نيوترال .
عزيزي ..
لماذا تعتقد أني دائما أتحسس هكذا ؟.<_<
ثق أنه ليس هناك سوء تفاهم ولم يحدث سابقا ، و دائما اتابع تعليقاتك على الموضوعات المطروحة و التي اتفق معك فيها ، حتى في الخلافات النادرة أجدها تنوعات على نفس اللحن ، فقط أنتهز مثل هذه التعليقات لتوضيح مواقفا غالبا ما تكون ملتبسة لا أكثر ، وفي هذا الشريط أحببت توضيح موقفي الشخصي من لغة الحوار و اهدافه .
بالقطع لا أزعم أني سأكون مؤثرا على المصري التقليدي ، بل حتى لا أنكر أني أجد صعوبة حقيقية في التفاهم مع المصري دون باقي الشعوب العربية !.
طبعا أنت محق في تعليقك الأخير تماما ، و لكن هذا الكلام ينطبق على الناشط السياسي أو المروج الثقافي و ليس على المثقف كما أراه ، فالمثقف ليس هو الناشط الثقافي (لو صح التعبير )، فالأول منتج للثقافة و الثاني مروج لها ، و في هذه القضية بالذات طرحت شريطا عن الثقافة و المثقفين ، ( زمن المثقف الأخير.)
هنا

إني أتبنى رؤية تذهب إلى أن المثقف (هو الإنسان الملتزم الذي يقع خارج أبنية السلطة في المجتمع ، و يعبر عن رأيه بإسم مبادئ أخلاقية و قيم ثقافية عليا ، هذا التعبير الثقافي يجب أن يكون حرا دون اعتبار للحقائق السوقية و القوى الرسمية و الشعبية) ، و يرتبط مصير الأحلام العظمى بمصير المثقفين ،فإذا كانت المبادئ السامية قد وجدت مأوى فهي بين المفكرين الأحرار ، لذلك يجب أن يظل المثقف كما أراه على درجة عالية من الولاء للأفكار العالمية عن الحقيقة و العدالة وعدم الاقتصار على الولاء لطبقة أو شريحة محددة ، إن أدوات المثقف الحقيقي هي العقل و التسامح والإنسانية و ليس الإنتماء لعقيدة أو قومية بالتحديد . و بالتالي رؤيتي للمثقف غير السائدة لدينا و التي تدمج دور المثقف مع دور الناشط .
إنني لن أضيع جهدي و المتبقي من عمري في تحقيق إتصال مع عقليات متخلفة بشكل أو آخر فلست أحب الناس لهذا الحد ، بل ولا أنصحكم بمثل هذه التضحيات لأنها ستكون بلا جدوى ، و لكني في المقابل أسعى بكل جهدي للتواصل مع عقليات مفكرة نشطة تنتمي لهذا العالم الحي النابض ، إنني بالأساس مستهلك للفكر الإنساني الخلاق أكثر من أن أكون منتجا له ، وكم يسعدني أن أصادف أحيانا إنسانا متميزا ، فكل الحوارات لن تعادل إقترابا من عقل مفكر أصيل ، لأنه بالطبيعة نادر دائما و لأنه كذلك فغالبا لو صادفناه لن نتبينه أبدا إلا أن يكون ذلك بشكل عرضي .

لي رأي في تلك المسـألة ..
تعبير "مثقف" أصلا لا أعتقد أنه له المعنى السائد ..
أصل كلمة ثقافة تعني طريقة الوعي ..
لذلك فإن كل الناس لديهم طرق مختلفة من الوعي و بالتالي ثقافات متعددة ..
ممكن ان نقول أكثر من ست آلاف مليون ثقافة و مثقف ..
الثقافة هي طرق المعالجة مع المسائل الحياتية و هي الموقف من كل منحى من مناحي الحياة ..
لذلك فإن كل إنسان لديه ثقافة ما ..
و هكذا فمن الممكن أن نقول أن ثقافة العنف متفشية في المنطقة ..
أو ثقافة التطنيش أو ثقافة الفهلوة ..

و هكذا لا يكون المثقف هو الشخص الساكن في برج عاجي يعرف و يفهم ما لا يفهمه الناس ..
لا أعتبر هذا صحيحا ..
الإختلاف يكون في درجة الوعي ..
إذا كان المرء ناضجا و أكثر وعيا يجتهد في ثقل و تدعيم ثقافته بالتعرف على أفكار جديدة و مواقف جديدة و الإلمام بمعارف أكثر.
هذا الشخص الأكثر وعيا عليه أن يكون مطلعا على الأحداث السياسية و الإقتصادية الجارية بالإضافة إلي قدر عالي من التذوق الفني ..
يعني إذا كان هذا المثقف لا يستطيع تذوق فنون مثل الأوبرا أو البالية فهو ليس ملزما بمتابعتها المهم أن يكون موقفا تجاهها.
بإختصار المثقف الأكثر وعيا هو الذي رأي و موقف.
هذا عن الثقافة ..

أما عن اللغة فأنا أعتقد أن اللغة مهمتها الأساسية أن تكون مفهومة و معبرة ..
هذا هو المعنى من اللغة ..
طبعا اللغة هي تعبير عن صاحبها و أفكاره و لكن بقصد أن يكون مفهوما.
إلمام المرء بالإلفاظ هو شئ جيد لأنه ذخيرة للتعبير عن معاني متعددة ..
فلا يعجز عن قول ما يريده بالتحديد ..
يعني إذا لم يكن هناك مفر من أن يستخدم المرء لفظ غير دارج أو غير شائع لأنه يصر على تأكيد معنى معين لا يكون دارج أو شائع فلا مفر من ذلك .
أما مراكمة تعبيرات و ألفاظ غير دارجة للتعابير عن معاني من الممكن إستخدام ألفاظ أكثر شيوعا للتعبير عنها فهو ما أعتبره تكلف لا لزوم له.
الأفضل أن يكون الكلام زي بيضة مقشرة .. أفكار محددة و لغة مفهومة و دارجة, يعني في متناول اليد و سهلة للإستيعاب و الهضم.
بحيث أن تجد من يقتنيها فإذا كان المحتوى دسم لا تكون المشكلة هي طريقة العرض.

أنا أحترمك يا بهجت جدا و تعجبني أفكارك جدا و طرق معالجتك للكثير من المسائل المتداولة في النادي و لكني ألومك لأنك لست مهتما بتسويق أفكارك بقدر ما أنت مهتم بصنع سور و خصوصية لك ..
أساسا المثقف أو أي إنسان عموما يتأثر و يؤثر ..
يعني كل الموضوعات التي تطرحها ليست مشاكل شخصية خاصة بك و لا حتى هي مشاكل الإنسان الفرد بوجه عام ..
كل كلامك هو عن المجتمع , تطرح مشاكل و تقدم حلول ..
حلولك تلك يجب ان تصل إلي الناس و و يجب أن يقبلوا عليها.
هناك غوغاء آخرين يقومون بالتسويق لأفكار ضارة و مؤذية جدا و لا يلقون أي منافسة ..
لا يمكن أن يكون كل همك هو التنظير الجيد و لا شأن لك بالتطبيق ..
ده إسمه تكبير دماغ ..
أنا أتصور أنه كلما كان المنتج جيدا (سواء إن كان مادي او ثقافي) فإن التسويق يكون مهما ..
لأن هناك منتجات زبالة الزبالة من الآخر .. و لكنها تصل إلي مستهلكين أكثر لأنها تسوق جيدا.
يعني بقدر ما أنت مثقف واعي فإن مهمتك و مسئوليتك أن تقوم بتسويق أفكارك, لا تكتفي بأسواق محدودة مثل القعدات الثقافية و خلافه ..
مادام لديك أفكار تنويرية جيدة و لغة خطابية رشيقة .. منتج ثقافي من الآخر فإن مهمتك و مسئوليتك أن تنشر منتجك لو كان لديك القدرة المالية أو معارف مهتمين بتمويل مثل تلك النوعية من الثقافة.

أما أن يترفع كل مثقف واعي عن الخوض في منافسة مع مثقفي بير السلم فهذا إستسهال و تكبير دماغ ..

محبتي .. :97:

الزملاء الأعزاء (f)

أعتقد أن كل الطرق تؤدي إلى روما.
و كل مجهود يتكامل مع الآخر. فبدون تنظير لن يوجد فكر يتفاعل مع المجتمعات. و بدون هذا الفكر النشط (المثقف النشط) لن يكون للتنظير فائدة.

و الأمر مرجعه هاهنا للطبيعة الشخصية. و أفضل الطرق التي يمكن للفرد أن يتفاعل بها مع المجتمع.

و أتذكر في هذا الصدد مداخلة جميلة للدكتور / بهجت صنف فيها تلك الطبائع لقسمين - يميل الأول منها لشكل المونولوج و الآخر للتفاعل و المناقشة (أفلاطوني).

و بصفة شخصية فأنا لا أجد في نفسي القدرة على الجدل. و أؤمن بأن الجدل ليس جدل أشخاص بل أفكار. فليس مهما أن تتم مناقشات فردية - فمجرد طرح وجهة نظر ما - يتم الجدل و التفاعل معها من مختلف أطياف القراء في عقولهم - سواء بالرفض أو الإيجاب أو في منطقة وسطى.

و قدرتي التفاعلية لا تقع إلا في حدود التفاعل مع نوع محدد من الشخصيات التي تتسم يسعة الأفق و الصدر - و ليس شرطا طبيعة إنتماءاتها الفكرية - و إن كان أغلبها ينتمي للفكر الليبرالي. فأنا أفتقد سعة صدر د. بهجت مثلا و مثابرته - كما قد لا أمتلك شجاعة و صراحة neutral.

بالمناسبة يا neutral ألا تفتقد العزيز السلاموني.. :D

عزيزي بيوتفل مايند .:97:
أسعدني تعليقك .
ربما كانت مداخلتي تحتاج لبعض الإستطراد .
1- الموضوع هو الذي يفرض لغته بشكل طبيعي ، و أتفق معك حول ضرورة الإقتصاد في اللغة ،و تفادي التعبيرات الإصطلاحية قدر الإمكان ، دون تخطي حد الإسفاف .
2- كل منا يلعب أدوارا مخلتفة في أنساق حوارية مختلفة أيضا ، فعندما نتحدث في السياسة مثلآ فنحن لا نمارسها كمثقفين و لكن وفقا لمصالحنا كما نراها محكومين بإنتمائتنا الوطنية و الطبقية ،و بالتالي يقتصر دورنا على الإختيار بين البدائل العملية المتاحة ، في هذه الحالة لابد أن تكون لغة الحوار مفهومة من الكافة ، هذه القضية الواضحة ليست واضحة كما نعتقد ، فمفكر كبير بحجم سارتر فشل تماما في التعامل مع هذه البداهة ،و لهذا فشل أيضا أن يكون سياسيا ، لأنه مارس السياسة كفيلسوف وجودي .
3- من هذه الأدوار أيضا دور المحرض التنويري ، وهي رسالة نتشارك جميعا في القيام بها كل بقدر طاقته و بالوسائل المتاحة له ، و كثيرا ما أستعير التعبير الفقهي و أقول أن التنوير هو فرض عين على كل مستنير ، و شخصيا لم أتوقف عن بذل جهدي في هذا المجال ، يحدوني دائما حكمة تقول :" أنه ليس هناك أمل يمكن استكباره ولا عمل يمكن استصغاره ،و لعلك لا تعلم أني شاركت وعلى فترات ربما في تسع أو عشر منتديات مختلفة لا لسبب سوى لترويج الفكر التنويري العلماني ، إني أفعل ذلك مدفوعا بيقين أن الأصولية هي الخطر الرئيس الذي يتهدد وطني .
4- في جانب آخر لنا الحق أحيانا أن نتفلسف قليلا ،و أن نشعر بلذة الإكتشافات العقلية ،و أن نعيد إكتشاف العالم بعقول الرجال المتميزين الذين أبهروا العالم و صنعوا ضميره ، و أن نتفاعل مع تلك العقليات ،و أن نضع أنفسنا في مسار حركة الأفكار مقدمين إنتمائنا الإنساني فوق كل إنتماء آخر ، إن الفكر كالشعر و الفنون الراقية ، علينا أن نتعب في البداية قبل أن تنفتح أمامنا عوالمها السحرية ،وبالتالي فسيكون هدفنا ليس التواصل مع الآخرين بل مع الأفكار كعالم مستقل .
5- يبقى أنه قد استقر في عقلي أهمية توجيه الجهد في مجالات دون غيرها ،وهو ما يمكن أن نطلق عليه تركيز الجهود وهو مبدأ هام في الحياة و ليس في الحوارات الفكرية فقط .
6- خلال خبرة طويلة في الحوارات الفكرية أصبحت موقنا أن لا يمكن إجراء حوار مجدي بدون الإشتراك في مجموعة من الإفتراضات الأساسية ، غير ذلك فهو عبث و سيتحول الحوار إلى شجار و تصادمات ستزيد الهوة بين المتحاورين ولن تجسرها ،و طبعا حديثي عن حوار حقيقي و ليس تبادل الكلام السطحي و المجاملات ، لهذا أحجم الآن عن التحاور مع الأصوليين – و ليس المتدينيين المعتدلين – فالأصولي ينتمي إلى عالم إفتراضي لن يمكن أبدا التواصل معه .
هذا لا يعني نوعا من الترفع او التعالي ، فكثير من الأصوليين على قدر عال من الذكاء و المقدرة اللغوية ،و لكن لعدم جدوى الحوار ، فلا يمكن لأحد ان يتحاور مع إنسان يحرض على اغتياله ، تحت ستار ان عقيدته الدينية تفرض عليه الجريمة ،و ان الله لن يدخل جنته سوى المجرمين القتلة و المحرضين على الجريمة كأضعف الإيمان !.

العامية اساسا نشأت لتوصيل المعاني الحياتية البسيطة وهي بالفعل لا تستطيع الا توصيل عدد محدود من المعاني ، ومن يشرح بها يضطر للجوء للفصحي ، وقد لا يجد اللفظة في الفصحي فيضطر للجوء للغة اجنبية.

ولكي لا يكون كلامي مرسلا هاهي مداخلة نيوترال باحد المواضيع حيث يحاول توصيل فكرة العبثية الكونية بلغة عامية ، لونت الكلمات الغير عامية سواء فصحي او اجنبي بالاحمر:

Arrayالإنسان ياأخ ليلين متوهم إنه شئ مهم جدا وإنه محور هذا العالم والكون بيدور حوله - في حين أن كل هذا غير صحيح وأن الإنسان هو جزء بسيط وتافه من هذا العالم- ونتيجة لعملية تضخيم الذات أصبح عقله لايستوعب الحوادث العشوائية ويحاول أن يضعها في نظام يستطيع عقله وذاته المتضخمة التعامل معها.

عندك عم بهايم زيي مثلا, كل تفكيري يدور حوالين نفسي ومستقبلي وحياتي في حين إنه ممكن في ثانية واحدة يتغير كل شئ وعربية نقل بمقطورة تركب فوقي وتلزقني علي الأسفلت زي نظام أفلام الكرتون وطبعا فكرة الحوادث العشوائية كتلك بتبقي مرعبة للإنسان وبتطعنه في كبرياؤه وذاته المتضخمة فيلجأ لحيلة عقلية يقوم بمقتضاها بإرجاع تلك الحوادث لسبب خفي لايعلموه أطلقوا عليه إسم الله!! ولكنه في النهاية سبب والسلام وليس أمر عشوائي لاسيطرة لأحد عليه.

أحد أعراض العشوائية التي تحكم الكون هي مسألة العيوب الخلقية لأن الإله نسي أن يضعstandards لمنتجه المفضل وفاشل في مسألة مراقبة الجودة ولايجيد خدمة مابعد البيع! كما أنه وحتي لو كان المنتج مقبولا وصالح للإستخدام فهو وفي صورته المثلي ليس في أحسن تقويم كما يدعون وبه عيوب ونقائص كثيرة مثل عدم قدرته علي الطيران وعدم قدرته علي تحمل درجات الحرارة المتطرفة ولايستطيع رؤية أطياف ضوئية معينة ولايستطيع سماع ذبذبات صوتية خارج تردد معين وحاسة الشم لديه محدودة ولايستطيع الإستغناء عن الأوكسجين والقيام بعملية التنفس اللاهوائي ولايستطيع القيام بعملية البناء الضوئي!

تخيل مثلا ياعم ليلين إن وإحنا قاعدين ممكن astroid يصطدم بكوكب الأرض وينهي الحياة علي سطحه نهائيا وهذا ليس فيلم خيال علمي ولكن خطر حقيقي يحاولون رصده ودراسته وإكتشاف وسائل لتلافيه!

منظر التسونامي وهو داخل علي الناس بيفكرني بمنظر طابور النمل وهو خارج منتصر من علبة السكر ومحمل بالغنائم والأسلاب أقوم أنا من غيظي وفي تصرف سادي بسكب ماء مغلي عليهم وإهلاكهم عن بكرة أبيهم تأسيا بإله العهد القديم عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام.

موضوع التسونامي والأشياء المماثلة له يدل علي العشوائية التي تحكم العالم وليس كما يقول المغفلون بأنه عقاب إلهي أو المغفلون الأخرون الذين تدفعهم تلك الحوادث للتساؤل عن الحكمة من وجود الشر في هذا العالم! فلو كان الأمر عقابا علي الشر فلماذا جنوب شرق أسيا وليس سان فرانسيسكو!

الكون تحكمه العشوائية المطلقة وعلي الهومو سابين أن يتقبلوا تلك الحقيقة وأن يتكرموا بالنزول من أبراجهم العاجية وتجرع كأس السم Khomini style.[/quote]

حاولت ان استبدل تلك المفردات بكلمات عامية فلم استطيع ، ببساطة لان العامية لم تنشأ لمناقشة تلك الموضوعات او لايوجد ادبيات حوارية لمثل هذه المواضيع بالعامية.

ببساطة اذا قلت المداخلة اعلاه بالصوت لاحدهم فسيسأل عن معان الكلمات الفصحي وستضطر لشرحها له يعني ترجمة من لغة للغه...

تحية

إننا نفقد الفصحى دون أن يكون لدينا بديلا

الأخ طنطاوي .
كلامك صحيح .:thumbup:
مشكلة اللغة تكاد تكون مشكلة مصرية بامتياز ، فرغم أن المصريين لا يجيدون لغة أجنبية بديلة كما يفعل المغاربة بالفرنسية ، إلا أننا نصر على السخرية من لغتنا الوحيدة و لا نجيدها ، فالعامية ليست لغة و لكنها لهجات متعددة سائدة في مناطق مختلفة في مصر ،و بعضها غير مفهوم للآخرين ، مشكلة اللغة أنها ليست فقط أداة للتعبير و لكن لأنها أساسا أداة التفكير ، نحن نبني معارفنا بالكلمات و الجمل ،و اللغة العامية المتهلهلة الفضفاضة ستخلق معارفا سطحية لا منطقية ، إننا نفقد الفصحى دون أن يكون لدينا بديلا ،و بهذا سيأتي يوما نكون شعبا بلا لغة مثل حيوانات الغابة ، لست متطلبا ولا أنتظر متنبيا في كل من أقابل ، فحتى بريطانيا لا تملك سوى شيكسبير واحد ، فقط أتوقع بضع كلمات متماسكة تعبر عن فكر واضح و سنوات طوال من تعلم اللغة ، لست أدري لماذا ننشن على الأخطاء و الكوارث ، فهناك محاولات بلهاء لإستخدام العامية كلغة خطاب عام كما تفعل قناة أو تي في و هناك محاولات أكثر بلاهة لإحياء اللغة القبطية ، و المتعلم المصري يتعثر في قراءة بضع كلمات محدودات ،و حتى الرؤساء و الوزراء تتساقط الكلمات من أفواههم بلا سيطرة من الشفاة !.
من يتحدث عن تشعب اللاتينية إلى لغات غربية معاصرة ، عليه أيضا أن يتذكر تجربة نقيضة وهي تجاوز اللهجات الألمانية لصالح لغة ألمانية واحدة راقية ، ليس لدينا الزمن كي نطور لغة عامية غاية في البدائية ، فالوقت يداهمنا و الحضارة لن تنتظرنا ونحن نتسكع في دهاليز التاريخ ، هناك من يخاف أن العربية هي وعاء الأصولية غافلآ أن العقل المتحجر المذعور منخفض الثقافة هو وعاء الأصولية ، العربية هي وعاء كل الإنجازات الفكرية للعرب خلال قرون طوال ،و فيها سكبنا أفضل جهودنا لترجمة أروع ما فكر الإنسان و شدى به ، حتى الذي لا يطيق القومية العربية عليه ألا ينكر رابطة العروبة الثقافية و الوجدانية ، إني على ثقة أن إرتباط المصريين بالعرب يعود عليهم بالفائدة ليس المادية فقط بل أساسا الثقافية ، فثقافة العرب السائدة – بإستثناء فضيحة الوهابية - أرقى من ثقافة المصريين و أكثر عقلانية .
لا نتحدث بالقطع عن لغة تراثية حافلة بمتردافات الإبل و تشبيهات الجاهليين ووحشي القول ،و لكننا نتحدث عن لغة عربية سليمة نطورها و نبسطها سويا بإحكام ، عن مفردات جميلة تحاكي لغة نزار و جبران و طه حسين ، لن يتقدم المصري طالما يقول لك عندما تحدثه بلغته القومية : " كلمني عربي وحياة أبوك " و كأنما العربية لغة أجنبية في أذن المصري الذي يعتقد أن اللغة العربية هي فقط لهجته البائسة .

Arrayفثقافة العرب السائدة – [....] - أرقى من ثقافة المصريين و أكثر عقلانية . [/quote]

عذرا استاذ بهجت للوقوف على هذه الجملة لكني لم أفهمها جيدا ، هل أطمع في توضيحها ؟

Array
عذرا استاذ بهجت للوقوف على هذه الجملة لكني لم أفهمها جيدا ، هل أطمع في توضيحها ؟
[/quote]

سبقتني يا عامر

Array
عذرا استاذ بهجت للوقوف على هذه الجملة لكني لم أفهمها جيدا ، هل أطمع في توضيحها ؟
[/quote]

يا صديقي
أرجوا ألا أكون قد أزعجت أحدا بتلك الملاحظة ، رغم أني أراها صائبة بالفعل .
الثقافة العربية المعاصرة بأكملها يمكن أن نصنفها كنموذج لثقافة الفقر ، مثل تلك الثقافة تجد ملامحها في كتابات بعض المفكرين من نوعية عالم الإنثروبولجيا الأمريكي أوسكار لويس الذي ألقى الضوء على تلك الثقافات منذ ثلاثينيات القرن الماضي ، هي ثقافة تنتجها و تستهلكها الطبقة العربية الوسطى المحاصرة في المدن و المرهقة بفعل الطغيان و الأصوليات الدينية و القومية ، تلك الطبقة تكافح بصعوبة كي لا تسقط في نوعية الحياة البائسة للبروليتاريا الفقيرة .
رغما عن المؤشرات السلبية للثقافة العربية فالثقافة في مصر متدنية حتى بالمقياس العربي هذا التدني هو كمي يمكن قياسه و لكن المحنة الأكبر أنه تدني نوعي أيضا ، إن مصر قد توقفت عن إنتاج الثقافة أو المثقفين الجديرين بتلك التسمية منذ 30 عام تقريبا ، و ما هو موجود في الساحة بقايا جيل يحتضر ، لو بحثنا عن أسماء تستحق الذكر فلن تجد أحدا دون سن الستين !، رغم أن مصر كانت تزخر في الستينات بحشد من المثقفين الشبان يملأ عين الشمس و القمر أيضا ، منذ ذلك الوقت لم تعد مصر تنتج سوى حشود متشابهة بلا إبداع ولا شخصية كأنهم فرد واحد ، لا تعرف من الثقافة غير إجترار المحفوظات الأصولية ،ولا تجيد من فنون الحوار سوى الخطاب التعبوي و التحريضي و التخويني كصبية المدارس ،.
حتى الثقافة الأصولية في مصر فهي غاية في الضحالة ،ولا تخرج عن غيبيات ليست من صميم الفقه الإسلامي بل تنحصر في الخرافات و الروايات الشعبية ، إن الفهلوة ( النصب و التحايل ) و عدم الجدية و السطحية تحرق أجيالا بأكملها ، فمن سيحترم أميا لا يجيد لغته حتى لو حمل شهادة جامعية ، ومن سيفكر ل70 أو 80 مليون لا يفكرون لأنفسهم ؟.
من يشاهد الشباب المصري وهو يتحدث و يتحاور في البرامج التلفزيونية كحالة حوار مثلآ لابد ان يصاب بالإحباط بل و الهلع ، خاصة لو قارناهم بنظرائهم من الشعوب العربية القريبة ، فهل هؤلاء سيقودون شعبهم بعد 20-30 سنة ؟. طبقا للمعايير السائدة بين المصريين حاليا فالتفاهة هي أم الفضائل ، و أعرف شبابا يخافون أن يعرف عنهم إهتماما بالثقافة لهذا يتحدث كالأبله ، و أكثر ما يتباهى به الشاب المصري أنه تافه ( روش طحن ) .
بينما يجد الشباب في العالم العربي حوله و ينحت في الصخر .

Array


أرجوا ألا أكون قد أزعجت أحدا بتلك الملاحظة ، رغم أني أراها صائبة بالفعل .
الثقافة العربية المعاصرة بأكملها يمكن أن نصنفها كنموذج لثقافة الفقر ، مثل تلك الثقافة تجد ملامحها في كتابات بعض المفكرين من نوعية عالم الإنثروبولجيا الأمريكي أوسكار لويس الذي ألقى الضوء على تلك الثقافات منذ ثلاثينيات القرن الماضي ، هي ثقافة تنتجها و تستهلكها الطبقة العربية الوسطى المحاصرة في المدن و المرهقة بفعل الطغيان و الأصوليات الدينية و القومية ، تلك الطبقة تكافح بصعوبة كي لا تسقط في نوعية الحياة البائسة للبروليتاريا الفقيرة .
رغما عن المؤشرات السلبية للثقافة العربية فالثقافة في مصر متدنية حتى بالمقياس العربي هذا التدني هو كمي يمكن قياسه و لكن المحنة الأكبر أنه تدني نوعي أيضا ، إن مصر قد توقفت عن إنتاج الثقافة أو المثقفين الجديرين بتلك التسمية منذ 30 عام تقريبا ، و ما هو موجود في الساحة بقايا جيل يحتضر ، لو بحثنا عن أسماء تستحق الذكر فلن تجد أحدا دون سن الستين ! ، رغم أن مصر كانت تزخر في الستينات بحشد من المثقفين الشبان يملأ عين الشمس و القمر أيضا ، منذ ذلك الوقت لم تعد مصر تنتج سوى حشود متشابهة بلا إبداع ولا شخصية كأنهم فرد واحد ، لا تعرف من الثقافة غير إجترار المحفوظات الأصولية ،ولا تجيد من فنون الحوار سوى الخطاب التعبوي و التحريضي و التخويني كصبية المدارس ،.
حتى الثقافة الأصولية في مصر فهي غاية في الضحالة ،ولا تخرج عن غيبيات ليست من صميم الفقه الإسلامي بل تنحصر في الخرافات و الروايات الشعبية ، إن الفهلوة ( النصب و التحايل ) و عدم الجدية و السطحية تحرق أجيالا بأكملها ، فمن سيحترم أميا لا يجيد لغته حتى لو حمل شهادة جامعية ، ومن سيفكر ل70 أو 80 مليون لا يفكرون لأنفسهم ؟.
من يشاهد الشباب المصري وهو يتحدث و يتحاور في البرامج التلفزيونية كحالة حوار مثلآ لابد ان يصاب بالإحباط بل و الهلع ، خاصة لو قارناهم بنظرائهم من الشعوب العربية القريبة ، فهل هؤلاء سيقودون شعبهم بعد 20-30 سنة ؟. طبقا للمعايير السائدة بين المصريين حاليا فالتفاهة هي أم الفضائل ، و أعرف شبابا يخافون أن يعرف عنهم إهتماما بالثقافة لهذا يتحدث كالأبله ، و أكثر ما يتباهى به الشاب المصري أنه تافه ( روش طحن ) .
بينما يجد الشباب في العالم العربي حوله و ينحت في الصخر .
[/quote]

في الواقع ان هذا العمر قياسا بادوات الثقافة الجديدة تعني ان الكاتب سيصادم الجدران اذا ظل يصر على تصور ان الكتابة وحدها شيء رائد كالسابق من الحقب ، فالكتابة اصبحت اداة من ادوات الجهاز العملاق " التلفزيون " لكن هذا الجيل في لاوعيه لايريد ان يقتنع وترعبه هذه الحقيقة لذا نجد من يؤثر بالثقافة هم من تآلفوا مع التلفزيون ومع ادواته واستوعبوا ادواته ، فكل اشكال الثقافة تحولت لادوات يحكمها التلفزيون وحده وهو من يقرر أثرها ودورها .

مثال من مصر : التلفزيون هو من عرّف العالم بنجيب محفوظ وليست مجرد رواياته عن احياء القاهرة والعمدة والجدعان .