مع الاعتذار للعزيز جاد مون وجدت مقاله هذا من المناسب جدا ان يكون هنا فانا اتفق مع كل كلمه فيه
أكره صدام .. ولكن ....
لكم كنت اود ان اعنون هذه السطور ب صدام الى الجحيم
ولكن لم استطع لان هناك اشياء كثيرة تمنعنى ان اقولها رغم كراهيتى لهذا الرجل ولكل ما يمثله .
اكره صدام حسين مثلمااكره كل الطواغيت الذين ابتلى بهم وطننا العربى منذ مطلع القرن الماضى وحتى مطلع هذا القرن ..عندما توقفت مسيرة الامة العربية عند عتبة الزمن ولم تتقدم بعدها خطوة واحدة
..حيث عطلت كل الادوات التى من شأنها الدفع بالنضوج الفكري والسياسي للامة .. وظلت حبيسة عبادة الشخصيات والاحساس باليتم والحاجة الى الرمز الذى يستعبد ويقهر ولا الذى يقود ويدفع الى تحرير
الانسان العربي فكرا وعقلا ..
اكره صدام حسين واكره من يعبدون الاصنام ويسجدون لها ويدينون لها بالخوارق والمعجزات ...فسلمنا لها الرقاب وطأطأنا الرؤوس واسلمناالقياد حتى وصلوا بنا الى ما نحن فيه اليوم من الضعف
والمهانة وعدم القدرة على التمييز لدرجة تدفعنا دائما الى اختيار اسوء النماذج لتقودنا من جديد فى متاهات الظلم والطغيان ولنرسم من جديد مشهدا تاريخيا لا يقل قتامة على ماسبقه يدفعنا الى هذا خوفنا من
التجديد وخشيتنا مما قد ارتكز فى عقولنا انه المجهول ....
اكره صدام حسين واتمنى ان يذهب هو من شابهه الى الجحيم حيث مكانه الفعلي ولكن .. هل الذين حاكموا صدام وحكموا عليه هم افضل منه ؟ وهل الذين حكموا عليه بالاعدام حتى قبل انعقاد
المحاكمة . هم اكثر عدالة منه واقل وحشية او دموية او تطرف ؟ انها اسئلة تقليدية يدفعنا الى طرحها زمن وظروف غير تقليدية .. لم يكن الامر مفاجاُ ان يحكم على صدام بالاعدام بل الذى سيكون
مفاجئا ومزلزلا لاعداء واصدقاء العراق معا ان يحكم صدام بغير هذا الحكم .. وان تظهر الحكومة العراقية بغير المظهر الذى يريد الاخرون ان تظهر به .مظهر الحكومة الخانعة الذليلة والعميلة كما
يحلو للبعض ان يصفها ..لكم كنت اود ان يكون الحكم غير هذا الحكم ..خاصة وان جلادى صدام ليسوا بافضل منه ... فان كان صدام قد جاء الى الحكم بدبابات العسكر ومؤامرات الاغتيال
والانقلابات ..فالحكومة العراقية جىء بها على ذات النمط وان اختلفت جنسية الدبابة وقائدها الذى يعتمر قبعات المارينز ويحكى بلغة اليانكي ويقتل ببندقية الام 16 .. ولن يشفع للحكومة
العراقية انها حكومة منتخبة ..ولن يشفع لها انها تحاول اظهار المحاكمة بانها عادلة ..لانها وببساطة ليست كذلك ..فهى محكمة اقيمت تحت اضواء الاعلام الدولي والرأى العام فتحولت الى مسرحية تبارى فيها
المتهمون والقضاء على لعب ادوار الوطنية والبطولة من اجل حصد التصفيق والتشجيع ولم تكن محاكمة جنائية بل كانت سياسية قلبا وقالبا ... وبالتالى فقد ضيع المتهمون وقتهم فى
الاستعراضات العنترية لعلمهم انها تبث على العالم فيما يحاول الطرف الاخر ان يثبت انه عادل ونمصف وحيادى وهادىء ليكى يثبت للعالم لا لنفسه او للمتهمين او لهيئة الدفاع بل للعالم والاعلام انها
مسرحية كل طرف فيها يحاول اقناع المشاهدين انه الاصدق تمثيلا والاكثر تاثير ..
محاكمة عادلة وشفافة ....
لما يكن بالمفاجىء ان يحكم على صدام بالاعدام ...لانه لو حوكم بغير هذا .. لكانت المحكمة مستقلة .. ولكانت الحكومة مستقلة .. ولكان الاحتلال مجرد وهم .. ولكان العراق
دولة غير عربية او غير مسلمة .... غير انها لم تعد كذلك ..
فقد هذبت السلطة العربية من نفسها وقصت مخالبها وبدل ان تمزق خصومها بالانياب و تسحلهم فى الشوارع ..اختارت ان تطهوهم فى الافران
بشكل جيد ثم تلتهمهم على مهل بالشوكة والسكين. اسلوب حضارى وطريقة عصرية فى سحل العدو ....
اكره صدام ولكنى كرهت اكثر واكثر محاكمته وكرهت اكثر واكثر مهازل هيئة الاتهام وهيئة الدفاع والتى يبدوا وانها قد فطنت الى النتيجة النهائية فلم يعد يهمها سوى الرقص الاستعراضى فى مماهاة
مطابقة لما يقوم به المتهمون من خلف اقفاصهم ..
اكره صدام ولكنى اكره اكثر طرق سلب الحياة سواء تلك التى ابتدعها هو ابان حكمه او هذه التى سوف تسلب بها حياته ... اكره الاعدام .. لانه لن يحل مشاكل العراق ولن يعود به الى الامان
ولا يعنى صدوره ان هناك عدل او انصاف او حيادية فى العراق ولا يؤكد هذا سوى ان الاحتلال يجثم وبقوة على صدر العراق وانه انهكه وسينهكه اكثر ولتذهب اكاذيب اولئك المتفائلين بهزيمة الاحتلال الى
الجحيم .. لانهم عبدة للغة ليسو ا الا واسرى للاوهام ..فالاحتلال لن يمضى لمجرد عمليات هنا وهناك قتلت من العراقيين اكثر مما قتلت من جند الاحتلال ولن يمضى بسبب اى حملة اعلامية من قناة الجزيرة ولن يمضى لان الاعلام العربى المسكون بالصراخ والجعجعات قد بشر بهذا الرحيل وسوق له .. ولن يمضى وان مضى فإلى عودة لاننا للاسف نشبه الثيران المربوطة الى الساقية والتى تدور وتدور وتدور وتعود الى نفس موقعها
اذ نكرر ونمارس نفس
اخطاءنا السابقة والتى وصلت بنا اليوم الى ما نحن فيه كما اوصلتنا بالامس وفى المستقبل ..
اكره صدام ولكنى اكره اكثر الضعف العربي وهذا الهيام بالشخوص وهذا التهافت على عبادة الرموز وهذا الهوان
الذى يشعر به الشارع العربي فيما هو يبحث عن قدوة يمشى ورائها او يسبح بحمدها
..بالامس كان الباب العالى وفى الامس القريب جمال عبد الناصر وبعده صدام واليوم بن لادن
فيما شعوبنا تشبه قطعان الماشية التى تساق الى مصيرها
تساق دون ان يكون لها القدرة على ان تصنع مصيرها ومستقبلها
..
اكره صدام واكره اكثر تلك الدموع التى تساقطت حزنا عليه وتلك الصرخات الهستيرية التى تود ان تعمده شهيدا وقديسا وملكا متوجا وتلك اللغة التى سوى تنسحق الاف المرات وتضرب وتصهر من اجل
بناء ضريح مناسب لصدام يمجد تاريخه وافعاله وانجازاته..فيما يإن العراق ويتألم ممزقا ما بين ولاءات عدة ولا ولاء للعراق .. ...
اكره صدام واكره اكثر تلك المشاعرالمتضاربة فى داخلى بين فرح خفي وبين حزن جلي .. بين حقيقة ان صدام طاغية وبين حقيقة افظع انه لم يعرض على محكمة عادلة
بين الحياة وبين الموت .......