية مكشوفة، ففي حين انه يؤكد على الدفاع عن مصالح ايران الوطنية وحدودها ضد المسلمين وغير مسلمين نرى الدستور الايراني يتضمن موادا اساسية تسمح لايران بالتدخل في شؤون الدول الاخرى تحت شعار دعم المسلمين في البلدان الاخرى! فتحت بند (الجيش العقائدي) ترد الفقرة التالية (في مجال بناء القوات المسلحة للبلاد وتجهيزها، يتركز الاهتمام علي جعل الايمان والعقيدة اساساً وقاعدة لذلك، وهكذا يصار الي جعل بنية جيش الجمهورية الاسلامية وقوات حرس الثورة علي أساس الهدف المذكور ولا تلتزم هذه القوات المسلحة بمسؤولية الحماية وحراسة الحدود فحسب، بل تحمل أيضاً أعباء رسالتها الالهية، وهي الجهاد في سبيل الله، والنضال من أجل بسط حاكمية القانون الالهي في العالم). من الواضح من هذه الفقرة ان القوات المسلحة الايرانية تعد للغزوالخارجي ولاستعمار الاخرين باسم الاسلام! وفي فقرة (النواب ومجلس الخبراء) ترد الفقرة التالية وتوضح اكثر اهداف ايران التوسعية من خلال العمل على جعل هذا القرن قرن ايران حينما تقول (علي امل ان يكون هذا القرن قرن تحقق الحكومة العالمية للمستضعفين وهزيمة المستكبرين كافة). وفي المادة الثالثة الفقرة 16 من الدستور يرد ما يلي: (تنظيم السياسة الخارجية للبلاد علي اساس المعايير الاسلامية والالتزامات الاخوية تجاه جميع المسلمين والحماية الكاملة لمستضعفي العالم.). في هذه الفقرة تبيح ايران لنفسها التدخل الكامل في شؤون كل دولة تحت شعار حماية مستضعفي العالم كافة!
وفي المادة التاسعة يرد ما يلي Sadفي جمهورية ايران الإسلامية، تعتبر الحرية والاستقلال ووحدة أراضي البلاد وسلامتها اموراً غير قابلة للتجزئة، وتكون المحافظة عليها من مسؤولية الحكومة وجميع أفراد الشعب، ولا يحق لاي فرد اومجموعة اوأي مسؤول أن يلحق أدني ضرر بالاستقلال السياسي اوالثقافي اوالاقتصادي اوالعسكري لايران اوينال من وحدة‌أراضي البلاد باستغلال الحرية الممنوحة، كما أنه لا يحق لاي مسؤول أن يسلب الحريات المشروعة بذريعة المحافظة علي الاستقلال ووحدة البلاد، ولوكان ذلك عن طريق وضع القوانين والقرارات.)! ما معنى هذا؟ ان الدستور الايراني في الوقت الذي يعطي للسلطات الايرانية حق التدخل المباشر في شؤون الدول الاخرى يمنع منعا باتا التدخل في الشؤون الوطنية الايرانية ويحافظ على الاستقلال السياسي ووحدة اراضي البلاد! حينما يتعلق الامر بالتوسع الخارجي فان الرابطة الاسلامية تسوغ لايران التدخل في شؤون الاخرين، لكن حينما يتعلق الامر بايران تبرز المصلحة القومية الايرانية وليس الاسلام لتكون حامية ايران بحدودها واقتصادها ومصالحها الاساسية! وفي المادة الحادية عشر يرد ما يلي : (يعتبر المسلمون امة واحدة، وعلي حكومة جمهورية ايران الاسلامية اقامة كل سياستها العامة علي اساس تضامن الشعوب الاسلامية ووحدتها، وان تواصل سعيها من اجل تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية‌ والثقافية في العالم الاسلامي.) باسم الوحدة الاسلامية تستطيع ايران وضع اطار مشروع للتدخل والاحتواء والشراء. مرة اخرى تاتي الاسبقية المطلقة لمصالح ايران القومية ففي المادة المادة الثامنة والسبعون من الدستور ترد الفقرة التالية التي تدعوا للمحافظة على حدود ايران وعدم التفريط بها :
(يحظر إدخال أي تغيير في الخطوط الحدودية سوي التغييرات الجزئية مع مراعاة مصالح البلاد وبشرط أن تتم التغييرات بصورة متقابلة، وان لا تضر باستقلال ووحدة أراضي البلاد،‌ وأن يصادق عليها أربعة أخماس عدد النواب في مجلس الشوري الاسلامي(. ولمعرفة قيمة واهمية هذه الفقرة لابد من تذكر ان ايران تجاور بلدانا اسلامية، وهذا التشدد في مسائل الحدود يظهر زيف الدعوة لوحدة المسلمين والدفاع عنهم ومشكلة الحدود مع العراق، وكانت احد اهم سببين للحرب، ومع الامارات تثبت ان ايران تلتزم بصرامة بمصالحها القومية.
ومرة اخرى يؤكد الدستور على حق ايران في التدخل رغم انه يحاول نفي ذلك ففي المادة الرابعة والخمسون بعد المئة يرد ما يلي :
(تعتبر جمهورية ايران الاسلامية سعادة الانسان في المجتمع البشري كله قضية مقدسة لها،‌وتعتبر الاستقلال، والحرية، واقامة حكومة‌الحق والعدل حقاً لجميع الناس في ارجاء‌العالم كافة، وعليه فان جمهورية ايران الاسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في اية نقطة من العالم، وفي الوقت نفسه لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الاخرى)!!!
وهذا الحق في التدخل الذي يؤكده الدستور مرارا اعتراف صريح بان ايران سواء كانت شاهنشاهية اوخمينية تقوم على هدف اساس هوالتوسع من اجل السيطرة على العالم انطلاقا من السيطرة على العالم الاسلامي.
ولهذا كان الشاه يثقف الايرانيين على فكرة ان العراق والخليج العربي كانا جزء من ايران ويجب ان يعودا بهذه الطريقة اوتلك. اما في زمن خميني، فبعد ان سقطت احلام الشاه التوسعية، لانها بنيت على اساس قومي فارسي، رفع خميني شعار (نشر الثورة الاسلامية) كغطاء يحرك الملايين داخل وخارج ايران ويخلط الاوراق الطائفية بشدة مربكة للكثيرين. وكان اختيار العراق ليكون اول دولة تجتاحها ما كانت تسمى (الثورة الايرانية) ليس محض صدفة اوقرار شخصي ناجم عن حقد خميني على شعب العراق وقيادته، رعم انه عامل مهم جدا وموجود، بل كان الهدف المخفي وغير المعلن هواستغلال طاقات العراق المادية (الارض والمياه والنفط والتركيب السكاني) لتعزيز مشروع التوسع الشوفيني الفارسي المموه باسم الاسلام الطائفي. وهناك عامل مهم اخر يدفع ايران لغزوالعراق وهووجود المراقد المقدسة للامام علي والحسين والعباس رضوان الله عليهم في العراق، وهم أأئمة المسلمين كافة على وجه العموم والشيعة على وجه الخصوص، لذلك فان السيطرة على العراق تسهل الانتشار الصفوي عالميا بتاثير وجود هذه المراقد بيد ايران.
ما الذي تنطوي عليه تلك الملاحظات الجيوبولوتيكية؟ انها تقود الى استنتاج جوهري وخطير وهوان ثمة قاسم مشترك يجمع ايران، وبغض النظر عن نظامها السياسي، بامريكا واوربا واسرائيل، وهوان هذه الاطراف تحتاج الى موارد وخصائص العراق والخليج العربي من جهة، كما انها ترى ان الخيار الستراتيجي الافضل لمصالحها الستراتيجية هوالعمل المشترك لتامين السيطرة على القلب الجيوبولتيكي للوطن العربي وهومنطقة المياه والنفط والارض الزراعية. ويترتب على هذه الحقيقة امر اخر وهوان هذه الاطراف الثلاثة يجمعها اكثر مما يفرقها وتستطيع العمل سوية ضد العرب مهما اختلفت، فهي تتفق على ان أي كيان عربي قوي يساوي حرمانها من بعض اهم شروط قوتها وتفوقها، بالنسبة لامريكا واوربا الغربية ، اويحرمها من اساس بقاءها، بالنسبة لاسرائيل، اويمنعها من اقامة امبراطورية عظمى، بالنسبة لايران. وفي ضوء ما تقدم فان وجود خلافات بين هذه الاطراف ممكن وطبيعي لكنها خلافات لا تزيح الحقيقة التي تتحكم في موقفها النهائي وهوانها يجب ان تمنع قيام كيان عربي وحدوي وقوي يوفر امكانية تحرير الثروات العربية والارض العربية ويمنع تسخيرها لخدمة طرف اخر على حساب العرب ومستقبلهم.

المشروع الامبراطوري الايراني : الطبيعة الحدود
هنا نرى موازنة خطيرة : فالمشروع التوسعي الايراني سواء كان قوميا صريحا كما كان ايام الشاه، اوكان قوميا يتبرقع باسم الاسلام الطائفي كما هوالحال اليوم، لا يتناقض من حيث الجوهر مع المشروعين الغربي الاستعماري والصهيوني، بل على العكس تتفق هذه المشاريع حول هدف مشترك وهومنع قيام كيان عربي قوي وابقاء العرب مجزئين وضعفاء خاضعين. فالمشروع الايراني وان كانت له مطامع ونفوذ في العراق والخليج العربي، الا انه يقبل بحصة صغيرة من هذه المنطقة مقابل دعمه وتعاونه مع الغرب واسرائيل، والاخيرين لا يمانعان من حيث المبدأ في اعطاء ايران حصة مقابل دعمها للمشروعين الغربي والاسرائيلي.
لماذا لا يتعارض المشورع الايراني مع المشروعين الاسرائيلي والامريكي؟ ان المشروع الايراني اضافة الى ما ذكر لا يتناقض جذريا مع المشروعين الاخرين حتى وان كان يختلف معهما في زوايا ثانوية. فما هي عناصر الخلاف هذه؟ وهل هي تكفي لتفجير صراع عدائي ورئيسي؟ اول واهم ما يجب الانتباه اليه هوان المشروع الاستعماري الايراني لا يقوم، من حيث الجوهر، على ارض تعدها اسرائيل اوامريكا الجزء الاساسي من محيطها الحيوي، فالمشروع الايراني، حتى وان تضمن اهدافا عالمية الا انه من الناحية الواقعية، وفي ضوء التوازن الستراتيجي الدولي، يقام على الارض الايرانية اولا وقبل كل شيء. هذه النقطة مهمة ويجب ان نوضحها. ولكن حينما يتعلق الامر بقيام امبراطورية ايرانية تغير خارطة العالم ضد مصالح الغرب فان الغرب سيتصدى للمشروع الايراني ويوقفه بطرق متعددة.
نعم هناك طموح ايراني قديم عبر عنه الشاه باحياء عظمة فارس، وعبرعنه خميني باقامة امبراطورية اسلامية على كل الكرة الارضية، لكنها امبرطورية تقوم على المذهب الاثنا عشري كما ينص الدستور الايراني حين يحدد اسلام ايران، ويؤكد على ان البند المتعلق بالطبيعة الاثنا عشرية لاسلام ايران لا يمكن تغييره من قبل البرلمان الايراني وهي فقرة ابدية! هذا التاكيد على عدم تغيير مذهب الامبراطورية الاسلامية الخمينية هوما يريده الغرب والصهيونية، لانه هوالقابلة الشيطانية للحروب بين شعوب العالم الاسلامي، الذي ترفض اغلبيته هذا الشرط الحديدي الثابت والعدواني، لانه يجبرها على تغيير طائفتها ليس لصالح طائفة اسلامية بل لصالح امبراطورية فارسية عنصرية تكره العرب، وتريد استعمارهم، فهل توجد خدمة لاسرائيل وامريكا اكبر واخطر من ان يقع العالم الاسلامي ضحية حروب طائفية تجعل بالامكان تحقيق عدة اهداف كبرى للتحالف الشيطاني العالمي؟
اذا نظرنا الى اهم الاهداف التي ستترتب على تحويل الصراعات في العالم من صراعات شعوب مضطهدة ومستعمرة مع مضطهديها، وهم امريكا والصهيوينة ونخب اوربية، فاننا سنرى ما يلي :
1 – سيقتنع العالم، اوجزء كبيرا منه على الاقل، بان ما قالته امريكا واسرائيل من ان سبب المشاكل والصراعات في الشرق الاوسط ليس اسرائيل وانما العرب والمسلمين، الذين لا يكتفون بمحاربة اسرائيل ومهاجمة الغرب بل انهم يقتلون بعضهم ويتحاربون فيما بينهم دائما مما يؤدي الى تهديد الامن والسلم العالميين!

2 – سيفقد العرب والمسلمين تعاطف العالم معهم، وسيبرز تحالف دولي ضد العرب والمسلمين باسم محاربة (الارهاب الاسلامي)، ومما يسببه للعالم من مخاطر وتهديديات!

3 – سيصاب العالم الاسلامي والوطن العربي بلعنة اخطر بكثير من لعنة الحاضر وهي تفاقم الصراعات والحروب بين الدول العربية والاسلامية.

4 – سيخسر العرب كل ثرواتهم في الصراعات الطائفية ويعودون الى حالة الفقر المدقع والعبودية.

5 – سينسى العرب ان فلسطين والعراق تحت الاستعمار وان الهدف المركزي القديم والاصلي وهوتحرير فلسطين قد اصبح مستحيلا في ظل الحروب الابدية، والتي لا تحسم ولا يسمح غربيا وصهيونيا بحسمها، من اجل اكمال تدمير العرب واخضاع المسلمين! (هل تذكرون كيف ام امريكا واوربا كانت تمنعان انهاء الحرب العراقية الايرانية رغم وجود محاولات جادة انذاك؟) .

6 – ستنشأ دويلات طوائف مجهرية في الوطن العربي على انقاض الامة العربية الواحدة تحكمها العنصرية والطائفية والاقليمية والقطرية، وهكذا سيشهد العالم بروز (ملوك الطوائف) كما حصل قبل القضاء على الحكم العربي في الاندلس. وفي اطار ذلك سنرى دويلات هندية وفارسية وباكستانية وسريلانكية وتايلندية تقوم في الخليج العربي بعد ابعاد الاسر الحاكمة العربية بوسائل ديمقراطية يدعمها العالم الغربي والهند وباكستان وغيرها. لقد دعت الكاتبة الامريكية المخضرمة فلورا لويس في الثمانينيات من القرن العشرين الى العمل على انهاء الامة العربية بتشجيع قيام حكومات مجهرية على اساس انكار الهوية العربية وتذويبها، واحياء الهويات القديمة في الوطن العربي كالفرعونية والبابلية والفينيقية والبربرية...الخ، ولم تكن صدفة ان ينشر عوديد ينون الكاتب الاسرائيلي المعروف في نفس الفترة داعيا الى تنفيذ بروتوكولات حكماء صهيون الخاصة بتمزيق الامة العربية على اسس طائفية وعرقية ودعم النظام الصفوي العنصري في طهران ضد العراق اثناء الحرب بين العراق وايران، رغم ان الخميني كان يشتم امريكا حتى وهويشاهد افلام توم وجيري الامريكية!

7 – بعد ان تزول الامة العربية من الخارطة،حسب المخطط الامريكي الصهيوني الايراني، فان السيد الجديد في ما يسمى الشرق الاوسط سيكون اسرائيل وحلفاؤها وفي مقدمتهم ايران. والسبب هوان اسرائيل لا ترى في ايران خطر حقيقيا عليها لان مشروعها القومي الفارسي لا يشمل المنطقة التي تريد ايران اقامة امبراطوريتها فيها من حيث المبدأ.

8 – ان فكرة ان العرب والمسلمين عدوانيين واشرار، وهوما يفترض بخطة ايران الاستعمارية ان تؤدي اليه، عند زرعها وتمتين ساقيها ستكون اهم اسس اشعال حروب حضارات كما خططت امريكا.

اضافة الى ماسبق ذكره فان الامبراطورية الايرانية، وكما حصل في التاريخ حيث تحالف الفرس مع اليهود عدة مرات ضد العرب، وابرز مثال هوتدمير بابل من قبل الامبراطور قورش وانقاذ الاسري اليهود من الاسر البابلي، فان امبراطورية الفرس الخمينية تخدم اهداف اسرائيل الكبرى. اثناء الحرب العراقية الايرانية وجدت مع قتلى ايرانيين خارطة تشير الى ان الحدود بين ايران واسرائيل تقع عند نهر الفرات، فغرب النهر لاسرائيل وما يقع شرق النهر لايران! معنى هذا ان كل من اسرائيل وايران (الاسلامية) تعرفان حدودهما المستقبلية وهناك اتفاق ضمني اورسمي سري على تقاسم العراق! ان ما يميز العقلية الفارسية هوالبراغماتية الكاملة، وهي لذلك تعرف انها لا تستطيع تحقيق كل اهدافها، فتلجأ كأي تاجر محترف الى رفع سقف مطاليبه مع المنافسين والمخالفين لكي تحصل على اعلى نسبة من الربح اوالمكاسب، كما تفعل الان في موضوع الملف النووي الذي ستتخلى عنه في النهاية مقابل امتيازات وقبل ان تصل الخلافات الى حد الحسم العسكري.

ايران ليست هدفا معاديا للصهيونية الامريكية
وفي ضوء ما تقدم فان معرفة ايران الان بان امريكا قوية ومهيمنة عالميا يجعل نخب الشوفينية الفارسية الحاكمة في النهاية تفهم ان تحقيق اهدافها كلها غير ممكن لذلك ستقبل بحصة تقررها موازين القوى، تستقطع من المنطقة خصوصا في العراق والخليج والجزيرة العربية، مقابل ان تؤدي ايران دور الشرطي الصديق لاسرائيل وامريكا في المنطقة. وهذا يتطلب تغيير الوجه الحاكم في ايران، بطرق سلمية على الارجح، لتسهيل تحقيق هذا الهدف، وهنا يكمن سر اعتبار ايران خصم يمكن حل المشاكل معه بالحوار والضغط وليس بالحرب.
واذا اردنا ان نعرف هل يوجد تناقض رئيسي بين المشروع الاستعماري الامريكي والمشروع القومي الخميني، فاننا يجب ان ننظر للحاضر لنستطيع تقديم جواب مقنع، فالبرغم من عركة الديوك الصاخبة بين امريكا وايران واسرائيل الا انها اتقفت على امر مشترك ونفذته بتعاون مخلص وتام ادهش من لا يعرف العقلية الفارسية البراغماتية، وهوتدمير العراق ومحاولة محوهويته العربية وتقسيمه الى فدراليات ثلاث! لم يمنع صراع الديوك هذه الاطراف من التعاون لان ما يجمعها اكبر واهم مما يفرقها، ولذلك راينا ايران تصدر فتاوى بعدم مقاومة غزوالعراق، عبر مواطنها السيستاني، وتأمر مواطنيها مثل الحكيم والجعفري بخدمة الاحتلال والمساهمة الرئيسية في تدميرالعراق ونهبه، والاشتراك في الحكم فيه تحت ظل الاحتلال ووفقا لخطته، وترسل وزير خارجيتها الى العراق المحتل ليسجل التاريخ ان ايران كانت اول دولة تعترف بمجلس الحكم الذي شكله بول بريمير الحاكم الاستعماري الامريكي. واخيرا وليس اخرا راينا ايران تأمر صبيان سذج ومرضى نفسيا بالتظاهر بمناهضة الاحتلال لاجل استقطاب مواطني الجنوب الرافضين للاحتلال ومنعهم من الالتحاق بالمقاومة المسلحة، على اساس ادراك ايران ان اهل الجنوب عراقيون اصلاء ولا يسكتون على غزوبلادهم.
ان ايران ليست هدفا معاديا لامريكا بالاصل بل هي، حسب رؤية امريكا، دولة كبرى في المنطقة ومن حقها ان تقيم امبراطوريتها ولكن دون تهديد المصالح الامريكية. كما انها لا تقع في المنطقة التي تعدها امريكا ضمن نطاق امنها القومي، أي الخليج العربي حسب مبدأ كارتر، وانما هي مجاورة لحدود امنها القومي، وبحكم الجوار فان ايران مهمة جدا للامن القومي الامريكي من زاوية محددة : وهي ان قربها قد ينشأ خلافات قد تكون مهمة جدا احيانا ولكنها على وجه العموم من النوع الذي يمكن السيطرة عليه وحله بالوسائل غير الحربية اوبالضغط العسكري لمصلحة الطرفين. من هنا فان المشروع الايراني لا يشكل تهديدا رئيسيا للمشروع الاستعماري الامريكي بل هومشروع متعاون ومتلاق في الاهداف وفي تحديد العدولكل منهما وهوالعراق والامة العربية.
ما الذي يترتب على هذه الحقيقة الستراتيجية؟ ان اول ما يترتب عليها هوحقيقة ان ايران ومهما شاغبت واختلفت فانها في النهاية حليف رسمي، كما في زمن الشاه، اوحليف واقعي، كما في زمن خميني الفارسي النزعة. وربما يتسائل البعض : لم هذا الاتهام لخميني بانه قومي فارسي؟ الجواب هوما يلي :
1 – خميني ورغم اتقانه للغة العربية كان يكره العرب وثقافتهم لدرجة الاستنكاف عن التحدث بالعربية والاصرار على التحدث بالفارسية، رغم انه يتقن العربية وكان يدرس فيها علوم الدين في النجف. ولدينا حادثتين شهيريتين تثبتان ان خميني قومي فارسي، الاولى مع اريك رولو، السفير الفرنسي السابق والكاتب المعروف، فلقد قابله بعد اسقاط الشاه لاجل اجراء مقابلة صحفية معه، وبما ان رولويتقن العربية فقد وجه له الاسئلة باللغة العربية لغة القران، ففوجئ بان خميني يرفض الاجابة بالعربية ويتحدث بالفارسية ويقوم مترجم بالترجمة الى العربية! يقول رولوانه خرج بانطباع قوي بان خميني قومي ايراني ومتعصب لقوميته. اما الحادثة الثانية فهي مشابهة للاولى ولكن هذه المرة مع محمد حسنين هيكل الكاتب العربي، الذي ذهب هوالاخر مباشرة بعد اسقاط الشاه وفعل نفس ما فعلة رولو، فوجه الاسئلة بالعربي لكن خميني اصر على الجواب بالفارسي، فخرج بنفس انطباع رولووهوان خميني قومي فارسي بالدرجة الاولى! والسؤال المهم الذي يفرض نفسه هوالتالي : لماذا رفض خميني التحدث بلغة القران مع انه كان رسميا يقول انه مسلم؟

2 – اصر خميني على الاستمرار في اطلاق تسمية الخليج الفارسي على الخليج العربي، ورفض اقتراحا اسلاميا بتسميته الخليج الاسلامي، فاذا كانت اسلاميته هي الغالبة فلماذا اصر هووخليفته خامنئي على عدم الوصول الى حل وسط بين العرب وايران وهوتسميته ب (الخليج الاسلامي)؟

3 – اصر خميني على مواصلة احتلال الجزر العربية الثلاث التي احتلها الشاه ورفض ارجاعها الى اهلها الشرعيين وقال انها ارض ايرانية! وفسر صفوي لبناني اسمه الشيخ حسن عضومجلس النواب اللبناني هذا الموقف مؤخرا بالقول بان مشكلة الجزر ثانوية ولا يجوز ان تصبح موضوعا للخلاف مع ايران! وكأن الارض التي تتمسك بها ايران هي غير التي تطالب بها الامارات! اذا كانت جزرا غير مهمة لماذا اذن تصر ايران على الاحتفاظ بها وخلق مشاكل مع الامة العربية؟ المشكلة ان الصفويين في الاقطار العربية، وبسبب تبعيتهم المطلقة وغير القابلة للنقاش لايران، يعيدون كتابة المنطق والتاريخ والقانون والقيم ومفاهيم الوطنية والحق وغيرها لتخدم السيد القابع في طهران، والذي يصدر اوامر لا تناقش ولا ترفض سواء كان الشاه اوخميني اوخامنئي ولا يقبل من مقلديه اقل من تقبيل يده!

4 – اصر خميني على بدء نشر ما اسماه (ثورته الاسلامية) في العراق، وكان قراره الاساس هو(العراق اولا) بعد ذلك بقية الاقطار العربية ثم العالم الاسلامي لنشر دعوته الصفوية! صحيح ان شعاره المدوي كان (الموت لامريكا واسرائيل) ولكن في الواقع لم يفعل خميني أي شيء ضدهما على الاطلاق، وكل اذاه اتجه للعراق والاقطار العربية من خلال اصراره على نشر ثورته فيها وليس في اسرائيل اوامريكا! فهل كان العراق كافرا لنشر الثورة فيه؟ وهل كانت اسرائيل وامريكا دولتان اسلاميتان تدينان بالمذهب الاثنى عشري لذلك لم يضعهما على لائحة الانتظار في ثورته ولم يبدأ بهما؟ لقد كان شعاره السيء الصيت هو(ان تحرير القدس يمر عبر تحرير بغداد)! ويالمفارقات الزمن المضحكة المبكية فان هذا الشعار كان هوشعار امريكا بالذات، فلقد قالها كيسنجر بعظمة لسانه (لا مجال لحل مشكلة الصراع العربي الاسرائيلي الا بتحرير بغداد)! لقد استخدم كيسنجر نفس تعابير خميني! وجاء الواقع ليؤكد هذا التطابق التام بين افعال وشعارات امريكا وخميني وخامنئي حينما لعبت ايران الدور الاساس والحاسم في غزوالعراق بعد الدور الامريكي! فما الذي يجمع بين الصادات الثلاث الصفويين والصهاينة والصليبيين ان لم يكن العداء للامة العربية؟ وهل من المعقول ان تكون ثمة عداوة بين هذه الاطراف الثلاث دون ان تطلق رصاصة واحدة بينهم خلال اكثر من ربع قرن من العربدة وصراخ وصراع الديوك؟

5 – هناك من يحمل العراق مسؤولية اندلاع الحرب بين العراق وايران، ولاغراض النقاش سنفترض ان العراق هوالذي بدأ الحرب، ولكن من رفض إنهاءها؟ في الاسبوع الاول للحرب قدمت منظمة المؤتمر الاسلامي مشروعا اسلاميا متفقا عليه لوقف اطلاق النار والدخول في مفاوضات لانهاء الحرب ومعالجة اسبابها، فمن رفض؟ الذي رفض هوخميني الذي اصر على تسجيل النصر على العراق ومواصلة هدفه الاول المعلن وهواسقاط النظام الوطني في العراق، في حين ان العراق قبل كل المبادرات التي قدمت لوقف اطلاق النار اضافة للمبادرات التي قدمها العراق! وبعد هذه المبادرة قدمت الكثير من المبادرات وكانت كلها ترفض من قبل ايران وامريكا! ولم يقبل خميني بوقف اطلاق النار الا بعد ان ابلغه مساعدوه ان القوات العراقية اخدت تتقدم داخل ايران دون مقاومة، فاعلن بعد ثمانية اعوام من القتال الباهض التكاليف بشريا وماديا انه يقبل وقف اطلاق النار، لكنه قال انه يقبله كما لوانه يتجرع سم زعاف!

من يتحمل المسؤولية عن هذه الحرب؟ لو افترضنا، ولا غراض النقاش كما قلنا، ان العراق هو الذي ابتدأها فانه يتحمل خراب اسبوع لا غير اما خميني فيتحمل خراب ثمانية اعوام. ويجب ان نشدد هنا على حقيقة ان خميني هو الذي فرض الحرب على العراق وفجرها وليس العراق، لانه تبنى وعلنا هدف اسقاط الرئيس صدام حسين وعده هدفه الاول ورفض كل الوساطات قبل الحرب، وشرع بقصف المدن العراقية بالمدفعية والطائرات ابتداء من يوم 4 -9 -1980اضافة لاعمال الارهاب داخل العراق التي ابتدات عقب استيلاء خميني على السلطة مباشرة وادت الى قتل الكثير من العراقيين واصابة عدد من المسؤوؤلين الكبار في العراق، وكل ذلك حصل قبل ان يرد العراق يوم 22 – 9 – 1980. ان هذا الاصرار على خلق مأساة بين بلدين يفترض انهما مسلمين يؤكد ان خميني لاصلة له بالاسلام الحقيقي وان دينه هودين اخر مبني على الاحقاد والثارات العرقية.
أذن فان ايران سواء تحت ظل الشاه اوخميني لا تشكل خطرا اساسيا على الغرب والصهيونية وانما ثمة خلافات موجودة بينهم كما يحصل بين كل الدول، وهي خلافات تختلف تماما عن التناقضات التي توجد مع العراق قبل الغزووبعده. من هنا نلاحظ ان الغرب والصهيوينة لم تلجئا الى القوة ضد ايران رغم انها تتحدى العالم كله في مشروعها النووي وفي استخدام اذرعها العربية للضغط على الغرب لعقد مساومات معها حول تقاسم المنطقة والعراق بالذات. وهناك سؤال مهم جدا وهو: هل توجد لامريكا واسرائيل مصلحة في تشجيع ايران على تحديهما؟ مرة اخرى نقول ونأمل ان يفكر العقلاء بما نقوله : ان امريكا واسرائيل في مأزق قاتل بسبب المقاومة الوطنية العراقية والتي وضعت امريكا في فخ قاتل ومدمر يهدد بنسف مشروع القرن الامريكي، لان فشل امريكا في دحر المقاومة العراقية بعث برسالة قوية لكل شعوب العالم تقول ان امريكا نمر من ورق تواليت كما تؤكد تجربة العراق. ويترتب على ذلك ان اسرائيل، التي تحميها امريكا وتضمن وجودها وغزواتها، ستنكشف اذا هزمت امريكا في العراق، لذلك فان الاولوية الستراتيجية الامريكية في العالم كله هي دحر المقاومة العراقية وعدم ترك العراق الا وقد تركت انطباعا بانها لم تهزم. وايران هي وحدها التي تستطيع انقاذ امريكا في العراق، من وجهة نظر امريكية، من خلال عملاءها في العراق. فكما كان غزوالعراق غير ممكن لولا الدعم الايراني، كما اعترف خاتمي وابطحي ورفسنجاني، فان الخروج المشرف من العراق رهن باستمرار الدعم الايراني لامريكا وزيادته والتوقف عن الضغط على امريكا الان للحصول علة مغانم اقليمية لايران، وهذا هوسر صراع الديوك بين امريكا وايران الان سواء على الملف النووي اوفي الساحات العربية.
اذن من السهل التوصل الى استنتاج مركزي وجوهري وهوان الصراع بين ايران من جهة وامريكا واسرائيل من جهة ثانية هوصراع تقاسم مكاسب والحصول على نفوذ وليس صراع وجود كما هوحال صراع العرب مع الطرفين المذكورين. والان تبدوايران تمسك امريكا من بين ساقيها في العراق، وامريكا لاتجد مخارج مشرفة، واقلها إذلالا هوتقديم قطعة من كعكة الخليج والعراق لايران. كما ان امريكا تستفيد من ايران في اشعال حروب قادمة بين المسلمين انفسهم خصوصا العرب، عن طرق زرع وتنمية فتنة طائفية في الاقطار العربية لن تستفيد منها الا ايران وامريكا واسرائيل.
يتبع .......
salah_almukhtar@yahoo.com

شبكة البصرة

الثلاثاء 12 شعبان 1427 / 5 أيلول 2006

يرجى الاشارة الى
06-19-2013, 06:10 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
Lightbulb اذا أُشركت ايران بالحرب ضد ثورة شعب العراق ؟؟؟ زحل بن شمسين 0 192 09-17-2014, 04:25 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  كندا وامريكا والمانيا مع اسرائيل برهان البرهان 14 760 08-07-2014, 11:32 PM
آخر رد: خالد
  هل تفزع القنبلة النووية السعودية.. ايران؟ على نور الله 2 463 12-10-2013, 05:26 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  ايران وتركيا يتبادلون الادوار بقصف الشمال للعراق المحتل زحل بن شمسين 8 1,737 05-30-2013, 06:43 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  ايران تعلن بناء محطات للطاقة النووية على نور الله 11 1,078 02-28-2013, 05:00 PM
آخر رد: على نور الله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS