ثقافة تخلف
أعمدة
43814 السنة 131-العدد 2006 نوفمبر 21 29 من شوال 1427 هـ الثلاثاء
أوراق خاصة
بقلم: نـبيـل عـمــر
ثقافة تخلف!
هل يمكن في أوائل القرن الحادي والعشرين أن نفكر بعقلية القرن الثاني عشر؟!
في ذلك الزمان البعيد كان رجال الكنيسة يصفون المرأة التي تخرج من بيتها دون حجاب بأنها زانية إلي أن تعود إلي البيت.
نعم ممكن.. لأن التخلف ينتج أفكارا واحدة, لا فرق بين دين وآخر, ثقافة وأخري, شرق وغرب, طقس بارد وطقس حار, وحين ينشغل مجتمع ومثقفوه التقليديون بالتربص برأي قاله وزير الثقافة عن الحجاب, فمن المؤكد أننا في حالة تخلف مستعصية, وهنا لا أتحدث عن الحجاب وهل هو فرض أم لا, وإنما أتحدث عن عقل أمة وطريقة تفكير, بمعني هل الحجاب قضية يمكن أن تثار حولها زوبعة وطلبات إحاطة في البرلمان وتصريحات نارية من أعضاء في التيار الديني, وبرامج تليفزيونية تحريضية من قنوات فضائية هي من نتاج الحضارة الحديثة, ما كل هذا الصخب والضجيج والحريق المشتعل بفعل فاعل علي رأي يخالف المألوف ويعارض المعروف؟!
المجتمعات لا تنمو بالأفكار التقليدية ولا بروح الماضي, والإسلام نفسه حين بزغ نوره في الجاهلية, كان رسالة مخالفة لما هو سائد من أعراف وقيم وتقاليد, ثورة علي القديم البالي العفن, ثورة أزالت قوالب جامدة من التفكير المنقول والمحفوظ عبر مئات السنين بين قبائل بدوية, لم يجرؤ أحد علي تحديها وتغييرها.. فماذا حدث لنا؟!
قبل أكثر من سبعين عاما حين كانت مصر في حالة نهوض ثقافي ومعرفي يقودها كوكبة لامعة من المفكرين والكتاب والفنانين, ناقش المصريون كل فكرة وأي فكرة مهما كانت غرابتها أو صعوبتها بمنتهي الجرأة, بل إن مصريا كتب مقالا في جريدة سيارة عنوانها لماذا أنا ملحد؟!.. فرد عليه آخر بمقال: لماذا أنا مؤمن؟!.. لم يطلبوا رقبته ولم يهدروا دمه, وهذا ليس معناه أنهم كانوا يروجون للإلحاد, وإنما كانوا واثقين من إيمانهم ولا يخشون علي دينهم من مقال أو كتاب أو رأي!
لكن يبدو أن التيارات الدينية التي تمكنت من العقل المصري لأسباب ليس هذا وقت تفصيلها قد عادت بنا إلي الوراء, إلي عصر ما قبل محمد علي الكبير!
وقد كشف رد فعل التيارات الدينية بوضوح عن أن الديمقراطية بالنسبة لهم مجرد حجة وسلم إلي السلطة, ربما لأنهم يؤمنون بأنها رجس من عمل الشيطان!
الأمم لا تتقدم إلا بالنوافذ المفتوحة لا برجم الآراء المخالفة!
|