بيان من سماحة آية الله العظمى الإمام الشيخ محمد مهدي الخالصي

حول الواجب الشرعي من الدستور المعد في ظل الاحتلال والموقف من الاستفتاء المقرر بشأنه.



أيها الشعب العراقي المجاهد، أيتها الأمة الإسلامية المجيدة ابارك الله لكم في شهركم الكريم هذا شهر الصيام و القيام شهر الصبر و الاستقامة شهر القرآن وانتصارات الإسلام، وأساله تعالى أن يجعله مقروناً بالخير و السعادة للجميع والنصر المؤزر والسؤدد للإسلام والمسلمين. وبعد، فإنّ من المعلوم إن دستور أي شعب هو نتاج سيادته ووثيقة استقلاله و عنوان مصالحه وسجل آماله، ولم يعرف التاريخ دستوراً وضع في ظل الاحتلال وغياب السيادة والاستقلال كما هو الحال في العراق اليوم. ففقدان السيادة والاستقلال بوجود الاحتلال خلل جوهري يقتضي بطلان أية عملية سياسية وفي مقدمتها عملية وضع الدستور الذي هو رمز الاستقلال ومظهر السيادة.



ففي ظل هذا الخلل الأساس من الطبيعي أن تشكل مسودة الدستور بالصورة المعروضة اليوم، دستوراً مناقضاً لمصلحة العراق و شعبه مكرساً لمصلحة السياسة الأمريكية و المشروع الصهيوني الذي تتبناه، والإصرار مقابل ذلك على سلخ العراق من محيطه العربي وإبعاده عن هويته الإسلامية، والتمهيد لتفتيته وتقسيمه إلى دويلات ومشيخات متنازعة متخاصمة خاضعة للنفوذ الأجنبي. لهذه الأسباب وأسباب أخرى كثيرة لامجال لسردها ولاتخفى حقيقتها، وبعد اليأس من نزاهة الاستفتاء المقرر واحتمال أن يتمكن الشعب فيه أن يقول كلمته بحرية، حسبما هو ظاهر وفق المعطيات القائمة وتجربة الانتخابات المزيفة السابقة التي انتهت إلى ما خطط له الاحتلال من إقامة مجلس وحكومة يأتمران بأوامره ويتمسكان ببقائه. إزاء هذا كله لم يعد أمام الشعب لتحقيق إرادته، إلاّ الثبات والاستقامة في رفض الاحتلال ومشاريعه بكل الوسائل الشرعية الممكنة، وفي مقدمتها في في هذه المرحلة المقاطعة الكاملة ( لعملية الاستفتاء) الصورية التي ليس من المتوقع أن يسمح الاحتلال أن تجري بنزاهة، بل بالصورة التي أعد لها مسبقاً ووفق النتائج المحسومة عنده سلفاً. ندعوكم أيها الشعب العراقي المجاهد الصبور الذي أذهلت العالم برفضك البطولي للاحتلال وثباتك الرائع في مقاومة مشاريعه وأهدافه، رغم محنتك الكبيرة و شراسة عدوك الذي لا يرحم، ندعوكم إلى موقف تاريخي جامع بالإعلان العملي بكلمة ( رفض) مدوية، تجسدونها بالمقاطعة الجامعة الكاملة للاستفتاء الخديعة والامتناع المطلق عن الحضور في مراكز الاستفتاء في اليوم المعين. والله يؤيدكم بنصره، ويأخذ بأيدينا جميعاً لبناء العراق العربي الإسلامي الموحد الذي يعيش فيه أبناؤه على اختلاف طوائفهم وأعراقهم وأديانهم كما هم أخوة متساوين متحابين وأسياداً مستقلين، ونجعل من بلدنا أرضاً للاستقرار والرفاه ومعقلاً للسلام وعزة الإسلام والمسلمين.






محمد مهدي الخالصي

6 رمضان 1426هـ

10 أكتوبر 2005