حزب الله وحقيقة الولاء
حزب الله وحقيقة الولاء
حزب الله وحقيقة الولاء, سؤال يُطرح بين المرء وذاته, ويطرحه الناس في اجتماعاتهم, والسياسيون في نواديهم وتتعدد الآراء وتتشعب, ويسمع المرء الرأي ونقيضه, ويضيع الكثيرون في خضم محيط ليس له آخر, ويخرج البعض بنتيجة تبدو غربية للوهلة الأولى, فإذا وضعت على المحك ظهرت قابلة للدراسة والتحليل والوقوف أمامها فعلاً بتمحيص عميق.ترى لمن ينتمي حزب الله ولماذا?
إذا سمعت أقطاب الحزب جاءك الجواب بسرعة البرق:ولمن ننتمي نحن?نحن لبنانيون وانتماؤنا لبلدنا ونعمل لأن يكون هذا البلد قوياً لئلا يأكله الأقوياء, ويدلون بثوابت يتمسكون بها منها أن سلاحهم لم يوجه إلى الداخل, وإنما هو سلاح ضد إسرائيل, أو أي عدو كإسرائيل بنظرهم!, ولنا ستراتيجية واضحة ومخفية..
ويضطر اللبناني أن يقف طويلاً أمام هذا الكلام, ويقارنه بالأعمال, وجزى الله الحزبيين خيراً فهم يحركون فينا عقولنا ويدعونا نفكر ونقلب أفكارنا لعلنا نصل إلى نقاط نقتنع بها. الولاء:هو النقطة الأساس التي لابد من بحثها بدقة فما معنى الولاء: الولاء يعني الاقتناع بفكر أو شخص أو جهة ومن ثم السير على طريق هذا الذي تم الاقتناع به والقبول به وطاعة الداعي إليه, والاستماع لأقواله وأمره, وقد يصل الولاء في كثير من الأحيان إلى الطاعة العمياء كما هو حال ولاء حزب الله لنظام ولاية الفقيه في إيران. و ولاء حزب الله متنوع يمكن دراسته ضمن عناوين عريضة هي:
- الولاء الديني: والدين يتفرع إلى أمور كثيرة وشُعَب يجب الوقوف عندها كلها ودراستها وعندها يمكن تحديد الولاء, وبدون ذلك يكون الجواب سريعاً, ومن النادر أن يكون السريع عميقاً.. وبعد مراجعة ولاء حزب الله الديني والفرع الفقهي منه نجد أن المرجع الفقهي للحزب هو السيد علي الخامنئي, إليه يرجعون في كل كبيرة وصغيرة وبرأيه الفقهي يأخذون, وعلى نهجه يسيرون, ونختصر ولاء الحزب الديني بأنه ولاءٌ للسيد علي الخامنئي في إيران.
- الولاء السياسي: ولاء الحزب سياسياً يحدده الحزب نفسه ويجيب من يسأله عن ذلك بوضوح وجلاء:أنه موالٍ لإيران. أما لمن في إيران:الحزب يؤمن بنظام ولاية الفقيه ويتمسك بها.والأمين العام لحزب الله السيد نصرالله هو الممثل العام لولي الفقيه في لبنان وبالتالي فإن جميع كوادر حزب الله وأفراده يوالون الأمين العام للحزب باعتباره ممثل ولي الفقيه وتجب طاعته, ومن هنا فإن ولاء الحزب كله بما فيه أمينه العام لولي الفقيه في إيران, وبالتالي يوالي نظام الملالي في إيران, ولايمكن أن يكون له ولاء إلا هذا الولاء..
ومن هنا إما أن يكون في قولهم بأن ولاءهم للبنان كلام لامعنى له, وإما أن يكون ولاؤهم لإيران لامعنى له, والواضح الجلي أن ولاءهم لإيران لا للبنان.. وبالتالي فإن سياسة حزب الله قائمة على أساس ضمان ورعاية مصالح نظام ولاية الفقيه في إيران.
3- الولاء الجهادي: أما الولاء الجهادي- العسكري والأمني- فيصب في نفس الاتجاه الذي تحدثنا عنه في الولاء الديني والولاء السياسي, وولاء الحزب أيضاً لإيران وبشكل حصري لولي الفقيه السيد علي الخامنئي يأتمر بأمره ولايخالف له رأياً, فإذا أمر الحزب بالحرب حارب الحزب, وإذا لم يأمر فإنه لايحارب, وبالتالي قرار السلم والحرب للحزب في لبنان ليس بيده بل بيد نظام ولاية الفقيه في إيران.
ومن هنا فإن الحزب يوم اختطف الجنود الإسرائيليين فأقام الدنيا ولم يقعدها إنما فعل ذلك بأمر ولي الفقيه ومن أجل نظام ولاية الفقيه, وإذا عرفنا أن هذه الترسانة الكبيرة من الأسلحة, وهذه الأموال المتدفقة إيرانية بامتياز فإن المعركة التي جرت على لبنان الخراب والدمار إنما هي حرب إيرانية استباقية لمصلحة النظام الإيراني. وهذه نقطة الانطلاق لمن يخالف الحزب بمفاهيمه وتوجهاته وسياسته ومغامراته. وذلك يحتاج إلى نقاش طويل وحوارٍ يحتاج إلى مجلدات. كان الله في عون لبنان وخلصه من المحن, وأعطى أبناءه الصبر وخلصهم من الويلات التي لايدرون من أين تأتيهم.
من هذا المنطلق يظهر الخلاف كبيراً بين الحزب الموالي لإيران, ولولي الفقيه فيها, وبين اللبنانيين العرب الذين يريدون لأبناء هذا الوطن العربي الذي ناضل طويلاً للحصول على حريته وحرية بلده واستقلالها بعيداً عن التبعية, لاسيما وقد لقي اللبنانيون الأمرَّين من الولاء لأقرب الأقرباء.. لذا نقول: إن سيطرة نظام ولاية الفقيه الإيراني على لبنان أصبحت تأتينا رياحها من جهتين لا جهة واحدة جهة الدولة المرتبطة بالنظام الملالي الإيراني ولها مع لبنان أكبر الحدود وأطولها ولها طموحات بلبنان أضحت بعد خروجها لا تخفيه, وتظهره في كلام يقوله كل مسؤول من أكبرهم حتى أصغرهم.
ومن ناحية ثانية من الحزب الذي ارتبط بالنظام الملالي الإيراني ارتباطاً ستراتيجياً ودينيا وسياسياً وثقافياً ومالياً وجهادياً, فأضحت تصوراته للأمور مخالفة لتصورات اللبنانيين والعرب, وآراؤه نقيض آرائهم, وسياسته نقيض سياستهم, ولم يكتف الحزب المنادي بلبنانيته معمِّياً على اللبنانيين الخطوات التي يخطوها, ولو أردنا أن نضع مغامرة يوليو أمام رأي اللبنانيين الذين ينتمي إليهم الحزب الذي يأتمر بأمر ولي الفقيه الإيراني, والذي يرى حرب يوليو مقدسة وإلهية ويراها اللبنانيون حرب »الغير« على أرض لبنان وهي خاسرة يظهر التباين والتباعد الشاسع بين الحزب واللبنانيين ويمضي الانتماء الحزبي إلى لبنان الوطن العربي أدراج الرياح, ويبقى الحزب وحروبه المقدسة في نظره ونظر من ينتمي إليهم أبعد عن لبنان واللبنانيين وميزانهم وحساباتهم من بعد السماء عن الأرض.
اللبنانيون مع كل لبناني منتمِ إلى لبنان والعرب والحزب في أوائل من يتمسك اللبنانيون بهم ولكن لابد من حسابات الربح والخسارة.فليحزم الحزب أمره وليفكر ملياً واضعاً نصب عينيه وطنه وبلده وحقه عليه, وليضع يده بيد أبناء الوطن عاملاً معهم ليرفعوا وطنهم قوياً شامخاً بين الأمم والشعوب, وليذكر دائماً أن الله مع الجماعة, وأن الذئب يأكل من القطيع النعجة المبتعدة عنه.
السيد محمد عليّ الحسيني / السياسة الكويتية
:Asmurf:
|