{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كوابيس بيروت
ابن حوران غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 776
الانضمام: Aug 2003
مشاركة: #1
كوابيس بيروت
_ كابوس 47 _

حمل الأب لطفله هدية في يد ميلاده . كانت الهدية ملفوفة بشريط ذهبي
وعلبة زاهية الألوان . فتحه الطفل بفرح . وجد بندقية . سكت .سأله أبوه : ألم تعجبك البندقية ؟
كنت أري دراجة لأركب بها على (أوتوستراد ) قوس قزح ؛ ولأكتشف دروب ألوانه لوناً لوناً .
في عيد ميلاده الثاني جاءه أبوه بهدية ؛ فتحها الطفل متلهفاً فوجد فيها مدفع هاون صغيراً ...
سأله أبوه : ألم بعجبك المدفع ؟
قال الطفل : كنت أريد طائرة من الورق لأركبها وأطير بها مع الطيور والعصافير…
في عيد ميلاده الثالث ؛ جاءه أبوه بهدية . فتحها فوجد مسدساً . قال أبوه : هذا أحدث أنواع المسدسات . طلقاته تنفجر كالقنبلة . ألم يعجبك ؟
قال الطفل : كنت أريد غيتاراً أعزف عليه لشروق الشمس وموج البحر وفراشات المحبة ..
في عيد ميلاده الرابع ؛ جاءه أبوه بهدية . فتحها الطفل فوجد قنبلة يدوية .
سأله أبوه : هل أعجبتك . أنها كافية لقتل قبيلة .
تبدلت ملامح الطفل . وانتزع الصمام فوراً ؛
وقذف بها أمه وأباه ؛ وانفجرت ؛ وقتلوا جميعاً ؛ وتداعت أركان البيت .
لم يسأل الجيران ماذا حدث . كانوا يعرفون ؛ فقد كان الأمر نفسه
يحدث في كل بيت تقريباً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحياتي يا محمد (f) كيفك
كابوسك السابع والأربعون كان جيد الفكرة. ولكن:
كنت أنتظر أن ينتهي عند ( يحدث في كل بيت )
لأن التتمة أفقدته الدهشة الجميلة التي كانت تلفه.
ويمكن للتوابيتجي الذي أكملت فيه أن يكون كابوسا جديدا.

تحياتي لك...
محبتي ومودتي(f)
محمد الدرة

* * * * * * *


:wr:







12-07-2005, 12:02 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
bareya غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 67
الانضمام: Sep 2003
مشاركة: #2
كوابيس بيروت
تكلمت عن أحد هذه الكوابيس في الرواية لماذا ؟؟



مع تحياني (f)

وإنتظاري للمزيد فأنا شخصياً لم أقرأ هذه الرواية مع إني أتمنى ذلك
12-13-2005, 03:09 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن حوران غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 776
الانضمام: Aug 2003
مشاركة: #3
كوابيس بيروت

تحياتي للزميلة بارعة (f)

وهذا كابوس جديد لكن لا تسألينني لماذا :no2:



_ كابوس 22 _


أراهم يقتادون الشاب إلى الرصيف . كل ذنبه أنه مر في شارع توقفت فيه قبل
دقائق سيارة تقل بعض المسلحين . شقيق أحد المسلحين كان قد قُتل ، وهو يفتش عن أي كبش فداء . اسم ليس مهماً ... المهم دينه ... المهم أن يكون من دين مختلف عن
دينه ...
امسك شقيق القتيل بالشاب الصغير كبش الفداء .. بدأ يشتم دينه . دهش الشاب فقد كان طالباً في الفلسفة وكان يؤمن بالله لكنه يجد الأديان كلها وسيلة لاقتراب الإنسان
من الله ، وحين تأتيه لحظة الحاجة إلى الاقتراب من خالقه ، كان يصلي في أول معبد يمر به كنيسة أو جامعاً ، وان كان يفضل الركوع على ركبتيه على شاطئ البحر ومناجاة
خالقه بعيداً عن الجدران ... تاركاً للريح ذبذبات صلاته تنثرها في الكون الشاسع مضيفة
بضع نقاط مضيئة ، تقتل شيئاً من ظلمة البغضاء والبهيمية المهيمنة على عالمنا سحابة شر .
جروه إلى الرصيف . قال لهم : ما ذنبي ؟ .. أخو القتيل كان غاضباً . رد عليه ببعض الشتائم . كاد المسلحون يتشاجرون . يقتلونه هتا أم ينقلونه معهم ؟ .. من سيقتله .
كيف . سأل أحدهم : كيف تحب أن تموت . قال لهم : لا احب أن أموت . اقترح
أحدهم إطلاق رصاصة سريعة على رأسه والتحرك فوراً قبل مرور جماعة أخرى .
قال لهم : لا احب أن أموت . أصر الشقيق المفجوع على أن قتل الشاب من حقه هو .
قال لهم : لا احب أن أموت . سأله أحدهم : إلى أي حزب تنتمي ؟ قال أنتمي إلى (( حزب الحياة )) . سألوه ما اسمك ؟ قال : لبنان . أسرتك ؟ العربي . صرخوا به : هذا ليس وقت المزاح . من أنت كرر : ( اسمي (( لبنان العربي )) ولا أريد الموت ) .
قال أحد المسلحين (( من الأفضل اختطافه والتحقيق معه أولا ثم (( تسويحه ))
( أي قتله ) . ودب الخلاف بين المسلحين حول قضية القتل الفوري المؤجل ووجهوا أسلحتهم ، كل منهم نحو الآخر ، وانتهز الشاب الفرصة . بدأ يمارس وسيلة القتال الوحيدة التي يعرفها : الركض ...
بدأ يركض على الرصيف كالمجنون ... ركض طويلاً طويلاً ولكنه كان يسمع
وقع خطى تركض خلفه ... تعثر وسقط على الأرض ولم يكن الظلام دامساً ، فقد كان
نور أحد مصابيح البلدية يسطع ي الشارع وأدهشه ذلك فقد أحس بأنه في غابة ، ةقبل
عصور اختراع الكهرباء ، وحتى النار ... والخطى الراكضة خلفه توقفت وشاهد وجه
المسلح المصر على قتله .. شاهده بوضوح صاعق .. كان يبكي أيضاً مثله ... قال له :
أخي إطفائي ذهب ليطفئ الحريق فقتلوه وأعادوه لنا جثة .. ظنه الشاب يشكو له وكاد
يرق قلبه لحاله ويسأله مزيداً من التفاصيل ، لكن وجه الأخ تحول فجأة إُلى وجه جزار
وهو يقول له : وأنت ستموت ثمناً لذلك ... انهم من ( ملتك ) .
اراد أن يرد عليه ... أن يقول له أشياء كثيرة .. أن يفسر له حكاية (الملة ) ومعناها الحقيقي ... لكنه أيضاً أدرك أن الوقت ليس وقت ( فلسفة ) و ( حوار ) وأنما ( أسلحة )
ولم يكن يملك أي سلاح .
كان ما يزال في موضع سقطته عل الرصيف ، فبذل جهداً جباراً للخلاص من قبضة جزاره والوقوف ، ووجد نفسه يتعلق بافريز رخامي في الجدار ... وكانت حواسه
في غاية الحدة والتنبه وعلى ضوء الشارع الشاحب قرا كتابة محفورة على الرخام : سبيل لوجه الله تقدمة سليم الفاخوري 1955 . كان السبيل جافاً . لا قطرة ماء . لكن المسلح لوى رقبته حتى الصقها على الحافة الرخامية للسبيل وبسرعة هوت سكينه على شريان الرقبة الكبير .. شهق وانتهى الأمر بالنسبة إيه .. وظل المسلح يجز عنقه حتى بعد ان تهاوى جسده ، وتدفق الدم من السبيل ، الجاف ربما منذ أعوام ... تدفق الدم .. تدفق
تدفق ... غسل الشوارع .. صار يعلو .. يعلو .. يغطي الطرقات .. يصل إ نوافذ البيوت .. كان مثل نبع أسطوري لا ينضب .. يتدفق إلى داخل البيوت .. إى داخل
الغرف ... إلى ركبتي ... خصري .. صدري .. عنقي .. أشهق وأنا أختنق بالدم
وأصرخ .. وأستيقظ ( م تراني أنام من جديد في دنيا الحواس المحدودة ؟ ) …



:wr:


12-15-2005, 05:25 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن حوران غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 776
الانضمام: Aug 2003
مشاركة: #4
كوابيس بيروت
زملائي الأعزاء سأحاول أن أنتقي من هذه الرواية الرائعة
كل كابوس يحمل فكرة عميقة ويحمل وجع عميق ويحمل خيال عبقري .

بتأني سأظل أختار لكم (f)

إلى ذكرى الجنون الطاهر

_ كابوس 24 _


أنه الغروب ...
دوماً يأتيني حبيبي مع الغروب ... مع الفجر ... مع الرعد ... مع المطر .. مع كل
ما هو مهيب وأزلي ..
دوماً يأتيني حبيبي مع الخريف ، كأن الخريف هو آثار أقدامه على الأرض ... يهبط
إلي من جنون سمفونية الموت والمتفجرات ، ويدخل ممزقاً بالرصاص تماماً كما شاهدته
آخر مرة .. وأركض إلى صدره المزروع بالزجاج المسنن ، فتنغرس قطعه في صدري أيضاً
كلما زاد في ضمي إليه ، ونلتحم بالموت والوجع ، وتصير سكاكين الزجاج جسوراً
بل وشرايين مشتركة لجسدينا ... وشيئاً فشيئاً يخيم الظلام .. ويتلاشى بين يدي
وأنا أصرخ به : ولكنني مازلت أُحَبُك ...



_ كابوس 25 _


(( ولكنني أُحَبُك )) ..
وكانت السيارة تركض بنا في شوارع بيروت في أواخر الربيع الماضي ( ربيع 75 )
يوم انفجار العنف .. _ الجولة الأولى _ ...
(( ولكنني أُحَبُك )) ...
وكنا نتحدث عن مهزلة اكتشفناها فيما بعد ، وهي أن الكلمة المكتوبة في خانة
المذهب لديه هي غيرها لدي .. أي أننا باختصار من دينين مختلفين ...
(( ولكنني أُحَبُك )) ...
وكان يبلغني رفض والده القاطع لزواجنا ... بسبب الفارق في الدين !.
ولكنني أُحَبُك
لم يكن بوسعي أن أصدق أن الأديان وجدت لتدمير الحب بدلاً من إشعال ناره ...
ولكنني أُحَبُك
قال : إذن سنتزوج على أية حال .. سنتزوج مرة في الصحراء أمام النجوم والكون
وذاتينا والله الحاضر في داخلنا وفي كل مكان ... ومرة في كنيسة ... وأخرى في جامع ،
فقد نرضي الجميع ..
قلت : إرضاء الجميع مستحيل ، وعمل غير أخلاقي . من واجبنا أن نوقف جنون التقسيم داخل عقولهم ، بدلاً من مسايرتهم ..
وفجأة أوقفنا حاجز عجيب غريب ... كان هنالك خيط رفيع من ( المصيص ) وقد ربط من طرف الرصيف ، إلى الرصيف الآخر ، ... وأمام هذا الحاجز العجيب وقفت مجموعة من الأطفال قائدهم وأكبرهم في العاشرة من عمره ...
كنا نضحك . عز علينا أن نمزق لهم خيطهم ( الحربي ) فتوقفنا لحاجزهم . كانوا جميعاً
يحملون العصي كما لو كانت بنادق ، فازددنا ضحكاً ... وطلبوا مشاهدة تذاكرنا
( بطاقات الهوية الشخصية ) فخرجناها لهم وقد سلتنا المسرحية وقال حبيب : انهم يذكرونني ( بشقاوة ) تلاميذي في المدرسة حين كنت أدرس في صفوف الصغار ..
وقال لنا الصبي ابن العاشرة : يجب خطف المرأة وقتلها . أنها من غير ديننا . اما أنت
تستطيع أن تمر .
كان صوته مرعباً وحاداً مثل أنياب قط صغير متوحش . وتأملنا وجوه الأطفال
فبدت لنا مثل وجوه كبار مركبة على أجساد أطفال ... وبدأت لحاهم تطول ...
وأظافرهم تكبر ... ووجوههم تتجعد والعرق يتصبب من جباههم ... صاروا مجموعة
من قطاع الطرق الأقزام ... خفت وصرخت بينما أنطلق حبيبي بالسيارة وهو يسأل :
ماذا دهاكِ ؟ ..

بعدها بأسابيع ، وكانت المعارك ما تزال مستعرة أوقفنا في المكان نفسه حاجز .. هذه
المرة لم يكونوا أطفالاً أقزاماً .. هذه المرة كانت البنادق حقيقية .. هذه المرة كانوا تلامذة حبيبي فعلاً .. تنهد يوسف بارتياح حين شاهد وجوههم وقال لي وهو يفتح باب السيارة
ليحدثهم : أنهم تلاميذي فلا تخافي .. أما هم فتحدثوا إلينا كأطفال الحاجز الأول .
اللهجة نفسها ... العيون المنومة نفسها كأنما بفعل سحر شرير غامض ... طلبوا تذاكرنا
قال لهم : ولو .. ألا تعرفون أستاذكم .. أنا يوسف ...
كرر تلميذه السؤال بصراحة أكثر . أعطيتهم تذكرتي وكذلك فعل أستاذهم ، حبيبي .
بدأ أحدهم يشتمني لأنني أخرج مع شاب من غير ملتي ... وغضب يوسف ، وصرخ بتلميذه : حتى أنت يا ..
وفوجئت برد التلميذ . قال له ببرود معدني عجيب : كل ما نعرفه الآن هو أنك من دين
آخر .. دين الذين خطفوا ابن عمي وعذبوه وقتلوه .. صرخ بهم : أيها الأغبياء ..
آلا ترون أنكم فقراء مثلي .. الفقر ملتنا الأولى ... الفقر يجعلنا حلفاء بوجه الذين لهم
مصلحة في متابعة ابتزازنا عن طريق تخديرنا بخلاف ديني .. اسمعوا يا أبنائي ... ورد
أصغرهم ، لم تكن لحيته قد نبتت بعد :
_ سئمنا محاضراتك يا أستاذ ... تفضل معي ..
ولم يكد حبيبي يدير ظهره ويخطو على الرصيف حتى دوى صوت الرصاص ، وكان صوته في الليل عالياً وشبيهاً بزعيق طيور بحرية جائعة فوق جثة طافية ، وتمزق حبيبي أمام
عيني ،تمزق كتفاه وذراعاه وصدره وكل موضع في جسده كنت قد قبلته ، دفعه الرصاص واخترقه فتهاوى فوق الواجهة الزجاجية لإحدى شركات الطيران وقد اخترقته
سكاكين الزجاج أيضاً ...
لم أصرخ ... كنت مدهوشة ... كان كابوساً لا يصدق ... ركضت إليه ، وانحنيت
فوقه ، ثم انفجرت اضحك اضحك واضحك ... كان موته نكتة غير معقولة ... وكان
تصميم طائرة إعلانية ما يزال يضيء وينطفئ ... يضيء وينطفئ داخل الواجهة الزجاجية لمكتب شركة الطيران ... طالما حلمنا بالرحيل معاً ... لكن طائرات الحب
من الورق ورصاص الواقع من نار ...
صفعني أحدهم مرات على وجهي قائلاً أن ذلك سيعيد لي رشدي ... وبسكينه حفر
لي على ذراعي رمزي الديني .. وكان الألم مروعاً ، وقال لي : كي لا تنسي
بعد اليوم انتمائك ... وتخرجي مع شاب من غير ملتكِ ... وركضت في دروب الليل صارخة : لكنني أنتمي للحب وللحياة ... هذا محفور في قاع عظامي من الداخل ، لا فوق جلدي من الخارج ..



:wr:



12-19-2005, 01:04 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن حوران غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 776
الانضمام: Aug 2003
مشاركة: #5
كوابيس بيروت
هذا الكابوس مهدى لذكرى الأعياد التي ستأتي بعد ايام

عيد الميلاد المجيد وكل عام وانتم بألف خير (f)


وعيد رأس السنة والله يديم عليكم الصحة ويجعل العام القادم مليء
بالخير والرحمة والسلام والحب :h:




وعيد الأضحى المبارك وكل عام وأنتم بألف خير (f)


إهداء للعجوز العيد .......




_ كابوس 98 _


توقف قطار الليل، وكان رصيفه بركة دم . هبط راكبه الوحيد ، وكان أسم
الزمان بيروت ...
تجمعت حوله الطيور الليلية والقطط والرياح والأشجار والفئران ترقبه بفضول .
كان جسده من جذع زيتونة موغلة العتق ، وشعره من أعشاب الأعماق البحرية
وفي عينيه دهاليز لا متناهية الأبعاد والمرايا ... وعلى شفتيه ابتسامة نصف بريئة
نصف مذهولة ...
فقد أدهشه ألا يأتي لاستقباله أحد .
صرخ بحزن : أين أنت يا شعبي ؟ أين أنتم أيها الأطفال .. أيها الفقراء ..
أيها البسطاء .. أين ذهب الجميع ؟ ..
وتقدم منه بوم لطيف المعشر وسأله ع، أسمه .. ورد الشيخ : أسمي العيد .
وانفجرت مخلوقات الطبيعة ضاحكة ، فالحياة بحد ذاتها هي عيدهم اليومي المستمر ...
أنهم لا ينتظرون مرور قطار العيد لأنهم ببساطة يقطنونه ! ... وقرر سنجاب حريري الذيل أن البشر مضحكون لأنهم ينتظرون زيارات العجوز العيد دون أن يلحظوا أن شروق الشمس اليومي ورقصة المد والجزر وأناشيد المطر والفصول كلها أعياد نسوها في غمرة انشغالهم بصنع الدمار والبشاعة .
مشى نحو بيروت .
أستوقفه حاجز مسلح وسأله عن أسمه ، قال : أسمي العيد لم يبدُ على أحد أنه
تذكر هذا الاسم . أحدهم فقط بدا وكأن يحاول استرجاع صورة ملونة داخل رأسه ،
لكنه لم يستطيع ، فقد كانت أصوات الرصاص طيلة أسابيع قد مزقت شاشة ذاكرته ...
كرر : أنا العيد . قالوا : تشرفنا . أين تذكرتك ( بطاقتك الشخصية ) ؟ .
أشار العيد بيده المعروفة كسنبلة إلى هلال نحيل في السماء وقال : القمر تذكرتي ‍ .
لم يرفعوا رؤوسهم إلى الأعلى . كانوا قد اعتادوا على استعمالها للصيد فقط . أحدهم
فقط صوب رصاصة إلى القمر ، وأطلق النار بدقة ، فأصابه ، وأنفجر الهلال وسقطت
جثته كومة من الرماد . وضحك الرجال وأطلقوا سراح العجوز المجنون لأنه أرخص
من رصاصة ...

* * *
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة، ماذا فعلتِ بجدائلكِ ؟
هكذا سأل العجوز امرأة عرفها منذ زمن طويل وأحبها … كانت جميلة وأنيقة
وترتدي القفازات باستمرار .
قالت : قصصت جدائلي وخنقت بها أولادي واحداً بعد واحد !
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، ماذا فعلتِ بحبيبكِ ؟
_ غدر بي ، فشنقته على أسوار قلبي …
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، ماذا فعلتِ بأسوار قلبكِ ؟
_ علقت عليه جثث أيامي ، وتركتها لنسور الصحو يأكل عيونها وأكبادها …
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، ماذا فعلتِ بجلدكِ الأملس الشفاف ؟
_ زوجته للتراب ، طهرته بالأشواك وعطرته برائحة البارود .
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، لماذا لم تنتظريني على رصيف محطة الليل
كما في كل عام ؟ ..
_ ولكنني العيد …
_ ولكنك عابر سبيل . تعبت من عابري السبيل كعاهرات الموانئ …
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة التي أسمها بيروت .. هل فقدتِ رشدكِ ؟ .
_ ربما … وربما لا .. ربما للمرة الأولى استعدت رشدي ..
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، شفتاك مشققتان كالقديد ، وجهكِ محروق كرمل
الصحارى ، عنقكِ هزيل كطائر محروق العش … كيف تستمرين ؟..
جرته السيدة من يده … ثمة تل من سبع طبقات … طبقة من الملح ثم الجثث ثم
الدم ثم الخطيئة ثم الندم ثم التوبة ثم الوعي … وفي التراب الغامض لهذا المزيج ، ثمة
نبتة خضراء تشق دربها في العتمة والريح وشهقات
الاحتضار الممزوج بشهقات الولادة ..
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، كيف تقضين لياليكِ الآن ؟..
_ على شاطئ كسرت علبي الليلية وتركتها تهترىء كعلب السردين الفارغة
الصدئة … أني أراهن اليوم على مستقبل آخر ..
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، أخشى أن تكون هذه هي النهاية … أنك لم تعودي
جميلة …
_ لم أكن قط جميلة . ل جمال بلا عدالة . كنت قناعاً جميلاً وها أنا أخلع قناعي ،
ولأخلع مجوهراتي وفرأتي وقفازاتي وأغسل وجهي … ولو بالدم ..
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، لقد ضعيتِ دوركِ .
_ لقد رفضتِ دوري كراقصة أولى في كباريه الشرق الأوسط !..
من رمادي قد أخرج ، من نهر الدم قد أتطهر .. أنها فرصتي الوحيدة
لأكون ولأنجو ...
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة أين فندقكِ الوثير الأرائك لأنام ؟ …
_ الوطن ليس فندقاً … في زياراتك المقبلة آمل أن تقيم بيننا دائماً … وتصير
مواطناً في مملكة الفرح … مملكتي .
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، إلى أين تمضين ؟
_ إلى حيث أنجو ، أو أموت !!..

* * *

لملم العجوز حقائبه وألعابه الرثة ، وزماميره السخيفة و ( كوتياناته ) الهزلية وعاد
إلى المحطة …
في الظلمة ، كانت النبتة الخضراء تتوهج بينما الفقراء والبسطاء والأطفال يغرسون
جذورها داخل شرايينهم لتكبر …
وجاء البوم اللطيف يحاول أن يؤنس العجوز ريثما يصل القطار ، ويروي له النكات
المرحة ، لكن العجوز _ العيد كان ما يزال يتساءل بحيرة : هذه السيدة
التي أسمها بيروت ، تراها تنتحر أم تخلع أقنعتها لتخرج من رمادها جديدة
كطائر الفينيق ؟
تراه يصير حقاً مواطناً دائماً في جمهوريتنا ؟ أم أنه في زيارته المقبلة سيطلق
الرصاص على رأسه ليموت منتحراً على رصيف محطتها الغامضة ؟ ..
وكل هذا الصخب والعنف . كل هذا الصراخ . أكان احتضاراً أم ولادة ؟ ..


:wr:



12-20-2005, 05:08 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
هجرس غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 6
الانضمام: May 2004
مشاركة: #6
كوابيس بيروت
اقتباس:  محمد القدّاح   كتب/كتبت  
 
في عيد ميلاده الثالث ؛ جاءه أبوه بهدية . فتحها فوجد مسدساً . قال أبوه : هذا أحدث أنواع المسدسات . طلقاته تنفجر كالقنبلة . ألم يعجبك ؟  
قال الطفل : كنت أريد غيتاراً أعزف عليه لشروق الشمس وموج البحر وفراشات المحبة ..  



الكابوس 100:

فعلاً...أسلوب مؤثر جداً، خصوصاً أنه يخاطب في المرء نوستالجيا كراسة الإنشاء في المرحلة الإبتدائية، ويستدعي للذاكرة حواريات السيف والقلم التي كنا نسلقها في عشرين دقيقة خلال حصة اللغة العربية، حيث ينتهي الأمر بتعانق الطرفين في مشهد يفيض بأشعة الشمس وموج البحر وفراشات المحبة...

عجبي
12-20-2005, 08:26 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن حوران غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 776
الانضمام: Aug 2003
مشاركة: #7
كوابيس بيروت
يا زملائي أن أعتذر من الجميع على الخطء الذي حصل ولكنه ليس بسبي

أنا طلبت نقل الموضوع من فنون إلى الأدب ولكن الموضوع
وصل ناقصاً لأهم محتوياته وهي المقدمة التي تدل على هوية العمل

كوابيس بيروت رواية للكاتبة غادة السمان
وليست لي كما فهمت من بعض ردود الزملاء

حقاً أنا أسف على هذا الخطأ وأتمنى من إدارة النادي

أن تحل الإشكال .


:wr:

12-21-2005, 01:30 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
هجرس غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 6
الانضمام: May 2004
مشاركة: #8
كوابيس بيروت
أعلم أنها للسمانة، ولكني أشك إن كنتَ ستدبج كل هذا الثناء بنصها الكاريكتوري هذا لو أننا استبدلنا اسمها باسم آخر. غادة السمان تنتمي لفئة عريضة من أرباع المثقفين العرب الذين يعتاشون على هالة تحيط بهم وتجعل الثناء يتدافع في فم المرء حتى قبل أن يتجاوز من كتبهم مقدمة الناشر.

مَن غادة السمان لولا بضعة رسائل أدبية كتبها رجل فذ في لحظة ضعف لامرأة تجيد بساقيها ما لا تجيد باليدين.

ولمن يريد أن يعفي نفسه عناء معايشة الكوابيس أعلاه، هاكم بعض المقتطفات الفذة:

"أحدهم فقط صوب رصاصة إلى القمر ، وأطلق النار بدقة ، فأصابه ، وأنفجر الهلال وسقطت جثته كومة من الرماد . وضحك الرجال وأطلقوا سراح العجوز المجنون لأنه أرخص من رصاصة ... " (يا سلام...شيء مؤثر)

"هذه السيدة التي أسمها بيروت ، تراها تنتحر أم تخلع أقنعتها لتخرج من رمادها جديدة كطائر الفينيق ؟" (صورة بالغة الجدة لم يستخدمها أحد من قبل...على الإطلاق)

"آلا ترون أنكم فقراء مثلي .. الفقر ملتنا الأولى ... الفقر يجعلنا حلفاء بوجه الذين لهم مصلحة في متابعة ابتزازنا عن طريق تخديرنا بخلاف ديني" (@#$%@#$)

12-21-2005, 04:11 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  موفق رفيق خوري...رواية جديدة تحمل اسم " حيفا بيروت حيفا " بسام الخوري 15 5,286 10-08-2010, 07:23 AM
آخر رد: هاله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS