{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
ألف وجه لألف عام -
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
ألف وجه لألف عام -
ألف وجه لألف عام - شؤون ألمانيا وفرنسا كما رصدها واستخدمها صاحب «الأمير»
ابراهيم العريس الحياة - 11/02/08//


نيكولا ماكيافيللي (1469-1527)
ارتبط اسم السياسي والديبلوماسي والكاتب الايطالي ماكيافيللي بعنوان كتابه الاشهر «الأمير» في شكل طغى تماماً على مؤلفات هذا المفكر الأخرى، ما جعله يبدو وكأن همه الأساس كان تبرير الحكم الفردي ومسألة الخداع في السياسة وأساليب إدامة سيطرة «الأمير» على مقدرات البلد والناس. لكننا نعرف ان لماكيافيللي مؤلفات أخرى، بينها روايات ومسرحيات. ولكن من بينها ايضاً نصوصاً أقل شهرة بكثير تجعلنا قراءتها ندرك ان «الأمير» لم يأت من عدم، كما انه لم يأت «فقط» من تأملات الكاتب / الديبلوماسي في أحوال الإمارات والمقاطعات الايطالية التي يبدو لنا انه كان يعرفها أكثر من أي مكان آخر. والحقيقة ان هذه النصوص التي نتحدث عنها هنا هي في الأساس نصوص ديبلوماسية تحدث ماكيافيللي فيها، عن أوضاع مناطق اخرى من العالم رصدها إما في شكل ميداني خلال زيارات، ديبلوماسية دائماً، لها، وإما في شكل رصد من بعيد من طريق كتّاب ومحللين آخرين. وربما تكمن أهمية مثل هذه النصوص – على ندرة حضورها لدى القراء - في كونها مهدت السبيل امام صاحب «الأمير» لوضع كتابه هذا، ما يعني – حقاً – ان هذا الكتاب لا يجب اعتباره نصاً ايطالياً خاصاً، بل نصاً شاملاً لا ينظّر فقط الى ما يجب ان يكون الحكم «الصالح» عليه، بل يتحدث عن تجارب ميدانية في الحكم، وفي الحكم القوي، عاشتها مناطق أوروبية – بخاصة – في زمنه او في بعض الأزمان السابقة عليه. ومن بين هذه النصوص واحد كتبه عن أحوال المانيا، والثاني عن أحوال فرنسا. والواقع ان قراءة كل من هذين النصين بالتزامن مع قراءة «الأمير» تكشف عن حضورهما الحاسم في هذا الكتاب. ولا بد من ان نشير هنا، منذ البداية، الى ان ماكيافيللي كتب النص «الألماني» – عام 1508 والنص «الفرنسي» عام 1510، غير ان اياً من النصين لم ينشر خلال حياته، بل نشرا للمرة الأولى معاً عام 1532، أي بعد موت كاتبهما بما لا يقل عن خمس سنوات.

> يحمل النص الأول عنوان «تقرير حول شؤون ألمانيا». وهذا النص الذي قال ماكيافيللي انه، في الأصل، كتبه لنفسه وربما لأصدقائه أيضاً، لم يكن أكثر من جمع لانطباعات المؤلف التي عاد بها من مهمة ديبلوماسية كلف بادائها في انزبروك في ألمانيا، لدى الامبراطور ماكسيميليان. صحيح ان زمن المهمة لم يكن طويلاً... لكن ماكيافيللي تمكن مع ذلك من ان يرصد بدقة أحوال عدد من المدن الألمانية التي مرّ بها ذهاباً وإياباً. ويبدو واضحاً من خلال ذلك الرصد والتعبير عنه ان الديبلوماسي الايطالي فوجئ بالغنى الفاحش الذي تنم عنه أحوال تلك المدن. ويلفت ماكيافيللي هنا انتباهنا الى ان هذا الثراء لم يكن ناجماً لا عن ازدهار الصناعة ولا عن ازدهار التجارة، بل عن فضيلتين أساسيتين لاحظ ان الشعب الألماني يتمتع بهما: انه شعب دؤوب في عمله، وشعب يحب الادخار. غير ان ماكيافيللي يلاحظ في المقابل، ان هذا كله لن يكون قادراً على ان يؤمن وحدة حقيقية لهذه الامبراطورية. والسبب التناحر القائم من ناحية بين المدن الحرة والامراء (الاقطاعيين)، ومن ناحية ثانية بين المدن والامراء، والامبراطور نفسه. وهذا ما يجعل ماكيافيللي يصل الى استنتاج كانت له أهميته في ذلك الزمن: ان سلطة الامبراطور ليست سلطة حقيقية في الجوهر، بل هي سلطة ظاهرة فقط. وماكيافيللي – هنا – بعد ان يوضح هذا بصورة استعراضية، ينتقل في القسم الاخير من تقريره، الى دراسة الفنون الحربية العسكرية الألمانية، مسهباً في الحديث عن محاسن هذه الفنون وضروب نقصانها. والحقيقة ان في وسع قراء الكتاب عن «فن الحرب» الذي وضعه ماكيافيللي عام 1526، ان يجدوا اصداء اساسية لهذه الصفحات من تقريره عن ألمانيا، في الكتاب.

> النص الثاني، والذي كتب بعد الاول بعامين، يحمل صيغة عنوان الاول نفسها «تقرير حول شؤون فرنسا». وماكيافيللي يستعيد، في الحقيقة، في هذا النص نصاً آخر بالعنوان نفسه تقريباً، كان وضعه سابقاً. أما النصّان معاً فإنهما يهتمان برسم صورة قلمية – باهرة الى حد كبير – للجغرافيا السياسية لهذا البلد (فرنسا) الذي كانت البعثات الديبلوماسية التي اخذت الكاتب اليه قد أتاحت له ان يتعرف عن كثب، وبشيء من التفصيل، على اوضاعه بأفضل مما كانت بعثاته الألمانية أتاحته له بصدد ألمانيا. واضح الى حد ما في هذا النص «الفرنسي» ان ماكيافيللي كان على اطلاع كبير على احوال فرنسا وأن لديه كمّاً كبيراً من معلومات عرف كيف يستخدمها هنا في رسم صورة لهذا البلد الجار يمكن استخدامها كصورة مرجعية. اما الشيء الذي لفت نظر ماكيافيللي أكثر من غيره فكان «قوة التاج وسلطته»، إذ يفيدنا ان هذا التاج المركزي تمكن من ان يربط به معظم الاراضي الفرنسية الغنية وإخضاع كبار الاقطاعيين له تماماً. لماذا؟ لأن معظم هؤلاء – كما يفيدنا ماكيافيللي – هم من دماء ملكية بمعنى انهم لا يتبعون التاج من ناحية سياسية او من ناحية المصالح المشتركة فقط، بل بخاصة من ناحية القرابة العائلية ورابطة الدم. ومن هنا، يؤكد لنا ماكيافيللي، «قوة هذا البلد ومنعته اللتين تمنعان أي جار من الحاق أي تهديد جدي به». واذ يتحدث عن هذا الامر بشيء من التفصيل، يجد ماكيافيللي لزاماً عليه ان يقف ليتحدث، بشيء من التفصيل ايضاً، عن البلدان المجاورة لفرنسا... من وجهة نظر علاقتها بهذا البلد. وهو هنا – كديبلوماسي بارع – يتحدث عن كل بلد موضحاً امكاناته السياسية والاستراتيجية ذاكراً الاسباب التي تدفعه اما الى صداقته لفرنسا، وإما إلى الوقوف موقفاً عدائياً تجاهها. واذ يضعنا الكاتب في هذه الصورة، يعود الى فرنسا، كي يقول لنا ان وضعها المستقر «مدين لشجاعة النبلاء الفرنسيين وقوة شكيمتهم في المعارك والحروب». ان «فضائل فرنسية لدى النبالة من هذا النوع هي التي تساهم مساهمة اساسية في منعة فرنسا، حتى وإن كانت هذه الاخيرة لا تملك من السلاح ما يوازي الاسلحة التي تملكها بلدان مجاورة مثل اسبانيا وألمانيا وسويسرا». وبالنسبة الى ماكيافيللي لا يكفي امتلاك السلاح وحده لتوفير المنعة والقوة، بل يجب ان تواكبه شجاعة بيّنة وخصوصاً، حوافز مشجعة وواضحة. وهو يرى في هذا الاطار ان بلداً مثل فرنسا، من أجل الدفاع عن وجوده ومكتسباته في وجه جمهرة من بلدان معادية تحيط به، يوجد لدى أهله الشجاعة والحوافز المطلوبة لحيازة القوة التي تحميه. وفي هذا الاطار لا يفوت ماكيافيللي ان يشدد هنا على الدور الذي يلعبه في قوتها كون فرنسا بلد انتاج زراعي كثيف ومزدهر. فهذا الثراء الزراعي العريق يوجد قوة في التراتبية الاجتماعية تجعل كل فرد، من اصغر مزارع – يعمل لحساب الاقطاعي – الى اهل البلاط، مدركاً دائماً ان حمايته للوطن تشكل حماية شخصية له ولرزقه، بصورة لا يكون الدفاع عن البلد مجرد الدفاع عمن يبدو ظاهراً انهم هم الذين يملكون البلد (الملك والنبلاء والاقطاعيين). وماكيافيللي لا ينهي هذا التقرير، من دون ان يتوقف طويلاً وفي اسهاب عند المهمات الاساسية التي تقوم بها الدولة المركزية في فرنسا، وعند المالية العامة، ودور الكنيسة وما الى ذلك، ما يجعل من هذا النص، كما أشرنا، مرجعاً صالحاً لفهم اوضاع فرنسا في ذلك الحين (بداية القرن السادس عشر) مرسوماً من وجهة نظر خارجية واضح انها تريد ان تتعلم مما تكتب عنه. ولسوف نرى – كذلك – اصداء لهذا كله في «الأمير» الذي كتبه ماكيافيللي بعد سنوات من تقريريه «الألماني» و «الفرنسي».

> نيكولا ماكيافيللي (1469-1527) هو، كما نعرف، الكاتب والديبلوماسي والمستشار الايطالي الذي عاش ورصد وكتب في ذروة عصر النهضة في تلك المنطقة من العالم. وكان غزيراً في الكتابة خلّف نصوصاً كثيرة تجعل منه في الوقت نفسه باحثاً استراتيجياً وفيلسوفاً. غير ان الاهم والاشهر بين مؤلفاته، يبقى «الأمير» الذي لُعن وندِّد به مرات ومرات، من جراء ضروب سوء الفهم التي بنيت من حوله طوال مئات السنين لا سيما اذ صيغت من اناس لم يقرأوه، او قرأوه سطحياً، وعلى ضوء زمنهم وموبقاته، وليس على ضوء الزمن الذي وضعه ماكيافيللي فيه. ومن هنا الحاجة الماسة الى العودة الى قراءة «الأمير» في كل مرة من جديد، على ضوء زمنه كنص تفصيلي، وعلى ضوء كل الأزمان كنهج في التحليل من حول مسألة السلطة.

02-11-2008, 11:29 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
ألف وجه لألف عام -
ألف وجه لألف عام - «عن النرجسية: مدخل» لفرويد: كيف يولد الحب وحب الذات
ابراهيم العريس الحياة - 20/02/08//


سيغموند فرويد (1856 – 1939)
لا يعتبر كتاب «عن النرجسية: مدخل» الذي وضعه فرويد عام 1914، واحداً من كتبه الأساسية. ولعل مرد ذلك الى العنوان نفسه، إذ بدلاً من أن يعطي الكتاب خصوصيته في علاقته مع الموضوع الذي يحاول بحثه هنا، وهو موضوع «النرجسية» وكيف تولد وتتكون لدى الكائن البشري، دَفَعَ كثراً الى الاعتقاد بأنه مجرد مدخل الى بحث النرجسية لا بد من أن مؤسس التحليل النفسي سيتبعه بمتن أكثر تفصيلاً ودنواً من هذا الموضوع. لكننا نعرف أن فرويد لم يعد بعد ذلك الى وضع مؤلف كامل ومستقل حول هذا الموضوع، وإن كان قد عاد إليه مراراً وتكراراً في كتب ومحاضرات ونقاشات تالية، له. من هنا ظل المدخل مدخلاً. غير ان الذين يقرأونه بدقة وروية سيكتشفون انه أكثر من مجرد مدخل: هو بحث معمق في موضوع النرجسية، كانت له جذوره، أو جذور بعض فقراته في كتاب سابق لفرويد هو «الطوطم والمحظور»، حيث برزت للمرة الأولى لدى هذا العالم الكاتب فكرة الربط بين النرجسية والطفولة، والوعي الجنسي المبكر.

> في هذا «المدخل» إذاً، لخص فرويد كما هو واضح سجالات عدة كانت جرت من قبل حول موضوع النرجسية مموضعاً إياه في سياق التطور الجنسي للإنسان. وهو من خلال هذا تعمق في النظر الى المسائل الأساسية التي تسم العلاقة بين «الأنا» والأشياء الخارجية، راسماً وربما للمرة الأولى على مثل هذا الوضوح، فارقاً جديداً بين ما يسميه «الأنا – الشبق» (أو الشبق الذاتي) و «الموضوع – الشبق» (أو الشبق الموضوعي). ولعل الأهم هنا – بحسب محللي عمل فرويد – هو أن هذا الأخير يدخل للمرة الأولى فكرة «الأنا – المثال»، وكل ضروب رصد الذات المرتبطة بهذه الفكرة. وفي هذا النص أيضاً لا يفوت فرويد، بالطبع، أن يمر بإسهاب نسبي على الخلافات التي كانت برزت بينه ويونغ من ناحية، وبينه وآدلر من ناحية أخرى. بل إن ثمة من بين دارسي فرويد من يرى أن الدافع الأساس لوضع هذا النص أصلاً، إنما كان رغبته في التشديد على أن مفهوم النرجسية كما يدرسه هو، قادر على أن يحل بديلاً من مفهوم «الشبق غير الجنسي» (يونغ) ومفهوم «الذكورة الاحتجاجية» (آدلر). وطبعاً، حتى لو سلمنا جدلاً بوجود هذا الدافع حقاً لدى فرويد، سنقول ان «المدخل» يتجاوز هذا الأمر، لأن النص يقدم في نهاية الأمر جملة مفاهيم فائقة الأهمية حول موضوع كان لا يني يشغل بال العلماء والمفكرين منذ ولادة فكرة النرجسية، على اسم ذلك الكائن الأسطوري الذي يصور لنا دائماً متأملاً نفسه، بإعجاب في انعكاس صورته على المياه، الى درجة انه أعار اسمه الى زهرة النرجس التي تبدو دائماً مختالة بذاتها تتأملها بشبق وإعجاب.

> مهما يكن من أمر، لا بد من أن نلاحظ منذ الصفحات الأولى لدراسة فرويد، أن هذا الأخير يدخل موضوعه بقوة ومباشرة، حين يرينا منذ البداية أن إعجاب الكائن بذاته ليس بالضرورة أمراً غير عادي كما كان كثر من الناس، بل من العلماء أيضاً، يعتقدون. هذا الإعجاب أو حب – الذات (بحسب فرويد) هو شيء طبيعي بالنسبة إلى الذهن البشري... غير أن من الصعوبة طبعاً أن نقول إنه يولد مع الإنسان، بصفته «التكملة الشبقية لأنانية غريزة الحفاظ الذاتي على النوع». وفي كلمات أخرى: الرغبة والطاقة اللتان تقودان غريزة البقاء لدى الكائن. وهذا ما يطلق عليه فرويد اسم «النرجسية البدئية». إذاً، بالنسبة الى فرويد لا يمكن أحداً الزعم بأن الكائن يولد مع الإحساس بذاتيته كفرد. أي انه لا يولد كـ «أنا». هذه «الأنا» تتطور لاحقاً خلال أولى شهور الطفولة ثم خلال السنوات الأولى من الصبا حين يأتي العالم الخارجي «ممثلاً عادة – بحسب فرويد – بالرقابات والتوقعات الأسرية، ليدخل على الذات» ذلك العنصر، الذي سماه فرويد «النرجسية البدئية»، عبر «تعليم الطفل الفرد أموراً تتعلق بالطبيعة والأنظمة الاجتماعية المحيطة، في شكل يجعل هذا الطفل يطور في داخله ما يسمى بالأنا – المثال»، أي ما يعرفه فرويد بكونه «صورة الذات الكاملة، التي يتعين على الأنا أن تطمح إليها». وهنا، في هذا الإطار – وتبعاً لشارحي أعماله – ينظر فرويد الى كل ضروب التوجه الشبقي على أنها جنسية في أساسها، ما يجعل باحثنا يقترح أن الأنا الشبقية (أي التوق المتوجه الى داخل الذات) لا يمكنها أن تتمايز عند ذلك المستوى عن الشبق الموضوعي (أي ذلك التوق الذي يكون موجهاً نحو أشخاص أو أشياء خارج الذات). ويعيدنا شارحو فرويد هنا الى ذكر مبكر لما يدنو من هذا الأمر في أحد فصول «الطوطم والمحظور» لفرويد حيث يشبّه هذا الأخير الأطفال بالشعوب البدائية متحدثاً عن وجود ما يسميه تفكيراً سحرياً لديهم، ذاكراً أن من ضروب الفكر السحري أن يعتقد المرء أن في إمكانه أن يؤثر في مجرى الأمور الواقعية بفعل أمنياته... ما يعني إيماناً بالذات على أنها ذات قوة قادرة على تغيير الواقع.

> هنا، وبعد أن يفسر فرويد هذه «النرجسية البدئية» ينتقل الى الحديث عن نرجسية أخرى، يطلق عليها اسم «النرجسية الثانوية»، وهي نرجسية تولد بحسب فرويد (ودائماً كما يقول لنا مفسرو أعماله) حين يتحول الأمر كله الى حال عيادية تحصل حين ينسحب التوق من الأشياء التي تكون خارج الذات، الى ما هو داخل الذات. وهذا هو ما يسمى عادة، اختصاراً بـ «النرجسية». بيد أن فرويد هنا، وحتى وإن كان يقر بشمولية هذه السطور ووجود النرجسية في شكل أو في آخر داخل كل واحد منا، يشير بوضوح الى سمتها العيادية. على أي حال، ينطلق فرويد هنا من هذا التأكيد ليقول لنا إن الاهتمام بشخص آخر (الحب، مثلاً) يكون حين يحدث ما هو عكس هذا: حين يحول شخص ما شبقه الذاتي الى توق موضوعي، عبر منح طاقة الحب التي لديه الى الشخص الآخر. ويقول فرويد هنا انه بقدر ما ينمو الطفل على وجود العالم الخارجي، يصبح أكثر قدرة، حتى وإن نمّى الأنا لديه بصورة متزايدة، على إضفاء قدر ما من الحب الكامن لديه على أشخاص آخرين أو أشياء أخرى. ولعل أول من ينال هذا القدر من الحب هو – عادة – الأم... غير ان هذا لا يكون مجانياً، في العادة، حيث ان الطفل – ودائماً بحسب تفسير فرويد -، إذ يضفي على أمه ذلك الحب المنتزع من حبه لذاته، يتوقع من موضوع حبه هذا أن يعوض عليه حناناً وحباً، غالباً ما يكون حجمهما المطلوب أكبر كثيراً من الحجم الذي كان هو قدمه، ما يضعنا من جديد أمام لعبة أخذ ورد وتبادل بين ما يسميه فرويد النرجسية البدئية والنرجسية الثانوية.

> كما نلاحظ هنا، كان من الواضح أن موضوع النرجسية هذا، لأنه يشكل – وسيشكل أكثر وأكثر – جزءاً أساساً من معظم جوانب مسائل التحليل النفسي، لن يحظى بدراسة خاصة أخرى من فرويد، غير أن هذا لم يمنع كتاباً وعلماء آخرين، من تلامذة فرويد أو من خصومه وتلامذة خصومه، من الاشتغال أكثر وأكثر على هذا الموضوع في كتابات ودراسات لاحقة، أثارت قدراً كبيراً من السجال دائماً. أما بالنسبة الى سيغموند فرويد (1856 – 1939)، فإنه واصل منذ ذلك الحين دراسته لهذا الموضوع الذي نجده ماثلاً بقوة في نصوص مثل «ما وراء مبدأ اللذة» و «الأنا والهو» وغيرها من النصوص الفرويدية التي شكلت دائماً ذلك المتن الفكري الذي يعتبر في مجمله واحداً من أكثر المتون قوة وإثارة للسجال وتحديداً خلال النصف الأول من القرن العشرين على الأقل.

http://www.daralhayat.com/opinion/ideas/02...9e8f/story.html
02-20-2008, 02:36 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS