توجد دودة تعيش في الماء وتتغذى على الدماء التي تمصها من ضحاياها، هذه الدودة الشهيرة عبر التاريخ تسمى Hirudo medicinalis, او مصاصة الدماء، وخصائصها العلاجية كانت معروفة منذ القدم، وهي تشبه الفصاد الذي كتب عنه الفارابي. في السابق كان من الشائع استخدام هذه الدودة في العلاج الشعبي، بل وكانت تسود اعتقادات بقدرات خارقة لها، واليوم تدل الابحاث على ان لها قدرة على تخفيف الالم وتحسين القدرة على الحركة عند الاشخاص المصابين بأمراض المفاصل.
في اوروبا قديما كانوا يستخدمونها كدواء عام ضد اغلب الامراض مثل السل وكسر العظام والجنون، الى درجة انها كانت على حدود الانقراض في القرن الثامن عشر. لقد كان الاعتقاد بقدرات الشفاء لهذه الدودة تماما كما في اعتقادات بعض الحضارات عن العسل وبول البعير. غير ان الموقف منها تغيير بعد الاكتشافات الطبية.
الابحاث الالمانية التي جرت بإستخدام هذه الدودة على المصابين بامراض التهاب المفاصل artros, اعطت نتائج مدهشة. في احدى المجموعات قام العلماء بوضع ستة ديدان على كل مفصل من المفاصل المريضة عند 24 شخصا. الديدان قامت بإمتصاص الدم بكمية توزاي عشرة مرات اضعاف وزنها قبل ان تترك المريض. في خلال اسبوع من المعالجة قل الالم وظهر تحسن في الحركة عند 64% من المشاركين.
في مجموعة المقارنة حيث جرى دهن المفاصل بكريم تخفيف الالم لم تزد نسبة من شعر بتخفيف في الالم لتزيد عن 17%.
بإعادة التجربة على 4000 شخص وصلت نسبة من شعر بالتحسن مع الدود الى 80%. لذلك فالعلماء متفقين على ان العلاج بدود مص الدماء فعال ويمكن تكراره بضعة مرات في السنة..
اليوم لايوجد علاج فعال لامراض المفاصل، والادوية المستخدمة لها اعراض جانبية اذ تظهر مشاكل في المعدة والكلاوي، والحل الاخر هو العملية الجراحية المكلفة والمعقدة.
المريض يشعر بعضة الدودة وبكيفية مصها لدمه، ولكن لعاب الدودة يحتوي على مادة مخدرة، ولذلك فبعد ثلاث دقائق لن يشعر المريض بشئ على الاطلاق.
إضافة الى هذه المادة المخدرة توجد ثمانية مواد اخرى على الاقل تحقنها الدودة في دورة المريض الدموية. من بين هذه المواد يهتم الاطباء على الخصوص بمادة hirudin. وهي مادة تقوم بمنع الدم من التخثر عن طريق تعطيلها للانزيم المسمى trombin. النتيجة تكون ان الدم يستمر بالسيلان لمدة وصلت عند البعض الى بضعة ايام. هذه الظاهرة مفيدة للاستخدام في عمليات الجلد التي تحتاج الى منع الدم من التخثر السريع.
الابحاث اظهرت ان تأثير الدودة في تخفيف الالم يستمر لبضعة ايام تصل احيانا الى الاربعين يوما. الاطباء لديهم نظريتين لتوضيح اسباب هذا التأثير. النظرية الاولى ان لعاب الدودة يحتوي على مجموعة معقدة من البروتينات وان اللعاب يحتوي على مادة واحدة على الاقل مضادة للالتهاب ولكن على الاغلب يوجد المزيد من المواد الاخرى.
النظرية الاخرى تقول ان سبب مرض artros يعود الى خلل في الدورة الدموية والغدد الليمفاوية، مما يؤدي الى تخثر سريع للدم. الدم المتخثر يؤدي في بعض الاحيان الى اعاقة توصيل الاوكسجين الى المفاصل مما يكون باعث على ظواهر المرض. المواد التي تؤدي الى تخفيف الدم وتحل قطرات الدم المتخثر يمكن ، نظريا، ان تساعد على تخفيف عوارض هذا المرض، ولعاب الدودة غني بهذه المادة.
اليوم لايحتاج المرء الى البحث عن هذه الدودة في مجاري الانهار بل يكفي ان يطلبها عن طريق الانترنيت لتصل الى العنوان المطلوب مع طريقة الاستخدام