بغداد – كشفت مسودة الدستور العراقي الجديد، عن لعبة جديدة للقوي المتحكمة في العراق، والتي لم تكتف بتقسيمه، بل تسعي بكل اصرار الي فصله عن المحيط العربي الذي عاش فيه لقرون طويلة، ليزداد العراق غربة عن العالم العربي، ورغم ان 80% من سكان العراق عرب وأن وجود قوميات أخري يزيد العراق ثراء وليس العكس. يشير نص المادة في مسودة الدستور العراقي الجديد الي ان الشعب العربي فيه "إشارة الي السنة" جزء من الأمة العربية ويقول نص المادة حرفيا: "ان العراق بلد متعدد القوميات، والأديان، والمذاهب، وهو جزء من العالم الاسلامي، والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية"، وقد شهدت الجامعة العربية الخميس الماضي اتصالات مكثفة بين الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي ووزراء الخارجية العرب، كما التقي موسي بمندوب العراق الدائم في الجامعة السفير رعد الألوسي، وطلب موسي من الحكومة العراقية تفسيرا عاجلا حول ما ورد في مسودة الدستور والخاصة بهوية الشعب العراقي، وقال موسي: ان هذه المادة في الدستور سببت الكثير من عدم الارتياح والقلق لدينا، خاصة ما يتعلق بمغزاها، ولم يبالغ عمرو موسي في وصفه لهذه المادة بأنها "خطيرة" خاصة وأن العراق عضو مؤسس في الجامعة، ووجود هذه المادة في مسودة الدستور الجديد لا يحمل سوي معني واضح وصريح هو الطعن في الانتماء العراقي الشامل للمنطقة وللعالم العربي، وأكد خبراء في الشئون العربية أن ظهور الدستور العراقي الجديد محتوياً هذه المادة يمثل استفزازا جديدا للعالم العربي وأن الجامعة العربية ستكون امام خيارين كلاهما صعب، الأول هو خروج العراق من جامعة الدول العربية بعد انتفاء الشرط الأساسي لانتمائها لمنظومة الجامعة وهو انها دولة عربية، اما الخيار الثاني وهو الإبقاء علي العراق بوصفه عضواً في الجامعة فإنه يفتح الباب علي مصراعيه لتكون لأي دولة بها نسبة ولو ضئيلة من العرب بأن تكون عضوا في الجامعة. وأشار المحللون إلي أنه في هذه الحالة سيكون من حق اسرائيل الانضمام الي الجامعة لأن اسرائيل بها جزء من عرب 48 يحملون الجنسية الاسرائيلية، وايضا يكون من حق الدول التي تضم جاليات عربية الانضمام الي الجامعة!! ومعني ذلك ذوبان هذا الكيان العربي وضياع ملامحه...

موسى وصف بعض أجزاء الدستور العراقي بأنها وصفة للفوضى

وصف الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بعض الأجزاء في مسودة الدستور العراقي بأنها وصفة للفوضى.

وفي مقابلة مع بي بي سي أعرب موسى عن تخوفه من غياب إجماع في العراق على الدستور الجديد، الذي صادق عليه يوم الأحد ممثلو الشيعة والأكراد بينما رفضه ممثلو السنة.

وأضاف عمرو موسى أن الجامعة العربية تشارك السنة مخاوفهم بشأن الفيدرالية وعدم تحديد هوية العراق في مسودة الدستور الجديد باعتباره دولة عربية في تناول واضح لحساب أقلية غير عربية مثل الأكراد حسب قوله.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا قد قللا من شأن اعتراضات العراقيين السنة، وأقر الرئيس الأمريكي جورج بوش بوجود بعض الاعتراضات من جانب السنة.

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني، قد صرح بأن مسودة الدستور الدائم أصبحت الآن بيد العراقيين لاتخاذ القرار بشأنها في الاستفتاء العام.

وقال إنه يعترف بعدم كمال المسودة لكنه أعرب عن أمله بأن يوافق جميع العراقيين على مسودة الدستور "فهو للجميع، ونحن متفائلون"، مضيفا "ليس هناك وثيقة كاملة لا يمكن تعديلها، إلا القرآن".

وقد قدمت مسودة الدستور العراقي الدائم للجمعية الوطنية (البرلمان)، وأصبحت جاهزة للتصويت عليها في الاستفتاء المقرر في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وكان معظم اعضاء لجنة صياغة الدستور قد وافقوا على الوثيقة، لكن المفاوضين السنة أصدروا بيانا رفضوا فيه النص النهائي للدستور، مع أنهم أعلنوا التزامهم بالعملية السياسية، ودعوا جامعة الدول العربية للتدخل.
نقاط الاختلاف

وتتركز نقاط اختلاف المجموعة التي شاركت في التفاوض نيابة عن العرب السنة مع المفاوضين الباقين، حول الفيدرالية، إذ يطالبون باقتصارها على المنطقة الكردية وعدم شمولها مناطق أخرى.

وقد وافقت المسودة على مبدأ الفيدرالية لكردستان العراق وإرجاء أمر إقامة أقاليم فيدرالية أخرى الى مرحلة قادمة.

ويخشى ممثلو السنة أن تؤدي إقامة أقاليم فيدرالية الى حرمان مناطقهم من موارد الثروة النفطية التي تتركز في مناطق الجنوب والشمال.

تسلسل مواعيد العملية السياسية
15 أغسطس آب: موعد الانتهاء من إعداد الدستور مدد مرتين
15 أكتوبر/ تشرين الأول: موعد الاستفتاء على الدستور
منتصف ديسمبر/ كانون الأول: موعد الانتخابات العامة

كما يطالب ممثلو السنة بتضمين الدستور نصا بأن الإسلام دين الدولة الرسمي والمصدر الرئيسي للتشريع، ويعترضون على حظر المسؤولين السابقين في حزب البعث من الوظائف الرسمية.

ومن النقاط المثيرة للخلاف أيضا توزيع السلطات بين الرئاسة والحكومة والجمعية الوطنية.

وجاء في بيان المجموعة الممثلة للسنة "إننا نعلن معارضتنا لمسودة الدستور، التي لم نصل إلى إجماع بشأنها مما يجعلها غير شرعية".

وأضاف البيان: "أننا نطالب بتدخل الجامعة العربية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية حتى لا تمرر هذه الوثيقة وإلى أن يتم إصلاح الخلل الواضح فيها".

ورغم هذا الموقف فقد تعهد المفاوضون السنة بعدم الانسحاب كلية من العملية السياسية قائلين إنهم سيلعبون دورا نشطا في الانتخابات المقررة في ديسمبر/ كانون أول القادم. ودعوا جميع سنة العراق إلى تسجيل أسمائهم في القوائم الانتخابية.

وطالما أن مناطق السنة تتمتع بحق الاعتراض فعليا على هذا الدستور، فان هناك احتمالا ألا يدخل حيز التنفيذ.
أعضاء بلجنة صياغة الدستور
التوصل إلى المسودة النهائية للدستور بعد أسابيع من المفاوضات

لكن الأمر يتطلب أغلبية الثلثين في ثلاث محافظات لكي يتم إجهاض مشروع الدستور.

ويرى محللون إن غياب الاجماع سيكون بمثابة ضربة للولايات المتحدة التي حاولت مرارا إشراك السنة في المفاوضات على أمل أن يساعد هذا في تخفيف العمليات المسلحة.
ردود فعل

لكن الرئيس الأمريكي، جورج بوش، رحب بإنجاز مسودة الدستور العراقي الدائم.

نقاط مثيرة للخلاف
إقامة أقاليم فيدرالية في مناطق عراقية غير كردستان وتوزيع الثروات
دور الإسلام في التشريع وصلاحيات الرئاسة والحكومة والبرلمان
الموقف من سياسية اجتثاث حزب البعث والتعامل مع مسؤوليه السابقين

وأشار الرئيس الأمريكي الى رفض ممثلي السنة العرب للوثيقة، قائلا إنه لا بد أن تكون هناك اختلافات، لكن الممارسة الديمقراطية سائرة للأمام ضمن "عملية سياسية تشجع على النقاش والمساومة".

ووصف السفير الأمريكي في العراق، زلماي خليل زاد، المسودة بانها من أكثر الوثائق الدستورية تقدما في العالم الاسلامي.

ودعا السفير الأمريكي جميع العراقيين الى الاطلاع على مواد الدستور واتخاذ قرار بكيفية التصويت عليه في الاستفتاء.

وأعرب عن خيبة أمله من عدم تمكن مفاوضي السنة من مساندة الدستور، مضيفا أنهم "في موقف صعب فهم يواجهون أعمال التخويف وتهديد حياتهم".

وقد هنأ الاتحاد الأوروبي شعب العراق على التوصل الى ما وصفه بالركيزة الاساسية في العملية السياسية.

ودعا الاتحاد الأوروبي العراقيين إلى التصويت بالموافقة على الدستور في الاستفتاء المقبل.