اقتباس: الحسن الهاشمي المختار كتب/كتبت
تحية طيبة
ولك مثلها وزيادة
أهلا بك وسهلا ومرحبا
اقتباس: الحسن الهاشمي المختار كتب/كتبت
قلت سابقا إن بيان الفرائض بالتطبيق الفعلي يعتبر توثيقا كالكتابة بدليل أنك لا تجد اختلافا في كل المعمورة في كيفية الصلاة وعدد ركعاتها ونصاب الزكاة .
المشكلة يا صاحبي ليست في التطبيق الفعلي لأمر وارد في القرآن أو غير وارد فيه على الإطلاق، لكن المشكلة ووجه الخلاف بيننا نقلة هذه الصفة وتلك، فقد لا يختلف الناس في عدد الركعات مثلا، لكنهم قد يختلفون في كيفية حل مشكلاتها حال السهو والخطأ فيها، فعلى سبيل المثال فإن الناس كلهم يعرفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعا في الظهر والعصر بالتواتر الفعلي القاطع الثابت، ولكن ماذا لو نسي أحد المسلمين جزءا من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!
ماذا لو نسي الجلوس للتشهد الأول؟!!
وماذا لو نسي التشهد الأخير أو أسقط ركعة من الصلاة وذكرها بعد الفراغ؟!!
وما كان يقول يا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول؟!!!
وهل يا ترى كان يقرأ في صلاته السرية أم كان يسكت متأملا في ملكوت السماوات والأرض؟!!
وما على المأموم أن يفعل في صلاته يا ترى أيسكت أم يقرأ خلف إمامه في سره؟!! وماذا لو لم يقرأ المأموم بأم الكتاب؟!!
أيختلف حال القراءة ووجوبها في السرية عنها في الجهرية؟!!
وماذا لو أخطأ الإمام في صلاته ما يفعل المأموم؟!! أيتابعه على خطئه أم يصحح له وكيف يصحح يا ترى لو شاء؟!!
هذه الأجزاء في الصلاة إنما وردت بطريق الآحاد لا بالتواتر قطعا، فما يفعل الواحد فينا بحق لو نسي التشهد الأول وقام عنه أيرجع أم يتم ويسجد للسهو؟!!
الأحاديث في هذا المجال إنما وردت بطريق الآحاد فهل يا ترى نلقي بها ونعيد صلاتنا لو نسينا التشهد الأول أو نسينا ركعة وسلمنا؟!! أو نقبلها ونكون بذلك مقيمين لديننا على آحاديث ظن لا تغني من الحق شيئا كما يصوره البعض؟!!
ثم لنفرض أن هذا تطبيق فعلي يعتبره جنابك توثيقا كالكتابة، فمن يا ترى نقل هذا التوثيق؟!! ومن قال إن علينا أن نصلي كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!! ألا يجوز لنا أن نرجع في هذا الأمر لمعنى الصلاة في اللغة على أنها الدعاء فنكتفي بأدعية مختصرة وصلى اللهم وبارك؟!!
وماذا لو ترك بلد من بلاد الإسلام الصلاة أيقاتلون عليها كما فعل أبو بكر أم نسكت عنهم على أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله؟!!
ثم من قال إن كيفية الصلاة لا تختلف في أنحاء المعمورة؟!!
عند الشيعة على سبيل المثال لا يسلمون في صلاتهم لا يمينا ولا يسارا، بل يكتفون ببضع ضربات على الفخذين بعد تمام الصلاة، كما وأنهم يمسحون على أرجلهم في الوضوء بدلا من الغسل، مع ورود النص في القرآن.
وأما قولك:
"هذا المثل لا يصلح للاستشهاد به ، طبعا يكفي أن تنصح السامع بالقول ولا داعي لكتابته على الجدار، أما لو كانت وصيتك لمن لم يسمعك مباشرة فإن التوثيق بالكتابة هي الحجة ، فإذا كان خطابك موجها لكل من سكن البيت فإن البيت سيتغير ساكنوه عبر الأجيال ، وأنت حتما ستموت ، ستعاصر جيلا أو جيلين على أكثر تقدير".
وقولك:
"نعم القضاة يأخذون بأقوال الشهود الذين شهدوا الحادث ومع ذلك يؤدون القسم، ولا يأخذون بأقوال السامع للخبر عن غيره لأنه لم يشهد الحادثة بنفسه.
مثل القول المكتوب كمثل الشاهد الذي يأخذ به القاضي في الحكم.
ومثل الكلام الغير مكتوب (المروي بالسماع عن الغير ) كمثل الذي سمع عن غيره عن الحادثة ولم يشهدها بنفسه وهذا لا يأخذ القاضي بشهادته لأنه ليس شاهدا حضر الحادثة وإنما هو مجرد سامع عن غيره فقط، فإذا جاءت شهادة الشاهد موافقة لما رواه السامع اعتبر كلام هذا الأخير صحيحا".
وقولك:
"لا أقبل تكذيبه إذا أخبرته أني وكلت محاميا وعليه أن يمتثل لأوامره باعتباره الناطق باسمي.
فلو عين الله أوالنبي صلى الله عليه وسلم أحدا وزكاه لنا بأن نأخذ عنه الحكمة لما وجدت حديثا واحدا يحكم عليه بالضعف، ولقرئ الحديث هكذا : قال النبي صلى الله عليه وسلم : كذا وكذا ... بدون أن نجعل العهدة والذمة على الراوي فنقول قبل ذكر الحديث : عن فلان عن فلان عن فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم : كذا وكذا ..."
فهذا كله ما كان له يا صاحبي من داعي، لأنك لم تفهم مقصدي من ردي ذاك عليك، وإن كنت أيدتني وتراجعت عن قولك الأول من حيث لا تدري، وذلك أني ضربت لك هذا المثال ردا على قولك سابقا:
"فالضروريات هي الفرائض الملزمة ، ولكي تكون حجة يعاقب مخالفها فإنها يجب أن تكتب ، فإن لم تكتب فذلك هو التفريط لأن بدون الكتابة لا يكون لك حجة أن تعاقب"
فجئنا بهذه الأمثلة التوضيحية لنبين لك أن الفرض واللزوم وقيام الحجة لا يشترط فيها الكتابة والتدوين، وقد وافقتني في هذا وتراجعت عن رأيك فيما أرى حيث قلت: " طبعا يكفي أن تنصح السامع بالقول ولا داعي لكتابته على الجدار" لكنك أضفت أمرا يتعلق فيمن لم يسمع مني مباشرة وهذا ما لم يكن أساس طرحك في كلامك عن الوجوب المتعلق بالكتابة في الأساس، على أن الكتابة تعني الفرض، وما سوى ذلك فهو سنة.
وأما قولك:
"صحيح أن الحق لا يسقط ، لكن الكتابة حجة أنك أقرضته ، فلو كتبت عليه (كمبيالة) ووقع عليها فإنك تستطيع أن تدخله السجن ، أما لو لم تكتب عليه كمبيالة فإن القانون لا يحمي المغفلين".
في ردك على تعقيبنا:
الكتابة تعني الفرض والواجب يعني الفرض واللزوم يعني الفرض والأمر يعني الفرض، وليس كل ما لم يُكتب فليس بواجب، وعلى سبيل المثال فإن الله أمرنا بكتابة الدين، فقال: (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم إلى أجل مسمى فاكتبوه) لكن هل يا تُرى يسقط الدين إن لم يُكتب؟!!
فإنه لا يصح هذا القول منك ولا من غيرك يا عزيزي، وذلك أن من أشهد ولم يكتب فليس بمغفل، بل يلزمه وفاء الدين كما لو كان مكتوبا سواء بسواء، وكذا كانت حتى عقود النكاح في السابق، لا دواوين تكتب فيها ولا سجلات وهي مع ذلك جائزة وواقعة وما قال قائل يوما إن ذاك الزواج باطل أو ذاك العقد غير نافذ.
وأما قولك:
"لم أقل إن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بتبيين القرآن فقط وإنما قلت إن كل قول للنبي فهو حكمة تدرك بالعقل ، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاء بأشياء لم ترد في القرآن ولم يتعرض لها القرآن مثل تحريم الجمع بين المرأة وخالتها ومثل تحريم الوصبة للوارث فإن ذلك حكمة تتوافق مع العقل ، فالجمع بين المرأة وخالتها أو وعمتها شيء غيرأخلاقي ، كما أن الضرائر يغرن من بعضهن البعض ، وقد تتطور الغيرة إلى بغضاء وقطيعة ، والقطيعة بين المرأة وضرتها (خالتها أو وعمتها ) تعتبر قطيعة أرحام أوصى الله بوصلها لا قطعها.
وأما (تحريم الوصبة للوارث ) فتلك حكمة توافق الحق ، الوارث سيرث حقه الشرعي ، فلو أوصيت له بفدان أو فدانين فوق ما سيرث فمعنى ذلك أنه سيأخذأكثر من حقه، وذلك ليس عدلا.
إذن فالمعيار العادل لمعرفة صحة الحديث هو موافقته للحق ، والحق يدرك بالحكمة، والحكمة هي القول أو الفعل الصواب (المعقول) ، وكلام نبينا وأفعاله حكمة ، والقرآن شهيد على ذلك".
في ردك على تعقيبنا:
ليس صحيحا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بتبيين القرآن فقط بل قد جاء الشرع بأشياء لم ترد في القرآن ولم يتعرض لها القرآن مثل تحريم الجمع بين المرأة وخالتها ومثل تحريم الوصبة للوارث وغير ذلك الكثير .
فأقول أخي الكريم: إن السنة الثابتة الصحيحة إنما هي حكمة كلها لا تنافي العقل السليم ولا تعارضه بتاتا، متى ما علم أن قائلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه قد يعارضها برأيه المريض إذ لم يعلم ويتعلم هذه الحكمة التي يهبها الله تعالى من شاء من عباده، وعلى سبيل المثال فإن عقلا في السابق ما كان ليتصور يوما أن بإمكان المرء أن يصل إلى القمر أو أن يطير فوق المحيط، ولو ورد في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء من هذا لقال من يأخذ برأيك إن هذا محض كذب وافتراء، لأن الحق المدرك بالحكمة، التي هي القول أو الفعل الصواب (المعقول) وهذا ليس بصواب ولا بمعقول بحال من الأحوال، وبالتالي فإن من نقل هذا الخبر كذاب ابن كذاب، ولهذا تجد عدم صحة حديث الذبابة مع كونه ثبت طبيا بالدليل القاطع والبرهان أن في ظهر الذبابة من المضادات الحيوية ما لا يتصوره إنسان، وعندك على سبيل المثال سم الثعبان فإن جل الأدوية يحويها، ولو قلت لجاهل لا يفهم بالطب شيئا إن في سم الثعبان شفاء لسخر منك وكذبك وقال لك وإن كنت طبيبا إنك لا تفهم بالطب شيئا، لأن هذا الكلام الذي تقوله ينافي العقل والمنطق والمعقول المستنبط من الحكمة!!
وباختصار: فإن معيار الحكمة هذا فضفاض لا يعرف أحد ضابطه من غير ما رد للقرآن والسنة إطلاقا.