النجم اللامع
نسمة عطرة :

أنا ذكرت موضوع عزيز صدقي بتحفظ ((والعهدة على ذمة الراوي)) لأن الروايات في هذا الصدد متناقضة عما حصل وما كان يجب أن يحصل

ما يهمنا في هذا الجانب حدث بالفعل فنحن يجب أن نحاسب سياسيينا على النتائج لا على النوايا وهذه من أخطاء عبد الناصر والثورة التي يجب الإقرار بها دون التنكر لإنجازاتها العظيمة أن التعددية الحزبية وحرية التعبير تراجعت مع الثورة حتى وإن لم يكونا متواجدين على الوجه الأمثل في العهد السابق لها.

ثندر راجع المداخلة رقم (9)

اقتباس:  وضاح رؤى   كتب/كتبت  
  حركة العسكر مرت بثلاث مراحل ... تحدي الملك (منذ انتخابات نادي الضباط –رفض الاحتفال بمولد ولي العهد – رفضهم ارتداء كرفتة سوداء في ذكرى رحيل الملك فؤاد ) ... التحرك ليلة 23 يوليو – ثم التصادم .

و عملية ضباط المدفعية كانت في مجملها تنحصر في إقناع ضباط القيادة بالإصلاح والمشروع الذي قدموا إلى المجلس العسكري ، وكانت خطتهم إذا ما فشلت المفاوضات السلمية ، فليس أمامهم سوى السلاح ...


لكن هنا لن تستطيع أنت أو أنا أن نؤكد ذلك ؟ (لا) فحين تسأل الفريقين كل فريق يتهم الآخر محمد نجيب على سبيل المثال قال : أن نيتهم أن يضعوا كل واحد منا في (شوال) وحسين الشافعي قال ما سطرت ، وعلى الناحية الأخرى من محسن عبد الخالق و عيسى سراج الدين يقولون أن نيتهم هي مصلحة البلاد والديمقراطية لا غير ، حتى "يوسف رشاد" يؤكد ذلك رغم إنه لم يكن بحركة المدفعية وأتهمها بالتسلط وإلغاء الأخر ويتهم ناصر ورفقته بأنهم جعلوه (بصمجي) رغم إنه الأوصياء على العرش.

و معظم ضباط القيادة لم يكن لهم أي دور في ليلة الثورة بل أن بعضهم جبن وتوارى وعدد كبير من الضباط الأحرار لم يكونوا معروفين حتى لجمال عبد الناصر ، لولا جهود ضباط المدفعية لفشلت الثورة وهذا باعتراف أحد المحسوبين على جمال عبد الناصر " احمد بهاء الدين"  

أهم نقطة في الموضوع أن الضباط الأحرار قاموا بحركتهم  قبل أن يناقشوا الصورة التي يجب أن يكون عليها نظام الحكم وهم للحق اتفقوا على تأجيل تلك الخطوة بعد التأكد من نجاح حركتهم !!


لكن المشكلة التي وقعت فيها القيادة هي مشكلة تعدد السلطات : مجلس قيادة – مجلس وزارة – وصاية وتضارب هذه السلطات لم تفعل نظام الحكم أطلاقا إلى جانب أن البرلمان قد انحل بعد تعطيل وزارة النحاس باشا في بداية العام 52 ، حتى أن ضباط المدفعية اقترحوا بضرورة إسراع عودة أخر برلمان حتى يكون رمانة الميزان في الدولة ، لكن لخوف عبد الناصر من شعبية النحاس باشا رفض ذلك أطلاقا .

إلى جانب العشوائية الشديدة وأمامكم هذا المثال   "يوسف صديق" دخل المجلس أزاي (؟)  دخل عليهم في اجتماعاتهم الدورية ... فسكتوا قال لهم : بتسكتوا ليه هو أنتوا جمعية سرية ، الجمعية السرية انتهت خلاص ومن حقنا نعرف البلد ماشية ازاي ، فقالوا له طيب تيجي تشتغل معانا من غير متقول لحد ودخل صديق .. يعني اختيار عشوائي .

باختصار ممكن أن نسمى تلك المرحلة من بعد حركة الضباط حتى 54 بأنها ليست سوى   فترة حكم الجهلة المراهقين حيث كانت بها حوادث غريبة ومضحكة مثل زوجة الضابط عبد المنعم أمين التي كان لها تداخلات سافرة في الدولة وقربها الشديد من أعوان عبد الناصر وتلاعبها في بورصة القاهرة أو أن مجلس قيادة الثورة يتفرغ لمشكلة الطماطم ويترك أزمة ومحنة البلد  


وعلينا معرفة أن الديمقراطية التي طالب بها ضباط المدفعية ليس القصد منها التباحث والتشاور  فيما بين الضباط ، فالديمقراطية التي نادوا بها هي ديمقراطية الشعب إلى جانب أن دستور 23 كان دستور شكلي ومؤسس أساسا على يد (الاشقياء الثلاثين) حسب تسمية زعيم الأمة "سعد باشا" والذي قام بتأسيسه أساسا هو غالبية أعضاء حزب الأحرار وهو حزب النخبة البرجوازية والنحاس باشا كان يطالب بتغييره دائما  لأنه جعل القصر هو المتحكم الأول في السياسة لكنه أعطى جزء سطحي من ديمقراطية لم نتحصل على 1% منها منذ وصول العسكر

عزيزي وضاح

تصدق الآن فقط انتبهت بمداخلتك

حسنا إذا كان القراءة التي قدمتها للتاريخ حقيقية
فهذا يعني أن القائمين على الثورة لم يكن لديهم الوعي السياسي الكافي والخبرة لإدارة دولة وأن هذا الوضع سيؤدي بكل تأكيد إلى خلق فراغ في السلطة لن يلبث إلا أن يتم ملؤه بالديكتاتورية الفردية لأن من طبيعة الحكم أنه لا يتحمل مشاركة أكثر من طرف وأن يبقى القرار مشلولا بيد عدة فئات

وهذا أمر حدث بالفعل

تقول أيضا أن الثوار لم يكن لديهم أي تصور عما سيكون عليه الحال بعد الثورة يعني هم كما يقول المثل الروسي هدموا البيت الذي سكنوا فيه قبل أن يبنوا البيت الجديد وهنا تتفق معك جميع المراجع التاريخية في هذا الأمر لأن فكرة الجمهورية بحد ذاتها لم تكن واردة ومطروحة في بدايات الثورة.

تبقى هناك قضية هامة جدا وهي لماذا تم تغييب الديموقراطية ولماذا لم يرجع الضباط لثكناتهم وهنا تتعدد التأويلات فأنت مثلا تطرح فكرة أن طبقة الضباط البيروقراطية بعد ان تمتعوا بامتيازات السلطة والثروة رفضوا العودة إلى الوضع السابق وهناك من يرى أنهم كانوا خائفين من عودة الملك إذا سلموا السلطة للأحزاب

هل تعرف أنا شخصيا أرى أكبر أخطاء ثورة يوليو التي لا أتنكر لإنجازاتها ليست تغييب الديموقراطية وليست حكم الحزب الواحد بل هي تأميم الصناعة وتضخيم القطاع العام المصري إلى الحد الذي أدى لتدني الرواتب والأنتاجية وتحويل القوى العاملة إلى قوى إنتاج معطلة هذين الخطأين ترتب عليهما تصفية الطبقة الراسمالية الوطنية من خلال مصادرة الاموال وايضا تصفية الطبقة العاملة المنتجة وتحويلها إلى طبقة بيروقراطية . ولو لم تقم الثورة بهذين الخطأين لكانت انتهت إلى ما انتهت إليه ثورة ماتس تونغ في الصين .

فوازير عبد الناصر ...

في البداية يا عزيزي حين قامت حركة الجيش قامت على أساس بيان أعلنته في الإذاعة.

1- احترام الدستور والدفاع عنه
2- إعادة الحياة الدستورية السليمة
3- إطلاق الحريات العامة

لكن في يوم 27 يوليو 52 طرح "ناصر" على الهيئة التأسيسية للضباط قضية مستقبل الحكم في البلاد هل يكون ديكتاتوري أو على الطريقة الديمقراطية !!!!

هو طرح غريب لأن الثورة كانت قد حددت مسبقا مستقبل الحكم في البيان الأول حسب رواية السادات في كتابه الشهير (يا ولدي هذا عمك جمال) قال أن النتيجة هي 7 إلى 1 ، سبعة مع الديكتاتورية و واحد فقط مع الديمقراطية هو عبد الناصر لكن بحسب "محيى الدين" قال أن عبد الناصر مع الحكم الديمقراطي دون عودة الوفد وهو حزب الاغلبية !!

هنا جرت عملية انشقاق على سلطة الجيش وقرر ناصر الاستقالة وهذه حقيقة واقعية وحسبما قاله "خالد محيى الدين" أنه بعد أن عرض ناصر الفكرة عليه قاله خلاص البلد رايحة في أبو نكلة و الوضع حيفلت من ايدينا ، فعدل عن الإستقالة لانها لن تقدم ولن تؤخر فكان له ضرورة السيطرة على الجيش والسيطرة بيد من حديد على الدولة والتخلص من من قادة الجيش الواحد تلو الاخر وفي نهاية حياته لم يتبقى معه سوى "الشافعي" و "السادات".

لم يكن هناك فكر إيديولوجي معين وإنما كان يجمع غالبية الضباط هو البقاء في السلطة وليست كالثورة الفرنسية التي كانت ملتزمة بالفكر البرجوازي أو الثورة الروسية الملتزمة بالفكر الاشتراكي إلى جانب أن الثورة ألغت الفرق بين الدولة والحكومة فغدت الدولة هي الحكومة والحكومة هي الدولة

إلى جانب حقيقة يجب علينا تقبلها أن تلك الثورة كانت مفسلة أيديولوجيا فغيرت شعارها الأول من (الإتحاد و النظام و العمل ) عام 52 إلى شعار أخر عام 62 وهو (حرية –اشتراكية – وحدة) ، وحين تولى عبد الناصر السلطة شيد فلسفته بثلاث دوائر ( دائرة إسلامية – دائرة عربية – دائرة افريقية) وبعد صقل ناصر بالفكر القومي العربي غير فلسفته متجها نحو العروبة .

إلى جانب حقيقة هامة هي أن اشتراكية عبد الناصر كانت شيء غامض لأنها بحسب التعريف في الميثاق الوطني تجده شيء مطاط يتسع فيه مكان للقطاع العام وفيه مكان للقطاع الخاص وفيه وعد بتذويب الفوارق ولكن كيف يكون ؟؟ هل يكون بنسبة واحد للعامل إلى مائة لرئيس مجلس الإدارة للمؤسسة أو واحد للعامل إلى مائة ألف لبعض المقاولين !!

ثم إنها قالت إنها ثورة اشتراكية (منبثقة من واقعنا) دون أن تحدد هذا الواقع ! كما تؤكد أن اشتراكيتنا ليست مستوردة) أي ليست كاشتراكية الخواجات الروس أو المانيا الهتلرية أو اشتراكية حزب العمال الفابية!!!

وبذلك كان كل شيء في عهد "ناصر" كان الغاز ، الا إنه والحق يقال رجل وطنى واخلص لمصر وعروبته تماما كمحمد على باشا الكبيرة .

دولة محمد كانت ناسخ ومنسوخ
ودولة ناصر ناسخ ومنسوخ
كلها سكة واحدة
عبد الناصر أخلص للنموذج المحمدى وذبح مصر قرباناً للإسلام بس كانت عنده تقية وسمى الإسلام : عروبة

تابعوا حلقات مع هيكل..
الحلقة الماضية بدأ الحديث عن طفولة وشباب عبدالناصر..
واظن انه سيتحدث عن الضباط الأحرار وفترة الثورة في الحلقة القادمة..