الاستاذ الراعي
تحياتي
بعض اشكال الوحي الذي اوردته يحتاج الى الايضاح فقد ذكرت كلام الله من خلال ظواهر شبيهة بالظواهر الطبيعية و هي نقطة غير مفهومة فالوحي هو كلام يريد الله ان يبلغه للانسان فكيف يتفق ان يتكلم الله مع الانسان بلغة لا يفهمها؟
كما نلحظ انه ورد في مداخلتك ما ينفي امكانية رؤية اي احد لله تعالى :
الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر
الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور لا يدنى منه الذي لم يره احد من الناس ولا يقدر أن يراه
و الاية الاولى تنفي امكانية ان يرى اي احد الله تعالى و لا يوجد اي استثناء حتى للابن. لذلك نجد بقية الاية تقول الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خير .و لو كانت رؤية الابن للاب مكان استثناء من النفي لكانت الصيغة (الله لم يره أحد قط
الا الابن الوحيد )
و هذا يتفق مع القران تماما في ان رؤية الله ليست احد طرق كلام الله :
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا
وَكَلَّمَهُ وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (143) سورة الأعراف
اقتباس: يلخص الكتاب الوحي في المسيحية في الآية التالية : " الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به أيضا عمل العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي " (عب1:1-3).
ما زالت مسالة الفرق بين الكلام و الوحي تحتاج الى ايضاح مني, فنحن لا نعتبر كل الكلام وحيا بينما نعتبر ان اي وحي هو كلام كما بينت الاية:
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى
و العدد من عبرانين يتحدث عن كلام الله مع البشر فيبين:
ان الله كلم:
1) الاباء قديما بانواع و طرق كثيرة.
2) كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه.
و الطريقة (2) تحتاج الى توضيح فالنص الانجليزي يقول:
2 Hath in these last days spoken unto us
by his Son, whom he hath appointed heir of all things, by whom also he made the worlds;
و التي تعني ببساطة ( عن طريق ابنه) و لايخفى انه لا يوجد في العربية التعبير ( في ابنه) و لا في اي لغة اخرى,
فالكلام لا يكون في شخص او شئ و انما عن طريق شخص او شئ.
مثل الكلام بالهاتف او بالميكرفون و بالرموز . فيكون الكلام بابنه, و ليس في ابنه.
اقتباس: وأخيراً ظهر في الجسد بكلمته، المسيح ، تجسد وحل بيننا. ومن ثم يعبر التجسد عن صميم وجوهر وقوة العلاقة بين الله والإنسان عبر التاريخ من خلال العلاقة المباشرة مع الله . وفي هذا الإعلان والوحي المباشر بين الله والإنسان مباشرة يعبر عنه الكتب بالتعبيرات التالية:
لا يعتبر تجسد الاله وحيا باي حال من الاحوال , فالوحي هو ايحاء بكلام من شخص الى اخر. فالتجسد هو تجسد و حسب . فما هو المنطق الذي يقول بان ايحاء الكلام يمكن ان يتم عن طريق تجسد المتكلم؟
اقتباس: ومن ثم صار الوحي المكتوب في الإنجيل بأوجهه الأربعة وبقية أسفار العهد الجديد هو اختبار للوحي المتجسد، اختبار الحياة المعاشة مع المسيح ، الله في علاقته بالبشرية من خلال إخلائه لذلته وتنازله واتخاذه للبشرية ومشاركتها في حياتها وتجاربها وآلامها " لان ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب4 :15)
.
لا اصل لهذا التعبير ( الوحي المتجسد) لا في العهد القديم و لا العهد الجديد.
بل كل الاقتباسات منهما تفيد ان الله يتكلم مع البشر , سابقا تكلم للاباء بطرق كثيرة و تكلم لاحقا عن طريق المسيح. و لا وجود لذكر التجسد في الاقتباس من عبر1: 2
اقتباس: فالمسيح ليس مجرد رسول يأتيه الوحي بطرقه المختلفة بل هو كلمة الله الذاتي النازل من السماء . لذا يمكن أن يقارن الوحي في المسيحية في بعض أنواعه بفكرة الوحي في الإسلام، ولكن وحي المسيحية الرئيسي هو وحي الشخص النازل من السماء، كلمة الله الذاتي ولأنه كلمة الله النازل من السماء قال المسيح لرؤساء اليهود :
ان وضع المسيح في الاعتقاد المسيحي الحالي بانه ليس رسول ياتيه الوحي, لا يتفق مع ما جاء في العهد الجديد الذي يثبت بان لله تعالى كلاما ( كما ان للمسيح كلاما ) اسمعه للمسيح ( وحي) و الذي بدوره ابلغه لتلاميذه ( و هو دور الرسول). و ساضع بض الاقتباسات:
يو 8:47 الذي من الله يسمع كلام الله لذلك انتم لستم تسمعون لانكم لستم من الله
و حتى لا يختلط الفرق بين مفهوم كلام الله و كلام المسيح فاضع هذا الاقتباس الذي يوضح ان كلام المسيح يطلق عليه كلام الرب بينما كلام الله يطلق عليه كلام الله:
لو 22:61 فالتفت الرب ونظر الى بطرس.فتذكر بطرس
كلام الرب كيف قال له انك قبل ان يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات.
اع 11:16 فتذكرت
كلام الرب كيف قال ان يوحنا عمد بماء واما انتم فستعمدون بالروح القدس.
و نلاحظ ان العهد الجديد يستخدم تعبير كلام الرب للاشارة الى اقوال المسيح عليه السلام و لكن يشير الى اقوال الله تعالى بكلام الله و هذه التفرقة مهمة جدا لان العهد القديم يستخدم تعبير كلام الرب قاصدا الله تعالى مثلما يستخدم تعبير كلام الله.
لذلك عمد كتاب العهد الجديد الى استخدام تعبير كلام الله حتى لا ياخذ احد تعبير كلام الرب بانه يقصد بالرب الله:
ففي العهد القديم:
تك 15:1 بعد هذه الامور صار كلام الرب الى ابرام في الرؤيا قائلا.لا تخف يا ابرام.انا ترس لك.اجرك كثير جدا.
تك 15:4 فاذا كلام الرب اليه قائلا.لا يرثك هذا.بل الذي يخرج من احشائك هو يرثك.
1صم 9:27 وفيما هما نازلان بطرف المدينة قال صموئيل لشاول قل للغلام ان يعبر قدامنا.فعبر.واما انت فقف الآن فاسمعك كلام الله
1مل 12:22 وكان كلام الله الى شمعيا رجل الله قائلا
و الذي يسمع كلام الله قد طوبه المسيح عليه السلام:
لو 11:28 اما هو فقال بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه
كما بين من هو الذي يسمع كلام الله و الذي لا يسمع:
11 وهذا هو المثل.الزرع هو كلام الله.
12 والذين على الطريق هم الذين يسمعون ثم يأتي ابليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فيخلصوا
لو 8.
18 فانظروا كيف تسمعون.لان من له سيعطى.ومن ليس له فالذي يظنه له يؤخذ منه
19 وجاء اليه امه واخوته.ولم يقدروا ان يصلوا اليه لسبب الجمع.
20 فاخبروه قائلين امك واخوتك واقفون خارجا يريدون ان يروك.
21 فاجاب وقال لهم امي واخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون به
لو 8.
الاستاذ الراعي
ملاحظتي تتلخص في ان ما نقرءه من نصوص في الكتاب المقدس لا نجدها تختلف كثير عن مفهوم كلام الله مع البشر في القران . فقط بعض النصوص التي فهم منها ظهور الله للبشر تعارضها نصوص اخرى بان الله لم يره احد, مما يحملنا على فهم نصوص الرؤية بالتاويل. و باستثناء فكرة ان التجسد وحي و هي فكرةلا سند لها نجد ان نصوص العهد الجديد تؤيد القران في ان هناك كلاما لله تعالى سمعه للمسيح و المسيح اسمعه لتلاميذه.