{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الكلل الحمراء
الكندي غير متصل
ليس التلاسن مع الرعاع فكر ولا حرية
*****

المشاركات: 1,739
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #1
الكلل الحمراء
جيم ميلر كان يعبـّيء لي بعض البطاطا عندما لفت نظري صبي دقيق العظم والملامح، رثّ الثياب، نظيف، ينظر بجوع الى سلة من البازيلاء الخضراء الطازجة أمامه.

دفعت ثمن البطاطا، ولكن منظر البازيلاء الطازجة جرّني وأسال لعابي لطبخة منها فوق اللحم. وبينما أنا واقف أتأملها، لم أتمالك نفسي من سماع حديث جري بين السيد ميلر وبين الصبي الواقف بجنبي.

-- "مرحبا بيري، كيف حالك اليوم؟"

"مرحبا سيد ميلر. انا بخير. أقف فقط لكي أتأمل هذه البازيلاء الجميلة في سلتك."

-- "إنها طازجة وطيبة المذاق يا بيري. كيف حال والدتك؟"

"إنها بخير، وصحتها تتحسن والحمد لله"

-- "ممتاز. وهل هناك شيء استطيع أن أخدمك به اليوم؟"

"كلا، شكرا لك سيدي. أنا فقط أتأمل هذه البازيلاء"

-- "وهل تود أن تأخذ بعضها معك الى المنزل؟"

"لا شكرا. ليس معي ما أدفع به ثمنها"

-- "حسنا، هل لديك شيء تبادلني إياه ببعض البازيلا؟"

"ليس لدي سوى كلــتي المفضلة هذه"

-- "صحيح؟ دعني أراها"

"ها هي. إنها فعلا رائعة"

-- "لا أستطيع أن ارى بوضوح. همممم هناك مشكلة فهذه رزقاء وأنا أفضّل الكلل الحمراء. هل لديك كلّة حمراء كهذه في المنزل؟

"ليس كهذه تماما، لكن لدي ما هو شبيه بها."

-- "إذا هذا ما سنفعله. خذ كيس البازيلا هذا معك الى المنزل الآن، وفي زيارتك القادمة، أحضر كلّتك الحمراء اليّ لكي أعاينها، ربما أعجبتني".

"أعدك أن أفعل سيد ميلر".

السيدة ميلر، زوجة السيد ميلر، كانت بالقرب من زوجها ثم جاءت نحوي لكي تساعدني. بابتسامة عريضة قالت لي: "هناك صبيين آخرين كهذا الصبي في حينا، وكلهم فقراء. زوجي جيم يحب أن يقايضهم كللهم الحمراء ببعض البازيلاء أو التفاح أو البندورة أو ما كان طازجا ذلك اليوم. وهم دائما يعودون في اليوم التالي جالبين له كللهم الحمراء ليكتشف جيم عندها أنه لا غيّر رأيه لأنها لا تعجبه فيعيدها معهم الى المنزل محمّلين بالمزيد من الخضار، طالبا منهم بدلها كلة خصراء أو صفراء، ربما.

تركت المكان متبسما ومعجبا بهذه الفضيلة. وبعد فترة قصيرة، انتقلت الى كولورادو لكنني لم انس قصة الرجل والصبيان وصفقاتهم اللطيفة.

عدة سنوات مضت قبل أن تأتيني فرصة العودة لزيارة بعض الأصدقاء في ذلك الحيّ الذي كنت أعيش فيه في إيداهو. وفيما أنا هناك، سمعت نبأ موت السيد ميلر. وكانوا في يعرضونه على عائلته واصدقاءه ذلك المساء عرض الوداع الأخير. وبما أن أصدقائي ارادوا الذهاب الى الجنازة، قبلت أن أذهب معهم اليها.

عند وصولنا، وقفا في صف المعزين لنواسي عائلة المرحوم بما استطعنا من كلمات. أمامي في الصف رأيك ثلاثة شباب. أحدهم كان يرتدي زي ضابط في الجيش، والآخرين كانا مصفوفي الشعر يرتديان بذلات غامقة اللون، وقمصان بيضاء ويظهر عليها مظهر الإحتراف.

أقترب الشبان من السيدة ميلر، ووقفوا أمامها باحترام وعلى وجوههم بسمة مواساة، وفي عيونهم ارهاصات دموع. تقدم كل من الشباب منفردا من ارملة الفقيد، وضمّها ثم قبّل وجنتها، وقال بها بضعة كلمات قبل أن ينتقل الى الكفن.

عياناها الدامعة الزرقاء تابعتهم عندما وقف كل منهم، بدوره، أمام الكفن ووضع يده الدافئة في يد الفقيد الباردة ثم رحل وهو يمسح عينيه التي غلبتها الدموع. كل شاب منهم فعل ذات الشيء.

وبعدها، جاء دوري لتعزية السيدة ميلر. ذكرتها بنفسي، وذكرت لها القصة التي قالتها لي ذات يوم عن الصبية والكلل.

بعيون ملؤها الدموع، مسكتني من يدي، وأخذتني الى الكفن.

"هؤلاء الشبان الثلاثة الذين رحلوا منذ قليل"، قالت لي، " هم الصبية الصغار الذين حدثتك عنهم ذلك اليوم. لقد جاؤا من أطراف البلاد ليعبّروا لي عن امتنانهم لكل الأشياء التي "قايضهم" بها زوجي. الآن فقط، وهو غير قادر على تغيير رأيه في ما يحبّ من ألوان وأحجام الكلل، جاءوا ليدفعوا له ديونهم ..."

"لم نكن ميسورين في حياتنا"، اضافت السيدة ميلر، "لكن زوجي جيم الآن هو أغنى رجل في إيداهو."

برفق، رفعت السيدة أصابع زوجها الباردة. وتحتها، رأيت ثلاث كلل حمراء تلمع.
09-22-2006, 12:09 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الكويت تقرر إبعاد المقيمين الذين يتجازون الاشارة الضوئية الحمراء vodka 9 1,979 04-18-2008, 01:59 AM
آخر رد: زريـاب

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS