http://www.kifaharabi.com/ArticleDisplay.a...76&EditionId=98
بمشاركة خالد تاجا ودريد لحام و250 ممثلاً وممثلة
كوميديا سياسية «بين الأرض والسماء»
دمشق - ­ صبحي حليمة
ينشغل المخرج مأمون البني في دمشق, بتصوير عمله التلفزيوني الجديد «بين الأرض والسماء» عن نص للكاتب والصحفي حكم البابا, بمشاركة عدد من النجوم والفنانين, على رأسهم القدير خالد تاجا, وبمشاركة الفنان دريد لحام €كضيف شرف€.

«الكفاح العربي» زارت أحد مواقع التصوير, لتلقي الضوء على العمل الذي يقدم لونا دراميا مختلفاً, كما جاء في تصريح الكاتب الذي سبق أن قدم للتلفزيون, «عائلتي وأنا», «أحلام أبو الهنا», «عيلة خمس نجوم», «قلة ذوق وكترة غلبة», وغيرها. لكننا سنبدأ من تصريح المخرج مأمون البني:
بدأ المخرج مأمون البني حديثه بالقول:
­ العمل متصل منفصل. ولدينا قصة محورية وشخصيات أساسية ثابتة, هي «عائلة أبو رزوق» €خالد تاجا في دور الأب واندريه اسكاف ابنه الأكبر رزوق, ثم نضال سيجري في دور خالد وشكران مرتجى في دور رويدة, وكلاهما متزوج, والكنة كاريس بشار, والصهر عبد المنعم عمايري, والأصغر في العائلة ادهم مرشد€. يتعرض الأب لمرض عضال, ويتهافت الأبناء للبحث عن الميراث, مما يجعله يهرب منهم بمساعدة ابنه الأكبر «رزوق», وليبدأ رحلة هرب ليس من العائلة فقط, بل من واقع اجتماعي, حيث يقول الأب: «لم يبق من حياتي إلا ستة أشهر وأريد أن أعيشها كما أريد, وأحقق فيها رغباتي التي لم أستطع تحقيقها سابقاً». وهي رغبات صغيرة من مرحلة الطفولة. وفي كل حلقة رغبة, لكن كل رغبة تصطدم مع الواقع, فالطفل شيء والكبير شيء آخر, مما يتسبب في إشكاليات عديدة خصوصا مع أجهزة الأمن والشرطة. ومن خلال هذه الإشكاليات, نضيء على ما يدور في الحياة اليومية, في جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
€ ... وطبعا ضمن قالب كوميدي. فما الذي سيميز هذا القالب؟
­ الشكل العام شكل كوميدي ساخر. لا نقترب من التهريج €الفارص€ بل نعمل على الموقف, ونصل أحياناً إلى الكوميديا السوداء, وأحياناً نعمل على تقديم الشخصيات بشكل كاريكاتوري, ضمن صيغة انتقادية تسخر من الواقع, من دون أن تصل إلى التهريج, ومن خلالها, نستطيع أن نضع اليد على الجرح, حتى لو كان هناك بعض مبالغة أحياناً. فالنص مكتوب بشكل جيد أثار إعجابي, لأنه يملك «مفاتيح» خصوصا ان المؤلف صحفي وكاتب درامي جمع بين الصحافة والدراما وبين رؤية التحقيق الصحفي والحس الدرامي المحمل بالكوميديا, وهذا شكل حافزاً بالنسبة الي, على عكس غيري ربما, وأعطاني «مفتاحاً» لتقديم كوميديا مختلفة ودراما مختلفة. فما بين أيدينا, شكل مختلف عن «بقعة ضوء», ومختلف عن كل المسلسلات الأخرى, وأعتقد أنه لون جديد سيضاف إلى الدراما السورية, وسيضيف اليها.
€ بعد تجربتك في إخراج «مرايا» لسنين عديدة, هل سينسحب شيء من «مرايا» على هذا العمل إخراجياً؟
­ لكل مسلسل طبيعته, وهذا العمل بنصه يفرض شكلاً إخراجياً مختلفاً, وأعتقد أن «مرايا» شيء مختلف لـه طقوسه, وشكله, وطبيعته الخاصة القائمة على شخصية رئيسية تبرز من خلالها شخصيات أخرى, كما ان لكل حلقة موضوعها وتركيبتها الخاصة, بينما في مسلسل «بين الأرض والسماء» لدينا مسلسل كامل متلاحق, لكن ضمن سياقه الدرامي حيث القصص الصغيرة. قصة في كل حلقة.
€ كان للكاتب حكم البابا تجارب أخرى. فهل ستترك تلك التجارب ظلالاً على هذا العمل؟
­ أعتقد ان هناك اختلافا وتطورا, بالإضافة طبعاً الى الاختلاف الإخراجي, فلكل مخرج رؤيته, ولذلك ترى «عائلة خمس نجوم» مثلاً, مختلفا عن المسلسلات الأخرى التي كتبها حكم البابا. فالمسألة مرتبطة بالمخرج, وبالزاوية التي ينظر من خلالها, وبالرؤية التي يقدم النص عبرها. بشكل عام, أعتقد أن هذا العمل مختلف بالنسبة الى أعمال حكم البابا الأخرى. ربما بحكم التطور وتراكم الخبرة, إضافةً الى انه, كما علمت, أمضى وقتاً طويلاً في كتابة هذا النص الذي أرى أنه مكتوب ببراعة واحتراف عال.

الكاتب حكم البابا: محاولة لرفع السقف
انتقلنا الى محاورة الكاتب حكم البابا. سألناه:
€ هل يمكن وصف العمل بالانتقادي الساخر؟
­ العمل ليس انتقادياً بل سياسياً كوميدياً, وهو محاولة لتشريح بنية السلطة, من خلال الوجه الأمني «المخابرات» وعلاقتها بالناس والمجتمع, عبر قالب مكتوب بطريقة كوميدية, يتضمن الواقعي واللاواقعي. بمعنى أن الأحداث منها ما حدث, في الواقع فعلاً, ومنها ما هو قابل للحدوث, والانتقادي يعني أن أكتب لوحة تنتقد الرشوة مثلاً, بينما هنا أنا لا أنتقد, بل أقدم قراءة لبنية مجتمع في علاقته بالرقيب. فالعمل يشرح البنية والعلاقة, من خلال قصة اجتماعية فيها شيء عاطفي وإنساني: رجل كبير في العمر يقرر قبل أن يموت أن يحقق رغباته التي لم يستطع أن يحققها, لكنه يصطدم دائما بالرقيب.
€ هل نقول إن الجرأة المطروحة تستفيد من هامش موجود؟
­ أنا لا ألعب ضمن هامش, ودائما أكتب على مزاجي. في الدراما وفي الصحافة. وعندما أرى أنه من المناسب أن أقول شيئا ما, أقوله, فالعمل محاولة لرفع السقف. لقد سبق أن قدمت الدراما السورية أعمالاً مثل «مرايا» و«بقعة ضوء», لكنها انتقدت ظواهر. أنا لا أنتقد ظواهر بل أنتقد بنية, كأنما هي عملية قلب مفتوح لمجتمع.
€ أليس في هذا مغامرة, او مخاطرة, بأن تصطدم بالرقابة وتتعرض للمنع؟
­ كل عمل فيه مغامرة. الرقابة لدينا قد تعترض على علاقة حب, وقد يأتي رقيب ويمنعها, ثم يأتي رقيب آخر ويسمح بها. ليس لدينا قوانين محددة, وقبل كل شيء, لا أحد يحب الرقابة سوى الرقيب نفسه, وفي «عائلة خمس نجوم» منعت الرقابة حلقتين, ومن «أحلام ابو الهنا» منعت خمس حلقات.
€ أليس في إعلانك عن مقولة العمل استفزازاً للرقيب؟
­ نحن نقول رأينا بالرقابة وبكل ما يحدث. نحن لا نقدم عملا سرياً إرهابياً, بل عملا سيعرض على الشاشات, فالنص قدم للرقابة, والرقيب أخذ وقته, وأجرى استشاراته, ووافق على النص, وبعد انتهاء التصوير أيضا سيأخذون وقتهم وقد يوافقون أو يرفضون.
€ من ناحية الإنتاج, من يتولى إنتاج العمل؟
­ العمل من إنتاج شركة «عالم واحد» بإدارة إياد عيسى, وهي فرع لشركة إماراتية, وهذا العمل هو باكورة أعمالها الفنية.
€ أين ينتهي دورك ككاتب في العملية الإنتاجية؟ بمعنى: هل كان لك رأي في اختيار المخرج, والممثلين, والطاقم الفني؟
­ في الغالب أتدخل في الاختيار, لأنني أكتب لممثلين محددين. كان لي رأي أكثر من استشاري في اختيار الممثلين, بالاتفاق مع الشركة المنتجة, قبل مجيء المخرج, وكان المخرج المرشح للعمل الفنان باسم ياخور, ولكن بسبب ارتباطه, بدلنا الاختيار, وتم الاتفاق مع مأمون البني لإخراج العمل, لكن اختيار الممثلين, باستثناء ممثل واحد فقط, فأنا راض عنه تماماً.
€ كان من المفروض أن يخرج العمل باسم ياخور وان يكون في البطولة دريد لحام, وكلاهما انسحب بسبب «ارتباطاته»! بصراحة. هل هي الارتباطات أم سبب آخر.
­ بل هي الارتباطات. وكلاهما, الفنان الكبير دريد لحام والفنان باسم ياخور, مشاركان في العمل وبدورين مهمين, لكن طبيعة الشخصية الرئيسية, الموجودة في كل أو معظم المشاهد, كانت ستشكل إرهاقا للفنان الكبير دريد لحام. أما الفنان باسم ياخور, فقد كان مرتبطا بعمل آخر, حتى أن ذاك الارتباط أثر في تصويره معنا كممثل.
€ في البناء الدرامي, ما هو الفارق بين حلقات «بين الارض والسماء»؟
­ تجربة الانسان تتطور, وأنا اليوم أفضل من البارحة, ولو أعدت كتابة العمل نفسه اليوم, لربما سأكتبه بشكل أفضل, فالكل يتطور. استطيع القول إن هذا العمل قد يكون امتداداً لمسلسل «أبو الهنا», الذي حاول أن يتجاوز المألوف, لكنه مختلف في طبيعته ونوعه.
€ ما بين كتابتك الصحفية وكتابتك الدرامية, يبدو أن الصحفي المشاكس «تقلم أظفاره» الدراما. فهل ترى هذا صحيحاً؟
­ هناك أنواع متعددة للحرب, وكل حرب لها أدواتها. الآن لا تستطيع أن تحارب بسيف خالد بن الوليد, لأن مفهوم الحرب تغير, وبالتالي الدراما ساحة مختلفة عن الصحافة. في المقال, أنت تقول مباشرة ما تريد, اما هنا فيجب أن تقدم «لعبة» وان تلتف على الفكرة. هناك عدد المتلقين أقل بينما هنا جمهورك أكثر, ويجب أن تراعي مجموع الناس الذين تصل إليهم.

الفنان خالد تاجا: أبو رزوق الباحث عن طفولته
الدور المحوري في البرنامج هو دور ابو رزوق الذي يلعبه الفنان خالد تاجا سألناه:
€ ما هو جديد العمل؟ وما الذي شدك إليه ؟
­ العمل بشكل عام يتضمن شكلا جديدا بالنسبة الى طريقة طرح الأفكار المطروحة ومعالجتها, وأعتقد ان الجمهور سيفاجأ بنوع من الأعمال الفنتازيا الكوميدية السياسية.
€ هل نستطيع القول إن العمل يقترب من صيغة «بقعة ضوء» الساخرة مثلاً؟
­ هذه الأعمال كلها ذات صيغة سياسية نقدية, لكن العملين شكلان مختلفان. في «بين الارض والسماء» يوجد خط درامي متكامل في 30 حلقة, كما ان الشخصيات الرئيسية ثابتة وهي التي تفعل الأحداث, وتنقل الحدث من مكان إلى آخر.
€ كم ترى ان العمل الانتقادي عمل جماهيري ومطلوب؟ أم ان الأمر مجرد موجة سرعان ما تهدأ؟
­ لا شك في أننا نملك في الدراما هامشا جيداً ومتنفساً صحياً يكاد يكون في مقدمة المتنفسات العربية, وهذا مكسب مهم. وفي هذا السياق قدمت سوريا أعمالا كثيرة من هذه الألوان, وأرجو أن يقوم بمهمته وان يقدم رسالته بشكل جيد.
€ على صعيد الأداء, هل تتطلب الشخصيات بعض المبالغة؟
­ النماذج التي نقدمها نحن الممثلون, نماذج جدية. لسنا صارمين بالطبع, لكننا لا نعمل على التهريج والفارص, وإنما ننقل الفكرة بشكل جدي. المضحك بالموضوع هو المفارقات المركبة والمبنية دراميا.

الفنان اندريه اسكاف ... ابن الحياة
الفنان اندريه اسكاف يجسد دور «رزوق», الابن الاكبر وعنه قال:
­ أجسد شخصية «رزوق» وهو شاب في الثلاثين, يمكن وصفه بأنه ابن الحياة أو كما يقال «رجل قدّ حاله» يعرف كيف يرتب أموره, ويمكن أن يعمل بأي مهنة حتى لو كانت ماسح أحذية أو شحاذ. وهو مختلف تماماً عن باقي إخوته الذين يعيشون بطريقة معلّبة, بتأثير من الوالد أبو رزوق الذي رباهم وأنشأهم بالطريقة التي نشأ عليها, وهذه الطريقة هي التي فوتت عليه الكثير من رغبات الطفولة. فالعمل يتحدث عن ذلك بالتحديد. عن هذا الرجل الذي حرم من أن يعيش طفولته حين كان طفلاً, ويريد أن يعيش طفولته في آخر حياته, عندما يكتشف أنه مريض, وأن أيامه باتت معدودة, وعندما يكتشف أن أولاده إنما يحبون ما يملك من نقود ولا يحبونه لشخصه, €باستثناء رزوق€ رغم أن «رزوق» كان خارج دائرة البيت والأسرة لدرجة أنهم كانوا يلقبونه بـ«المغضوب». لكننا نكتشف كم ان هذا الشاب طيب وجيد, وانه الوحيد الذي يحب والده فعلاً, ولذلك يختاره الوالد ليخرجه من دائرة البيت, وليبدأ معه رحلة تشبه رحلة دونكيشوت وتابعه, من أجل أن يستعيد الأب لحظات طفولته. لكن الأمر على بساطته لا يمر مرور الكرام, وفي كل حلقة هناك مفارقة, ومشكلة, تلقي الضوء على مسألة اجتماعية معاشة بشكل انتقادي ساخر وتحمل صوت الناس. وكمثال, يريد الأب أن يمارس لعبة طفولية €الكرات البللورية ­ الدحل€!! ينضم إليه عدد من الناس ليلعبوا اللعبة ذاتها فيتم اعتقالهم بحجة أنهم تنظيم سياسي!!
€ بالنسبة الى شخصيتك. كيف عملت عليها؟ وما هو جديدها؟
­ الشخصية هي شخصية مساعدة وليست محركة للأحداث. فالأب هو دائما الذي يقترح الأفكار, و«رزوق» يتعاطف معه. ولأن الأب مهدد بالموت, فإن الابن يدعه يفعل ما يريد.