اقتباس: إبراهيم كتب/كتبت
اقتباس:العقل الغربي تحرر تماما من الميتافيزيقا.
مش قوي كدة يا ريس.. طب لما الميتافيزيقا تمشي الناس تواجه الواقع الكئيب ده لوحدها؟ و الغربي مش عقل و بس.. فيه كمان الـ soul و عشان كدة فيه ناس كتير بتتجه إلى حاجات روحانية كتير مش بالضرورة أديان و لكن أي حاجة روحانية و السلام.
عزيزي ابراهيم
أنا لا أتحدث عن عقول أفراد بل عن عقل عام.
لاحظ أني قلت: "
فصحيح أن الكنيسة لا تزال قائمة هناك ولا زال الناس يحجون كل يوم أحد لكنيسة القرية أو المدينة... لكن المقصود بالعقل عادة هو الآلية العامة التي تسيّر حياة الشعوب"
أنا شخصيا من المؤمنين أن القضاء على الميتافيزيقا في حياة الأفراد طوباوية خصوصا في الوقت الحاضر. فما دام العلم لم يشرح الكثير من الظواهر فالانسان سيتعلق الميتافيزيقا. لكن بالمقابل يمكن بكل سهولة القضاء على الميتافيزيقا من حياة
الإنسان ).
العقل الغربي وعى هذه الفكرة لذلك ابتكر فكرة
العلمانية على مستوى المؤسسات. بحيث يمكن لكل منا أن يؤمن بأي شيء وبأي فكرة لكن لكن لكن على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، الخ. يجب أن يخضع الجميع لقانون واحد هو بعيد كل البعد عن القانون الالهي وبعيد كل البعد عن أي فكر اسطوري ميتافيزيقي. طبعا قد يتقاسم القانونان في بعض الجزئيات مثلا السرقة ممنوعة لكن ذلك لا يعني أن القانون الوضعي متأثر بالقانون السماوي وقد
ناقشت هذه الفكرة في ساحة الأديان الاسبوع الماضي
وعموما فخضوع العقل الاروربي لفكرة القانون الانساني (الوضعي المادي) جعل الغرب يعيش ميتافيزقا مختلفة عن الميتافيزقا الاسلامية أو حتى الهندوسية أو البوذية.
الميتافيزيقا يعني ماوراء الطبيعة (الغيب) والميتافيزيقي هو من يؤمن ببعض الافكار الميتافيزقية اي التي لا يمكن اخضاعها للملاحظة وللتجرية واكتشاف القانون. وعكس الميتافيزيقي هو المادي أي الذي لا يؤمن إلا بالمادة كجوهر أوحد للعالم وبالتالي فلا توجد هناك حقيقة خارج عالم المادة.
بناء على هذه المفاهيم يمكننا أن نلاحظ أن العقل الغربي رغم ميتافيزقية شعوبه إلا أنه ركائزه مبنية على قوانين مادية انسانية وضعية أرضية سميها ما تشاء لكنها بالتأكيد لا علاقة لها بأي عالم آخر غير عالمنا. وأنا أتحدث عن كامل مجالات الحياة: الاقتصادية، السياسية، الفلسفية، الادبية، الخ. كل هذه المجالات وغيرها لا تملك أي علاقة بأي عالم غير عالمنا الارضي.
أما العالم الاسلامي فميتافيزقيته موغلة في الميتافيزيقية إن صح التعبير. فمدنيا يمكن للرجل أن يتزوج بـ4 نساء. لا لشيء ولا لأي سبب (علمي منطقي تاريخي...) إلا لأن الله أراد ذلك. وللذكر مثل حظ الانثيين. وهناك تشاريع أخرى مقتبسة أو تنفذ حرفيا بناء على أوامر الاله. ففي بعض الدول الاسلامية يجب على المرأة أن تضع الحجاب. فهي لم تختر ذلك عن قناعة بل لأن هناك قانونا فوقيا يلزمها. إذن ففي العالم الاسلامي هناك سيطرة كاملة للقوانين الالهية الفوقية.
إذن فالإله
غائب في العقل العام الغربي رغم أنه موجود في عقل كل انسان.
أما عندنا فالاله لا يزال حاضرا
بقوة فضيعة ليس على مستوى العادات والتقاليد وعلى المستوى الأسري والمحلي والاجتماعي بل وأيضا على المستوى العام المدني من الاقتصادي (يتحدثون عن بنوك اسلامية وعن اقتصاد الزكاة، الخ.) كذلك المستوى السياسي والفلسفي (رغم أني من المؤمنين أنه لا توجد فلسفة اسلامية على الاطلاق)، الخ.
لا بل أذهب معك إلى أبعد من هذا ويمكنني التحدث على المستوى النفسي: هل تعتقد أن تأثير إله المسيحيين مثل تأثير إله المسلمين؟ هل تعتقد نفسية المسلم مثل نفسية البوذي؟ لا أعتقد ذلك هناك اختلافات كبيرة سببها اختلاف محتوى دين كل منهم.
أعتقد أن عصر النهظة وبعد ذلك عصر الانوار في فرنسا قد حطمت الكنيسة وفسحت المجال لكنسية أخرى. الكنيسة الجديدة هي التي نرى عليها حال العقل الاوروبي، كنيسة تقبل العلمانية وتقبل مباهج الحياة وتقبل الآخر لحد ما. أما الكنيسية القديمة هي الموجودة في عقول المسلمين اليوم. إنها كنيسة التعصب الشامل الأعمى للفكرة الواحدة وللحقيقة المطلقة وهي كنيسة الله فوق الجميع والله داخل الجميع ولا شيء يعلو فوق قانون الله الواحد. بحيث لا تبقى أن فسحة للحرية وللتعبير عن الرأي المخالف. لأن الرأي المخالف بالتأكيد سيكون مخالفا لرأي الله وتلك من أكبر المعاصي.
قرأت اليوم في
البي بي سي خبر مؤسفا مفاده أن رجلا أفغانيا في افغانستان يواجه الحكم بالاعدام بسبب خروجه عن الاسلام ودخوله للمسيحية. وبينما كنت اتأسف انقلب اسفي لقهقهات وضحك عندما شاهدت صورة للقاضي الافغاني وهو ممسك بأداة الجريمة. أتعلمون ما هي؟ إنها الانجيل فقد اكتشفوا في بيته دليل ادانته.
هل تعتقد عزيزي ابراهيم أن العقل الغربي هو نفسه العقل الاسلامي. كلاهما يؤمن بالميتافيزيقا (وجود الروح، وجود اله، وجود الشيطان، يوم القيامة، الجنة والنار، الخ.) لكن هناك ميتافيزيقا جامحة وأخرى تم ترويضها. هناك ميتافيزيقا صحة وشخصيا لا أحمل أي إشكال ضد الميتافيزيقيين من المسيحيين إلى الهندوس إلى عبدة النار والقمر بما في ذلك المسلمين. لكن اختلافي مع المسلمين في عقلهم العام للاسباب التي شرحتها أعلاه.
فكما قلت أنت فالكثير من الناس بحاجة للايمان بما هو ميتافيزيقي من أجل الراحة النفسية على الاقل. لكن لا يجب أن يجد الانسان راحته على حساب راحة غيره. هذا إن لم يكن الأمر على حساب حياته.