الصديق العزيز جودفاذر (f)
هذه دراسة نشرتها صحيفة الأيام البحرينية قبل يومين ، بخصوص الإشكالية القانونية والمجتمعية في فحص الدي إن أيه..
أرجو أن تنال وينال القراء الفائدة من هذه الدراسة ، وإنما خصصت جودفاذر لاهتمامه بهذا الموضوع..
على ساحة القضاء الشرعي في السنوات الأخيرة مجموعة من الدعاوى الشرعية قامت بسبب القذف بالزنا تصريحا أو القذف بنفي النسب أو نفي الحمل، وكان الشرع الحنيف والمتمثل في القاضي الشرعي يلجأ الى الملاعنة بين الزوجين إذا ما خلت دعوى الزوجين من البينة أو الإقرار، وقبل عشر سنوات بالكثير، إلى أن ظهرت عليها الطفرة العلمية البايولوجية في علم (الصبغات) الموروثات والمعروف اليوم بعلم البصمة الوراثية.
في هذه الجزئية ثمة أسئلة كثيرة نطرحها هنا تتعلق بما بعد مرحلة الشك ورفع الدعوى والتحول الى القضاء، هل يضيع شرف المرأة؟، هل تكون موضع الهتك بالعرض دون رادع؟ ماذا لو لم يكن هناك بصمة وراثية، ولم يكن هناك إثبات هل يعني أن تظل المرأة عرضه الاتهام للنفوس المريضة؟ والأهم من ذلك ما طبيعة العلاقة التي يمكن لها أن تستمر بعد أن يثبت نسب الطفل، وهل يمكن أن تعود المياه لمجاريها..؟ أسئلة كثيرة نضعها موضع النقاش والبحث في سياق طرحنا التالي..
المحامي محمد المطوع تلمس هذه المشكلة، ورأى أنها قضية هامة ينبغي النظر اليها بعين الاهتمام، وعنها يقول: »ان التطور العالمي في علم البيولوجيا دفع بعض القانونيين في علم الجريمة وعلماء الشريعة الى اعتماد البصمة الوراثية ونتائج أبحاث الدم المتعلقة بها في مجال النسب الى المطالبة بتطوير التشريعات لتأخذ بالتقنيات الحديثة في هذا المجال لاستخلاص النتائج واعتمادها كدليل قاطع في كشف الجرائم أو تحديد نسب الأطفال، فعندما تتشابه النتائج بين الولد وأبويه وهذا لا يمكن أن يحدث إلا عند وجود الأب الحقيقي فقط فنقترب من اليقين أن الأب كاذب في دعواه وأنه هو الأب الحقيقي للطفل، ويترتب على هذه النتيجة نسبة الولد إليه، ونرى أنه إذا ما تبين من مجريات الدعوى أن الزوج كان يكيد للزوجة توجب على القضاء الشرعي إحالته للنيابة العامة لتقديمه للقضاء الجنائي للطعن في شرف زوجته وأهلها دون دليل مما يعرض سمعة الزوجة وأهلها للانحطاط الاجتماعي.
وينوه الى أنه رغم أن علماءنا الأجلاء ومشايخنا الأفاضل وقضاة شرعنا بدائرتيه السنية والجعفرية لا يرون ضيراً من اللجوء الى هذه الوسيلة بل مارس بعضهم على أرض الواقع إحالة الطفل للفحص بناء على طلب أحد الخصوم، إلا أن ذلك غير ملزم للأطراف أو المحكمة خاصة وأننا نعاني من قصور في تشريع الأسرة فضلا عن عدم وجود التشريع أصلاً، لذلك يرى أنه من الضروري أن يشمل أي قانون قادم هذه الآلية (فحص الحمض النووي) أو ما يعرف (بالبصمة الوراثية) كآلية عملية حديثة نتائجها ملزمة للأطراف والمحكمة للعمل بها للخروج من مأزق إثبات الأنساب وكشف الجرائم.
يواصل المحامي المطوع حديثه ان الملاعنة كآلية للفصل فيما تنازع فيه من قذف صريح بالزنا دون دليل أو طعن على نسب الطفل بنفيه أو نفس الحمل الطاهر أو المستكن قد عرفه ابن عرفة على أنه حلف الزوج على زنا زوجته أو نفس حملها اللازم منه، وحلفها هي على تكذيبه أن أوجب حداً بحكم قاضي، كما قال في التعريفات: هي شهادة مؤكدة بالإيمان، مقرونة باللعن قائمة مقام حد القذف في حق الزوج، ومقام حد الزنا في حق الزوجة وهو تعريف الحنفية، فاللعان عندهم شهادة وليس يمين، ونحن هنا بصدد البحث في أوجه الخلاف بين المذاهب.
ويزيد قائلاً: »وجد اللعان مشروعيته كآلية للفصل في دعوى القذف الصريح بالزنا أو نفي النسب أو الحمل في القرآن والسنة والاجماع والمعقول، ففي القرآن الكريم قال الله تعالى في سورة النور: »والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين«، أما في السنة الشريفة، فقد أخرج مالك في الموطأ (أن عويمر العجلاني أتى رسول الله وسط الناس فقال يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله، فتقتلونه..).
يرى المطوع أن من أهم آثار اللعان سقوط الحدود لقول الله تعالى: »ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات....«، والتفريق بين الزوجين فسخا وتحريما تأبيد حتى لو نكحت غيره، وانتفاء نسب ولدها عنه، وقطع نسب الحمل الظاهر أو المستكن«، فاللعان كآلية لفض النزاع في شرعية الولد من عدمه، وهدراً لمبدأ (الولد للفراش) مما يؤدي الى ابناء بلا آباء، وزوجات يلحقهن العار رغم طهرهن من ذلك لمجرد رمي الزوج زوجته بالزنا دون دليل أو نفس نسب الطفل إليه دون دليل.
ويزيد المحامي المطوع قائلا: »الفحص الجيني هو علم جديد أحدث طفرة في مسائل الإثبات في علم الجريمة وما يتبعه، وفي الفصل في القضايا الشرعية على وجه اليقين وخصوصا قضايا الطعن على نسب الأولاد أو الحمل الطاهر أو المستكن، فعبر فحص الحمض النووي للزوج الطاعن والطفل والأم المطعون عليها نستطيع أن نصل الى نتيجة يقينية بنسب أو عدم نسب هذا الطفل لأبيه من عدمه فعلم الصبغات يؤكد أنه لا توجد بصمة وراثية شبيهه لأي إنسان آخر على الأرض من الأحياء أو الأموات حتى الطفل الوليد نفسه الناتج عن الاختلاط الشرعي أو الشبهة فيه أو عن الاختلاط الجنسي غير الشرعي لا تماثل مع أخوته من أبيه كلياً بل يجمع من مورثات أبويه حتماً.
ويضيف أنه من خلال البصمة الوراثية التي يمكن معرفتها من خلال فحص الحامض النووي للدم أو السوائل في جسم الإنسان أو أية مادة مثل جلد الإنسان أو شعره أو العظام، ويمكن استخدام تلك النتيجة كدليل للتعرف على نسب المواليد أو الجرائم أو معرفة نسب الضحية المغدور حتى ولو مر على قتله فترة طويلة، وهي أحد وسائل الإجرام الحديث.
يأمر بها عند الحاجة:
المحامية جميلة سلمان توضح وجهة نظرها في الموضوع قائلة: »لاشك ان البصمة الوراثية والتي هي من الوسائل العلمية الحديثة تلعب دورا بارزا وهاما في الإثبات وخصوصا في مجال القضايا الجنائية وذلك للكشف عن الجرائم أو الحوادث التي تترك سائلا أو أثراً أو عينة من المتهم على المجني عليه أو في مكان الجريمة، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون إجراء البصمة فوريا من قبل النيابة العامة وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة وحتى لا تضيع معالم الجريمة، وكذلك قد يأمر القاضي بها عندما يرى ثمة ضرورة ما لاجرائها وذلك للتأكد من الوقائع المطروحة«.
ورداً على مدى فاعليتها في مجال الإثبات تقول: »بالنسبة لدورها في مجال الإثبات الشرعي وخصوصا فيما يتعلق بقضايا النسب لاشك من أنها تلاقي بعض الصعوبات في التطبيق، فانه على الرغم من التقدم الهائل في مجال علم الجينات والهندسة الوراثية ومدى دقة نتائجها إلا أن القليل من الدول الإسلامية أخذت بها كطريقة من طرق الإثبات وإن الكثير منها لديها من التحفظات بشأنها ولا تعتبرها كذلك وليس لها أي أثر ودور كون إن دليل وجود الفراش المعلوم بين الأزواج متى ما توافرت فيه الشروط وأركان الزواج الصحيح المعلومة شرعا أو الفاسد الذي يتوافر فيه شروط النسب يغني عن الحاجة الى أى دليل علمي آخر وان الشريعة الإسلامية لم تعرف إلا طريقا واحدا لنفس النسب وهو اللعان فإذا ما رأى الزوج وهو على يقين من أن الولد ليس منه يحق له اللجوء للعان لنفي النسب إلا أنه ورغم ذلك قد يختلف الأمر في إثبات النسب الذي لم يعلم فيه من هو صاحب النسب لوجود عيب أو علة مثل حالات اختطاف أو ضياع أو فقدان الأطفال اذ أن مرور الزمن كفيل بتغيير الملامح وكذلك في حالة الكوارث واختلاط المواليد في المستشفيات نتيجة الخطأ أو الإهمال فلا طريقة للتعرف عليهم إلا بالبصمة الوراثية.
البصمة الوراثية مهمة:
وفيما يتعلق بمدى اعتبار البصمة الوراثية دليلاً ملزماً للمحكمة لإثبات النسب والبنوة يقول وكيل النائب العام نواف عبدالله حمزة: »لنوضح أولاً المقصود بالبصمة الوراثية، فقد أجريت فحوص روتينية لجينات الانسان سنة ٥٨٩١ وأدى ذلك الى اكتشاف الجزء المميز في تركيـــب الـ AND المسمى بالبصمة الوراثية بمعرفة البروفسور إليك جيفري وقد سمى AND بالحمض النووي نظراً لوجوده وتمركزه دائماً في أنوية خلايا الكائنات الحية جميعاً بدءاً من البكتيريا والفطريات والنباتات والحيوانات الى الانسان وتحمل المعلومات الوراثية الخاصة بكل كائن حي على أزواج من كروموسومات الحمض النووي ، وتظهـر أهميـــة بصمـــة الحمـــض النـــووي (البصمة الوراثية) في تطبيقات عديدة منها خاصة وأن بصمة الحمض النووي أصبحت قرينة نفي واثبات قوية لا تقبل الشك، ففي جرائم السرقة والقتل والاغتصاب واللواط والجرائم الجنسية فمن المحتمل ان يترك الجاني أية مخلفات آدمية منه في مسرح الجريمة او على جسم المجني عليه في صورة تلوثات دموية نتيجة لجرح بسبب العنف او عند محاولته الهرب او تلوثات منوية او تلوثات لعابية على أعقاب السجائر او الأكواب او بقايا مأكولات.
وعن مميزات بصمة الحمض النووي يقول: »مقاومتها لعوامل التحلل كما يمكن عملها من الدم السائل والجاف حتى لو مضى عليهما شهور، هذا بجانب ان لكل انسان على وجه الأرض صفاته الوراثية الخاصة به منذ نشأته وتبقى معه حتى مماته ولا يتشابه مطلقاً مع أي شخص حتى لو كان أخاه«.
ويوضح أهمية أخذ بصمة الحمض النووي - البصمة الوراثية - في تحقيق قضايا إثبات البنوة والنسب العائلي في حالة إنكار النسب، ولا بد في مثل تلك الحالات من وجود أصل الصفات الوراثية الموجودة في الابن في كل من الأب والأم عند تحليل البصمة الوراثية لهما.
نتيجتها ملزمة وفاصلة:
وفي عودة الى الإجابة على التساؤل المطروح يقول وكيل النائب العام: »يلزم للأخذ بقبول دليل معين في الدعوى ان يكون هذا الدليل مقبولاً وألا يكون مخالفاً للقانون او لحقوق الدفاع وألا يكون في لجوء القاضي إليه ثمة تعارض مع النظام الإجرائي او القانوني بوجه عام او يكون منافياً مع الأصول الفنية او العلمية او الآداب العامة، ويجب لكي يعتد القاضي بهذا الدليل ان يتسم بالوضوح والعقلانية والمشروعية، إضافة الى تسانده مع باقي الأدلة المطروحة في الدعوى ومن بين الأدلة التي يعول عليها القاضي في حكمه المسائل الفنية، ذلك ان المستقر عليه ان المحكمة وان كان لها كامل السلطة التقديرية في تقدير كل عناصر الدعوى إلا ان هذا مشروط بأن تكون المسألة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع ان تشق طريقها، والمسائل الفنية البحتة هي التي يلزم للفصل فيها تقرير فني بشأنها ولا يستطيع القاضي بمعرفته القانونية ولا ثقافته العامة ان يبت فيها، وان تكون هذه المسألة الفنية من المسائل الجوهرية التي سيتغير بها وجه الرأي في الدعوى، ذلك ان القاضي لا يلجأ الى رأي الطبيب إلا إذا كان ذلك هو الوسيلة الوحيدة المتعينة لفهم ما يشكل عليه من الأمور الفنية فهو عندئذ يطلب رأيه ويعتمد عليه خطأ كان في ذاته ام صواباً مادام لا وسيلة له في تعرف الحقيقة سواه، ذلك ان الخبرة هي الاستشارة الفنية التي يستعين بها القاضي في مجال الإثبات لمساعدته في تقدير المسائل التي يحتاج تقديرها الى معرفة فنية لا تتوافر لدى عضو السلطة القضائية وللمحكمة في سبيل الجزم بتقرير الخبير الفني ان تستعين بغيره من أهل الخبرة إذا ساورها الشك فيما انتهى إليه بلوغاً منها الى غاية الرأي فيها، ذلك انه إذا حدث نزاع في مسألة فنية بحتة فيجب تحقيقها عن طريق المختص فنياً«.
وعليه فإن رأي الخبير المنتدب في الدعوى في شأن صلاحية البصمة الوراثية كدليل أمام المحكمة يكون ملزماً لها إذا ما جاء التقرير متفقاً مع الأسس الفنية والعلمية السليمة ولم يطعن على هذا التقرير ثمة مطعن من الخصوم فإنه بذلك يكون توافرت بالنسبة له كافة الشروط المتطلبة فيه كدليل في الإثبات ويصلح ان يكون ملزماً للخصوم في إثبات النسب والبنوة.
وبسؤاله عن كيفية تعامل النيابة مع قضايا نكران النسب يقول: »الأصل العام في نظر قضايا إنكار النسب يكون من اختصاص المحاكم الشرعية وذلك عن طريق رفع دعوى مبتدأة بذلك يمثل فيها الخصوم كمدعي ومدعى عليه أمام المحكمة المختصة وعلى الطرفين المثول امام المحكمة وتقديم المستندات التي تؤيد دعواهما وعلى القاضي آنذاك الفصل في الدعوى او الالتجاء الى ندب الطبيب الشرعي للاستعانة به في حسم أمر هذا الادعاء«.
ويكون الحكم الصادر من القاضي في تلك الحالة ملزماً للطرفين بعد استنفاذ وسائل الطعن القانونية عليه، أما بالنسبة لتعامل النيابة العامة في قضايا نكران النسب فإن مثل هذه القضايا بالنسبة للنيابة العامة تعتبر من القضايا القليلة التي ترد للنيابة العامة بحسبان ان الأصل المختص بنظر هذه القضايا هو القضاء الشرعي أما إذا تعلق أمر إقرار النسب او إنكاره بجريمة جنائية فإن الأمر حينئذ يستتبع تدخل النيابة العامة بتحقيق الواقعة وصولاً لحسم هذا الأمر وعلى ذلك فالأمر بالنسبة للنيابة العامة في هذه الوقائع لا يخرج عن فروض ثلاثة الأول أن حالة وجود جريمة مواقعة جنسية بين رجل وامرأة وأسفرت هذه الوقائع عن وجود حمل بين الطرفين وجاء إقرار الذكر بالتحقيقات بالحمل الناتج سفاحاً عن هذه الجريمة فإن هذا الإقرار يعد إقراراً وحجة على المقر فيما ورد به يصلح عقب ذلك امام المحاكم الشرعية كسند لإثبات النسب إليه. أما الفرض الثاني حالة وجود جريمة مواقعة جنسية بين رجل وامرأة نتج عنها الحمل سفاحاً وإقرار المتهم بصحة المواقعة ولكنه أنكر نسب الطفل إليه في هذه الحالة تتولى النيابة العامة تحقيق الواقعة من الناحية الجنائية إذا وجدت شبهة جنائية فيها بمعنى ان يكون فعل الاعتداء الجنسي على المجني عليها مؤثماً قانوناً ، ومن ضمن العناصر التي تتخذها النيابة العامة في هذه الحالة إرسال المجني عليها للطب الشرعي وكذلك المتهم لأخذ عينة من الطرفين .
وفي مزيد من التوضيح يقول وكيل النائب العام: »البصمة الوراثية وصولاً لبيان عما إذا كان الحمل الناتج عن عملية المواقعة هو ابن للمتهم من عدمه، ويكون تقرير الطبيب الشرعي في هذا الصدد بمثابة الأمر الحاسم في هذا الخلاف إذا تم ابتناؤه على أسس وأصول فنية وليس فيه مطعن من أي من الطرفين، والإجراءات التي تتخذها النيابة العامة في هذا الصدد تعد بمثابة إثبات حالة أوراق الدعوى إذا تم عرض أمر إقرار النسب او انكاره فيما بعد امام المحاكم الشرعية المختصة بالقول الفصل في حسم هذه الأمور«.
الفرض الثالث يعنى بكون الواقعة لا تشكل جريمة جنائية وإنما انحصر النزاع بين الطرفين على إنكار نسب أحد الأشخاص لحرمانه من الميراث فإن دور النيابة العامة في هذه الوقائع يقتصر على مجرد تحرير محضر بالوقائع التي أوردها ذوو الشأن وإثبات طلباتهم وإثبات مستنداتهم والتصرف بحفظ الأوراق إذا خلت من جريمة جنائية ، وتصرف النيابة العامة بحفظ الأوراق في هذه الحالة لا يمنع ذوي الشأن من أخذ صورة من تلك الأوراق والتحقيقات حتى تكون سنداً لدعواهم عقب ذلك امام المحاكم الشرعية المختصة بنظر هذه الواقعة وحسم إنكار النسب.
ورداً عن سؤاله حول حجم قضايا انكار النسب التي ترد الى النيابة يقول: »الأصل العام في نظر قضايا إنكار النسب ينعقد للمحاكم الشرعية المخصصة أصلاً لنظر هذه النوعية من القضايا التي تتطلب للنظر فيها إجراءات خاصة في الإثبات فضلاً عن السرية المطلوبة لنظر تلك الدعاوي لما تمسه من أمور اجتماعية خاصة بين أطراف الدعوى، فضلاً عن الآثار الاجتماعية المترتبة على الحكم فيها، وعليه يكون الكثير من هذه القضايا من اختصاص المحاكم الشرعية وما يرد للنيابة العامة من هذه النوعية ليس بالكثير وإنما قد يُرد إليها بصفة عارضة إذا ارتبط الفعل - إنكار النسب - بشق جنائي تتولى النيابة العامة تحقيقه وحسم الأمر فيه«.