15 مليار جنيه الإنفاق المصري على الدروس الخصوصية
GMT 6:45:00 2005 الخميس 18 أغسطس
. محمد الشرقاوي



--------------------------------------------------------------------------------


15 مليار جنيه الإنفاق المصري على الدروس الخصوصية

* رأي الدين : الدروس الخصوصية حرام شرعا ... ولكن
* الأستاذ الإلكتروني والفيديو كونفرانس " أكلا الجو"
* 69% من المصريين يحصلون على الدروس في كل المواد.
* المدرسون : رواتبنا لا تكفي فاتجهنا للدروس.
* القانون : المدرسون مرتشون ولابد من معاقبتهم.

محمد الشرقاوي من القاهرة

باتت مثلها مثل تجارة المخدرات قليل من التعب كثير من المال مهنه سامية تحولت لتجارة بين أعضائها ، البعض كون شبكه داخليه بها خلايا تنظيمية إرهابية ترهب الطلاب للحصول على الافه عفوا اقصد على الدروس الخصوصية فالأسر المصرية ما تكاد ينتهي العام الدراسي حتى يلحقه الأخر فلم تعد في استطاعتها أن تتنفس الصعداء بعد أن كانت الدروس الخصوصية هي القشة التي قصمت ظهر البعير فمتوسط الدخل الشهري للأسر المصرية يكاد يصل الى خمسمائة جنيها (86 دولار اميركي ) ولا يكفى المطالب الأساسية للأسرة خاصة وان متوسط عدد الطلبة في كل أسرة لا يقل عن فردين بأي حال من الأحوال لذلك فالمعادلة باتت صعبه ، فلا يكاد يمر يوم حتى يترحم الوالدين على أيام العهد الجميل والذي كان يخشى فيها الطالب المجاهرة بالحصول على الدروس الخصوصية لأنه بذلك يثبت انه طالب "فاشل" وليس على المستوى وفي العهد الحالي الذي يطلق عليه أبناء هذا الجيل عهد الانترنت بات الدرس هو الكبسولة وجرعة النجاح لكل طالب .
الآباء في مصر كلها بلا استثناء يترحمون على الراتب الذي يتم صرفه قبل الحصول عليه وباتت جميع الأسر محمله بالديون والأعباء من اجل الحصول على شهادة.
فالدروس الخصوصية اختلفت من آن لأخر فبعد أن كان الطالب هو الذي يقوم بالحضور للمدرس أينما كان وفي الوقت الذي يحدده المدرس إلا أن الايه قد انعكست وبات المدرس رهن إشارة الطالب الذي يدفع في الحصة الواحدة التي تصل مدتها الى ساعة أو ما يزيد قليلا ما يقترب من ال 50 جنيها مصريا (8.7 دولار اميركي ) وأصبح يطلق على هذه الظاهرة مدرسين التيك اواي أو الدليفري لم ينحصر الموقف على هذا بل أصبح هناك مراكز تعليمية متخصصة (سنتر) ويتم الشرح من خلال الميكروفونات والسماعات الكبيرة‏ لأنها تضم ما يزيد عن ال 60 طالب وطالبه ويقوم كل طالب بدفع مقابل للاشتراك فيها يصل الى 200 جنيها شهريا للحصول على الدروس في بعض المواد .
ففي مصر يوجد بها 35015 مدرسة على مستوى الجمهورية تستوعب ما يزيد عن 15351540 تلميذا وتلميذه بقيمه استيعابية 379707 فصلا ويصل حجم الطلاب ما قبل التعليم الجامعي حوالي 15.5 مليون طال وطالبه.
البعض يحاول تقدير حجم هذه الانفاقات على الدروس الخصوصية أنها تصل سنويا الى عشرة مليارات من الجنيهات وفقا لأقرب الدراسات تفاؤلا والتي تتفوق عن حجم صادرات مصر وتزيد عن دخل السياحة المصرية والجميع ما زال يفكر في إيجاد حل ولو مسكن لإيدز الدروس الخصوصية التي باتت تنتشر بين الطلبة انتشار النار في الهشيم .
وفي تقرير أصدرته لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى مؤخرا قال أن الإنفاق العائلي علي الدروس الخصوصية زاد زيادة هائلة بمعدلات غير مسبوقة‏,‏ وصلت إلي نحو‏15‏ مليار جنيه في العام الماضي‏,‏ مما أدي إلي قصور إنفاق الأسرة المصرية علي الخدمات والسلع الأخرى‏.‏ وهو ما أدي بدوره إلي تخفيض معدل النمو إلي‏2.5%‏ بالمقارنة بمعدل النمو الذي قدرته الخطة الخمسية الثانية بنحو‏6.2%.
الدروس تركت المقاعد التقليدية ليصل المدرس الالكتروني الى الطالب فوصلت لمصر تكنولوجيا التعليم بكل وجوهها من خلال ظاهرة أطلقت عليها إحدى الشركات أستاذ اون لاين من خلال اشتراك معروف القيمه بين الطرفين ولي الأمر من جانب والشركة من الجانب الآخر ويتم ذلك من خلال دوائر مغلقة ولتكن تليفزيونية أو من خلال تكنولوجيا الفيديو كونفرانس بحيث تتيح للطالب بالتفاعل مع الأستاذ أو المعلم في الوقت المحدد للدرس .
وكشف استطلاع حديث للرأي قامت به الحكومة المصرية من خلال المركز الالكتروني لاستطلاع الرأي العام حول تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية التي بات يعاني من ويلاتها كل الأسر المصرية في كافة مراحل التعليم المختلفة حيث أفاد الاستطلاع الذي تم على عينة مكونة من 1000 أسرة بدخول اقتصادية متنوعة أن 69% من إجمالي هذه العينة أن أبناؤها يحصل على دروس خصوصية في جميع مراحل التعليم القبل الجامعي (ثانوي – إعدادي-ابتدائي) ووصلت نسبة الأسر التي قالت أن أبناؤها يحصلون على دروس خصوصية في جميع المواد 55% وأبدى أولياء أمور بعض الطلاب من الذين لا يحصلون على الدروس الخصوصية ووصلت نسبتهم الى 41% أنهم يقومون بمساعدة أبنائهم على الاستذكار ووصل إنفاق الأسر ونسبتها 66% الى أنها تنفق اقل من 500 جنيها شهريا على الدروس الخصوصية واقترح 85% من أولياء الأمور انه للقضاء على تفشي هذه الظاهرة لا بد من خفض كثافة الفصول الدراسية وتقليل عدد الطلاب في الفصل الواحد .
وقالت مدير المركز الإلكتروني لاستطلاع الرأي العام سحر عمار ل " إيلاف " انه بسؤال أولياء الأمور عن المرحلة التعليمية التي ينتمي إليها أبناءهم وجد أن 60% من أولياء الأمور لديهم أبناء في مرحلة التعليم الابتدائي و 37% في مرحلة التعليم الإعدادي و 50% في المرحلة الثانوية وعن مدى انتشار الدروس الخصوصية بين هؤلاء الطلاب أكدت النتائج أن 50% من طلاب المدارس الابتدائية يحصلون على الدروس الخصوصية وترتفع هذه النسبة الى 74% بين طلاب المدارس الإعدادية بينما تبلغ هذه النسبة أقصاها لتصل الى 81% بين الطلاب في المرحلة الثانوية مشيرة الى أن هناك علاقة ارتباطيه بين المستوى الاقتصادي ومعدلات الحصول على الدروس الخصوصية حيث بلغت نسبة الأسر التي يحصل أبناءها على الدروس الخصوصية من ذوي المستوى الاقتصادي المرتفع الى 77% بينما بلغت نسبة الأسر التي يحصل أبنائها على دروس خصوصية من ذوي المستوى الاقتصادي المتوسط 70% وبلغت نسبة الأسر التي يحصل 61% من أبنائها من ذوي المستوى الاقتصادي المنخفض.
وأضافت انه باستطلاع رأي أولياء الأمور عن حجم الإنفاق على الدروس الخصوصية أسفرت النتائج الإحصائية الخاصة بهذا السؤال أن النسبة الأكبر والتي بلغت 66% من أفراد العينة والذين يحصل أبنائهم على دروس خصوصية ينفقون في المتوسط اقل من 500 جنيها شهريا وبلغت نسبة من ينفقون في الشهر ما بين 500 – 1000 جنيه على الدروس الخصوصية الى 27% في حين بلغت نسبة من ينفقون من 1000- 1500 جنيه شهريا الى 4% .
وعن أسباب الحصول على الدروس الخصوصية قال استطلاع الرأي والذي أشار فيه 69.3% أن الهدف الرئيسي هو ضمان المزيد من الرشح لان شرح المدرس في المدرسة لا يكفي بينما أكد 13.4% أن السبب في الدروس الخصوصية هو الحصول على المزيد من الشرح والمعرفة وقد جاءت الرغبة في ضمان الحصول على مجموع أفضل كسبب للحصول على دروس لنسبة 11.1% من الأسر المصرية بينما ارجع 10.6% من المبحوثين أسباب حصول أبنائهم على دروس خصوصية الى أن الجميع يحصلون على دروس خصوصية بينما يرى 8.7% أن السبب يكمن في طول المقررات الدراسية وحاجتها الى مزيد من الوقت لكي يستطيع الطالب فهمها جيدا في حين أشار 6.4% الى ارتفاع كثافة الفصول كأحد الأسباب بينما اشر 4.9% من أولياء الأمور الى ضعف مستوى أولادهم مما يضطرهم الى إعطائهم دروساخصوصية.
وبسؤال أولياء الأمور حول عدم حصول أبنائهم على دروس خصوصية ارجع 41.1% من أولياء الأمور الى أنهم يساعدون أبنائهم على الاستذكار بما لا يجعلهم يحتاجون للدروس الخصوصية بينما ارجع 37.4% من أولياء الأمور ذلك الى الشرح الكافي للمدرس في الفصل وأشار 20.2% أن أبنائهم يكتفون بالمجموعات المدرسية في حين أكد 14.6% أن أبنائهم ليسوا في حاجة الى تلك الدروس وبينما اشر 7.6% الى عدم القدرة الاقتصادية للأسرة اشر 2.3% الى اكتفاء أولادهم بالكتب الخارجية وقالت 55% من اللعينة أن أبنائهم يحصلون على دروس خصوصية في كل المواد بينما أشار 34% من أبناء المبحوثين أنهم يحصلون على دروس خصوصية في اللغات الأجنبية تليها الرياضيات بنسبة 33% .
من كبر حجم المشكلة فإنها أصبحت حديث الساعة وكل ساعة ودخلت الى دار الإفتاء المصرية للخروج بفتوى حازمة وجازمة فيها حيث أفتى الدكتور علي جمعة مفتي مصر بحرمة الدروس الخصوصية التي يعطيها مدرسو المؤسسات التعليمية الرسمية للطلاب خارج نطاق المدرسة، إلا أنه أفتى أيضا بجواز "مجموعات التقوية" التي يحدد لها مقابل مادي يراعي الإمكانيات المادية للتلاميذ، حيث جاءت الفتوى بناء على استفسار من وزارة التربية والتعليم المصرية في عام 2004.
وقال جمعة في فتواه : إن الدروس الخصوصية التي يلهث وراءها مجموعة من المدرسين المحترفين هي "حرام شرعا"، خاصة أنها أصبحت "مرضا في حياتنا التعليمية بالإضافة إلى آثارها السلبية على العملية التعليمية، وما تسببه من تقليل لشأن المعلم في نظر تلاميذه وتحطيم لقيم الاحترام والقناعة وفضل العلم وتعليمه".
وأشار إلى أن "ولي الأمر" -في إشارة إلى السلطات المصرية- أصدر "نصوصا قانونية تحظر على المنتسبين إلى المؤسسات التعليمية في كافة مراحلها إعطاء الدروس الخصوصية"، مضيفا "أن طاعة ولي الأمر في هذا المنع أمر واجب شرعا، ويحرم مخالفته".
أما بخصوص الدروس الخصوصية التي تقوم بها جهات احترفت العمل في هذا المجال ولا ينتسب العاملون بها إلى مؤسسات تعليمية رسمية، رأى د.علي جمعة أن تنظيم تلك الدروس "أمر موكول إلى ولي الأمر بحساب منافعها ومضارها فإذا رخص لها فينبغي أن يضع القائمون عليها عدم المغالاة في الأجور تعميما للفائدة، وحتى لا يتحول العلم إلى تجارة على أن تبذل هذه الجهات أقصى جهدها لمساعدة الطلاب علميا وتربويا .
ويبرر المدرسون المصريون عموما قيامهم بإعطاء الدروس الخصوصية بتدني قيمة المرتبات التي يحصلون عليها من عملهم، مشيرين إلى أن تلك المرتبات لا تكفي لتوفير حاجاتهم المعيشية، بينما يرى قسم كبير من أولياء أمور التلاميذ أن المدرسين يجبرون الطلبة على أخذ دروس خصوصية مبالغ في أجورها بعدة طرق مباشرة أو غير مباشرة منها عدم شرح الدروس لهم بشكل واضح داخل المدرسة. وتقدر قيمة الدروس الخصوصية في مصر بمليارات الجنيهات سنويا مع مراعاة إمكانيات الطلاب .
وحرص جمعة في فتواه على توضيح "أن مجموعات التقوية التي تقوم بها الجهات التعليمية العامة والخاصة، ويختار لها أفضل الكوادر، ويُحدد لها مقابل مادي يدخل في إمكانيات غالبية الطلاب هي جائزة شرعا ولا شيء فيها، خاصة أنها تعود بالخير على الطلاب ويعود بعض مقابلها المادي على المدرسة ذاتها".
كما رأى أن الدروس التي تقوم بها الجمعيات الخيرية ودور العبادة "جائزة شرعاً"، حيث إن "القصد منها نقل العلم وإتقانه، وهو أمر مطلوب شرعا خاصة أن هذه الصورة خالية من التهمة والشبهة ".
الدكتور نبيل لوقا بباوي أستاذ القانون الجنائي قال إن المادة‏103‏ من قانون العقوبات تنص علي أن كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل و أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيا ويعاقب بالأشغال الشاقة وبغرامة لاتقل عن ألف جنيه‏، وتنص المادة‏104‏ من قانون العقوبات علي أن كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية أو للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجبات وظيفته يعاقب بالأشغال الشاقة أو ضعف الغرامة المذكورة في المادة‏103، ومن خلال المادة‏103,‏ و‏104‏ من قانون العقوبات نجد أننا في الدروس الخصوصية أمام جريمة رشوة صريحة وهي جناية عقوبتها الأشغال الشاقة ويتوافر فيها ركنا جريمة الرشوة وهي الركن المادي والركن المعنوي حيث أن الركن المادي هو الحصول علي عطية أي مبالغ لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجبات وظيفته وأن يتم ذلك من موظف عام وهنا الركن المادي متوافر لأن المدرس هو موظف عام ويأخذ عطية أو مكافأة أو مبالغ نقدية نتيجة الإخلال بواجبات وظيفته لأن القوانين واللوائح الخاصة بالنظم التعليمية تقصر أداء الموظف العام أو المدرس علي القيام بواجبات وظيفته وهي التدريس داخل المدرسة وتحرم عليه الإخلال بواجبات وظيفته وهي إعطاء الدروس الخصوصية في المنازل أو غيرها وكذلك الركن الآخر أو الثاني في جريمة الرشوة وهو الركن المعنوي متوافر في حق المدرس في جريمة الرشوة لأن الركن المعنوي في هذه الجريمة يتكون من الإرادة والعلم‏,‏ والإرادة هي إرادة إعطاء الدروس الخصوصية والحصول علي مقابل مادي والعلم بالجريمة هو العلم أن هذا التصرف وهو الدروس الخصوصية يشكل جريمة ويشكل إخلالا بواجبات وظيفته التعليمية‏.