{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الحاج نور محمد تناكا إيبيه: رائد الدراسات الإسلامية في اليابان
سيناتور غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,957
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #1
الحاج نور محمد تناكا إيبيه: رائد الدراسات الإسلامية في اليابان

الحاج نور محمد تناكا إيبيه: رائد الدراسات الإسلامية في اليابان
نور الدين موري

مدخل

يعود الفضل في وعي تناكا إبيه بالإسلام ورسالته، إلى تجربته المعرفية الخاصة التي عاشها في في الصين بالذات، وبصورة خاصة من خلال مطالعته لمؤلفات العالم الصيني المسلم ريوكايكو ( وينطق الاسم أيضا ليوتشيه)* المكتوبة باللغة الصينية، حيث شكل كتاب السيرة النبوية بصورة خاصة لهذا العالم الجليل، أهم مصدر لمعارفه عن الإسلام والذي قاده للتعرف على شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى سيرته النبيلة، و أن يقف على هذا المثال الرائع في الحياة، وعلى الطريقة التي كان قد قاد بها البشر نحو أنوار الله والإيمان به .

كان يطغى على تناكا الشعور بالعطش الروحاني طيلة حياته قبل سن الأربعين، والذي كان يدفعه للبحث عن الحقيقة طول الوقت، لكنه لم يقتنع بشيء. ومثل هذا العطش الروحاني لم يكن قاصرا على شخص تناكا فقط، بل كانت اليابان كلها تعاني منه أيضا، إن لم يكن العالم أجمع .. ولإطفاء هذا العطش اعتنق تناكا الإسلام.

على أن قرار تناكا بدخول الدين الأسلامي ، لم يكن يعود إلى المعرفة التي نالها، بل كما اعتاد دائما أن يقول : " إذا أردت حقا أن أمضي على الطريق الصحيح ، فيجب أن أتبع الإمام المعلم، وهذا يعني الإيمان بالدين الصحيح ، وهذا لا يتحقق إلا من خلال اتباع جميع تعاليم المعلم، كما يجب على الناس أن يتكون لديهم شعور بالإحساس بقبول الدين ، ويجب أن يكون لديهم شعور قوي تجاه تعاليم المعلم ." لقد كان لدى تناكا معرفة كافية وكان لديه شعور ديني وإنجذاب قوي تجاه الدين، منذ أن كان فتى صغيرا، ثم شاء القدر الإلهي أن يكون له معلم، وشيخ ، وهو الإمام " سو هو رين " وقد ذكر تناكا نفسه بأن قلب هذا الرجل كان مفتوحا على أفق الإسلام.

هكذا، في يوم 11 يناير 1938م الموافق لعام 13 تايشو وفي مسجد " نان داي جي " في مدينة ساينان بمحافظة سانتون شو الصينية أعلن تناكا الإسلام على يد الإمام سو هو رين، وكان تناكا آنذاك في الثالثة والأربعين من عمره، وكان التحول إلى الإسلام بالنسبة لتناكا إيمانا حقيقيا بالدين الإسلامي، وكان ثمرة للبحث عن الحقيقة، ويتضح هذا من سلوك تناكا بعد دخوله في الإسلام. لقد طبق تناكا تعاليم الإسلام، وأدى فرائضه كاملة فأعلن الشهادة أمام الجميع، وكان يواظب على الصلاة ويؤدي الزكاة ويتصدق ، ويصوم رمضان، كما أنه أدى فريضة الحج، وبينما كان يؤدي فريضة تلو الأخرى، كان يشعر بأن عقله وروحه يتطهران، وكان يشعر بالتقوى تعمر فؤاده.

أدرك تناكا – كما ذكر – أن الصلاة في الإسلام هي أكمل أشكال الصلاة، وكان دائما يؤمن بأنه إذا صلى الصلوات كاملة وبطريقة صحيحة، فإنه بلا شك ينال الثواب من الله، وهكذا كان تناكا يركز كثيرا على الصلاة، وشعر بأنه في كل مرة يصلي يشعر بأنه يقترب أكثر وأكثر من ربه . ومن خلال الزكاة والصدقة كان يشعر بمشاعر الأخوة، وبمشاعر الحب التي تجمع بين البشر، ورغم صعوبة الصوم مع أداء فريضة الحج إلا أنه وجد في أداء هذين الفرضين سعادة غامرة ومتعة ما بعدها متعة، ورقيا لمشاعر التقوى بداخله .

وكان تناكا يعتقد أن طريقة الإسلام وطريقة الشنتو في الاقتراب من الخالق متشابهتان، لهذا كان يفكر في أن التعرف على الله من خلال الإسلام والشنتو معا أمر ممكن، وأن الإنسان الذي يعتقد في الشنتوية، يمكنه أن يؤمن بالإسلام ويعيش مسلما من خلال إيمانه بالله بالمفهوم الإسلامي على أن يؤدي فرائض الإسلام ويلتزم بتعاليمه، وشعر تناكا بأن الشنتو والإسلام لهما نفس الروح، وكان يحاول الوصول إلى إمكانية لتوحيد هذه التعاليم الموجودة في الشنتو والإسلام، وكان تناكا يفكر بأن الله في الإسلام وأن "أماميه نو ميناكا نوشي نو كامي " في الشنتو هما نفس الشيء، يحملان مفهوم الإله الواحد الخالق، وأن " أماميه نو ميناكا نوشي نو كامي " غير معروف : هل هو هو أم هل هو هي، وهو دائما واحد، وهو مخفي لا يراه أحد .

ويقول تناكا بأن الله في الإسلام قال ( في كتابه الحكيم ) بأنه موجود وبأنه واحد أحد، "لم يلد ولم يولد"، وظل تناكا يحاول إيجاد تشخيص تعاليم الإٌسلام وسمات هذه التعاليم في الشنتوية. وحين رأى وضع الإسلام في الصين تأكد له أن من المحتمل وجود إمكانية لتوحيد الشنتوية والإسلام في اليابان، واضعا أمله في العقلية اليابانية، والعبقرية اليابانية التي تتقبل جميع المعتقدات والأديان، ومع هذا فهم تناكا جيدا أن الإسلام لا يمكن أن تتغير تعاليمه أبدا، حتى إذا وجد وسط الثقافات المختلفة، ومن هنا فكر تناكا في أن يجعل الخطاب الإسلامي في اليابان موجها إلى اليابانيين من خلال مدخل أسس البوذية اليابانية، كما أكد على أن الحركة الإسلامية في اليابان يجب أن تقوم على هذه الأسس، أو أن تمضي من هذا المنطلق.

كانت السياسة التي ترمي إلى إقامة " آسيا الكبرى " تعني توحيد آسيا، وكان تناكا يرى أن سياسة آسيا الكبرى يجب أن تقوم على أساس نظرية الأمة الإسلامية، وإذا تم امتصاص الشنتوية داخل الإسلام فإن اليابان بالتالي يمكنها أن تؤثر على آسيا عن طريق روح اليابان، البلد الذي سيكون مركز نهضة آسيا الموحدة .

وقد وضع تناكا أمله في أن الشخص الذي يمتلك طموحا لإقامة آسيا الكبرى يجب أن يمتلك أيضا روح الإسلام، وإذا كان مؤمنا بالإسلام، فإنه سيحقق ما يصبو إليه، وأكد تناكا على أن دراسة الإسلام في الصين يمكن أن تؤدي إلى أسس حركة حضارية ثقافية، يمكن أن تنتشر في ربوع العالم، وبهذه الطريقة يمكن تشكيل نظام إمبراطوري ياباني. كان تناكا يؤمن بالشنتوية، العقيدة القومية لليابان، وفي نفس الوقت كان يؤمن بالإسلام ويفهم الإسلام جيدا، ويؤمن بتعاليمه، ويؤدي فرائضه كاملة ويحرص على أدائها، وقد عاش مسلما في جميع مراحل حياته، مما جعله يحتل مكانة في تاريخ الإسلام في اليابان، فقد ظهر له تلاميذ دخلوا في الإسلام، وتأثروا بشخصيته، وطريقة حياته، ونهجوا نهجه، وكان معظمهم يعمل أثناء الحرب العالمية الثانية في إندونيسيا وماليزيا وما جاورها. حيث كانوا زعماء سياسيين، يقودون الحركة السياسية الإسلامية، وبعد الحرب عمل هؤلاء بجد ونشاط في مناطق عديدة، وساهموا كثيرا في نشر الإسلام في اليابان.

2

فهم تناكا إيبيه الإسلام من خلال تعاليم الإسلام ذاته، وقد حصل على هذه المعرفة من الكتب، وأدرك في الوقت نفسه أن الإيمان ليس فقط في نيل المعرفة وحدها، بل يجب على من يريد ممارسة تعاليم الإسلام أن يتبع شيخا مسلما يأخذ عنه، كما يجب أن يكون لديه شعور أو إحساس، لا يمكن أن يجده مكتوبا في الكتب . تعلم تناكا الإسلام على يد الأئمة المسلمين في الصين، فأثناء سفر تناكا إلى شمال الصين التقى بالأئمة المسلمين الصينيين، ومن خلال لقاءاته بهم أحس بعظمة الشخصية المسلمة ، وبعد الاطلاع على أحوال المسلمين في الصين فكر تناكا في أن الشنتوية اليابانية يمكنها أن تذوب بتعاليمها في الإسلام، رغم وجود اختلافات في أمور صغيرة، إلا أنه فهم أن الأفكار الأساسية في العقيدتين لا اختلاف بينها..! هكذا كان يعتقد انطلاقا من أن كل شيء في الكون من خلق الله، وكل شيء يحيا بقدرة الله . لقد فهم تنكا إيبيه الإسلام من الكتب ، ومارس تعاليم الإسلام على يد معلمه الشيخ الإمام الصيني، وأكد إيمانه بتعاليم الإسلام من خلال أدائه للواجبات والفروض طبقا لتعاليم الإسلام، فكان مسلما يعيش حياته ملتزما ، فلم يؤمن فقط باللسان أو بالقول، بل طبق ما آمن به بالعمل . وسوف نعرض في الصفحات التالية أفكاره تجاه الإسلام، لكن يجب أن نتذكر أن كلمات تناكا لها معان خبرها وجربها بنفسه على أساس من إيمانه ، وعلى أساس من عقيدته، لذا يجب أن نتذكر هذا الأمر فقد طبق تناكا عمليا ما آمن به فكريا ، وقرن القول بالعمل، مما جعله يحتل مكانة مهمة في تاريخ الإسلام في اليابان .

كيف تعرف تناكا على الإسلام ؟ وكيف فهم للإسلام ؟

في سبتمبر سنة 1900م / عام 33 ميجي دخل تناكا إيبيه مدرسة "تايوان كيوكاي جاكّو" ( بجيم قاهرية ) (جامعة تاكشوك الحالية ) وكان ضمن أول دفعة تخرجت في هذه المدرسة، وقد درس الصينية والكونفوشية، وفي سبتمبر سنة 1902م/ عام 35 ميجي ذهب إلى بكين للدراسة مع الباحث " هاتّوري " المتخصص في الأدب، وهناك درس لمدة سنتين ونصف، وفي سنة 1905م / عام 37 ميجي عاد ليدرس في مدرسة تايوان كيو كاي جاكو، إلا أن الحرب بين اليابان وروسيا سرعان ما ستندلع في فبراير من تلك السنة، فأضطر تناكا للإنتقال إلى منشوريا ليعمل مترجما ، وكان السيد واكي كوزو زميلا له، وطبقا لما جاء في مذكرات تناكا، فإنه ودع واكي كوزو حين دخل المناطق الروسية، وفي الخامس من سبتمبر عام 1905م / عام 18 ميجي انتهت الحرب، في وقت كان تناكا يعمل ضمن وفد لدراسة إمكانية البحث عن الثروة المعدنية في منشوريا، وظل يعمل ضمن هذا الوفد مدة ثلاث سنوات، ورغم انتهاء عمله إلا أنه لم يرجع إلى اليابان، ومكث في ساينان في مقاطعة سان تون، واستمر يدرس الثقافة الصينية .

وفي أغسطس 1914م السنة الثالثة من عهد تايشو وحين بدأت الحرب العالمية الأولى كان تناكا في الثالثة والثلاثين من عمره، انتقل إلى منطقة شين تاو ليعمل ضمن قوات المشاة ، وبعد الحرب مكث في شين تاو، وهنا زاد اهتمامه أكثر فأكثر بالكونفوشية، وفي ساينان بدأ يمارس نشاطات عدة منها إلقاء الخطب والمحاضرات، وفي فبراير من عام 1917م/ عام 6 تايشو أسس مؤسسة صحفية باسم ساينان نيبوشا، وأصدر مجلة ساينان نيبو، وفي مايو 1919م / سنة 8 تايشو ترك المؤسسة الصحفية ساينان نيبوشا، وقد أشار إلى ذلك في مذكراته : " كنت أعمل مع العسكريين أو بمعنى أدق كنت أعمل ضمن الحركة الثورية، وقد أسست مؤسسة صحفية ، وكنت أكتب بعض المقالات ، كما أسست مدرسة ، وحاولت القيام بالتدريس ، إلا أن مثل هذه الأعمال كلها لم تكن ترضيني أو تقنعني .. ربما كان هذا خطأ أو ربما كان سوء حظ .. فقد طلبت مني الشرطة العسكرية أن أغادر المنطقة ، كما عاملتني الخارجية اليابانية معاملة غير متوقعة .. ولهذا فقد انتهت حياتي هنا .. "

كان تناكا رجلا مستقيما يتصف بالنزاهة، وكان ينسى نفسه ويفكر دائما في الآخرين، رغم أنه في الحقيقة لم يكن بطبيعته اجتماعيا، ولم تكن علاقته بالأشخاص تؤثر على رأيه فيهم سلبا أو إيجابا، وكانت شخصيته تجره أحيانا إلى الوقوع في المتاعب، وكل من عقد صداقة مع تناكا انجذب إلى شخصية تناكا، وأعجب بثقافته وذكائه ورئيس الوزراء – المرحوم – يوشيدا شئيجئير ( بجيم قاهرية ) يتذكر تناكا دائما فقد كان يوشيدا قنصلا في ساينان وقد كتب عنه في سنة 6 تايشو ما يلي :

" في تلك الأيام أسس ( أي تناكا ) مؤسسة ساينان نيبوشا مع السيد ناكاني شي، كان مجتهدا ونشيطا وجادا، لكنه اصطدم بالسيد ناكاني شي، الذي كان بدوره صديقا لي .. حين التقيت بتناكا أول مرة كنت بالطبع باردا تجاهه، لذا كان غاضبا وثائرا .. ووقف وأراد مغادرة المكان، في هذه اللحظة اكتشفت شيئا ممتعا، في رؤيته وهو يغضب ، فحاولت أن أتحدث معه فوجدته رجلا جذابا .. بعد هذه الحادثة ربطتنا علاقات قوية حين كنت في ساينان " . بعد ذلك قام تناكا بافتتاح مدرسة في ساينان، وكان يقوم بالتدريس لعدد قليل من التلاميذ الصينيين، وكان يركز على القراءة وزيارة آثار العظماء القدماء، وكان يقضي معظم وقته في التفكير والتدبر .

موقفه من الدراسات الصينية :

لم يقتنع تناكا بالقراءة فقط ، ورأى أن يعيش ويختلط مع الناس في هذه المنقطة ويجب أن يتعلم على يد معلمي هذه المنطقة ، وقد أشار هو نفسه إلى هذا : " يجب أن أدرس الصينية من خلال الكتابات الصينية نفسها ... ومن أجل دراسة الثقافة والمعارف الصينية يجب أن يكون لي معلم، فنحن نشاهد الكثيرين من دارسي المعارف الصينية، يدرسون دون معلم صيني، وهذا أمر محزن ... وفي الصين يمكن أن تجد كثيرا من المعلمين العظماء لهم قيمة عظيمة.

كيف دخل الإسلام ؟

كان تناكا يدرس عن المفكرين الصينيين أثناء إقامته في الصين، ومن خلال الدراسة بدأ يهتم بالإسلام، وبخاصة أن ساينان كانت مملوءة بالمسلمين الصينيين، ونتيجة لاتصاله بهم بدأ يشعر بضرورة فهم الإسلام، وفي نفس الوقت لم يكن مقتنعا بدراسة أفكار المعتقدات الشرقية مثل : الشنتوية والكونفوشية والطاوية وغيرها، فقد شعر أنه يفتقد شيئا ما، وقد أشار تناكا إلى لقائه بكثير من المسلمين :

" حين أتذكر صيف سنة 35 ميجي، أتذكر حين ذهبت إلى بكين يحدوني طموح كبير، إلا أن إقامتي في بكين لم تكن مريحة على الإطلاق، وكنت أحيانا كلما وجدت فرصة، أزور مسجدا بجوار بيتي، في ذلك الوقت كنت أشعر بنوع من الراحة، نتيجة إحساسي بأنني في جو من الألفة والأخوة والصداقة .. كنت أبحث عن دربي مدة عشرين سنة .. لكني فشلت في كل شيء للأسف، فشعرت بالضعف يدب في مفاصلي، كما شعرت بأنني لا أجد من أثق به، في ذلك الوقت التقيت بمحمد النبي، وجدت سيف محمد، ووجدت القرآن الكريم الذي نزل على محمد، ومن هنا عادت إلي قوتي، وثقتي بنفسي، كنت كلما فكرت في بوذا والبوذية يأتي على ذهني محمد النبي .."

درس تناكا الشنتوية في صغره، كما تعلم بعضا من النصرانية وكان يقرأ " دراسات في الكتاب المقدس " الذي كتبه أوتشي مورا كانزو، وكانت أسرة تناكا تنتمي إلى جماعة "رين زاي رين " البوذية كما درس المعارف الصينية ، ودرس الطاوية في الصين، لكنه بعد أن درس الإسلام، بدأ عقله يعمل بجد، وبدأ ذهنه ينشط لفهم تعاليم الإسلام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا حين كان تناكا يفكر في حضارة الصين القديمة وثقافتها التي تعتمد على الطاوية، كان في نفس الوقت يفكر في الله طبقا للمفهوم الذي بلغه محمد النبي للناس، كما أمره الله عز وجل، وفي نفس الوقت كان يفكر في الله بالمفهوم الياباني الشنتوي، وكان يفكر بأن هناك علاقة بين الكونفوشية والزن وبين الكونفوشسية والإسلام، وبين الإسلام والشنتوية وهكذا، وتعد الفترة منذ كتابته مقاله بعنوان " مشاكل الصينيين وقضاياهم " وحتى دخوله الإسلام مرحلة من مراحل دخوله الإسلام وقد كتب في أثنائها ما يلي:

" إن معالجة المشاكل الدينية ليست بالأمر السهل، يجب أن نكون جادين كما لو كنا نموت من أجل هذا " وأشار تناكا إلى ضرورة دراسة الإسلام والمسلمين في الصين : " إن دراسة الصين تستوجب فهم عالم الإسلام في الصين، فمن يريد ملاحظة مشاكل الصينيين، يجب عليه أن يلاحظ مشاكل هذا البلد السياسية والدينية، بالإضافة إلى التطلع جيدا إلى تطور الإسلام في الصين ."

وظل يحذر الدارسين اليابانيين والمثقفين اليابانيين ويحثهم على ضرورة دراسة عالم الإسلام في الصين، وتجدر الإشارة إلى أن تحذيره هذا لا يجد اهتماما من المفكرين والمثقفين اليابانيين حتى أيامنا هذه، وقد أشار تناكا إلى سمات مسلمي الصين :

" المسلمون الموجودون في عموم الصين متطورون مع ثقافتهم الصينية، ومع الكونفوشية، إلا أن معتقداتهم الدينية لا تزال ثابتة على ما هي عليه، قائمة على أسس الإسلام المتينة، فهم لا يزالون يؤمنون بالتعاليم التي جاء بها محمد النبي، وهذا الدين أي الإسلام ليس مثل النصرانية أو أي دين آخر يعتمد على الشكل أو المظهر فقط، إنه قوة دينية، وقوة الإيمان قوة عظيمة، لا تساويها قوة أخرى ."

ويقول تناكا : " من أجل إقامة علاقات خارجية مع الصين نحتاج إلى دراسة الإسلام في الصين، وسوف يساعد هذا كثيرا في دعم العلاقات مع الصين .. إن اليابان لا تعطي أي نوع من الاهتمام بالإسلام في الصين هذه الأيام .. المسلمون في الصين يقولون بأنهم يمثلون جماعة تفوق في عددها أي جماعة مسلمة في العالم ؟! " وقد أبرز تناكا أهمية الدراسات الإسلامية في الصين مشيرا إلى أن الأمر لا يقف عند حد الصين فقط بل ينطبق أيضا على العالم أجمع .

تأثير ريوكايكو ( وينطق أيضا ليوتشيه ليان ) على تناكا :

يرى تناكا أن سبب انتشار الإسلام في الصين هو وجود تشابه بين تعاليم الكونفوشية وتعاليم الإسلام،وقد كتب تناكا: " بالمقارنة بالبلاد الأخرى نلاحظ أن الناس في الصين أقبلوا على تعاليم الإسلام بكثرة مع عقيدتهم الأصلية وهي الكونفوشية، فهم يفكرون بأن الطريق الذي رسمه النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو نفسه الطريق الذي بينه كونفوشيوس، وأنه لا اختلاف في ذلك، فالفكرة الصينية القديمة كانت تعتمد عقديا على السماء، وهذه الفكرة تتناسب مع ما جاء به الإسلام، ولهذا السبب تحول كثير من المثقفين إلى الإسلام ". ( الفصل الأول من كتاب تطور الصين وريوكايكو)

وقد اختار تناكا " ريوكايكو" كواحد من الدارسين المهتمين بالكونفوشية في عهد شين ، وهو يمتدح جهوده في تاريخ الإسلام في الصين : " بدأ ريوكايكو يدرس جيدا حين كان في الخامسة عشرة، بذل كل جهده في القراءة والدراسة والكتابة طول حياته، وبدأ يدرس الإسلام حين كان في الثلاثين، قرأ معجم كتب الشرق والغرب، وقارن بين الكونفوشية والبوذية، وبعد ذلك ومن خلال هذه الدراسة أوضح النظرية الإسلامية، وقد كتب وألف باللغة الصينية، ونشر كتاباته في جميع أنحاء الصين، وهذا جهد يستحق الثناء والشكر، ويجب أن نقدر عمله العظيم هذا في تاريخ الإسلام، كما أنه حين ندرس الكونفوشية يجب أن نعتبر كتابه هذا مصدرا مهما لنا،سوف نرى أساس الثقافة الصينية من خلاله، ويمكن أن تتضح لنا بجلاء. " ( الفصل الثاني من الكتاب السابق )

ومن الجدير بالذكر أنه في مارس سنة 12 تايشو وأثناء رحلته إلى الحج، مر تناكا يرافقه الإمام الصيني بقبر ريوكايكو، وهناك قرأ الفاتحة، وقرأ قليلا من القرآن ترحما على روح ريوكايكو، كما لو كان تناكا يريد أن يثني على ريوكايكو، ويستشعر روحه.

مؤلفات ريوكايكو :

اختار تناكا من بين مؤلفات ريوكايكو التي تبلغ قرابة مائة كتاب هذه الكتب :

1-تين بو تين ريه

2-تين بو سين ريه

3-تين بو شيسيه جيتسو روك نينبو

الأول كتاب عن التعريف بالإسلام، بينما الثاني عن التعريف بالإيمان والثالث عن السيرة النبوية، وقد شعر تناكا بأهمية الكتاب الثالث، واختياره لهذه الكتب، يعني أنها المصدر الأساس لمن يريد أن يتعرف على الإسلام ، ومن الجدير بالذكر أن كتاب السيرة النبوية ترجم إلى الإنجليزية في سنة 11 تايشو الموافق لعام 1924م، إلا أن تناكا إيبيه ذكر بأن الترجمة فيها أخطاء كثيرة، وفيها حذف كثير في مواضع عديدة، كما تغافل المترجم عن إثبات النصوص العربية التي وردت في الأصل ، وهكذا كان نقد تناكا لترجمة كتاب السيرة النبوية الذي ألفه ريوكايكو .

ونشير هنا إلى أن كثيرا من الناس يريدون أن يدرسوا المعارف الصينية بشكل عام، معتمدين على الكتب المترجمة إلى الإنجليزية، إلا أن تناكا أشار بوجوب أن يقرأ الناس الكتب التي كتبت بأقلام دارسين وباحثين مثل ريوكايكو، وتجدر الإشارة إلى وجود باحث مسلم آخر بالإضافة إلى ريوكايكو، لكن تناكا ذكر بأن ريوكايكو لا مثيل له في مجال الدراسات الإسلامية التي كتبت بالصينية.

كيف فهم تناكا الإسلام قبل أن يصبح مسلما :

كتب تناكا في سنة 1924م الموافق سنة 12 تايشو مقالا بعنوان " المسلمون وقضايا الإسلام " وتوضح الأفكار التي وردت في هذا المقال كيف فهم تناكا الإسلام قبل أن يصبح مسلما، ويتضح للقارئ أن تناكا فهم الإسلام بنفس وجهة النظر الإسلامية، التي يفهمها الإنسان المسلم، وقد شرح تناكا في مقاله كيف يمكن لغير المسلمين فهم المسلمين، وأشار إلى أن الناس إذا لم يفهموا كيف يكون الإسلام فإن هذا الجهل بالإسلام يشكل مشكلة دولية ! ولا شك بأن وجهة نظر تناكا صحيحة تماما ، وهذا مثال نسوقه عن مشكلة حدثت في إندونيسيا هذه الأيام تتعلق بشركة " آجي نو موتو " اليابانية التي أضافت إلى منتجاتها بعض أجزاء من شحم الخنزير ، فمثل هذا الجهل الذي نشاهده اليوم ، لم يتغير منذ عهد تناكا ، فهو لا يزال كما هو في هذه الأيام ، وقد أوضح تناكا ملامح الدين وسماته حين كتب :

" الإسلام دين واضح وبسيط ، إن المسلمين يفضلون تناول طعام قليل وبسيط ، ولا يأكلون لحم الكلب أو الخنزير أبدا ، وهم في كل يوم يطهرون أنفسهم بالوضوء أو الغسل ، ولهم عقلية جادة ، فهم يطيعون الله الواحد الأحد .. ويمكن أن نقول باختصار إن الإسلام دين الطهارة والتطهر " . نشرت الصحيفة الصينية " طوهو " التي تصدر في منطقة "هوتين " مقالا جاء فيه: "هذه السنة سنة الخنزير البري، وعلى المسلمين أن يكسروا قواعدهم هذه السنة، فيأكلون لحم الخنزير، فسوف تعقد حفلات لتناول لحم الخنزير، وسوف يدعى عشرة من كبار الطباخين من بكين ، وفي المسجد في هوتين سوف نتناول طعام العشاء، وللنساء الذين أسلموا مؤخرا .. من فضلكم أنتم مدعوون للحضور ! "

لكن هذا المقال مقال زائف تماما، وقد انتقدت جميع الصحف الإسلامية ما نشر في هذا المقال وشجبته بشدة، وناقشوا هذا الأمر عدة مرات، وهذا يدل على أن الصراع بين المسلمين وغير المسلمين في هذه المنطقة، صار صراعا خطيرا، ويثير مشاعر عداء متزايدة. كان المسلمون الصينيون يظنون بأن صحيفة " طوهو " يمتلكها يابانيون، لأن الصينيين يطلقون على أي صحيفة يابانية تصدر في الصين اسم " طوهو "، وكان تناكا إيبيه قلقا جدا بسبب مثل هذه القضايا، أي إثارة مشاعر العداء تجاه اليابانيين من خلال مثل هذا المقال الزائف، والحقيقة أن صحيفة " طوهو " لم تكن صحيفة يابانية يصدرها يابانيون، وقد كتب تناكا بهذا الشأن إلى مسجد ساينان، وهكذا قضى على الشك الذي ساور المسلمون هناك تجاه اليابان، ويقول تناكا :

" إذا ناقش أحدهم مسألة أن المسلمين لا يأكلون لحم الخنزير فهذا ليس من شأنه، إنه شأن المسلمين أنفسهم، مشكلتهم هم، لا يجب على غير المسلمين التدخل في هذا الأمر " ( المسلمون وقضايا الإسلام الفصل الثاني ). ويكتب تناكا أيضا : " هذه الأيام لدينا حركة قومية واسعة النطاق من أجل تأسيس آسيا الكبرى، لذا فتكوين صداقة مع المسلمين أمر مهم للغاية لتحقيق فكرة آسيا الكبرى، فإذا تجاهنا طريقة حياة المسلمين فسوف يكون هذا من الخطورة بمكان، لذا يجب على اليابانيين أن يهتموا بهذا الأمر جيدا.( المصدر السابق )

وهذه الفكرة التي أوضحها تناكا قبل أن يصبح مسلما، توضح أن تناكا فهم الإسلام كما لو كان واحدا من المسلمين أنفسهم، كما أنه اعتنق فكرة الحياة الإسلامية، والسلوك الإسلامي، والمشاعر الإسلامية .

تناكا يقرر إعتناق الإسلام ، ويعلن إسلامه على يد معلمه :

استمر تناكا نحو أربعين سنة يعاني من القلق الروحي، كان يبحث عن الحقيقة دون أن يقتنع بشيء، كان يائسا من الوضع في اليابان وفي أول سبتمبر عام 1921م الموافق لعام 12 شوا حدث الزلزال الكبير في طوكيو - وطبقا لما ذكر تناكا – لذا قرر أن يرحل جهة الغرب بعد أن شهد هذا الزلزال الرهيب، وقد عبر عن مشاعره تجاه هذا الزلزال بكلمات قليلة هي الحكمة ذاتها قال : " لا أستطيع أن أقول إن الأمر كان مفرحا، ولكن هذا ليس بضحكات الفظاعة تسخر منا، وليس هذا بصوت اللعنة، تنزل علينا، ليس هذا بنهاية وطني ! إن إله هذا الوطن قادر على أن يعيد بناء اليابان الحقيقية .. هذا نداء الفرح ! "

كان تناكا يتوقع أن تحدث ثورة في عهد تايشو، لكنه أصيب باليأس، لأن مثل هذه الثورة لم تحدث، إلا أنه بعد الزلزال، ظهرت شخصية الشعب الياباني بشكل أوضح، وصار اليابانيون أكثر نشاطا، وشعروا بأن النهضة يمكن أن تتحقق بالاعتماد على النفس، وهكذا عبر تناكا عن شعوره بعبارة : هذا نداء الفرح أي ما يدعو إلى الفرح والسرور، بعدها شعر برغبة في السفر ناحية الغرب .. لكن لماذا قرر السفر ناحية الغرب ؟.

بعد الزلزال قرأ تناكا كتاب " دايتو ساي إيكيكيا " بقلم جنسو هوشي وكتاب ساي يوكي بقلم ناجا هرو ما ساكو وكتاب حياة جنكيزخان لذا قرر أن يتجه غربا، ثم إنه كان قد عاش في منطقة "سان تون" لمدة عشر سنوات، وكان يفكر طول الوقت في أن هذه المنطقة ستأخذه ذات يوم إلى الطريق المؤدي إلى تركيا، وزادت رغبته في السفر غربا دون ما سبب، فقط كان يريد السفر غربا، كان يريد أن يتجه غربا دون سبب يذكر، ربما لإطفاء عطشه الذهني .. كان عليه أن يفعل ذلك ..

ربما بقي تناكا في اليابان إذا لم يحدث الزلزال، وربما كان قد وجد نفسه يدعو إلى ثورة من نوع ما، تعتمد على الشنتوية، لكن الزلزال حدث ، لهذا حطم الثقافة الضحلة، التي لا معنى لها، كما بث روح التعاطف بين الناس، لكن من ناحية أخرى، برز الطموح الذي هو سمة لليابانيين من هنا وهناك، لذا فكر تناكا في أن ينمي هذا البرعم الذي ظهر للنبتة الجديدة ، وأن يعمل على رعاية هذه النبتة حتى تنمو وتثمر .. كان تناكا يدرك تماما أن هذا من واجباته .. وبعدها أدرك أن نهضة اليابان تعتمد أساسا على الناس الموجودين في اليابان، وأكثر من هذا أدرك أن أهم شيء هو أن تحتل اليابان مكانة رفيعة على المستوى العالمي، وذلك عن طريق الناس الذين يعيشون خارج اليابان . إن القلق الروحي أو اليأس الروحي الذي كان يعتريه لم يكن قلقا أو يأسا على المستوى الشخصي، لكنه أيضا كان قلقا و يأسا يعصفان بكل ياباني، أو على المستوى العام، وهذا اليأس يمكن أن يكون تجاه العالم، وكان السبيل إلى التخلص من هذا اليأس هو الدخول في الإسلام.

تناكا وشيخه :

لماذا أراد تناكا أن يصبح مسلما ؟ لم يكن هذا بسبب القراءة أو الدراسة أو المعلومات أو المعارف ، فالناس لا يؤمنون بالدين إذا لم يوافقوا على أساس هذا الدين ومبادئه، وليس فقط عن طريق المعلومات يمكنهم الدخول في الدين، وقد أشار تناكا إلى هذا : " إذا أردت حقيقة أن أنال الحق لا بد أن يكون لي معلم " نال تناكا معلوماته عن الإسلام من قراءته لكتب ريوكايكو، ثم تعلم الإسلام على يد معلمه الشيخ والإمام سو إمام مسجد تان داي جي. إن الإيمان بالدين يحتاج إلى معرفة، لكن الإيمان لا يأتي بالمعرفة فقط، يجب على المرء أن تكون لديه الموهبة التي تساعده على قبول الدين، ثم لا بد أن يكون لديه الشعور والرغبة للتعلم، كان تناكا لديه معلومات كافيه ومعرفة غزيرة، كما كان منذ صغره لديه موهبة لتقبل تعاليم الأديان، وبعدها جاء دور المعلم الإمام سو، فعلاقته بالإمام جعلت عواطفه ومشاعره تجاه الإسلام تزداد يوما من بعد يوم، كما أنه التقي بمسلمين طيبين، وبشيوخ مسلمين طيبين أيضا. ثم صار واثقا من نفسه ومن مشاعره، وأحس أنه يمكن أن يكون مسلما صادقا مع الله ومع نفسه وهكذا شرح الإسلام : " الإيمان هو الفرض الأول على المسلم، فيجب عليه أن يعلن الشهادة بالإيمان بالله الواحد الأحد، وبأن محمدا رسول الله، والنطق بالشهادة يعني أن هذا الإنسان صار مسلما " وأشار تناكا إلى أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بشر وليس بإله، كما أن المسيح واحد من الرسل وليس بإله، كما أوضح تناكا فكرة الإسلام تجاه النصرانية، فقد جاء محمد بعد عيسى، وقد ورث التعاليم الإلهية، وجاء ليصلح ويكمل الدين ويتمم مكارم الأخلاق.

ومحمد يدعو إلى ترك عبادة الأصنام، تلك التي اتخذها بعض النصارى واليهود من دون الله، كما أن الإسلام يرفض الأصنام التي يقدسها البوذيون أو عبدة النار، ومحمد نبي الإسلام ليس بعدو للنصارى، وقد ورد هذا بوضوح في القرآن الكريم . والإسلام يدعو المسلم إلى الإيمان بالله وإلى الصلاة والصوم والزكاة والحج، كما أن كونفوشيوس أو جين رين جوتن، أي الطريق ( يقصد زعيم الطاوية ) يدعو الإنسان إلى احترام ولاة الأمر، واحترام الوالدين والزوج والزوجة، واحترام الأخوة واحترام الأصدقاء، ويشير تناكا إلى تشابه التعاليم التي يدعو إليها الإسلام والكونفوشية وكذا سلوك الشنتوية وأخلاق الشنتوية، فهناك تطابق بين هذه الأديان الثلاث .

ويشير تناكا إلى أن الإسلام يدعو إلى:الإيمان بالله وبالملائكة وبالرسل وبالقدر خيره وشره وبيوم البعث . كما يؤكد على واجبات هي : إعلان شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. والإسلام يؤكد على البعث وحساب يوم القيامة، فالإنسان إذا عمل صالحا دخل الجنة، وإذا ارتكب الذنوب دخل النار، وهذا يوضح الخوف من عقاب الله، إلا أنه فيما يتعلق بفهم تناكا للإسلام فأننا نلاحظ أنه يفتقر إلى القسم الخاص بالحياة بعد الموت، وربما لم يشر إلى هذا عمدا، لكن لا يوجد في كتاباته ما يشير إلى موضوع الحياة بعد الموت .

ترى ما هو السبب ؟ لعل السبب يرجع إلى أن تناكا لم يشأ أن يشير إلى الله الذي يخاف الإنسان منه فقط، فهو يكتب عن الله الحق، خالق كل شيء، فبعد دخوله الإسلام وصل إلى هدفه، ووجد ما يصبو إليه، الإيمان بإله واحد خالق كل شيء، الله الحق، وكان مقتنعا من خلال إيمانه بالله أنه وجد ردودا على تساؤلاته، بعد أن شعر بوجود الله، واستطاع أن يعرف الطريق إلى الإيمان بالله، واقتنع بهذا، فهو لا يريد أكثر من هذا، فلم يكن تناكا أساسا يريد أن يشعر بضرورة لفهم الحياة بعد الموت.

والشخص الذي يريد أن يعلن إسلامه يعلنه أمام الإمام وأمام شاهدين مسلمين ، فينطق بالشهادتين خلف الإمام فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وبعدها يشهد الشهود على ذلك ، وهكذا فإن مراسم إعلان الإسلام مراسم سهلة وبسيطة، ولكن هذا الإعلان يتطلب ممن أسلم الالتزام بالأمور الأخرى المتعلقة بالإسلام، والتي يوافق عليها ويؤمن بها .

بعد هذه المراسم يصبح الشخص مسلما، ويصبح عضوا في جماعة المسلمين، وقد كان إعلان تناكا للإسلام في مرحلة تالية على مرحلة الإيمان بكل شيء، وبعد أن مارس عمليا أمورا تتعلق بالإسلام، وهكذا ففي الحادي عشر من يناير في سنة 13 تايشو، وفي مسجد ساينان في مقاطعة سانتون، أعلن تناكا إسلامه على يد الإمام سو، وكان دخوله الإسلام نتيجة طبيعية لسلسلة متواصلة من بحثه عن الحقيقة، فقد كتب: " تحولي إلى الإسلام لم يكن نوعا من اللعب أو الهواية أو الغواية ، كما لم يكن لسبب سياسي، أو لسبب يتعلق بإجراء أبحاث أو دراسات، وحديثي عن سبب إسلامي له قصة يطول شرحها .." " حين شاهدت الزلزال، تفتحت عيون قلبي، على الله وعلى الحياة ! "

البحث ودراسة الإسلام :

استقبل تناكا ذات مرة أول ياباني مسلم لم يذكر أسمه/ وهو عبد الحليم أوشا تاور نودا – المحررفقال له تناكا : " إذا حافظت على اتصالك بأمور الدين فلا يجب أن تفكر في التجارة أو السياسة، يجب أن تقوم بهذا باسم الله ومن أجل الله، وأن تجعل الشرير يشعر بالذنب ويأسف على اقترافه للذنب، وهذا واجب عظيم، فإذا استطاع الياباني أن يفعل هذا الأمر مع المسلم الياباني مستقبلا فإن هذا سيحقق مكاسب طيبة ." كانت هذه نصيحة يوجهها تناكا لمن يدرسون الإسلام ويبحثون في الإسلام، ويوجهها لنفسه أيضا فقد كان يعمل بحق طبقا لهذه النصيحة . بعد أن أعلن تناكا الإسلام كان يصر على أن الأمر الضروري هو اتباع الإسلام، والعمل طبقا لتعاليمه، و حين نترجم كلمة إسلام في اليابانية فإنها تعني " سيه شين " وهذا يعني الطاهر النقي، ويعني الدين الحق الطاهر، ومن يؤمن بالإسلام، نطلق عليه كلمة مسلم، ومؤمن، و بالإنجليزية يطلق على المسلمين " المحمديين " وهذا غير صحيح لأن الإسلام ليس بالدين الذي ينسب إلى شخص محمد .

ويشير تناكا إلى وجوب فهم الناس لكيفية حياة المسلمين طبقا لتعاليم الإسلام، لقد صار تناكا فردا من أفراد المجتمع الإسلامي، يعيش حياته طبقا لتعاليم الإسلام، وهذا النمط من الحياة مستقبلا سيقيم بينه ارتباطا ليس فقط مع مسلمي الصين بل أيضا مع جميع مسلمي العالم، ويشير أيضا إلى أن الشخص الذي يريد أن يدرس فقط الإسلام من أجل هدف سياسي، دون فهم حقيقي لهذا الدين سوف يفشل .. ويشير تناكا أيضا إلى أنه في قوات المشاة العسكرية يركزون دائما على المشكلة الصينية، لكن من لا يهتم من بين هؤلاء العاملين في الإدارة بالمسلمين الصينيين ،عليه أن يدرس الإسلام بعناية فائقة، وإلا فلن تكون هناك نتيجة متوقعة للعلاقات بين اليابان والصين، كما أن تجاهل المسلمين بخاصة سوف يؤثر تأثيرا سيئا على اليابان. ( من كتاب الإسلام والقضايا الإسلامية، المدخل )

مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في قلب تناكا :

تسمى تناكا باسم إسلامي هو نور محمد، وكان هذا الاسم بالنسبة لتناكا يحمل مغزى كبيرا فقد ظل حبه للنبي يموج في قلبه منذ فترة طويلة، وكانت سيرة النبي ماثلة دائما في ذهنه وفي خياله، بينما كان يدرس الإسلام، وكان يتخيل الرسول صلى الله عليه وسلم في طفولته وفي صباه وفي جميع مراحل حياته، وعبارته هذه توضح كيف كان يفكر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان من بين رفاقي أناس يعملون في الداخل من أجل حركة نهضة اليابان، لكني كنت أريد أن أعمل من خارج اليابان من أجل تحقيق آسيا الكبرى ، أنا ضعيف وصغير، لكني أومن بالله وأعشق شخصية محمد نبي الله وأحترمها، وحين أفكر فيه أصبح رجلا شجاعا، يجب أن أكمل واجبي المفروض عليّ ."

وقد ذكر تناكا بأنه ترجم كتاب ريوكايكو عن السيرة النبوية ( تن بو شيسيه جيتسو روك نينبو ) الذي يتألف من 20 جزءا، والكتاب يسرد حياة النبي محمد، وقد اكتشف تناكا وجود الله من خلال اتباعه لسنة محمد، ورأى أنه يمكن إطاعة الله، إذا ما اتبع سنة محمد، والتعاليم التي جاء بها لهداية البشر، وهو بهذا سينال الهداية من الله، الذي سيرشده إلى الطريق القويم. وهكذا فكر تناكا بأنه باتباعه سنة محمد فإنه يطهر نفسه، وذهنه وعقله وجسده، وفكر بأنه باتباعه لتعاليم الإسلام فإن الله يهبه الهداية والرشاد، ويمكنه أن يؤدي واجبه تجاه ربه. لقد كان مصيبا، فقراءته لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم جعلته يكتشف ويدرك تماما أن محمدا رسول بحق، أرسله الله لهداية العالمين ..

وآمن تناكا بأن محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) كان محاطا بالرعاية الإلهية، وهكذا استطاع أن ينشر الدين الحنيف، وأن يشكل المجتمع الإسلامي، وقد حفظ الله محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) ورعاه، ووفقه إلى إقامة دولة الإسلام . لقد شعر تناكا بوجود الله في حياة محمد ( صلى الله عليه وسلم )، لهذا أكد أكثر من مرة، وتأكد هو أيضا بأن محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) هو النبي الحقيقي المرسل من الله ، لكن حين كان تناكا يفكر في وجود الله، كانت تسيطر عليه فكرة الإله في الشنتوية، كان يفكر في الله في الشنتوية ، والله في الإسلام .. كان لديه صراع فكري، وصراع ذهني .. كان هذا واجب وفرض ومسألة ظل يفكر فيها طول الوقت، لكنه لم يكن يشك أبدا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه إذا سلك الطريق الذي سلكه محمد (صلى الله عليه وسلم )، واتبع سنته فإنه سينال عون الله ، كان هذا هو التفكير الذي يطغى على عقله باستمرار.

اعتقد تناكا بأن محمدا صلى الله عليه وسلم ما زال موجودا في هذا العالم، من خلال وجود سنته التي يتبعها المسلمون في أرجاء المعمورة، وحين يصلي في المسجد يقول بأنه يكتشف روح محمد (صلى الله عليه وسلم ) من حوله، ويذكر بأن محمدا( صلى الله عليه وسلم ) هو الرسول الذي يحمل روح التسامح والعطف مع الالتزام بتعاليم الله، وكان تناكا يشعر بوجود النبي طول الوقت، فكان حين يصلي صلاة العشاء يشعر من داخله بوجود النبي صلي الله عليه وسلم، وهو يمضي على سنته، يصلي الصلاة طبقا لما علمها محمد صلى الله عليه وسلم للمسلمين، وكان تناكا يبكي طول الليل من التأثر بعد أن يرق قلبه وهو يتذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

الصلاة وأثرها في إيمان الفرد:

الصلاة فرض من فرائض الإسلام والصلاة قيام وركوع وسجود ـ ويقال إن كل مخلوق في العالم، له صلاة وتسبيح، والصلاة بشكلها هذا تحمل معان منها: أن السجود يحمل معنى كمال الطاعة لله وهكذا، والصلاة خمس مرات في اليوم : الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقد أشار تناكا إلى تأكيد الإسلام على إقامة الصلاة، والمسلم يتوضأ قبل الصلاة، وطريقة الوضوء للصلاة في الإسلام شبيهة بطريقة الوضوء في الشنتو القديمة، ويرى تناكا أن الصلاة في الإسلام هي الصلاة المثلى لكل صلاة، وأن الناس إذا واظبوا على إقامة الصلاة نالوا الثواب من الله .

وهكذا حرص تناكا بعد أن دخل الإسلام على أن يقضي حياته مصليا، مشيرا إلى أن الصلاة بالنسبة له تعني أنه يدرس نفسه، ومنطقة ساينان في معظمها منطقة مسلمة، وهكذا شعر تناكا بالمجتمع المسلم ، وبالبيئة المسلمة، فكان إذا مشى في الشارع أقبل عليه الناس يحيونه بتحية الإسلام: السلام عليكم، وكان تناكا سعيدا بالأجواء التي تحيط به في ساينان، وقد عاش مسلما بين المسلمين، ولم يشعر أبدا بالغربة بينهم، كان ينهض كل صباح في الخامسة والنصف للصلاة في المسجد ، فيصلي في جماعة خلف الإمام . .. إلا أن اليابان كانت طول الوقت ماثلة في ذهنه كوطنه الأم . كان كثيرا ما يستقبل التلاميذ أو عامة المسلمين بين أوقات الصلاة، فيتبادل معهم الأحاديث في موضوعات شتى، وهكذا كان جميع زائريه معلمين له، وقد خبر مراسم الجنازة، وحضر احتفالات الزواج، وغيرها من الاحتفالات الإسلامية، وتعلم ماذا يفعل المسلمون في هذه الاحتفالات، وطبيعة سلوكهم والعادات والتقاليد التي يمارسونها .

كان تناكا يعطف على المتسولين والشحاذين الذين يتجمعون حول المسجد عند كل صلاة ،وبخاصة عند صلاة الجمعة، فكان هؤلاء الشحاذون يتكلمون بعض الكلمات العربية، وكانوا يعيشون على الطريقة الإسلامية. وكان تناكا في نهاية اليوم وبعد صلاة العشاء يواظب على حضور درس الإمام سو الذي كان يعقد في كل ليلة، هكذا كان يقضي حياته مشيرا إلى الفرق بين الصلاة في البوذية والإسلام : " في البوذية نقول إنهم يركزون على الصلاة وعلى الاستغراق في التفكير midetition وفي الإسلام يركزون على الصلاة فقط، وهذه هي السمات الأساسية للإسلام " . (الإسلام وقضايا الإسلام الفصل الثاني )

أُعجب تناكا كثيرا بالآذان، وهو نداء الصلاة، حيث يذكر : " ... وصوت الأذان ( بانك نماز ) ينطلق على لسان الشيخ المؤذن، من فوق المئذنة، لا يمكن أن يشعر بجماله وروعته إلا من يسمعه، لا يوجد صوت آخر مثل هذا الصوت يطهر داخل البشر .. في ليلة هادئة ساكنة يطلع فيها الهلال على صفحة السماء الصافية، حين وقف الشيخ الذي يرتدي الملابس البيضاء ليؤذن من فوق المئذنة، شعرت كأننا في الجنة ، حين سمعت صوته بعد أن رفع الأذان !! ... وحين يسمع المسلمون صوت المؤذن يسرعون إلى المسجد، حيث يقفون في صفوف متراصة متجهين إلى القبلة، بشكل منتظم وثابت، يفوق كثيرا ما نفعله نحن اليابانيين حين نسمع نشيدنا القومي " .( الإسلام وقضايا الإسلام الفصل الثاني )

الوضوء قبل الصلاة :

وصف تناكا الوضوء هكذا : الوضوء في الإسلام يشبه الوضوء في الشنتو القديمة، وفي الشنتوية يجب أن يتوضأ الإنسان قبل الصلاة ويسمى هذا " ميسوجي " (بجيم قاهرية )، وهذا الوضوء لا يطهر فقط الجسم بل يطهر الروح أيضا، ويمكن أن نقول نفس الشيء فيما يتعلق بالوضوء في الإسلام، وهناك في الإسلام تطهر آخر يطلق عليه الغسل، وتطهر عن طريق التيمم، فالوضوء للصلاة يكون بغسل اليدين والمضمضة والأنف .. إلخ بينما الغسل للجسم كله، والتيمم يكون بالتراب في حالة تعذر وجود الماء وله طريقة خاصة، وهكذا فالوضوء من ناحية أخرى يخلص الإنسان من الأفكار السيئة، ويجعله مستعدا للدخول في الصلاة . وإذا شعر الإنسان بالغضب فيمكن أن يتوضأ، فيذهب عنه الغضب طبقا لما جاء في الحديث .

صوم رمضان

أعلن تناكا عن شعوره الغامر بالسعادة عندما أكمل صوم شهر رمضان : " قال رفيقي : يا أستاذ ! غدا يوم العيد ... لاحظت أن وجنتيه صارتا أعلا من ذي قبل لأنه فقد كثيرا من وزنه هذا الشهر، كان هذا نتيجة صوم شهر رمضان أثناء سفرنا، كان الأمر صعبا، ولا أحد يستطيع أن يغير وقت رمضان، فهو يبدأ مع هلال الشهر التاسع وينتهي حين يظهر هلال الشهر الجديد أي شهر شوال، وحين شاهد رفيقي هلال الشهر الجديد من فوق السفينة قال لي : غدا العيد ! كان تعبيره ممزوجا بالجدية والفرح والشكر لله، كان شعوره هذا هو شعور جميع المسلمين على وجه الأرض ."

فريضة الحج :

كتب تناكا عن أهمية الحج إلى مكة : " الحج فريضة من فرائض الإسلام الخمس، والمسلم يكمل فرائض الإسلام بأدائه لفريضة الحج ، ومن هنا تكمن أهمية هذه الفريضة، وإذا أكمل المسلم الحج فهذا له شرف عظيم يدخل على قلبه الفرح والسرور وهذا أمر لا يمكن لغير المسلمين تصوره " ( الإسلام وقضايا الإسلام الفصل 4 ) والحج فريضة صعبة فالإعداد لسفر الحج يستلزم نفقات يوفرها المسلم من بين مكاسب حياته، كما أن الطريق إلى مكة صعب جدا، فقد بدأ تناكا سفره في 28 مارس سنة 13 تايشو، وكان ذلك في يوم الجمعة، فذهب لصلاة الجمعة والتقى بالإمام كون فوكو دو الذي كان في الثانية والثمانين من عمره، وبينما كان الإمام يدعو الله أن يحفظ تناكا في سفره هذا كان تناكا يبكي، بعد ذلك أعلن الإمام سو للناس بأن الأستاذ تناكا مسافر الآن للحج، فليودعه كل منا الآن، وقد ذكر تناكا أنه : " من بين كثير من الناس الذين قدموا لوداعي لم أجد يابانيا واحدا، لكن مثل هؤلاء المسلمين الصينيين قدموا جميعا من أجل ياباني واحد .. كم كان هذا جميلا ! "

وعبارته هذه تدل على أن المجتمع الصيني المسلم كان بعيدا عن اليابانيين الذين كانوا يعيشون في الصين، ورغم هذا كان تناكا يحمل بداخله ثقة في المجتمع المسلم فقد صار واحدا منهم، وقد صار مثله مثل أي مسلم صيني , ويفهم أيضا أنه لم ينل أي مساعدة من أي ياباني كما أنه لم يكن له أي هدف سياسي، فقد رغب تناكا فقط في أن يكمل فريضة الحج وقد عبر تناكا نفسه عن ذلك بقوله : " أنا لست شخصا يريد أن يحاول ممارسة أي نشاط ثقافي في الصين، الآن فقط أريد أن أكون مسلما جادا، مسلما حقيقيا، أريد أن أتبع الإمام المسلم، أحترم شيخي المسلم الذي أتعلم منه كيف أمضي على سنة محمد النبي، فأنا أريد أن أمضي على الطريق الصحيح، وعلى الدرب الذي يقودني إلى الله، لقد شاهدت فعلا الضوء على دربي، وأنا على يقين من أنه يمكنني أن أكمل هذا الفرض في أمان، وأن أمضي كما لو كنت سحابة بيضاء، أترك الرياح الشرقية تطير بي، تحملني حيث تشاء. "

ملابس الإحرام والشعور الإيماني :

في 14 يونيو وصلت السفينة إلى مرفأ جدة، كان تناكا مع رفيقه بملابس الإحرام، وقد شرح تناكا وجود اختلاف بين أصحاب المذاهب فيما يتعلق بأماكن ارتداء الإحرام : المسلمون الصينيون ينتمون إلى المذهب الحنفي، حين يقتربون من جدة وقبل النزول على أرض جدة يرتدون ملابس الإحرام، وهي تتكون من قطعتين كبيرتين من القماش، واحدة لتغطية الكتف وأخرى لتغطية الخصر، ولا غطاء للرأس ولا حذاء في القدم، بل خف غير مخيط . لكن المسلمين الذين جاءوا من جنوب المحيط ممن ينتمون إلى المذهب الشافعي، يقومون بارتداء الإحرام قبل خروجهم من جدة متجهين إلى مكة، وقد غير تناكا ورفيقه ملابسه وارتدى ملابس الإحرام قبل وصوله جدة، حيث ذهبوا إلى جزيرة صغيرة في جنوب جدة تسمى " الجزيرة " قال تناكا إنه: "حين وقف بالقرب من شاطئ البحر بملابس الإحرام شعر بقوة الإيمان وبمشاعر مباركة..

كل من يرتدي ملابس الإحرام يشعر بهذه المشاعر فلا زينة ولا زخارف، كل ما هو مصطنع يختفي من الذهن الذي يصفو تماما وتسيطر عليه مشاعر الإيمان المقدسة ، فجميع الحجاج في ملابس الإحرام سواسية، وهم أمام الله متساوون لا فرق بين أحد، ولا تمييز بين أحد، وإن وجد فهو في عمق الإيمان بالله، وهذا الموقف يمكن أن يعبر عن وحدة البشرية..."

تم حجز تناكا في قرنطينة هذه الجزيرة الصغيرة، لكنه لم يشكو أي شيء، فهو يقبل كل شيء لأنه يمضي في سبيل العبادة، كان الجميع يعانون من التعب والإرهاق، بعد رحلة طويلة، وتذكر تناكا المصائب التي حدثت على ظهر السفينة أثناء الرحلة، ومواقف ضباط السفينة وملاحيها الغير عادلة، ورغم ذلك كان تناكا يضع قدميه في ماء البحر، وهو يجلس على صخرة قريبة من الساحل، بينما ملابس الإحرام ترفرف بفعل الرياح التي تهب، وضوء القمر يسطع في السماء .. وقد رق قلبه وسط هذا الجو الهادئ فانسابت الدموع من عينيه ..

وانطلق تناكا مع رفيقه على ظهر البعير، وكان رفيقه خائفا فنصحه تناكا بأن لا يخاف لأنه إمام وهو شيخ، وقال له: "إذا أرادوا حياتك فأعطها لهم، يجب أن تتأهب لهذا !! " وقد تأثر تناكا بمنظر الحجاج المحرمين المتجهين من جدة إلى مكة فكتب: " تحت ضوء القمر يمكن أن أرى هذا المشهد الفني أو الاستعراض الفني الذي لا يمكن أن يرى في أي مكان آخر إلا هنا "

كانت الرحلة من جدة إلى مكة صعبة جدا وفي أيام تناكا كان ما يقرب من 600 ألف حاج قد تجمعوا في هذا المكان في وقت واحد، زحام لا يمكن تخيله في جو حار جدا

ويتحدث أيضا عن مشاعر المسلمين : " الناس الذين يموتون هنا لا يحزن عليهم أحد، كما أنهم لا يصابون بالخوف من الموت هنا، فإذا مات ال
10-02-2007, 10:45 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
سيناتور غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,957
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #2
الحاج نور محمد تناكا إيبيه: رائد الدراسات الإسلامية في اليابان
تناكا إيبيه رائد الدراسات الإسلامية في اليابان ورحلته إلى الجزيرة العربية ووسط آسيا وغيرها ترجمة د. سمير عبد الحميد إبراهيم نوح( بالاشتراك ) عن اليابانية مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية - مؤسسة الملك فيصل الخيرية بالرياض




http://science-islam.net/article.php3?id_a...622&lang=en
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 10-02-2007, 10:52 PM بواسطة سيناتور.)
10-02-2007, 10:51 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
يجعله عامر غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #3
الحاج نور محمد تناكا إيبيه: رائد الدراسات الإسلامية في اليابان


موضوع يستحق القراءة خاصة وأن توجهات اليابان الحالية في دراسة الشرقيات والاسلام اصبحت متزايده
10-03-2007, 05:02 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
سيناتور غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,957
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #4
الحاج نور محمد تناكا إيبيه: رائد الدراسات الإسلامية في اليابان
أشكرك على المرور و على ردك اللطيف .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 10-03-2007, 01:53 PM بواسطة سيناتور.)
10-03-2007, 01:53 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS